هيثم حسين
إنّ الثقافة في أيّ مجتمع من المجتمعات انعكاس للواقع المعاش، صورة مرآوية لدقائق وحيثيّات تفرض نفسها، وإن كان يُغضُّ عنها الطرف، هنا وهناك، ويُفترض بها، عموماً، أن تضع في أولويّاتها همّ الإنسان الذي تتوجّه منه وإليه، في دأبها لتعريف وتوصيف ما يجب أن يكون موضع الاهتمام المرتَجى، في الغوص في بنية هذا المجتمع الذي هو نتاج بنيات متعدّدة مختلفة، وأحياناً متخالفة، تتكامل بالنتيجة لتطبع الصورة الواجبة الكون؛ الصورة الأمثل..
أمّا عن الثقافة والحياة الثقافيّة في محافظة الحسكة، باعتبارها بنت واقعها، شأنها في ذلك شأن سائر الأنشطة الأخرى، فإنّها تعاني تأزيماً بادياً، تعاني إهمالاً في أكثر من جانب، وإذا ما كان حالها كذلك، فإنّ هذا يعكس أزمة تتسبّب فيما هي فيه.. وأعتقد أنّه لن يكون من الإجحاف إذا ما قلنا إنّها تعيش عصراً لا ينتمي إلى العصور، خارجاً عن الزمن، قد أكون في ذلك متشائماً بعض الشيء، قليلاً أو كثيراً، لكن أن نقف معاينين واقعنا بواقعيّة، يُلزمنا بوضع الإصبع على الجرح، للإشارة إليه، وبالتالي العمل على إيجاد أدوية ناجعة تنقذ ما يمكن إنقاذه، لكن، أن نتحايل على أنفسنا، وندّعي أنّ كلّ شيء بخير، ولا تنقصنا سوى سلامة السائل، فهذا هو الخطأ المُربك بعينه، والذي يعكس إرباكاً وبلبلة في الرؤى، بالنسبة للقيّمين عليها، القائلين بالسلامة، حفاظاً على السلامة الذاتيّة.. ذلك أنّ بعض المتعلّمين من ذوي الشهادات، يُنصَّبون في مراكز ثقافيّة، بحسب الإجازة، التي ليس بالضرورة أن تعكس الثقافة؛ التي هي الأهمّ، لا الوساطة الداعمة لها.. ينقصنا الكثير الكثير، ومن هذا النقص، لاشيء يبرق في الأفق يشي بأنّنا قد نتجاوز ما نحن غارقون فيه، من تغاضٍ عن الأخطاء، من كليشيهات جاهزة، يقوم مصمّموها بالقصّ من هنا واللصق هناك، إيثاراً للكسل، دون تأثّر بالجديد الذي يجب أن يكون الهدف المنشود.. الطموح كبير، والواقع مناقض له، يحتاج التقريب بينهما لردم الهُوى وتجسيرها بالعمل والخطط المنطلقة من إدراك عميق للواقع، وبالتالي توعية الناس بدورها وقيمتها في حياتهم، والسعي لإخراجها من العزلة التي تغلّفها بتقوّلات التهكّم عليها، التي تنعتها أنّها ترف أو بطر، وذلك جنباً لجنب مع الخطط الأخرى التي لابدّ أن تستهدف رفع مستوى المتلقّي، لأنّ الجائع أو المعدم أو العاطل عن العمل لن يسمع ولن يفهم شيئاً ممّا يقال له، ولا يهمّه من أيّ شيء سوى تأمين ما يضمن له استمراراً جزئيّاً حيث يكون، لذا فالثقافة تأتي مكمّلة لغيرها، في الريادة منها ومعها، حيث ينبغي أن يكون المثقّف، كونه الطليعة الواعية في المجتمع، قدوة لغيره، لكن، المثقّف الجائع، كيف يكون حاله، وإلى مَن سيتوجّه؟!..
ولابدّ من الإفصاح والجهر بصوت عالٍ، إنّ الثقافة في محافظتنا، تحاول التحليق بجناح واحد، دون الاستعانة بالأجنحة الأخرى التي يستحيل طيرانٌ أو تحليقٌ من دونها، لأنّ المهمَّش والمُقصَى، في هذه الحالة، سيبحث عن مراكز إرواء لما يُحرم منه، وكي نتجنّب استنقاعاً معيّناً، نحدّده ثقافيّاً هنا، نصرّح بأنّنا نحتاج جهود الجميع، من أبناء المحافظة، عرباً وكرداً وغيرهم من الأطياف التي تشكّل هذا الموزاييك الجماليّ الرائع، من سائر مكوّنات هذا الوطن الذي يتجمّل بنا جميعاً ونتجمّل ونتباهى بالانتماء إليه جميعاً كذلك، بداية ونهاية..
وما يُلاحَظ أنّ المؤسّسات غافلة عن دورها، أو أدوارها مناسباتيّة، يخبو حماسها بعد المناسبة مباشرة، فمثلاً، نقابة المعلّمين، باعتباري عضواً فيها، أراها مهمِلةً هذا الجانب المتراجع جدّاً في برامجها، وإذا ما كان هنالك نشاط ما، فإنّنا، في عامودا، لا نسمع به، ولا نعرف عنه شيئاً، ولربّما هذا يعود في جانب منه، إلى عدم ترميم المركز الثقافيّ في المدينة الذي لا يزال متضرّراً على حاله، ولا يزال دوره نفسه، اللادور.. ولا شكّ، يعود من نواحٍ أخرى إلى ضعف، وانعدام البرامج العمليّة التي تضع نصبها تنشيط الإبداع في كلّ المناطق، دون أن يكون محصوراً في مركز المحافظة، أو حكراً عليه، فالاحتكار والمَركزة الثقافيّة، تحدّ كثيراً من الرسالة المتوخَّاة، ولا تبلغها إلى المتلقّي الذي هو الغاية..
في الجانب المسرحيّ، يختلف الوضع عن غيره، لأنّ الجهود الشخصيّة لا تجدي هنا، كون المسرح فنّاً شرطيّاً يحتاج إلى جهود أكثر من شخص، كما يحتاج إلى موادّ لا يستقيم له من دونها عود، فإنّه يبقى تكوين فرق مسرحيّة، وضمان مقوّمات الاستمرار لها، وتأمين عرض عروضها، بل وإشراكها في مهرجانات، على الصعيدين القطريّ والدوليّ، في مصافّ الحلم.. لكن، هل يقتصر هذا الجانب على النصّ، والكاتب وحدهما، أين دور الكوادر التي يجب أن تؤهَّل..؟! أين تلبية الضروريات الأخرى..؟! كي لا يكون العامل في حقله المسرحيّ مغامراً بقُوْته، وتعبه، طيلة أشهر عدّة، والنتيجة، من هذه المجازفة التي يكون حافزها الأوّل والأخير حبّ الإبداع، لا عرض، لا دعم، لا مسرح حتّى.. وإن كان لينين قد قال سابقاً:” لا أتصوّر مجتمعاً من دون مسرح”، فإنّ مجتمعنا اليوم- للأسف- دون مسرح، وهو واقع لا تصوُّر.. فلنتصوّر معاً حالنا وواقعنا الذي نحياه دون مسرح..!
كثيرة هي الصعوبات التي تعترض الكاتب في محافظة الحسكة، بمختلف مناطقها ومدنها، وليس أقلّها وأوّلها، إهمال كبير ملحوظ في عدم الاهتمام بإبداعاتهم وتآليفهم، عدم نشر بعضٍ ممّا يكتبون في الصحافة، ومعاملة ما يرسلونه، معاملة الدرجة الثانية، وهذا ما له دور العلاقات الشخصيّة والمحسوبيّة التي هي ميزة بيروقراطيّة متعاظمة، ومُعانَىً منها، وهي ممّا يجب التوقّف عنده وتوجيه المسؤولين عن ذلك..
الأمل يبقى كبيراً، الواقع يبقى بعيداً عنه، ابتغاءُ التكامل هو العنوان الأمثل والأنسب لمثل هذه المرحلة..!
ولابدّ من الإفصاح والجهر بصوت عالٍ، إنّ الثقافة في محافظتنا، تحاول التحليق بجناح واحد، دون الاستعانة بالأجنحة الأخرى التي يستحيل طيرانٌ أو تحليقٌ من دونها، لأنّ المهمَّش والمُقصَى، في هذه الحالة، سيبحث عن مراكز إرواء لما يُحرم منه، وكي نتجنّب استنقاعاً معيّناً، نحدّده ثقافيّاً هنا، نصرّح بأنّنا نحتاج جهود الجميع، من أبناء المحافظة، عرباً وكرداً وغيرهم من الأطياف التي تشكّل هذا الموزاييك الجماليّ الرائع، من سائر مكوّنات هذا الوطن الذي يتجمّل بنا جميعاً ونتجمّل ونتباهى بالانتماء إليه جميعاً كذلك، بداية ونهاية..
وما يُلاحَظ أنّ المؤسّسات غافلة عن دورها، أو أدوارها مناسباتيّة، يخبو حماسها بعد المناسبة مباشرة، فمثلاً، نقابة المعلّمين، باعتباري عضواً فيها، أراها مهمِلةً هذا الجانب المتراجع جدّاً في برامجها، وإذا ما كان هنالك نشاط ما، فإنّنا، في عامودا، لا نسمع به، ولا نعرف عنه شيئاً، ولربّما هذا يعود في جانب منه، إلى عدم ترميم المركز الثقافيّ في المدينة الذي لا يزال متضرّراً على حاله، ولا يزال دوره نفسه، اللادور.. ولا شكّ، يعود من نواحٍ أخرى إلى ضعف، وانعدام البرامج العمليّة التي تضع نصبها تنشيط الإبداع في كلّ المناطق، دون أن يكون محصوراً في مركز المحافظة، أو حكراً عليه، فالاحتكار والمَركزة الثقافيّة، تحدّ كثيراً من الرسالة المتوخَّاة، ولا تبلغها إلى المتلقّي الذي هو الغاية..
في الجانب المسرحيّ، يختلف الوضع عن غيره، لأنّ الجهود الشخصيّة لا تجدي هنا، كون المسرح فنّاً شرطيّاً يحتاج إلى جهود أكثر من شخص، كما يحتاج إلى موادّ لا يستقيم له من دونها عود، فإنّه يبقى تكوين فرق مسرحيّة، وضمان مقوّمات الاستمرار لها، وتأمين عرض عروضها، بل وإشراكها في مهرجانات، على الصعيدين القطريّ والدوليّ، في مصافّ الحلم.. لكن، هل يقتصر هذا الجانب على النصّ، والكاتب وحدهما، أين دور الكوادر التي يجب أن تؤهَّل..؟! أين تلبية الضروريات الأخرى..؟! كي لا يكون العامل في حقله المسرحيّ مغامراً بقُوْته، وتعبه، طيلة أشهر عدّة، والنتيجة، من هذه المجازفة التي يكون حافزها الأوّل والأخير حبّ الإبداع، لا عرض، لا دعم، لا مسرح حتّى.. وإن كان لينين قد قال سابقاً:” لا أتصوّر مجتمعاً من دون مسرح”، فإنّ مجتمعنا اليوم- للأسف- دون مسرح، وهو واقع لا تصوُّر.. فلنتصوّر معاً حالنا وواقعنا الذي نحياه دون مسرح..!
كثيرة هي الصعوبات التي تعترض الكاتب في محافظة الحسكة، بمختلف مناطقها ومدنها، وليس أقلّها وأوّلها، إهمال كبير ملحوظ في عدم الاهتمام بإبداعاتهم وتآليفهم، عدم نشر بعضٍ ممّا يكتبون في الصحافة، ومعاملة ما يرسلونه، معاملة الدرجة الثانية، وهذا ما له دور العلاقات الشخصيّة والمحسوبيّة التي هي ميزة بيروقراطيّة متعاظمة، ومُعانَىً منها، وهي ممّا يجب التوقّف عنده وتوجيه المسؤولين عن ذلك..
الأمل يبقى كبيراً، الواقع يبقى بعيداً عنه، ابتغاءُ التكامل هو العنوان الأمثل والأنسب لمثل هذه المرحلة..!
ــــــــــــــ
*ملاحظة: المقال الذي نشر مبتوراً في الملفّ الثقافي، عن الثقافة في الحسكة، الذي نشرته جريدة الثورة، وذلك لأسباب غير مبرّرة وخاصّة بالقيّمين عليها.. تحت عنوان عام:
الحياة الثقافية والفنية في الحسكة…كوادر تعاني من أزمة ثقة.. وإدارات تفتقر للأفكار الخلاقة
رابط الثورة :