يبدو أنّه لا يروقُ للبعض دحضَ المرأة وبالدّليل القاطع للحجج الواهية التي كان يروّجونُ لها هذا ومَنْ لفّ لفهم عن نقص عقلها ودينها من خلال اقتحامها لكلّ البوّابات والكهوف المخيفة للحياة التي فرضَتْ عليها والتي كانت موصدة في وجهها لعصور ودهور ومساهمتها الفعّالة في التقدّم الثقافي والمعرفي بفروعه العلمي والأدبي والاجتماعي والتربوي والنفسي وإبراز شخصيتها كفردٍ كامل العقل والدّين لذلك ما زالوا يحاولون ولأسبابٍ تضمرها نفوسهم وعقولهم اللجوء إلى بناء سدودٍ وحواجز فولاذية أمام تقدّمها هذا متذرّعين مرّة أخرى بحجج أوهى وأضعف.
ففي الوقت الذي مزّقت فيه المرأة حجاب الخوف والفزع من عالم السّياسة, هذا الحجاب الذي يُلفُ حول نفسها وروحها منذ نشوئها جنيناً في رحم أمّها على الرّغم من أنّهم حاولوا وبكل الوسائل أن يشككوا في قدرتها على الاستمرار في خضمّ هذا العالم ولكنّها تابعت المسير بخطواتٍ واثقة غير آبهةٍ بالقيل والقال حتى بلغت أعلى المراتب في الدّولة من بينها الوزارات بمختلف أقسامها ورئاسة الوزراء وانتهاء بالرّئاسةِ والملكية نفسها وحين فقد هؤلاء الأمل في فشلها أو تراجعها أو استسلامها استسلموا كارهين باستثناء بعض رجال الأديان وخاصة الإسلامي منهم الذين خافوا من انتقال العدوى إلى المرأة المسلمة التي باتتْ تدرك أنّ من حقها كأيّة امرأةٍ أخرى أن تدخل عالم السّياسة وتؤدي فيه مهامها على أكمل وجه إلى جانب القيام بواجبها المقدّس كسيّدة بيت وأمّ ومسؤولة عن أسرة لذلك لم يجد هؤلاء من مفرّ إلا اللجوء إلى القرآن الكريم والأحاديث النّبوية للاستشهاد بهما في فرض آرائهم والتأثير على العامة ولكنّ هذين المصدرين المقدّسين لم ينفعهم في شيء لأنّ تفسيراتهم وتأويلاتهم لمضامينهما لم ترض الكثير لأنّها اعتُبِرت مناقضة لما هو مُفسّرٌ ومؤوّل في الأصل وما زاد من عجزهم هي المرأة نفسها التي تخصّصتْ في مجال الأديان ودرستها وفهمتها على حقيقتها فجاءت بشواهدَ وأمثلةٍ من القرآن والحديث تؤكدُ على ضعف مزاعمهم بعدما كانت تتلقى الرّأي المعارض والمناصر من الرّجال الذين كانوا يتبعون أهواء أفكارهم وآرائهم فيما مضى.
آخر ما تفوّه به بعض رجال الدّين الإسلامي ما صدر عن الأزهر من فتوى تحرّمُ على المرأة الترشّحَ لرئاسة الجمهورية أو اعتلاء سدّة الحكم مستندين على حديث للرّسول الكريم كان قد أكد في على أنّ لا خير في أمّةٍ تحكمها امرأة متناسين عن عمدٍ الأسباب والدّوافع التي حدتْ بالرّسول أن يصرّح بهذا الحديث ومن سنداتهم الأخرى أنّ آدم /أبو البشرية/ قد خلق من طين وأنّ المرأة خُلِقتْ من ضلعه أيّ من لحم ودم ولذلك فإنّ عاطفتها هي التي تتحكمُ بها وتسيّرها لا عقلها وإدراكها بالإضافة إلى العوامل الفيزيولوجية التي تميّزها عن الرّجل وتمنعها لفتراتٍ من أداء مهامها كرئيسة وحاكمة فمثلاً إذا طلقها زوجها فإنّ الطلاق سيؤثّر سلباً على أدائها أو إذا مات زوجها عليها أن تتوارى عن الأنظار لأشهر لإتمام العدّة وأنّ المرأة ما زالت عاجزة عن تدبير أبسط أمور حياتها لأنّها تعتمدُ على الرّجل في طعامها وشرابها ولباسها وغيره وأنّها ومنذ الخلافة الإسلامية الأولى وحتى الآن لم تتسلم زمام الحكم وغيرها من الحجج والأدلة التي لا تعد ولا تحصى.
أوّلاً: مسألة خلقها من ضلع الرّجل ومن لحم ودم أدى إلى نشوئها وتكوينها ضعيفة وهشّة خِلْقة فقد تمكنّت المرأة وبجدارة أن تؤكدَ على أنّ لديها القدرة الكافية على التوافق والتوازن بين عقلها وعاطفتها, وتكشف للجميع عن مكامن حكمتها وفصاحتها إلى جانب عاطفتها التي تعتز بها وتفتخر.
ثانياً: الكثير من أحاديث الرّسول كانت تخصّ أناس تلك الفترة تحديداً وأنّ الرّسول حينما صرّح بهذا الحديث كما أسلفت قبل قليل كان له أسبابه ودوافعه.
ثالثاًً: لماذا لم ولاتتولى دفة الحكم منذ العهد الإسلامي الأوّل وحتى الآن فلأنّ بعض الفتاوى والاجتهادات الخاطئة التي صدرت من بعض رجال الدّين والتي راقت لمعظم الرّجال منعتها ليس من تسلم زمام الحكم بل منعتها حتى من إحساسها بكيانها الذاتي المستقلّ داخل أسرتها ومحيطها المحدود هؤلاء الذين ساهموا في جعل المجتمع مجتمعاً ذكورياً خالصاً مارسوا عليها مختلف أنواع الكبت والإخضاع والإذلال فكانت وهي طفلة صغيرة تحفظ عن ظهر قلب كلّ ما كانوا يلقنونها طوعاً أو كرهاً وبذلك دعموا أساس هذا المجتمع الذكوري الذي اكتشف قبل الإسلام بمئات العقود.
ألم يقولوا: إنّ المرأة غير نافعةٍ للكتابة والأدب فأثبتت أنّها كاتبة وأديبة متميّزة؟! ومازال الجدل قائماً بين مشككٍ في قدرتها على الكتابة ومعارض ومناصر وشككوا في قدراتها العلمية فصارت مخترعة وعالمة وطبيبة بارعة وفي كافة اختصاصات الطب بما فيها الجراحة العامة والتخصصية وعارضوا دراستها للحقوق والقانون فاخترقت ميادين الحقوق والقانون لتكون محامية ناجحة وقاضية عادلة,وعالمة دين تقية, ورعة, وحتى المجال الذي سمحوا لها على مضض بالعمل فيه وأقصد / مجال التعليم والتدريس/ أثبتت فيه ذاتها وقدرتها على أداء واجبها بجدارة وتصبح مربية ومعلمة يشهد حتى هم على كفاءتها بل إنّها تمكنت من الطيران عالياً لتعانق النجوم من خلال ريادتها للفضاء وآفاقه الفسيحة, ناهيك عن ولوجها لعمق أعمال الرّجل وانتزاعها شرف سيادة الأعمال والتجارة, وبروز شجاعتها كمقاتلة وقائدة وهي على الرّغم من كلّ هذا لم ولا تنسى القيام بواجباتها ومهامها المقدّسة كزوجةٍ صالحة,وأمّ حنون, ومربيةٍ, وسيّدة بيت مضيافة كريمة
السّؤال الواجب طرحه هو: إلى متى سيلجأ البعض إلى إثارة الجدل والتناقض بين المرأة والرّجل؟! متى سندرك نحن البشر أنّ الإنسان منّا بعقله وإحساسه ذكراً كان أم أنثى وليس بجنسه؟! ألم يحن الوقت ليدركَ الجميع بأنّ المرأة قادرة على القيام بالأعمال والمهام التي يقوم بها الرّجل بما فيها التي تتطلبُ جهداً عضلياً كفلاحة الأرض ورشّ البذار وجني الثمار, ومشاركته في البناء والعمار كما في بعض القرى وغيرها من الأعمال الشّاقة؟؟!! وأخيراً ألم يحن الوقت بعد لحوار هادئ وعقلاني بين المرأة والرّجل كونهما كائنين عاقلين قادرين على التفاهم والتفاوض لخلق أجيال تدرك أنّها متساوية في الحقوق والواجبات؟؟!!