د. علاء الدين جنكو
إذا كان البعض تقبل مني إلى الآن حديثي عن حب عاطفي معشش في قلب الشاب العاشق تجاه حبيبته التي وقع في شراكها ، فأعتقد أنهم سيتحملوني أن أستمر في نسج ألحان الورد لأوصلها إلى آذان المتعطشين لسماعها …
لكن الحرام العرفي الذي ينافس – وبكل قوة – الحرام الشرعي في بعض المجتمعات الإسلامية يولد رعبا من هول الجريمة العرفية ونتائجها ، ومن ثمًَّ ابتعادٌ عن كل ما يتعلق بتلك الألحان ..
إذا كان البعض تقبل مني إلى الآن حديثي عن حب عاطفي معشش في قلب الشاب العاشق تجاه حبيبته التي وقع في شراكها ، فأعتقد أنهم سيتحملوني أن أستمر في نسج ألحان الورد لأوصلها إلى آذان المتعطشين لسماعها …
لكن الحرام العرفي الذي ينافس – وبكل قوة – الحرام الشرعي في بعض المجتمعات الإسلامية يولد رعبا من هول الجريمة العرفية ونتائجها ، ومن ثمًَّ ابتعادٌ عن كل ما يتعلق بتلك الألحان ..
وإما سيتم تجاوز الألحان وما فيها من ضوابط شرعية وعرفية تهذب سلوكيات العاشقين ، ليتجرأ الشاب أو الشابة على الحرام وفعله ، ومن ثم يرد على من ينكر على تصرفه وبكل استهزاء : إن الله غفور رحيم !!
أحبها ، حرام علي النظر إليها ما دامت ليست زوجة لي ، فهل لي أن أتغزل بها وأحوِّل حبها المكنون والمخزون في قلبي إلى نبعٍ يخرج منه مشاعر الحب والعطف والعشق حتى يرتوي منه العشاق والمحبون ؟!
وإن كان لا ، فمتى سأداوي قلبا عليلا بحب لا يعلم ما بداخله إلا الله جل شانه ؟
وقبل الخوض في مسألة التغزل بالحبيبة وحكمها الشرعي ، سأقف قليلا عند تاريخ الغزل باختصار شديد ، وخاصة في الفترتين قبيل الإسلام ، وفي صدر الإسلام ؛ حتى يتسنى للشاب أن يتعامل مع المسألة بروح ندية ..
إن المطلع على الأدب الجاهلي سيرى أن الغزل قد احتل الجزء الأكبر من تراثه الأدبي ، حيث قلّما تجد قصيدة في أي غرض من الأغراض إلا وفيها اتصال بالغزل ، هذا إن لم تكن القصيدة مقتصرة عليه .
وكان الغزل في العصر الجاهلي يسير في اتجاهين متناقضين ، أولهما : الاتجاه الحسي الفاحش ، وكان يتزعمه امرئ القيس ، وثانيهما : الاتجاه الحسي العفيف ، وكان يمثله مجموعة من الشعراء منهم عنترة بن شداد.
سطع نور الإسلام على الجزيرة العربية وأنارت كل ذرة من ذرات رمالها ، وغيّر ما غير فيها ، وهذب ما هذب ..
وكان للغزل نصيبه في هذا التغير ، وتمثل موقف الإسلام : أنه جاء وهذَّب الغزل وسلك في ذلك الطريقين التاليين :
الأول : هذَّب النفوس التي يصدر عنها .
والثاني : هذَّب الصورة التي يقال فيها .
فأصبح الغزل في بداية الدعوة الإسلامية أكثر تعففاً وتعمقاً وإخلاصاً .
أعود إلى العاشق الذي يتقي ربه ويخشى ذنبه لأهمس في أذنيه وأقول : إن التغزل بالمرأة المجهولة غزلا عفيفاً ، نقياً من الفواحش المثيرة للشهوات ، خاليا من مشاهد الفساد ، طاهراً من عباراتٍ تنشر الرذيلة وتستهين بالحرام ……
إن غزلاً من هذا القبيل أعتقد أن صاحبه لا يأثم عليه ، والله أعلم …
وإذا كان في الأمر شيءٌ ما مظنةً للوقوع في الحرام ، فتركه أولى من باب سد الذرائع .
أما العاشق لحبيبته المعروفة في ذهنه ، المعينة في خواطره ، ولكنها مجهولة للناس : إن كان تغزل عشيقها بها لا يطلع عليه أحد سواه ، ولم يكن فيه ما يفحش ويجعله رذيلاً ، فأعتقد أنه لا شيء عليه ، والله أعلم ، وخاصة أن الحبيبة لا تعلم شيئاً من تغزله بها .
فإن علمت هي أو غيرها ، وكان هذا التغزل سببا في إيذائها ، فالشاب يأثم بذلك ؛ لأنه أساء إلى سمعة نفسه وغيره …
هنا أتساءل من عاشقنا الولهان : لماذا لا يُخزَن هذا الغزل الجميل والمثير والنابع من القلب المغرم المليء بالحب والعشق … لماذا لا يهدى هذا الغزل للحبيبة في ليلة زفافها ؟
نعم في ذلك اليوم …
تَغَزَّلْ بحبيبتك وزوجتك حتى يكتب لك عن كل كلمة وحرف تنطق بها في مغازلتها أجراً عند الله تعالى ، ولا مانع حينها من البوح بهذا العشق والحب .
وقد وردت في ذلك أدلة ثابتة عن سيدي رسول الله صلى الله عليه وسلم إمام المحبين :
فهذا كعب بن زهير يقف ليغرد أمام رسول الله صلى الله عليه وسلم بأجمل ألحانه الشعرية بقصيدة استهلها بغزل عفيف مفتتحاً إياها بذكر حبيبته واصفاً بعض محاسنها حينما قال :
بانتْ سـعادُ فقلبي اليومَ متبولُ متيَّمٌ إثــرُها لم يُفْـدَ مَكبولُ
وما سعادُ غُداةَ البَيْنِ إذْ رَحَلوا إلا أَغَنُّ غَضِيْضُ الطَّرفِ مَكحولُ
هَيْفَـاءُ مُقبِلةً عَجْزَاءُ مُـدبِرَةً لا يَشْـتَكِي قِصَرٌ مِنْها وَلا طُولُ
وما إن انتهى كعب من قصيدته هذه حتى خلع عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم بردته؛ فسميت قصيدته بالبردة ، إشارة منه صلى الله عليه وسلم على إعجابه بما قاله كعبٌ في قصيدته .
كما ورد أن عمر بن أبي ربيعة كان ينشد قصيدته الرائية بحضرة ابن عباس رضي الله عنه، فحفظها ابن عباس وكان يعيدها في المجالس .
كما أن الإسلام لا يمنع من البوح عن حب الحبيبة ، إذا ما كانت زوجة ، فالرسول صلى الله عليه وسلم عندما سئل عن أحب الناس إليه ؟ قال : عائشة .
مما سبق تبين أن الإسلام سمح بالتغزل بالحبيبة إن كانت المقصودة زوجة ، سواءً كان هذا الغزل شعراً أو نثراً .
أما تلك الحبيبة التي تعيش في أطياف حبيبها وخياله ، فربما ساقه التغزل بها إلى ما هو محظور شرعاً ، حينها يكون تغزُّله هذا حراماً بحكم نتائجه ؛ لأن كل ما يؤدي إلى الحرام فهو حرام .
أما درجة الغزل المسموح به للحبيب تجاه من أحبها ، فمقيَّدٌ بمدى بعده عن الوقوع في الإثم .
وإذا سألتني يا قارئ الألحان : عن أي إثم ٍ تتحدث ، وأي نوع منها تقصد ؟ أجبتك : الإثم ما حاك في نفسك ، وخشيت أن يطلع عليه الناس .
وإن كان لا ، فمتى سأداوي قلبا عليلا بحب لا يعلم ما بداخله إلا الله جل شانه ؟
وقبل الخوض في مسألة التغزل بالحبيبة وحكمها الشرعي ، سأقف قليلا عند تاريخ الغزل باختصار شديد ، وخاصة في الفترتين قبيل الإسلام ، وفي صدر الإسلام ؛ حتى يتسنى للشاب أن يتعامل مع المسألة بروح ندية ..
إن المطلع على الأدب الجاهلي سيرى أن الغزل قد احتل الجزء الأكبر من تراثه الأدبي ، حيث قلّما تجد قصيدة في أي غرض من الأغراض إلا وفيها اتصال بالغزل ، هذا إن لم تكن القصيدة مقتصرة عليه .
وكان الغزل في العصر الجاهلي يسير في اتجاهين متناقضين ، أولهما : الاتجاه الحسي الفاحش ، وكان يتزعمه امرئ القيس ، وثانيهما : الاتجاه الحسي العفيف ، وكان يمثله مجموعة من الشعراء منهم عنترة بن شداد.
سطع نور الإسلام على الجزيرة العربية وأنارت كل ذرة من ذرات رمالها ، وغيّر ما غير فيها ، وهذب ما هذب ..
وكان للغزل نصيبه في هذا التغير ، وتمثل موقف الإسلام : أنه جاء وهذَّب الغزل وسلك في ذلك الطريقين التاليين :
الأول : هذَّب النفوس التي يصدر عنها .
والثاني : هذَّب الصورة التي يقال فيها .
فأصبح الغزل في بداية الدعوة الإسلامية أكثر تعففاً وتعمقاً وإخلاصاً .
أعود إلى العاشق الذي يتقي ربه ويخشى ذنبه لأهمس في أذنيه وأقول : إن التغزل بالمرأة المجهولة غزلا عفيفاً ، نقياً من الفواحش المثيرة للشهوات ، خاليا من مشاهد الفساد ، طاهراً من عباراتٍ تنشر الرذيلة وتستهين بالحرام ……
إن غزلاً من هذا القبيل أعتقد أن صاحبه لا يأثم عليه ، والله أعلم …
وإذا كان في الأمر شيءٌ ما مظنةً للوقوع في الحرام ، فتركه أولى من باب سد الذرائع .
أما العاشق لحبيبته المعروفة في ذهنه ، المعينة في خواطره ، ولكنها مجهولة للناس : إن كان تغزل عشيقها بها لا يطلع عليه أحد سواه ، ولم يكن فيه ما يفحش ويجعله رذيلاً ، فأعتقد أنه لا شيء عليه ، والله أعلم ، وخاصة أن الحبيبة لا تعلم شيئاً من تغزله بها .
فإن علمت هي أو غيرها ، وكان هذا التغزل سببا في إيذائها ، فالشاب يأثم بذلك ؛ لأنه أساء إلى سمعة نفسه وغيره …
هنا أتساءل من عاشقنا الولهان : لماذا لا يُخزَن هذا الغزل الجميل والمثير والنابع من القلب المغرم المليء بالحب والعشق … لماذا لا يهدى هذا الغزل للحبيبة في ليلة زفافها ؟
نعم في ذلك اليوم …
تَغَزَّلْ بحبيبتك وزوجتك حتى يكتب لك عن كل كلمة وحرف تنطق بها في مغازلتها أجراً عند الله تعالى ، ولا مانع حينها من البوح بهذا العشق والحب .
وقد وردت في ذلك أدلة ثابتة عن سيدي رسول الله صلى الله عليه وسلم إمام المحبين :
فهذا كعب بن زهير يقف ليغرد أمام رسول الله صلى الله عليه وسلم بأجمل ألحانه الشعرية بقصيدة استهلها بغزل عفيف مفتتحاً إياها بذكر حبيبته واصفاً بعض محاسنها حينما قال :
بانتْ سـعادُ فقلبي اليومَ متبولُ متيَّمٌ إثــرُها لم يُفْـدَ مَكبولُ
وما سعادُ غُداةَ البَيْنِ إذْ رَحَلوا إلا أَغَنُّ غَضِيْضُ الطَّرفِ مَكحولُ
هَيْفَـاءُ مُقبِلةً عَجْزَاءُ مُـدبِرَةً لا يَشْـتَكِي قِصَرٌ مِنْها وَلا طُولُ
وما إن انتهى كعب من قصيدته هذه حتى خلع عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم بردته؛ فسميت قصيدته بالبردة ، إشارة منه صلى الله عليه وسلم على إعجابه بما قاله كعبٌ في قصيدته .
كما ورد أن عمر بن أبي ربيعة كان ينشد قصيدته الرائية بحضرة ابن عباس رضي الله عنه، فحفظها ابن عباس وكان يعيدها في المجالس .
كما أن الإسلام لا يمنع من البوح عن حب الحبيبة ، إذا ما كانت زوجة ، فالرسول صلى الله عليه وسلم عندما سئل عن أحب الناس إليه ؟ قال : عائشة .
مما سبق تبين أن الإسلام سمح بالتغزل بالحبيبة إن كانت المقصودة زوجة ، سواءً كان هذا الغزل شعراً أو نثراً .
أما تلك الحبيبة التي تعيش في أطياف حبيبها وخياله ، فربما ساقه التغزل بها إلى ما هو محظور شرعاً ، حينها يكون تغزُّله هذا حراماً بحكم نتائجه ؛ لأن كل ما يؤدي إلى الحرام فهو حرام .
أما درجة الغزل المسموح به للحبيب تجاه من أحبها ، فمقيَّدٌ بمدى بعده عن الوقوع في الإثم .
وإذا سألتني يا قارئ الألحان : عن أي إثم ٍ تتحدث ، وأي نوع منها تقصد ؟ أجبتك : الإثم ما حاك في نفسك ، وخشيت أن يطلع عليه الناس .
وبمفهوم أكثر دقة وشمولاً : هو ما نهانا وحذرنا منه الله سبحانه وتعالى ، ورسوله الأكرم صلى الله عليه وسلم .