الحرية بين العقلية المؤامراتية و القولبة الفكرية الحلقة ( 1)

بقلم ميرآل بروردا

لربما كانت حكاية الحرية , حكايةً مبكيةً مضحكة . في بوتقة الأدلجة المستكينة , فقد استباحت الأدلجة كل الحُرمات تراها صارت مفتاح الصول في سلم التغني بالحرية و قُيدت القصائد بسلاسل القُفيِ السلطوي و الوزن المُقولب للقوة الاقتصادية .
وقُنِنَت المحابر في زمن العبيد وعبادة الظهور و أشكال الاختيال و الاغتيال .
فبات العقل طفل أنابيبٍ لا يحمل سوى المورثات المسموح بها وفقاً لماركات مسجلة بأسماء لربما فرضها الله أو من الممكن أن تكون المفروضة بقوة التبادل السلعي البدائي المنحى ذو الاتجاه التقدمي المتقهقر للتقنية .
إن كنا سننفض الغبار عن عقارب الزمن لا بد لنا من العروج و الولوج في مسالك التهالك الإنساني بين ولادة الأمم و وباء التحرر و ما بين صيرورة اللاءات إلى ايماءات بالرضا عن القتل و الموت .
ليس من الغرابة ألا نجد حراً , لكن الغرابة أن نكون أسرى لفكرة النداء بالحرية .
فلم يعرف الإنسان الحرية يوماً رغم كل تلك المساحات الشاسعة الواسعة التي كانت تمر بكرتي عينيه كما شريطٍ سينمائي تالف غير واضح المعالم.
فبقي أسير الرهبة لتلك المعالم المموهة و المغلفة بحداثة خلق الله له و قصور التجربة و الممارسة و ضعفه الواضح في مواجهة هجمات المجهول المعلوم ممتزجةً مع رغبته المبتورة في الخلاص من تلك الرهبة, ولدت لديه الدوافع في الالتفاف و الكر و الفر على قوى تفوقه قوة , تدرجاً مع أولويات الخطورة و تباعاً لآنية التحالف معها و هنا و دون أن يدري من أين ؟
بدأ بزراعة بذور العقلية المؤامراتية في تربة الرغبة في الحرية بمعناها في الخروج عن كل شيء للدخول في كل شيء .
وفقاً لسنة الله عز وجل و مشيئته  كان لا بد من تزايد الأجساد لكن هذا التزايد ترافق بتناسب عكسي مع كمية العقل و حدوث طفرات استنساخية للصورة الأصل تنازعها و تزاحمها الفراغ المبجل .
و لعل تطور سوق النخاسة و تعمق جشع النخاسين ولد حنقاً لا معقول متزاوج مع المشهد العبودي في رحم الحرية المرتقبة , لكن هذا الرحم لم يحمل سوى جنين مشوه إذا ما تابعنا مجريات الصعود و الهبوط في الخط البياني للإنسانية حتى الرسائل السماوية وقفت عاجزة عن تصحيح هذه الولادة و استقرار هذا الخط فعلى الرغم من سمو زاردشت و رفعه لمقدار البشر لتحلق بهم النسور عالياً بقيت الحرية ضمن إطار الدائرة النارية المنورة و تلك المقادير المُحَلَق بها كانت جثمانين لا غير .
لكن ( أسفنديار) أسير فقد الحرية نتيجة للعقلية المؤامراتية بين شقيقه و قرارك يا ( كوشتاسف) الملك فكنت يا ( زاردشت ) – أيها النبي الناطق بالصدق- ضحية هذه الثلاثية .
وللحديث بقية ….
 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

أعلنت دار الخياط – واشنطن عن صدور رواية جديدة للكاتب والباحث السوري مازن عرفة بعنوان «نزوة الاحتمالات والظلال»، لتضاف إلى سلسلة أعماله الأدبية التي تجمع بين العمق الفكري والخيال الجامح، وتفتح أفقاً جديداً في السرد العربي المعاصر.

وتطرح الرواية، التي جاءت في 190 صفحة من القطع الوسط، عالماً غرائبياً، تتقاطع فيه نزوات الطغاة مع رغبات الآلهة،…

غريب ملا زلال

أحمد الصوفي ابن حمص يلخص في تجربته الفنية الخصبة مقولة ‘الفن رؤيا جمالية وبدائل لفساد الروح’، وهو كثير الإنتماء إلى الضوء الذي يحافظ على الحركات الملونة ليزرع اسئلة محاطة بمحاولات إعادة نفسه من جديد.

يقول أحمد الصوفي (حمص 1969) في إحدى مقابلاته : “الفن رؤيا جمالية وبدائل لفساد الروح”، وهذا القول يكاد ينبض في…

عبد الستار نورعلي

في الليلْ

حينَ يداهمُ رأسَك صراعُ الذِّكرياتْ

على فراشٍ مارجٍ مِنْ قلق

تُلقي رحالَكَ

في ميدانِ صراعِ الأضداد

حيث السَّاحةُ حُبلى

بالمعاركِ الدُّونكيشوتيةِ المطبوخة

على نارٍ هادئة

في طواحينِ الهواء التي تدور

بالمقلوبِ (المطلوبِ إثباتُه)

فيومَ قامَ الرَّفيقُ ماوتسي تونغ

بثورةِ الألفِ ميل

كانتِ الإمبرياليةُ نمراً..

(مِنْ ورق)

بأسنانٍ مِنَ القنابلِ الذَّرية

ومخالبَ مِنَ الاستراتيجياتِ الدِّيناميتية

المدروسةِ بعنايةٍ مُركَّزَة،

وليستْ بالعنايةِ المُركَّزة

كما اليوم،

على طاولته (الرفيق ماو) اليوم

يلعبُ بنا الشّطرنج

فوق ذرى…

حاوره: إدريس سالم

إن رواية «هروب نحو القمّة»، إذا قُرِأت بعمق، كشفت أن هذا الهروب ليس مجرّد حركة جسدية، بل هو رحلة وعي. كلّ خطوة في الطريق هي اختبار للذات، تكشف قوّتها وهشاشتها في آنٍ واحد.

 

ليس الحوار مع أحمد الزاويتي وقوفاً عند حدود رواية «هروب نحو القمّة» فحسب، بل هو انفتاح على أسئلة الوجود ذاتها. إذ…