التعريف و التحليل

  لقمان بولات
الترجمة عن الكرديّة: ديرام شماس

عندَما يقرأُ المرء , كتاباً ما , وينال إعجابه , ويكون الكَِتاب شيقاً مثيراً , يتمنى أن يقرأ الكثيرون , ذاك الكَِتاب , إِنَّ الَّذِينَ يكتبون  ” تعريفات ” للكتب , يريدون عَن طريق ذلِكَ , تعريف الكَِتاب للقارئ , وجعلهُم في حالة تشوق لقراءة تلك الكتب . مثل الكثير من الكُتاب , الَّذينّ يُقيمون الكُتب ويعرّفونها للقارئ , أَنا أيظاً حينما أقرأُ كِتاباً  ما , يكون ممتعاً في أسلوبه وفكرته , ورائعاً في لغته الأدبية , وينال الكَِتاب إعجابي بشكل عام , حينئذ أريد أن أتقاسم مَعَ القارئ أحاسيسي ومشاعري وآرائي بصدد الكَِتاب.
غالباً ما , أكتبُ عَن الكتب الكرديّة , إلاّ إنني أكتبُ أحياناً أيظاً , عَن الكُتب التي كُتِبت باللُغاتُ الأُخرى , أقرأهُم وأكتبُ عنهُم , أعرّف القارئ بهُم , فقد قرأتُ كتب ” غليليو “أمين معلوف” و ياشار كمال ” و أحمد آتلان ” وكذلِكَ بعضُ الكتاب الأخرون , قرأتُ لهُم وكتبتُ عَن أعمالهُم . فقد كتبتُ عَن الكُتب الكرديّة ” تعريفات للكتب ” كثيراً , إن الكتاباتُ التعريفية والتحليلة ليسوا صنوان , بل عَلى النقيض من بعض , فالتحليلُ شيئاً , والتعريفُ شيئاً آخر , في كتابتُ تعريف الكتب , لايجوز أن يُقيّم المرء الكَِتاب بشكلاً موسع , أي ” أن يحلله ” لأنّ التعريف مختصر , أي يُعطي لمحة عَن الكَِتاب, لأنّ الكَِتاباتُ التعريفية عَلى الأغلب ” كَِتاباتٌ إيجازية ” أمَّا الكَِتاباتُ التقيمية _ التحليلية _ كَِتاباتٌ طويلة , موسعة , عميقة , متعددةُ الجِهات .
***
في تعريف الكتب , يُطعي المرءُ بضعةُ معلومات عَن الكَِتاب , يتحدث بإيجاز عَن مضمون الكَِتاب , و يشدّ أنتباه القارئ إِلى الكَِتاب , ليشتريه , ويقرأه , في تعريف الكَِتاب , يوشير المرء إِلى أمور مثل _ ما أسم الكَِتاب , عَن أي دار نشر تم نشر الكَِتاب , أينَ صدر , من كم صفحّة يتألف الكَِتاب , مَن هَو كاتب ” الكَِتاب” ماذا هو الكَِتاب , تحت أي صُنف أدبي يندرج , هَلْ هيّ _ رواية , قصة قصيرة , شِعر , مسرح , أو كَِتاب بحث , و إِلى آخره و فكرة الكَِتاب عَن ماذا تتحدث , ويتحدثُ المرء بأختِصار , عَن التكنيك , اللُغة , وعَن مضمون الكَِتاب . في الكَِتاباتُ التعريفيّة ” للكُتب ” لايجوز أن يتحدث المرء بوسع , عَن الأخطاء والنواقص في الكَِتاب  وينتقدها , أمَّا في الكَِتاباتُ _ التقيميّة _ ( التحليلية ) يستطيع المرء أن ينتقد ” الكَِتاب ” و أن يسلط الضوء عَلى الأخطاء والنواقص , وكذلك عَلى الجانب الضعيف في الكَِتاب , وعَلى الجانب الناجح , الموفق فيه .
***
حول كِتاباتي التعريفيّة ” للكتب ” حصل هُناك تناقض لدى القارئ , تناقضهُم هذا كانَ سبباً لكَِتابتي هذا المقال , فالبعضُ من القراء , يخلطون مابيَن الكَِتابات ” التعريفية ” والتحليلية ” يقولون : لِمَاذا لايوجد _النقد _ ( في كِتاباتك التعريفية للكُتب ) أو , لِمَاذا لم تتناول الكَِتاب في ” مقالك التعريفي ” بعمق وبشكل موسع , هذا جانباً من تناقضهُم . والبعضُ الآخر يقولون : لِمَاذا تكتب عَن كُلّ كَِتاب ” أو ( لِمَاذا كتَبتَ عَن كَِتاب ذاك الكاتب ) ولِمَاذا لم تنتقده , أو لِمَاذ أمتدحت ذاك الكاتب و أعماله , وإِلى آخره .
***
 حسب رأيي , فإنّ في الكَِتاباتُ التعريفية لايجوز للمرء , أن يسلسل النقد وراء بعضه , لهذا فأنا لاأنتقدُ في الكَِتاباتُ التعريفية , لا أقتربُ من الجانب ” النقدوي ” بتاتاً , لم أكتب عَن كلّ الكتب بطبيعة الحال , لكّني كتبتُ عن كتباً كثيرة , ” كَِتاباتُ تعريفية ” لأنّ قلّة _ نادِرة _ فقط تكتب تعريفاتٌ للكُتب ( أكتبُ دائِماً تعريفات للكُتب , في موقع (  Dema Nû )  وعدا ذلك أكتبُ أيظاً في مجلة (Mehname ) و في موقع ( LotikXane ) وكذلك عَن الرواية ) فكَِتاباتي تكون نصب العين , تشد الأنتِباه , فإذا كَتَبَ غيَّري أشخاص آخرين ” تعريفات “عَن الكُتب , بطبيعةُ الحال سوفَ لن أكتب بهذا الكم , وطبعاً ثمةُ أحيان يكتبُ بعض الأشخاص عَن الكُتب , لاتعجبني ” كَِتاباتهُم التعريفية ” , أو لاتشفي غليلي , و أحياناً ثمةُ هُناك كُتباً أقرأُها , تنالُ إعجابي , و أريدُ أن يقرأها القراء الآخرون , لذلك أكتبُ عنها” كتابات تعريفية ” عَن تلك الكُتب , لأشد أنتباه القارئ لها .
***
ثمةُ أشخاص يحسّدون بعضُ الكُتاب , لِذا تراهُم يقولون : ( لِمَاذا تكتب عَن ” كَِتاب ” ذاك الكاتب ) أَنا إنسان , حرّ بوعيّ , بِعقلي , بإحاسيسي وروحّي , بوضعي , بحركاتي , بإرائي , وخيالي وتفكيري ومشاعري ,  أكتبُ عَن الجانبُ الذي يميلُ رغبتي إِليه , أَنا لاأكتبُ _ بالآمر _ و ” الفرمان ” والتعليمات , و بطبيعةُ الحال , ليسَ من حقّ أحد أن يُطالب أحداً بِالكَِتابة عَن شيٍ دون آخره ! لا أدعّي أنّ كُلّ كَِتاباتي بمجملها جيدة , _ كاملة مكملة _ فالَّذين لاينال كَِتاباتي إعجابهُم فليكتبوا بأنفسهُم أفضلُ منها , و الَّذين لايرون النقد في كَِتاباتي , فليكتبوا أنفسهُم كَِتاباتٌ نقديّة , كي أقرأها أنا أيظاً , و أستفيدُ منها بدوري ,

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

أعلنت دار الخياط – واشنطن عن صدور رواية جديدة للكاتب والباحث السوري مازن عرفة بعنوان «نزوة الاحتمالات والظلال»، لتضاف إلى سلسلة أعماله الأدبية التي تجمع بين العمق الفكري والخيال الجامح، وتفتح أفقاً جديداً في السرد العربي المعاصر.

وتطرح الرواية، التي جاءت في 190 صفحة من القطع الوسط، عالماً غرائبياً، تتقاطع فيه نزوات الطغاة مع رغبات الآلهة،…

غريب ملا زلال

أحمد الصوفي ابن حمص يلخص في تجربته الفنية الخصبة مقولة ‘الفن رؤيا جمالية وبدائل لفساد الروح’، وهو كثير الإنتماء إلى الضوء الذي يحافظ على الحركات الملونة ليزرع اسئلة محاطة بمحاولات إعادة نفسه من جديد.

يقول أحمد الصوفي (حمص 1969) في إحدى مقابلاته : “الفن رؤيا جمالية وبدائل لفساد الروح”، وهذا القول يكاد ينبض في…

عبد الستار نورعلي

في الليلْ

حينَ يداهمُ رأسَك صراعُ الذِّكرياتْ

على فراشٍ مارجٍ مِنْ قلق

تُلقي رحالَكَ

في ميدانِ صراعِ الأضداد

حيث السَّاحةُ حُبلى

بالمعاركِ الدُّونكيشوتيةِ المطبوخة

على نارٍ هادئة

في طواحينِ الهواء التي تدور

بالمقلوبِ (المطلوبِ إثباتُه)

فيومَ قامَ الرَّفيقُ ماوتسي تونغ

بثورةِ الألفِ ميل

كانتِ الإمبرياليةُ نمراً..

(مِنْ ورق)

بأسنانٍ مِنَ القنابلِ الذَّرية

ومخالبَ مِنَ الاستراتيجياتِ الدِّيناميتية

المدروسةِ بعنايةٍ مُركَّزَة،

وليستْ بالعنايةِ المُركَّزة

كما اليوم،

على طاولته (الرفيق ماو) اليوم

يلعبُ بنا الشّطرنج

فوق ذرى…

حاوره: إدريس سالم

إن رواية «هروب نحو القمّة»، إذا قُرِأت بعمق، كشفت أن هذا الهروب ليس مجرّد حركة جسدية، بل هو رحلة وعي. كلّ خطوة في الطريق هي اختبار للذات، تكشف قوّتها وهشاشتها في آنٍ واحد.

 

ليس الحوار مع أحمد الزاويتي وقوفاً عند حدود رواية «هروب نحو القمّة» فحسب، بل هو انفتاح على أسئلة الوجود ذاتها. إذ…