بُرْهَانُ حَسْو
هَضَبَتَا يَدَيْكَ تَهْتَزَانِ
يَاأَبِي
مَتَى أَصَابَ الزِّلْزَالُ مَرْعَى قَبْلَاتِي؟
حِينَ تَيَبَّسَتْ نَدَى السَّلَامِ يَابْنِي !
وَعَيْنَاكَ
احْتَلَّتْهَا بَيَادِقُ الْعَتَمَةِ
غَدَتْ مَعَاقِلُ الظِّلَالِ
هَلْ جَفَّتْ يَنَابِيعُ الْوَدَاعِ فِي مَقْلَتَيْكَ يَاأَبِي؟
هَلْ تَعِبَتْ غَيْمَةُ الْغَيْثِ
صَبِيَّةُ الْهُطُولِ عَلَى عَتَبَةِ الْفِرَاقِ؟
تَرَمَّلَتْ نَدَى الْأَشْوَاقِ ؟
هَلْ قَتَلَ الرَّمْضَاءُ رِضَابٌ مُرْشَدَتِي فِي الِاحْدَاقِ؟
عَيْنَاكَ يَاأَبِي عَيْنَاكَ؟
لَقَدْ أَكَلْتْهُمَا الطَّرِيقَ يَابَنِي!
وَنَضَبَتِ الْمَاءُ مِنْ جَرَّتَيْهِمَا ثَعَالِبَ الِانْتِظَارِ!
أُغْدِقَتَا فِي غِيَابِ حَشْرَجَةِ الْاكْبَادِ فِي الدِّيَارِ
غَدَّتَا تُفْطِرُ عَلَى النَّارِ
وَتَلْتَهِمْ فِي خُفْيَةٍ قَبْلَ انْ تَنَامُ فُتَاتُ سُعَارٍ
آآآآآآآآهُ…..آهُ يَأاْبِي
لَيْتَ الْعُمْرَ مَسْرَحِيَّةً هَزْلِيَّةً كَالسِّيَاسَةِ
تَلْبّسُ الضَّحِيَّةُ أَسْمَالَ الْجَلَّادِ
وَيَقْتَنِي الْجَلَّادُ بَسْمَةِ الْخَرَافِ
تَلْمَعُ حَوْلَ الْمِنَصَّةِ بَرِيقٌ مِنَ الْعَاجِ
مِنْ لَثَمَةٍ قَهْقَهَةِ الضَّحْكَةِ فِي فَمِ النِّعَاجِ
وَيُسَالُ الرِّيقُ مِنْ أَفْوَاهِ الَاوْبَاشِ
حِينَ يَهْتِفُونَ
عَاشَ عَاشَ
عَاشَ عَاشَ !
أَلَا لَيْتَ الْعُمْرَ لُعْبَةً
كَحُقُوقُ الِانْسَانِ يَاأَبِي!
وَنَأَسِّسُ مِنْ اجْلِهِ آلَافُ الْمُنَظَّمَاتِ الِانْسَانِيَّةِ
نَعِينَ فِيهَا مَلَايِينَ اللُّصُوصِ
وَتكْدَحُ وَتُنَاضِلُ مُوصِلَةَ النَّهَارِ بِاللَّيْلِ
وَاللَّيْلُ بِالْعَارِ!
لَيْتَ الْعُمْرَ لُعْبَةً كَالْأَوْطَانِ يَاأَبِي
لِنَتَبَادَلْ مَعَ الِاعْدَاءِ دَوْرَ الَاخُوَةِ
يَتَمَاهَى الْعَدُوُّ حَتَّى يَغْدُوَ اخَا
وَيَسْتَعْدِي الْاخُ حَتَّى يَغْدُوَ عَدُوًّا ضَرُوسًا
وَنُخَفِّفُ عَنْ عَدُوِّنَا إِنْسَانِيَّتِهِ وَمَرْحَمَتَهُ وَنَصْبِرُهُ وَنَعْطِفُ عَلَيْهِ وَلَهُ وَمِنْهُ وَفِيهِ وَالِيهِ وَبِهِ وَعَنْهُ
لِأَنَّنَا اخْوَةُ يَاأَبِي !
نَعَمْ يَابْنِي
الْأَعْدَاءُ أوفياء جِدًّا…
هَلْ رَأَيْتَ عَدُوًّا خَانَ عَدَاوَتَهُ؟
أَوْتَنَازَلَ عَنْ عَدَاءِهِ ؟
الِاعْدَاءُ انْسَانِيُّونَ جِدًّا جِدًّا…
هَلْ رَأَيْتَ عَدُوًّا…تَخَلَّى عَنْ انْسَانِيَتِهِ انْ خِدْمَتَهُ وَآوِيْتُهُ وَآخِيَتِهُ ؟
الِاعْدَاءُ صَابِرُونَ مُؤْمِنُونَ جِلْدُونَ
هَلْ رَأَيْتُ عَدُوًّا لَجُوجًا مُجَوَّجًا فَجًّا فُجُورًا..إِنْ هَيَّأْتُ لَهُ كُلُّ أَطْيَابٍ وَأَطْيَافٍ الْبَقَاءُ وَالسَّرْمَدِيَّةُ..؟
آهَ يَاأَبِي
يَا أَبَا مَرْوَانَ
أَتَعْلَمُ مَاذَا تَعَلَّمْتَ مِنْكَ؟
حِينَ كُنَّا نُعَدِّدُ لِهَاثَ التُّرَابِ
وَنَدْعُوا الشَّمْسَ لِبَيْتِ الْخَرِيفِ
كَيْ يَتَنَفَّسَ
تَعَلَّمْتَ مِنْكَ عِشْقَ الْقَمْحِ
وَالْمَطَرُ الْآيِلُ لِلسُّقُوطِ
كَيْفَ تَغْتَالُ الطُّرُقُ حُنِينَ قَدَمَيْكِ
وَزَبِيبُ عَرْقِكَ
وَأَلْحَانُ سُعَالُكَ؟
يَاأَبِي
لَيْتَنِي طِفْلًا لِمَلَايِينِ السِّنِينَ
وَأُرَاقِبُ كُلَّ الطُّرُقِ الْمُؤَدِّيَةِ لِلْقَرْيَةِ مُنْتَظِرًا قُدُومَكَ وَفِي يَدِكَ كِيسٌ
الْكِيسُ الْوَرَقِيُّ الْبِنِّي
بِآلِحَانِهِ وَسِيمْفُونِيَّاتِهِ حِينَ أَتَنَاوِلُهُ مِنْ يَدِكِ
لَيْتَنِي طِفْلًا لِمَلَايِينِ السِّنِينَ
لِأَسِيرُ مَعَكَ
دُونَ اعْرِفْ مَاهِي الْجِهَاتِ اوْ الْحُدُودِ
وَأَحْطَمَ كُلُّ الِاتِّجَاهَاتِ
حَتَّى مَرْمَى الصَّلَاةِ
اوْ حَتَّى الَاوْطَانَ
الْمَوْتُ لِلْأَوْطَانِ
يَاأَبِي
الْمَوْتِ
لِلْحُدُودِ
هُوَ خَرِيفُ الْكَوْنِ يَاأَبِي
لَيْسَ خَرِيفَ الْعُمْرِ
اُنْظُرْ الشَّمْسَ تَخْجَلْ حِينَ تَشْرِقُ
وَلَمْ تَعُدْ تُرْضِعُ الْقَمَرَ الضَّوْءَ الْغَزِيرَ
وَالْقَمَرُ خَانٌ
الْعُشَّاقُ وَذَرَتِ الْعَتَمَةُ فِي عُيُونِ الْآلِهِ
سَأَنْتَقِمُ مِنَ الْحَيَاةِ يَاأَبِي
سَأَفْضَحُ عُرِيهَا الْمُرَقَّعَ الْمُنَمَّقَ بِكُوفِيَّةٍ
وَعَبَاءَهُ هَرَمُهُ
وَعَصَى تَدَّعِي الْحَيَاةَ إِنَّهَا عَصَى مُوسَى
لَكِنَّهُ نِفَاقٌ
فَهِيَ لَمْ تَغْدُو افْعَى
بَلِ الْحَيَاةُ افْعَى فَاضِحَةٌ لِلْعِيَانِ
وَتَدَّعِي انْ تُمْسَحَ عَلَى جَبِينِ الْمَرْضَى كَالْمَسِيحِ
لَكِنَّهُ نِفَاقٌ
فَكُلُّ مَالِدَى الْحَيَاةُ انْمَا كَسِيحٍ
يَاأَبِي
مِنْ شَرْقِهَا لِغَرْبِهَا
جَنُوبُهَا لِشَمَالِهَا
وَمَالِهَا وَمَا لَهَا
يَمْتَطِيهَا كُلُّ مَنْ كَانَ جَبَّارٌ
غْدَارُ
مِهَذَارٌ
مَاأَجْمَلُ أَسْمَالِ الْخِيَانَةِ..الَّتِي تَهْدِيهَا الْحَيَاةُ لِلْجُنَاةِ
لِلطُّغَاةِ..
مَاهَذِهِ الْحَيَاةُ الَّتِي لَاتَشَبِهُ شَىْءٌ سِوَى الْمَمَاتِ!
بِاللَّهِ عَلَيْكَ يَاأَبِي
أَشْعَلَ لِفَافَتَكَ
إِشْعَلَهَا يَاأَبِي
لْتَكُنْ آخِرَ لِفَافَةٍ عَلَى رُوحِ الْوَطَنِ
عَلَى رُوحِ الْحَيَاةِ
إِشْعْلُهَا..إِشْعَلُهَا
إِطَفْئُ الْحَرِيقِ فِيّ مِنْ رَحِمِ الْوَطَنِ حَتَّى أَثْدَاءِ الْغُرْبَةِ يَاأَبِي
4.6.2021