وأد القصيدة

عبدالحميد جمو 

 

أرافق شياطين الشعر
أتجول في المدائن المجهولة
في متاهات الصمت
والرعب
أداعب خصلات القصائد
أصنع لها جدائل من شعر الأميرات
ألاطفها أهمس في أذنها
بجميل العبارات
أنثر من عبير ضحكتها التائهة
في الأروقة الحالكة
عبق الروائح
أقتل بها رهبة المسافات
قد يخونني التعبير في بعض  الأحيان
يخاصمني القلم
يهجرني الإلهام
يمر من أمام أبيات شعري
لا ينتظرني
ولا ينظر إلي
ولا يطرق  باب بنات الأفكار
يتجاوزني مهمشاً
أرقبه في ذهول أتتبعه بين الأزقة
  كيتيم يركض
 خلف ظلٍ يظنه أباه
كأعمى
ألاحقه لحانات الإفك
أشرب من نخبه الزيف حد الثمالة
أتسكع أعربد معه
أنشد له علناً
تراتيل العشق
و بعض التمتمات في سري
  لكني لا أدون تلك اللحظات
   تخذلني أحيانا المغريات
أضعف  أقترب من الاستسلام
و السقوط في هاوية القذارة
  وقبل أن أدنس قدسية الإله
أصحو من النشوة
أستفرغ كل ما احتسيته
و أكسر القلم
فقصائدي الحبلى تخجل من الولادة
على أسرة  العهر
في ممالك تحكمها الغربان
  ممالك
تربط فيها الألسن
  تهجرها الكلمات
خشية الاغتيال قبل الولادة
ترتعد الآراء
  تُلجم خشية الاعتقال
و الاغتصاب على أيدي الزناة
  تهرب
خوفا من أن تقطع أوصالها
حروفاً  يلاحقها العار
تشوه الوقائع
وتكتب فيها ملاحم مجد
لأوباش لا يعرفون إلا سوء القول
و أشنع الأفعال
تندي الجبين
تصورها
على أنها بطولات و انتصار
ممالك
سجونها أكثر من الآراء
كل معتقلاتها معدة  لقتل الجمال
لتخفي البياض خلف قضبان  السواد
في غرف مظلمة
تحيك الدسائس وتحبك الفتن
تتآمر مع الشياطين
لتسلب عذرية الأفكار
حتى تشبع الغرائز
ثم ترميها
 على مفارق الطرقات

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إدريس سالم

 

ليستِ اللغة مجرّد أداة للتواصل، اللغة عنصر أنطولوجي، ينهض بوظيفة تأسيسية في بناء الهُوية. فالهُوية، باعتبارها نسيجاً متعدّد الخيوط، لا تكتمل إلا بخيط اللغة، الذي يمنحها وحدتها الداخلية، إذ تمكّن الذات من الظهور في العالم، وتمنح الجماعة أفقاً للتاريخ والذاكرة. بهذا المعنى، تكون اللغة شرط لإمكان وجود الهُوية، فهي المسكن الذي تسكن فيه الذات…

مازن عرفة

منذ بدايات القرن الحادي والعشرين، يتسارع الزمن في حياتنا بطريقة مذهلة لا نستطيع التقاطها، ومثله تغير أنماط الحياة الاجتماعية والإنسانية، والاكتشافات المتلاحقة في العلوم والتقنيات، فيما تغدو حيواتنا أكثر فأكثر لحظات عابرة في مسيرة «الوجود»، لا ندرك فيها لا البدايات ولا النهايات، بل والوجود نفسه يبدو كل يوم أكثر إلغازاً وإبهاماً، على الرغم من…

أصدرت منشورات رامينا في لندن كتاب “كنتُ صغيرة… عندما كبرت” للكاتبة السورية الأوكرانية كاترين يحيى، وهو عمل سيريّ يتجاوز حدود الاعتراف الشخصي ليغدو شهادة إنسانية على تقاطعات الطفولة والمنفى والهوية والحروب.

تكتب المؤلفة بصدقٍ شفيف عن حياتها وهي تتنقّل بين سوريا وأوكرانيا ومصر والإمارات، مستحضرةً محطات وتجارب شكلت ملامحها النفسية والوجودية، وموثقةً لرحلة جيل عاش القلق…

غريب ملا زلال

رسم ستار علي ( 1957_2023 ) لوحة كوباني في ديار بكر /آمد عام 2015 ضمن مهرجان فني تشكيلي كردي كبير شارك فيه أكثر من مائتين فنانة و فنان ، و كان ستار علي من بينهم ، و كتبت هذه المادة حينها ، أنشرها الآن و نحن ندخل الذكرى الثانية على رحيله .

أهي حماسة…