من سجلّ مأهول بها صبابة

إبراهيم محمود
إن استيقظت ِ
فتنفّسيني لأستحم في شفق ابتسامتك المبهجة
وإن نمت
فأرجحيني ليتهادى جسمك المشعشع بين الأرض والسماء
وإن رغبت
فغيبيني في تيه زهوك الأنثوي
وإن شئت
فغوّصيني في رحابتك الجسدية
وإن أردت
فاصهريني لئلا أقوم أنا بعدها أبداً
وإن أحببت
فشظّيني يتقاسمني كامل نسيجك الحيوي
وإن تعمقت
فكبرتيني
لأستكشف سر كيمياء دمك المطعَّم بالخلود
وإن اشتهيت
فاعجنيني تتشربني خميرة تكوينك العاصفة
وإن تمنيت
فكتْشبيني في طهو روحك الصاعق للشم
وإن هندست
فجسّريني لأتوكأ فراغك بكل اقتدار ولنبهار
وإن غامرت
فطنْجريني لأعرف نوع تحمّلي لنيرانك الكامنة
وإن نويت
فتبّليني
لأستوعب تنويم ملامسك لحلاياي الراقدة
وإن شددت
فبسّطيني
لألتحف بسماء جلدك المفعم بالإيحاءات 
وإن حسبت
فأطلسيني مصغراً لأعيش كثافتك العميقة الغور
وإن حلقت
فانفثيني أؤمن لك هبوطاً سليماً
وإن تبرجت
فمرئيني لأبث فرادة جمالك في العالم أجمع
وإن قنصت ِ 
فأطلقيني في المسافات القصية لأسرارك الجاذبة
وإن عطفت
فشطحيني تنزَّل من لندك كل شهي ندي
وإن اختبرت
فاعدميني علّي أنبعث فنياً عصياً على الشيخوخة
وإن خططت
فابذريني في مداك لأثمر فواكه مجنحة في الفضاء
وإن لهوت
فلقّميني لأعرف جموح طلقتي في مدى غوايتك المجدي
وإن وازنت
فشطّريني كي أبصر برزخ روحك واسع الطيف
وإن تدللت
فدحرجيني علّي ألامس قاع جسدك البارع 
وإن ثابرت
فبخّريني لأقيم في مساماتك 
يتوزعُني داخلك وخارجك 
مناصفة
وإن اخترت
فانسبيني إليك لأعيشك ما حييتُ

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

ماهين شيخاني

كان مخيم ( برده ره ش ) يرقد بين جبلين صامتين كحارسين منسيّين: أحدهما من الشمال الشرقي، يختزن صدى الرياح الباردة، والآخر من الغرب، رمليّ جاف، كأنّه جدار يفصلنا عن الموصل، عن وطنٍ تركناه يتكسّر خلفنا… قطعةً تلو أخرى.

يقع المخيم على بُعد سبعين كيلومتراً من دهوك، وثلاثين من الموصل، غير أن المسافة الفعلية بيننا…

إدريس سالم

 

ليستِ اللغة مجرّد أداة للتواصل، اللغة عنصر أنطولوجي، ينهض بوظيفة تأسيسية في بناء الهُوية. فالهُوية، باعتبارها نسيجاً متعدّد الخيوط، لا تكتمل إلا بخيط اللغة، الذي يمنحها وحدتها الداخلية، إذ تمكّن الذات من الظهور في العالم، وتمنح الجماعة أفقاً للتاريخ والذاكرة. بهذا المعنى، تكون اللغة شرط لإمكان وجود الهُوية، فهي المسكن الذي تسكن فيه الذات…

مازن عرفة

منذ بدايات القرن الحادي والعشرين، يتسارع الزمن في حياتنا بطريقة مذهلة لا نستطيع التقاطها، ومثله تغير أنماط الحياة الاجتماعية والإنسانية، والاكتشافات المتلاحقة في العلوم والتقنيات، فيما تغدو حيواتنا أكثر فأكثر لحظات عابرة في مسيرة «الوجود»، لا ندرك فيها لا البدايات ولا النهايات، بل والوجود نفسه يبدو كل يوم أكثر إلغازاً وإبهاماً، على الرغم من…

أصدرت منشورات رامينا في لندن كتاب “كنتُ صغيرة… عندما كبرت” للكاتبة السورية الأوكرانية كاترين يحيى، وهو عمل سيريّ يتجاوز حدود الاعتراف الشخصي ليغدو شهادة إنسانية على تقاطعات الطفولة والمنفى والهوية والحروب.

تكتب المؤلفة بصدقٍ شفيف عن حياتها وهي تتنقّل بين سوريا وأوكرانيا ومصر والإمارات، مستحضرةً محطات وتجارب شكلت ملامحها النفسية والوجودية، وموثقةً لرحلة جيل عاش القلق…