كارلوس فارينيا ، البرتغالي والكردي في القلب

 النقل عن الفرنسية: إبراهيم محمود
Carlos Farinha, portugais et kurde de coeur
تقديم المترجم:” ما أكثر من يعرفون الكرد في العالم، ما أكثر من يثنون عليهم، خصوصاً حديثاً، ما أقل مَن يعرفون الكرد من الكرد فيما بينهم، وفي أنفسهم، ما أقل من يكونون في مستوى الثناء المذكور، وتأكيد صفة الكردية الجامعة فيهم. وفي هذا المقال المتعلق بفنان برتغالي” نعم برتغالي ” ومن خلال لوحاته تنشّط الدم في قلب الميت، كما يقال، يلتقي البرتغالي الإنسان والفنان كارلوس فارينا” مواليد 1971 ” مع الكردي الذي يريد أن يكونه عبر لوحاته. وا…واخجلتاه! ….”
لقد لاحظت صورة تجسّد مقاتلًا يزخرف مقالات عن النوروز. وغالباً ما تكون الصور المستخدمة صغيرة ، إنما لدي انطباع بأنها لوحة … ثم أطلقها وقد وثبت هذه الشابة بسعادة على نار الربيع feu du printemps…
 
لقد فاتتني حلقة، وعلي اللحاق بالركب!
وقد قابلت كارلوس فارينيا بعد عام. متأخراً، وهو أفضل من عدم اللقاء طبعاً.
كارلوس رسّام برتغالي معاصر. حيث ولد في عام 1971 في سانتاريم. وبدأ عرْضه في عام 1991 في داس غالفاياس Das Galveias في لشبونة ” العاصمة البرتغالية. المترجم “. ومنذ عام 1998 ، عمل كمصور في مهرجان أمادورا الدولي للكوميديا. وحيث تخرج كارلوس في عام 2004 من كلية الفنون الجميلة في لشبونة ، وبمبادرة من العديد من جهات فنية عديدة. كان له مشاركات دولية ، وقال  عن أنه قدَّم عروضاً في مختلف البلدان ، لا سيما الأوربية منها.
 
ويقول الفنان أنه كثيراً ما يرسم “الأوضاع الحالية والإنسانية” ، سوى أنه لا يفشل في إبراز أسلوبه الخاص ، في الموضوعات الحالية ، وتلك الصراعات القريبة من قلبه.
 
“Lampedusa”
” لامبيدوزا، جزيرة صقلية إيطالية، نقطة عبور للمهاجرين إلى أوربا.. وربما تدل على المغامرة والصراع ومأساة الإنسان، وهي تسمية يونانية ، كما يقال، تعني الصخرة، وفي معنى آخر: الشعلة، ليُهتدى إليها . المترجم. عن الويكيبيديا “
 “شؤون اللاجئين”
 
اللاجئون: “Réfugiés”
 
الهجرة:“Migration”
وفي نطاقه الموضوعاتي ، نجد كذلك كوباني ، المقاتلين ، وحساسية قوية للشعب الكردي.
“عندما تعاني المرأة من المجازر ، تصبح ضحية للهمجية ، وتباع في أسواق العبيد ، تتشكل حقيقة أنها تأخذ مكانها في الكفاح واقعاً ضرورياً. أردت أن أرسم المقاتلات ، ممَّن يناضلن من أجل الحرية ، تناسباً مع حقوقهن ، وللتعرف عليهن بالمقابل. كما قال.
وفي مقابلة أجراها كارلوس مع وكالة DIHA في نيسان 2015، نقرأ :
كنت في كردستان في شباط. حيث شاركت في معرض تم تنظيمه في بلدية (ديار بكر) وقد عرضت أرباحه لإعادة إعمار كوباني. وكنت واحداً من الضيوف المميزين لأنني رسمت لوحة لمقاتل YPJ ” وحدات حماية المرأة ” من كوباني ، وقد نالت هذه اللوحة تقديراً كبيراً من الشعب الكردي. ورحّب بها بحرارة. إن الكرد شعب مبهِج وودود. وأنا معجب بالفخر لديهم في هويتهم وحماسهم مدى الحياة.
وكنت مطَّلعاً على الكفاح الذي يخوضه الكرد منذ سنوات. ورأيت معلومات حول كوباني ، والتي هاجمها داعش ، وباشرتُ متابعتها عن كثب. لذلك عاتيشتُ المقاومة والقتال البطولي بين YPG ” وحدات حماية الشعب ” و YPJ ضد داعش Daesh. وسجّلت هذه المقاومة في التاريخ كحرب أولى شنها أناس عاديون دفاعاً عن الحقوق والقانون.
وقدم كارلوس رسوماته بعنوان “كوباني” إلى قاعة مدينة كوباني. محدّداً: “اللوحة شيء واحد ، إنما الأهم هو إعادة بناء كوباني. “
 
كوباني:“Kobanê”
 
كوباني:“Newroz”
ففي نيسان 2015 ، رسم كارلوس لوحة Viyan Peyman ، وهي مغنية dengbêj كردية شهيرة ، بعد وقت قصير من وفاتها.
وكنا نتحدث عن dengbêj في مقال عن فيلم “كردستان كردستان” لبولنت غوندوز ، وعالم الموسيقى الاثنية إستيل آمي من بريتيك، وقد جعلنا نكتشف أرشيفه في واحدة من سجلاته الموسيقية. 
وفي اللغة الكردية ، تعني كلمة “دَنغ deng” كلمة “صوت” و “بيج” تعني كلمة “قل”. لذلك فإن dengbêj هو الشخص الذي يقول الكلمات منغَّمة ، والذي يهِب الحياة للأصوات. وتقليدياً فإن dengbêj هو الذي يعيش متنقلاً من قرية إلى أخرى وهي وسيلة ثمينة للأدب الشفوي الكردي. إنه “يسرد” الملحمة والقصص ، “kılam” (الكلام ، النثر ، قصيدة …) ويغني “الغريب” (أغنية). ويستخدم معظم الطبقات الصوتية ، وهناك عدد قليل من هذه الأصوات ترفَق بأصوات آلات موسيقية، مثل( الطبل والمزهر والناي ” erbane” daf أو “bılur” (نوع من الكوالا أو الفلوت). ويتناول dengbêj مجموعة واسعة من الموضوعات ، من البطولة إلى الظلم ، ومن جمال الربيع إلى السعادة والحب والسرور ، وإضافة إلى المعاناة.
ويوضّح كارلوس أنه قد تأثر بشدة بصوت فيان ، وأنه وجد في موسيقاها ، جرس فادو” فادو نوع موسيقي برتغالي ، مكون من أغنيات شعبية ذات طابع حزين مصحوبة بأدوات أوتار مقطوعة… المترجم. نقلاً عن الويكيبيديا “
في المرة الأولى التي سمعت فيها ، أعطاني نفس الأحاسيس القوية التي تعطيني إياها موسيقانا التقليدية. وربما لا تعرف معنى الكلمات المنطوقة ، سوى أن اللغة الموسيقية عالمية. لقد كان لديها صوت يأسرني ، ويحزنني موتها المبكر كثيراً.
 
Et voici le tableau de Carlos Farinha représentant Viyan Peyman.
وها هي لوحة كارلوس فارينيا التي تمثل فيان بيمان.
وسمحتُ لفيان بأن تسترسل …
وها هي لوحة كارلوس فارينيا التي تمثل فيان بيمان.
 
“Viyan Peyman”
” ملاحظة من المترجم، من المعلوم أن فيان بيمان كانت مغنية ومقاتلة كردية مع YPJ حيث استشهِدت أثناء قتال داعش في سوريا عام 2015.
وكانت بيمان قبل الحرب الأهلية السورية تمارس مهنة التعليم. وهي بالأصل من مدينة ماكو الكردية الإيرانية. وكان اسم ميلادها كُولستان تالي سينجانلو. وكانت مغنية شعبية ، وحيث ألَّفت موسيقاها الخاصة على الطراز الشعبي الكردي التقليدي. ونالت شهرة باسم Dengbêj ، المغنية الشعبية أو راوية القصص ، حيث تمحورت أغانيها حول المقاومة الكردية لداعش ورفاقها المقاتلين ممن اُستشهِدوا في خنادق القتال .
 وأصيبت مرتين في ساقها وبطنها ، سوى أنها باشرت القتال. وفي تصريح لها ” أنها كانت تقاتل في كوباني من أجل نساء الشرق الأوسط: “نحن نقف ونقاتل ، خاصة هنا في الشرق الأوسط حيث تعامل المرأة على أنها دونية. ونقف هنا كرمز للقوة لجميع النساء في المنطقة “. 
وتاريخ استشهادها وهي تحارب داعش في 6 نيسان 2015في بلدة سري كانيه . وقد انتهت معركة كوباني في كانون الثاني 2015 . ولعل المستمع إليها وهي تغنّي “.. Wax li minê  Wax li minê – “،دون مصاحبة الموسيقا، يستشعر عمق الأداء وحرارته وعذوبته معاً، وهو ما شعرتُ به .” 
 
وبالنسبة لكارلوس ، أصبحت كوباني رمزًا ضد الهمجية والخوف والجهل:
أعتقد ، وكأجنبي وأحد الوالدين ، أن الأرض يمكن أن تصبح مكانًا صالحًا للعيش ، وذلك بفضل احترام الاختلافات ، كما نلاحظ في كوباني. أنت ولدت ، كردياً ، مسلماً ، مسيحياً ، أو امرأة ، فإنها لا تكون سبباً لحياة العبيد ولا لعقوبة الإعدام.
وعندما سئل عن الفن ، أجاب كارلوس:
بالنسبة لي ، يجب أن يسهِم الفنان في الإنسانية بفنه. وهناك العديد من الطرق للقتال ضد القوى الظلامية والقذرة ، واحدة منها، والفن إحدى هذه الطرق، دون شك. وأحاول التحدث مع رسوماتي. وكما تعلمون ، أنا لست سياسيًا ، وإنما مجرد شخص يتحدث بمفرده. وأعلم أن تاريخ البشرية والحضارة نشأ بين دجلة والفرات ، وأعتقد أن تراث التاريخ والفن يمكن أن يخدم الإنسانية كما يحدث في كوباني .
ويستمر الفنان في إعطاء اهتمام إنساني وخلاق لما يحدث في كردستان. وقد اكتشفت هذه الصورة المرسومة مؤخرًا ، وألمح إلى سكان كردستان الشمالية ، ممَّن كانوا يحملون أعلامًا بيضاء ، إذ كانوا يحاولون الوصول إلى الجرحى وجثث المدنيين القتلى تحت نيران الجيش.
 
: Drapeau blanc العلم الابيض
*-نقلاً عن موقع www.kedistan.net، وتاريخ نشْر المقال هو 23-3/ 2016.
وقد آثرت نقله إلى العربية لأهمية محتواه بالتأكيد .
ملاحظة من المترجم: ومن باب الاستزادة، نقلت بعضاً من لوحاته من صفحته الفسيسبوكية ، وللاطلاع :
 
 

 

 

 

 

ولوحة كاريكاتيرية للفنان، أحببت نقلها، وفي العبارة مكتوب بالانكليزية:
إنها قوتي ضدك،  الجدار الزاحف، وأنا فزْتُ !
=======
 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

ألمانيا- إيسن – في حدث أدبي يثري المكتبة الكردية، صدرت حديثاً رواية “Piştî Çi? (بعد.. ماذا؟)” للكاتب الكردي عباس عباس، أحد أصحاب الأقلام في مجال الأدب الكردي منذ السبعينيات. الرواية صدرت في قامشلي وهي مكتوبة باللغة الكردية الأم، تقع في 200 صفحة من القطع المتوسط، وبطباعة أنيقة وغلاف جميل وسميك، وقدّم لها الناقد برزو محمود بمقدمة…

إبراهيم محمود

أول القول ومضة

بدءاً من هذا اليوم، من هذه اللحظة، بتاريخ ” 23 تشرين الثاني 2024 ” سيكون هناك تاريخ آخر بحدثه، والحدث هو ما يضفي على زمانه ومكانه طابعاً، اعتباراً، ولوناً من التحويل في المبنى والمعنى القيَميين والجماليين، العلميين والمعرفيين، حدث هو عبارة عن حركة تغيير في اتجاه التفكير، في رؤية المعيش اليوم والمنظور…

حاورها: إدريس سالم

ماذا يعني أن نكتب؟ ما هي الكتابة الصادقة في زمن الحرب؟ ومتى تشعر بأن الكاتب يكذب ويسرق الإنسان والوطن؟ وهل كلّنا نمتلك الجرأة والشجاعة لأن نكتب عن الحرب، ونغوص في أعماقها وسوداويتها وكافكاويتها، أن نكتب عن الألم ونواجه الرصاص، أن نكتب عن الاستبداد والقمع ومَن يقتل الأبرياء العُزّل، ويؤلّف سيناريوهات لم تكن موجودة…

إبراهيم أمين مؤمن

قصدتُ الأطلال

بثورة من كبريائي وتذللي

***

من شفير الأطلال وأعماقها

وقيعان بحارها وفوق سمائها

وجنتها ونارها

وخيرها وشرها

أتجرع كؤوس الماضي

في نسيج من خيال مستحضر

أسكر بصراخ ودموع

أهو شراب

من حميم جهنم

أم

من أنهار الجنة

***

في سكرات الأطلال

أحيا في هالة ثورية

أجسدها

أصورها

أحادثها

بين أحضاني

أمزجها في كياني

ثم أذوب في كيانها

يشعّ قلبي

كثقب أسود

التهم كل الذكريات

فإذا حان الرحيل

ينتبه

من سكرات الوهم

ف

يحرر كل الذكريات

عندها

أرحل

منفجرا

مندثرا

ف

ألملم أشلائي

لألج الأطلال بالثورة

وألج الأطلال للثورة

***

عجبا لعشقي

أفراشة

يشم…