بأي حال عدت يا عيد

لافا خالد

 يوم المرأة أو عيد المرأة أو أي مسمى آخر لا يهم ؟ تختلف التسميات والطقوس واحدة , وكإن ذات اليوم هو الميعاد ووفاء الزمن مع نصف الرجل, مع إن ذات اليوم ليس أكثر من ثناء و استذكار لنضالات النساء في عالم بيننا وبينهم سنوات ضوئية , متعلق بحادثة معينة جرت احداثها في زمان معين ومكان بعيد لم تلقي بظلال نتائجها على واقعنا بشيئ
صحيح إن المرأة هي من أهم معادلات الحياة , وميزان المجتمع وحقيقة وضعها, وهو المعيار الواقعي الذي يعبر أي مجتمع عن هويته وذاته ومستوى رقيه وكلنا يعي إن اختلال معادلة التوازن حيال التعامل مع واقع المرأة بشكلها المتتالي قد أفقدتوازن مجتمعات كثيرة وبالاخص مجتمعات الشرق المتخلفة المستعبدة أصلاً, ففي كل مدينة كبيرة وصغيرة حيث نعيش لا تزال المرأة في الصفوف المتأخرة والرجل هو قائدها إلى الأبد حتى في أبسط تفاصيل حياتها , ماتزال حبيسة العادات والتقاليد والقوانين المجتمعية لا تسل السيوف وتضع القصاص إلا ضدها , عليها واجبات وليس لها حقوق, من يتجرأ القول بنزاهة إن المرأة هي نصف المجتمع ؟ قد يصح القول عن زمن بعيد مضى أو في أساطير الشعوب , إن خرجت للعمل أو انعتقت بجبروتها من سطوة المجتمع الذكوري لتحرر فكرها وذاتها ضمن حدود الإلتزام المجتمعي هل يعني ذلك إنها حصلت على حقوقها ؟  هل خروجها من المنزل أو مشاركتها في نشاط ميداني ثقافي أو سياسي هنا وهناك أو بعضاً من الأمور الشكلية الأخرى فيما يخص كينونتها يعني انها اعنتقت من رتقة ومشاعر النقص والدونية التي تلازمها ؟ الكل يتجاهل معاناة المرأة الحقيقية , إن سألتم أية أمرأة ماذا تعني لك مناسبة عيد المرأةأو هل أختلفت الأعوام في هذه الذكرى عندك شيئا , أجزم القول إن لم تكن كلمتهم مجمعة فستقول الأغلبية إن استذكارها في هذا اليوم  قد تعني أي أحد إلا أن تعني المرأة , وإن سألت رجلاً ماذا يعني لك إن المرأة نصف المجتمع , فسيتكلم عن حريتها وحقوقها وأشياء أخرى ولكنه سينسى أمه وأخته وزوجته وهو سبب اختلال تطبيق مفهوم الحرية مع الإلتزام كما عبر عن ذلك أحد الكتاب بأن الرجل الشرقي أثناء بحثه عن  الحرية فهو لايريدها لأمه وأخته وزوجته هو يبحث عن حرية صديقته أو حرية ابنة الجيران .

كانت النية أن أنجز ريبورتاجاً ميدانياً عن هذه المناسبة وحقيقة مضمونها ومعناها للمرأة واسقاطات ذلك على تغيير واقعها , وحينما بدأت العمل والأسئلة أذهلتني حقيقة الإجابات , إن يوم المرأة شعار مفتعل  وهو قاموس لا يحمل أية دلالة تمس واقع يحتاج لتغيير , ولايعني العيد  شيئاً طالما هناك الكثيرات الكثيرات ممن تم إقصائهن من معادلة الحياة أصلاً ,على الأقل من يبحث عن واقع المرأة وبؤس حياتها فلينزل في موقف قريب حيث قرانا الفقيرة والمنسية  حالة المرأة تناقض بين من يدعي نفسه مناصرا لحقوقها نظريا, وعلى عتبة الواقع تنصدم الرؤية بنساء يرثى لهنّ الحال فقسوة الحياة والظروف سلبت منها أنوثتها وأجمل سنوات عمرها لتترك بصمتها إنها كانت ذات يوم , والواقع متشابه في المدن واطرافها وإن اختلفت التفاصيل , لذا القول مبالغ والقضية ليست في المساوة بالرجل أو تفوقها عليه وليست مقتصرة معاناتها في استذكارها ب 8 أو 9 او10 آذار , وتصوري الكبير إن العهود والمواثيق لاتعني شيئا طالما هناك جرح لازال ينزف وهناك كائن هو أم أخت وصديقة وحبيبة تتجرع اللألم والتجاهل وحقيقة معاناتها على غرار العدالة التي تشمل الجميع وتستثني فردا واحداً ولو في مجاهل الأسكيمو هي عدالة رأسها الظلم وذيلها الإرهاب والرخاء الذي يرفرف على جميع الموائد ويستثني مائدة واحدة ولو في أحقر الأحياء هو رخاء مشوه , 8آذار يوم المرأة العالمي عيد! بأي حال عاد هذا عيد ؟

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

عبد الستار نورعلي

أصدر الأديب والباحث د. مؤيد عبد الستار المقيم في السويد قصة (تسفير) تحت مسمى ((قصة))، وقد نشرت أول مرة ضمن مجموعة قصصية تحمل هذا العنوان عن دار فيشون ميديا/السويد/ضمن منشورات المركز الثقافي العراقي في السويد التابع لوزارة الثقافة العراقية عام 2014 بـحوالي 50 صفحة، وأعاد طبعها منفردة في كتاب خاص من منشورات دار…

فدوى كيلاني

ليس صحيحًا أن مدينتنا هي الأجمل على وجه الأرض، ولا أن شوارعها هي الأوسع وأهلها هم الألطف والأنبل. الحقيقة أن كل منا يشعر بوطنه وكأنه الأعظم والأجمل لأنه يحمل بداخله ذكريات لا يمكن محوها. كل واحد منا يرى وطنه من خلال عدسة مشاعره، كما يرى ابن السهول الخضراء قريته كأنها قطعة من الجنة، وكما…

إبراهيم سمو

فتحت عيوني على وجه شفوق، على عواطف دافئة مدرارة، ومدارك مستوعبة رحيبة مدارية.

كل شيء في هذي ال “جميلة”؛ طيبةُ قلبها، بهاء حديثها، حبها لمن حولها، ترفعها عن الدخول في مهاترات باهتة، وسائر قيامها وقعودها في العمل والقول والسلوك، كان جميلا لا يقود سوى الى مآثر إنسانية حميدة.

جميلتنا جميلة؛ اعني جموكي، غابت قبيل أسابيع بهدوء،…

عن دار النخبة العربية للطباعة والتوزيع والنشر في القاهرة بمصر صدرت حديثا “وردة لخصلة الحُب” المجموعة الشعرية الحادية عشرة للشاعر السوري كمال جمال بك، متوجة بلوحة غلاف من الفنان خليل عبد القادر المقيم في ألمانيا.

وعلى 111 توزعت 46 قصيدة متنوعة التشكيلات الفنية والجمالية، ومتعددة المعاني والدلالات، بخيط الحب الذي انسحب من عنوان المجموعة مرورا بعتبة…