حين استيقظت غداً صباحاً غادرك الأمس سريعاً

إبراهيم محمود

أبصرَك ِ القلب وأنت تستيقظين غداً
كان الصباح على ما يرام
ثمة هالة من الأخضر العذب والنعناع كانت تحيط به
الشمس كانت نشطة وهي تحمّم كونَها بسائلها الضوئي
لا بد أن رذاذات منها تسربت عبر مساماتك التي لا تنام
لتنعش في عميق جسدك غابة روحك التي تلبَّسها ليلٌ كاتم للصوت
أيُّ طفرة  صرتِها حين أبصر القلب عشباً يتسلق باب غرفتك
متسللاً صحبة الضوء إلى أعالي سريرك
ليعلمك بآتيك الذي صحوت على وقع موسيقاه الحنون
بدا سريرك المترع بالخيالات مهداً يؤرجحه ضوء لعوب بخبث مداعبته
بدا كأنك استسلمت لمداعبته ولو باستحياء بداية
لكن جسدك أوحى إليك بآفاق تجاوز بك مسافة بارعة
كما لو أن السرير نبَّهك إلى أن هناك مستجداً في تكوينك الفلكي
أيتها الماكرة يبدو أن أنوثتك نبّهتك إلى وعد النبع للنهر
وعد النهر لما يلي ضفتيه
كي تنبثق الشحارير من تحت إبطيك 
كي تنقر عصافير الدوري عمرَك الذي ينتظرك بفطرته
كي تنفجر الجهات ملء صدرك
كي يطلق صدرك ” طيور أبابيلها “
يرمي الساعون إلى السباحة في ظلك بحجارة رغبات جامحة
لا بد أنها تتهجأ اسمك في ثباتها وحركتها
كي تعمّم عيناك رياح أنوثتك القادمة على أشجار اللوز والتلمظ الروحي
على منعطفات تحمل من مستجدات نسويتك القادمة الكثير الكثير
كما لو أن القمر ذاب حليباً
وتلبَّن بغمسة من بصمة تتكلم حيويتك الواعدك
كما لو أن القمر تستر بنسيج ضوئه متناهي الرقة والرهافة
آخذاً إياك ليطفىء ليله في عتمة تشتعل بك
يتمسح بظلك لصق السرير
ليتمادى الماكر بدوره صاعداً بلهاثه ليغمرك ببرودة ضوئه العنكبوتي
وأنت تفرشين عباءة مباهجك المعتبرة لكائنات لا قبل لك بها
لتُشعريها أنك تحملين من كل منها شتلة حلقت بأرضها بأنفاس منتظمة منك
إنها انعطافة جسدك الذي يُصغى إليه كما يستحق  
أبصرك يا المحوّلة رحْل عمْرها إلى نهر يخضّب الهواء بنبيذ أنوثتك
أبصر أشجاراً تنتظرك على مفارق طرق طفرتك العالية
لتتمسك ككلاب وديعة بظلك الفوار 
لتنفجر غصونها ثماراً تثير شهية الحجر
أبصر سماء تبوح لك بنجومها لتزداد تألقاً
أبصر أرضاً كاملة الخصوبة ترتشف من ظلك الكثير الكثير 
أبصرك أنت وفي دمك غد يضيء بصورتك وقد حلَّقت بك بنجاح ساحق
أبصرك وأنت حللتِ في حمَى الغد
وأنت قد سلخت عن كامل جسمك حُمَى الأمس
وقد أصبحت السماء أكثر قرباً منك
في مساماتك تشتعل نجومها تيمناً باسمك الجديد
وقد أخذت الأرض جاذبية استدارتها بالتناظر مع جسمك 
في نقش جسدك المطل على فضاء رحب تتنوع تضاريسٌ تأكيداً لنقلة مغايرة
أي تفاحة  أمكنتْها أن تثير عمراً تمطره الحياة منّاً وسلوى
أي يد ستبصر أفقها في عبور غير معهود كهذا
واجهتُك الجسمية تبوصل رغبات المحيطين بك 
خلفيتك سلخت أمسها وهي تتدثر بغدِك
ها قد أخرجك الأمس من حسابه
واستقرّيت إقامةً في عهدة الغد
لتصبحي تربة مقدسة متحركة تنافسينها في ثمارها النابضة 
وتستحيلي أمومة تنتسب إليها الأرض والسماء معاً
ها أنت أذبت السماء والأرض معاً داخلك
أيتها المرأة التي اكتمل التكوين في مقامها المحمود
إنني على يقين أن برهان وجود الإله فيك ساطع
لا بد أن آدم الآن يبتسم في سرّه 
التفاحة الذكية هي الحكَم الفصْل بينكما

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

د. فاضل محمود

رنّ هاتفي، وعلى الطرف الآخر كانت فتاة. من نبرة صوتها أدركتُ أنها في مقتبل العمر. كانت تتحدث، وأنفاسها تتقطّع بين كلمةٍ وأخرى، وكان ارتباكها واضحًا.

من خلال حديثها الخجول، كان الخوف والتردّد يخترقان كلماتها، وكأن كل كلمة تختنق في حنجرتها، وكلُّ حرفٍ يكاد أن يتحطّم قبل أن يكتمل، لدرجةٍ خُيِّلَ إليَّ أنها…

سندس النجار

على مفارق السنين
التقينا ،
فازهرت المدائن
واستيقظ الخزامى
من غفوته العميقة
في دفق الشرايين ..
حين دخلنا جنائن البيلسان
ولمست اياديه يدي
غنى الحب على الافنان
باركتنا الفراشات
ورقصت العصافير
صادحة على غصون البان ..
غطتنا داليات العنب
فاحرقنا الليل بدفئ الحنين
ومن ندى الوجد
ملأنا جِرار الروح
نبيذا معتقا
ومن البرزخ
كوثرا وبريقا ..
واخيرا ..
افاقتنا مناقير حلم
ينزف دمعا ودما
كشمس الغروب …

خلات عمر

لم تكن البداية استثناءً،,, بل كانت كغيرها من حكايات القرى: رجل متعلّم، خريج شريعة، يكسو مظهره الوقار، ويلقى احترام الناس لأنه “إمام مسجد”. اختار أن يتزوّج فتاة لم تكمل الإعدادية من عمرها الدراسي، طفلة بيضاء شقراء، لا تعرف من الدنيا سوى براءة السنوات الأولى. كانت في عمر الورد حين حملت على كتفيها…

عصمت شاهين دوسكي

* يا تُرى كيف يكون وِصالُ الحبيبةِ، والحُبُّ بالتَّسَوُّلِ ؟
*الحياةِ تَطغى عليها المادّةُ لِتَحُو كُلَّ شيءٍ جميلٍ.
* الأدبُ الكُرديُّ… أدبٌ شاملٌِّ آدابِ العالمِ.

الأدبُ الكُرديُّ… أدبٌ شاملٌ مجدِّ آدابِ العالَمِ… يَتَفَوَّقُ هُنا وَهُناكَ، فَيَغدو ألمانية الشَّمسِ… تُبِعِثُ دِفئَها ونورَها إلى الصُّدورِ… الشِّعرُ خاصَّةً… هذا لا يعني أنه ليس هناك تَفَوُّقٌ في الجاوانبِ الأدبيَّةيَّةُِ الأخرى،…