حوار مفتوح مع العاشق للفن و الحياة عنايت عطار (6)

 غريب ملا زلال
غريب :
لماذا باريس و ليست مدناً أخرى ، ما الذي جاء بك إلى باريس ، ما المغريات فيها ، كيف وصلتها ، عدنا بنا إلى بداية الفكرة ، عد بنا و أنت مازلت تتنفس هواء البلاد ، كيف ولدت فكرة الخروج و الرحيل ، و كيف كبرت .. و كذلك دعنا نتحدث عن مسار رحلتك و مشاق الطريق ، ما الصعوبات التي عشناها ، صعوبات الطريق ، صعوبات الوصول ، صعوبات الإندماج و الإقلاع ، أحب أن تسرد ذلك بشيء من التفصيل .
عنايت :
لم أر تلك الصعوبات التي ذكرتها بقدر ماكنت أبحث عن أفق مفتوح للعالم ،لقد وصلت باريس زائراً فأحببتها ، وبقيت فيها ، وأحمل جنسيتها الآن 
اما لماذا باريس لقد قلتها في جواب سابق إنني مأخوذ بالانطباعية قبل ان أعرفهم ، و قبل أن ازور متاحفهم وكأنني أروي ظمئي الآن من نبع كنت أحلم به ، ثم إنني لم أكن يوماً سياسياً كي أطلب اللجوء إذ أريتهم و أطلعتهم على  صور لأعمالي وقلت لهم أي للمختصين بالإيواء ، إني رأيت هنا مكاناً رائعاً لأرسم ما أريد ، وقد كان قبولي وبعد سنتين تماماً حصلت على الجنسية تجاوزاً لكل المعاملات الرسمية بشكل فخري ربما على أثر الجوائز التي حصلت عليها في المعارض ، و في الملتقيات ، وقتها كان إنتاجي يشكل مفارقة لهم ، إنما اليوم لوفتحنا صفحات الفيسبوك سترى جل النساء الكرديات وكأنهن يستعرن الأثواب من لوحاتي ، يومها كانت لوحتى مغايرة وجديدة بالنسبة للمتلقي هنا ، ثم إنني تجاوزت الإنطباعية المعروفة كمدرسة بشيء من خلل النسب والأضواء والمقاييس ومرور الضوء والظلال حتى في المساحات الكتيمة كالجسد او البيئة ، ودمجت المشهد الطبيعي بالقامات كما لو كن أشجاراً ، بمعنى إنني مزجت شيئا مني ، و كما كنت أريد
فيما البقع اللونية المعروفة لدى الإنطباعيين مددتها وسوحتها وفرشتها ملغياً الحدود بين الألوان
وحتى بين الإنسان والخلفيات ، 
بين القرب والبعد
إن الأفق في لوحتي مفتوح للريح
ولأسراب الحنين ، وكأن كل لوحة لي قصيدة أرمي بها كل إحتمال .
غريب :
سمعت مرة منك أو ربما من خليل عبدالقادر، لم أعد أذكر ذلك ، سمعت حكايتك مع باقة بقدونس حين كنت تقيم في حلب ، كانت أم لوركا قد طلبت منك إحضارها لإعداد و جبة غداء ، خرجت و لم تعد ، ما إن سمعت بسفر بعض الأصدقاء إلى الحسكة ، إلى خليل عبدالقادر و أصدقاء آخرين ، حتى سافرت أنت معهم و إليهم ، و عن تلك الفترة قال أحمد عكو أشعلت و عنايت كل حطب الجزيرة ليلة نوروز ، أحب أن أسمع منك تفاصيل هذه الحكاية و حكايا أخرى عاشها عنايت .
عنايت : 
حكاية البقدونس ليست إلا طرفة من الأصدقاء قاموا بترويجها من باب المزاح .
أما عن ليلة النوروز ، لقد كنا في الطريق بين الحسكة وديريك او بين الحسكة و القامشلو لا أتذكر ذلك بالضبط ، والأهم إننا في الطريق مساء لاحظنا بيتاً إنموذجياً كالتي بنيت في حوض الفرات في المزارع الإنموذجية فتذكرت فوراً هؤلاء الذين إنغمرت قراهم وأعطوهم من ممتلكات الأكراد ، ثم أبصرت جلابيات صفراء وشماخات حمراء مبرقعة اي ذاتها التي عرفتها في – قرى الرقة – 
ورسمياً أعرف لهجتهم وكرمهم وفي العمق ، إن الذنب ليس ذنبهم هم  
فتعاظمت شهوة النار في قلبي إذ قلت لخليل قادر توقف فوراً وهو الذي كان يقود السيارة قال : لماذا ؟ قلت : سأستعير من هذا البيت بعض الأغصان الحمراء للقطن كالتي نراها أمام البيت بيدراً بعلو سطح الغرف وذلك قبل ان يفوتنا النوروز وشعلة كاوا ، فهذه ليلته العظيمة و التي أصبحت لدى أكراد العالم عيداً و إحتفالات ، ثم أردفت : ألم تغريك بيدر الحطب ذلك ؟ قال نعم وتوقف ونزلت طارقاً الباب ، فخرج رجل ورحب ,ادخلوا ادخلو ا البيت بيتكم ، أعود وأقول إن هؤلاء أبرياء ، ولا ذنب لهم مما جرى ، لا بل ربما يكون الحزام الاخضر مرسوماً منذ عبد الناصر على حسب إطلاعي ، قلت له لا أدخل إلا لبي طلبي ، قال : أولادي ( جدامك)
قلت لالالا الأمر أهون من ذلك بكثير نحن نريد عيدان القطن و أشرت إليها ، رد الرجل باسماً ، ومستغرباً ، كذلك متأملاً قلت نعم يارجل أريدها ، ثم دخل فاتحاً الطريق وهو يصيح القهوة القهوة ظناً منه إنني سأتبعه إلى الداخل ،ولكنني أشعلت النار بقداحة السجاير بالبيدر راكضاً صوب السيارة مسرعاً ، ونحن نبتعد والنار تقتحم السماء 
ناراً عوضت كل النوروزات التي كانت ممنوعة يوماً ما ، والتي تخلفت عنها لظروف معينة .
في الصباح ونحن في إحتفال النوروز أخبرني بعض الأصدقاء إن الشرطة أمس كانت مستنفرة بكل مكان ، ولكن أعود إلى القول أناس كهؤلاء وأنا أعرفهم وعاشرتهم ، فعلاً لو قصدت أحدهم ، وطلبت المستحيل فلا يتردد لومة لائم إن كان بمقدوره
وحتى هذا الفعل ليس الا من قبيل الطرف التي مازلت أحبها
وأغلبها واقعية .
وهناك طرفة الفنان سعيد ريزاني وهو فنان كردي يعيش الآن في السويد وقد كان بعاهة منذ الولادة يستخدم عربة خاصة ويوماً ما مع الخطاط عبد وفي نزله المهاجرين ونحن ندفع العربة فتركناه في تلك النزلة المنحدرة اذ صار الناس يلحقونه للإمساك به هههههه
والأخرى مع رشيد الصوفي الفنان الموسيقي المعروف حيث رتبنا له موعداً مع التلفزيون في إحدى زياراته إلى الشام لدى الخطاط عبد رحمة الله عليه كان مكانه مضافة لنا ، وليلة الموعد رتبنا له منامة في السقيفة لأننا جميعاً نعرفه كيف يهرب ههههه
قال عبد: يجب ان نذهب لشراء بدلة مرتبة ، وكنت من جديد واصلاً ، ولا أعرف حتى أن رشيد نائم كضيف هناك ، ولا احمل ضغينة لاحد في الدنيا .
يتبع


شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم أمين مؤمن

قصدتُ الأطلال

بثورة من كبريائي وتذللي

***

من شفير الأطلال وأعماقها

وقيعان بحارها وفوق سمائها

وجنتها ونارها

وخيرها وشرها

أتجرع كؤوس الماضي

في نسيج من خيال مستحضر

أسكر بصراخ ودموع

أهو شراب

من حميم جهنم

أم

من أنهار الجنة

***

في سكرات الأطلال

أحيا في هالة ثورية

أجسدها

أصورها

أحادثها

بين أحضاني

أمزجها في كياني

ثم أذوب في كيانها

يشعّ قلبي

كثقب أسود

التهم كل الذكريات

فإذا حان الرحيل

ينتبه

من سكرات الوهم

ف

يحرر كل الذكريات

عندها

أرحل

منفجرا

مندثرا

ف

ألملم أشلائي

لألج الأطلال بالثورة

وألج الأطلال للثورة

***

عجبا لعشقي

أفراشة

يشم…

قررت مبادرة كاتاك الشعرية في بنغلادش هذه السنة منح جائزة كاتاك الأدبية العالمية للشاعر الكردستاني حسين حبش وشعراء آخرين، وذلك “لمساهمته البارزة في الأدب العالمي إلى جانب عدد قليل من الشعراء المهمين للغاية في العالم”، كما ورد في حيثيات منحه الجائزة. وتم منح الشاعر هذه الجائزة في ملتقى المفكرين والكتاب العالميين من أجل السلام ٢٠٢٤…

ابراهيم البليهي

لأهمية الحس الفكاهي فإنه لم يكن غريبا أن يشترك ثلاثة من أشهر العقول في أمريكا في دراسته. أما الثلاثة فهم الفيلسوف الشهير دانيال دينيت وماثيو هيرلي ورينالد آدمز وقد صدر العمل في كتاب يحمل عنوان (في جوف النكتة) وبعنوان فرعي يقول(الفكاهة تعكس هندسة العقل) وقد صدر الكتاب عن أشهر مؤسسة علمية في أمريكا والكتاب…

عبدالرزاق عبدالرحمن

مسنة نال منها الكبر…مسكينة علمتها الزمان العبر..

بشوق وألم حملت سماعة الهاتف ترد:بني أأنت بخير؟ فداك روحي ياعمري

-أمي …اشتقت إليك…اشتقت لبيتنا وبلدي …لخبز التنور والزيتون…

ألو أمي …أمي …

لم تستطع الرد….أحست بحرارة في عينيها…رفعت رأسها حتى لا ينزل دمعها،فقد وعدت ابنها في عيد ميلاده الأخير أن لا تبكي ،وتراءى أمام عينيها سحابة بيضاء أعادتها ست سنوات…