كان مضيئا.. كالظلمات ..

 إلى «دهام حسن» رفيقا عتيقا.. مزمنا.. وإلى سيجارته المظلومة التي تحترق بين أصابعه وهو ينظر إلى رمادها ودخانها بسادية «كنيرون إلى روما» ..  
إليه مع المودة الدائمة..

شعر: جميل داري

أتدحرج في منفاي الممتد كحقل الأوهام
و أشق طريقي في نفق مكتظ بزفير الموتى
وشهيق الأحلام
و أكوم خلف كواليس الروح ثياب الأعراس
يرقص ناس و يغني ناس
حتى يتبخر منهم ماء الإحساس

و أنا في درك الليل الأبدي أداس
لا فجر يداهم هذا القلب المملوء
بنزف الذكرى و عويل الأجراس
فعلي إذا أن أتخلى عن لغتي الجوفاء
و ألوذ بحبل سراب
أو أضغاث الماء
حتى يتخمض هذا الأفق العاقر عن كوه
حتى أسترجع فنجانا مكسورا وبقايا قهوه
حتى أحضن نيران الدهشة
أمتشق الريح المرجوه
أتسلق جدران الزمن السكران
كأثداء اللغة الرخوه
ياه …….من يوقظني؟
خدرني الزمن الأعمى و أضاع عصاي
ها هو يسعى بين الظلمة و الظلمة
بحثا عن جثة ضوء.. ورميم صداي
من يزرع في تربة عمري حبق الدهشه؟
من يرسم في كراسة شعري قلق الرعشه ؟
لا شيء هنا يسمعني
فدعوني أرفو ثوب جنوني
بخيوط الكفن
لم لا أتعرى من ثوب اللغة
و أعري خارطة الكلمات على  شفتي؟
ماذا أجني من هذا الركض الموبوء
وراء الكلمات المجنونه ؟
ماذا يجعلني أستجدي رائحة الصيف المأفونه ؟
ماذا ياقبض الريح..
و جعجعة الطاحونه ؟
هددني يا موج اللعنة
ضرج قلبي بالنزف
أو هد هدني.. لأنام كأهل الكهف
كل لهيب يتصدى لهشيمي
كل حياة تتحدى جبروت رميمي
لكني أصمد.. أصمد كالشيطان المرجوم
فمتى سأموت قرير الروح
غدا أم بعد غد ؟ 
بيد القابلة القانونية أم بيد العبث ؟
في أي مكان من هذي الأرض المكتظة بالجثث ؟
رحم الله زمانا
كان رقيقا.. كحذاء طغاة
كان جميلا.. كعيون الأموات
 كان مضيئا.. كالظلمات
لم لا أخرج من جسدي ؟
لم لا أحصى شهداء القلب
و أستبكي رائحة الزبد..؟
لم لا أمشي حتى آخر هذا الموت المر
أرش عليه حلاوة معتقدي ؟
لم لا أرفو أثواب الريح بخيط النار
أسقي أرض الشعر..
أفاوض سجان الأمطار ؟
في أعماقي
مخلب عصفور ميت.. و أثاف
وقصاصات الأوراق
و سماء ذابلة.. و ربيع محترق.. و أنين سواق
و هواء مذبوح.. و فضاء مسدود.. و مقابر عشاق
ياه..؟
من يسكب فوق لهيب الروح
مياه الحلم الباقي ؟
حلم يتآكل.. يذوي كزهور القبر
ماذا أفعل.. لا أملك شيئا من أمري..؟
أستسلم للمطر الضارب نافذة البحر
 أتغلغل في ظمأ الغربة..
 و الماء بأقصى لعالم يجري
و أنا في منفاي.. أ صب الشعر بأقداح الفجر
ليس لدي الآن سوى
 زمن ميت كاللعنة يستشري
لا شيء يواسيني.. لا شيء..
 سوى الشعر..

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

شيرين خليل خطيب

في أيِّ مجال إبداعي، أو أي حرفة تعتمد على الحس والموهبة، يظهر أشخاص يظنون أن بإمكانهم اقتحام هذا العالم لمجرد أنه يعجبهم أو أنهم يحلمون بالانتماء إليه. لكن الحقيقة المُرَّة التي مهما حاولنا تجميلها، هي أن بعض الطرق لا تُفتح لكل عابر، وأن بعض الفنون تحتاج إلى موهبة أصلية أو حد…

خالد بهلوي

اختُتمت الدورة الإلكترونية لتعليم كتابة سيناريو السينما الكردية، التي أُنجِزت بإشراف الدكتور جاسمي وزير سَرهَدي، البروفيسور في المسرح والسيناريو (الدراما الهوليوودية)، والمدرّس السابق في جامعة صلاح الدين في هولير، والحاصل على عدة جوائز دولية في كتابة السيناريو السينمائي.

قدّم الدكتور الدورة على مدى عشرة أسابيع، تناول فيها موضوع الدراماتورج وبنية القصة الدرامية، إضافة إلى محاور…

ا. د. قاسم المندلاوي

في هذه الحلقة نقدم للقارئ الكريم نبذة مختصرة عن فنانين آخرين، احدهم من غرب كوردستان، الفنان الشهيد يوسف جلبي، الذي تعرض الى ابشع اساليب الاضطهاد والتعذيب من قبل السلطات السورية الظالمة، وخاصة بعد سيطرة نظام البعث سدة الحكم عام 1966. فقد تعرض الكثير من المطربين والملحنين والشعراء الكورد في سوريا…

يسر موقع ولاتى مه أن يقدم إلى قرائه الأعزاء هذا العمل التوثيقي القيم بعنوان (رجال لم ينصفهم التاريخ)، الذي ساهم الكاتب : إسماعيل عمر لعلي (سمكو) وكتاب آخرين في تأليفه.

وسيقوم موقع ولاتى مه بالتنسيق مع الكاتب إسماعيل عمر لعلي (سمكو). بنشر الحلقات التي ساهم الكاتب (سمكو) بكتابتها من هذا العمل، تقديرا لجهوده في توثيق مسيرة مناضلين كورد أفذاذ لم ينالوا ما يستحقونه من إنصاف وتقدير…