دهام حسن
تؤطر الفترة العمرية عند الشباب عادة، من السن الخامسة عشرة إلى السن الخامسة والعشرين، وهذا الإطار لا يغلق، أولا يحتم التقيد بهذا التحديد للفترة، بل قد تزيد أو تنقص بقليل، بل أن هذا التأطير كثيرا ما يختلف عليه الكتاب والباحثون؛ فمنهم من يحصر الفترة، بداية من السن الثالثة عشرة، أو الرابعة عشرة، إلى السن الثامنة عشرة، أو الواحدة والعشرين، وتطلق عليها تسمية، مرحلة المراهقة، ومن الدارسين من يتجاوز الخامسة والعشرين إلى السابعة والعشرين، وربما غير ذلك.. هذا التحديد يختلف من مجتمع إلى آخر، ومن ثقافة لأخرى، ومن بيئة إلى ثانية…
يعد الشباب في عالمنا العربي خيرعدة لطرق باب المستقبل، فهو متمرد بطبعه، على كثير من القيم الظلامية، وعلى أكتافه يؤسس الأمل، ويبنى المستقبل، فقد كان دوره بارزا، في الثورة ضد الانقياد، والتبعية للأجنبي، وتجلى موقفه أيضا بالوقوف في وجه عسف وجور الحكام الظالمين في بلاده، وضحى كثيرا، في سبيل ذلك.. وجلّ الشباب اليوم يدركون أنهم لم يجنوا شيئا من تضحياتهم، في الخلاص من المحتل، فلا الاقتصاد شهد تنمية تذكر، ولا الشباب تحسس بالتالي عن تحسن في مستوى معيشته ولا الشعب المضحي أبصر الحريات، وكأن الغريب الذي حكمهم بالأمس، كان أرحم من القريب الذي يحكمهم اليوم؛ إن شبابنا اليوم كثيرا ما يعاني حالة الصراع الداخلي، حالة التناقض، يعيش أزمة حقيقية، بسبب الحالة الاجتماعية التي يحياها، يؤرقه المستقبل، فأي مستقبل تخبئه له الأيام المقبلة.. فعندما لا يحتضن المجتمع والدولة هؤلاء بالحدب والرعاية والاهتمام اللازم، بل ربما سارعت الدولة بذم هؤلاء بشتى النعوت، يخلق هذا الوجع كارثة تصادر مستقبلهم، وتهدر طاقاتهم، وتحد من طموحهم؛ لكن علينا أن نتنبه على ما نلحظه من سلوك اجتماعي خاطئ ربما من الشباب، فبالتالي ينبغي ألا ينسحب حكمنا على جيل الشباب، فنحمله كثير من الخطايا، جراء صراعه مع النظم القائمة؛ فلهم مبرراتهم، ولهم قضيتهم التي يحاربون من أجلها؛ وكل هذا العراك لا يمكن عزله عن الواقع السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي الذي يعيشه هذا الجيل..
بعض من الشباب العربي تنازعه ثقافتان؛ الثقافة العربية الإسلامية، وما فيها من علاقات اجتماعية تقليدية قديمة، وتقاليد صارمة؛ ثم الثقافة الغربية، التي قد يفتتن بسحرها المرء، فيميل إليها، ضاجا بواقعه الراهن، وربما كان هناك موقف وسطي بين بين، أي بين الثقافة العربية والإسلامية من جهة، وبين الثقافة الأوربية، بل الغربية على العموم من جهة أخرى ؛ والشباب العربي ليس بغافل عن التحولات الخطيرة، الحاصلة على صعيد العالم، لا سيما بعد التقدم الهائل الذي أحرزه العلم في مجال التكنولوجيا، والاتصالات، ليهدم تلك الحواجز التي فصلت بين دول العالم طويلا، ويسّر له بالتالي الإطلاع على التمايز والفروق، بين الشباب العربي وشباب الغرب، فصدم هؤلاء بالتمايز الهائل وأضحى نهب النوازع المتصارعة، بين مختلف الأيديولوجيات، ومفاهيم الحرية، ومبادئ الديمقراطية، وبين الهوس الديني والإلحاد، حتى وصل الأمر بالمتزمت دينيا إلى الانتحار، أو فلنقل الانتقام، ولكن ممن.!؟ ربما بإيحاء، مما سلّم بها من بديهيات، تلقفها ذهنه من أدبيات دينية أو استوحاها من شيخ دين، هذا من جانب، ومن جانب آخر، يلمس الشباب البون شاسعا، بين ما تلقنّه على المقاعد الدراسية، أو من الثقافة الدينية، فيساوره اليوم هاجس الشك، ويغدو نهب القلق والانقسام؛ هكذا تمضي به طرق الحياة، فها هي كثير من المسلمات والقيم التي رضخ لها، عن وعي وقناعة، أو من دونهما، تهتز أمامه، ويغيم مستقبله ثانية، كل شيء يصبح عنده باطلا، فتتسطح العلاقة بينه وبين المجتمع، وتنفصم الروابط بينه وبين السلطة، يأخذه اليأس، فيحمل المجتمع والدولة ما آلت إليه حالته إلى هذا الدرك من التردي؛ حتى على صعيد السياسة والتنظيم، يشعر أنه ضلّّل، بتلك الشعارات الطنانة، (القومية، والاشتراكية)…
إن كثيرا من الدول التي أفلحت في التحديث النسبي، اندارت إلى الاستهلاك والاستمتاع، ولم تتصد لمسؤولياتها التاريخية من نهضة وتنمية، بل ظلت على شاكلة أخواتها العربيات، في القهر والقمع والتسلط… إذا كان هؤلاء السلطويون قد أفلحوا في القضاء على الإقطاع، لكن.! كان هؤلاء الخلف، ليس أقل استبدادا واستغلالا وطفيلية من السلف، فقد ازداد بعضهم ثراء، وهذا الثراء كان وقفا على حفنة ضئيلة، فاتسعت بالتالي الهوة، بين من يملكون ولا يعملون، وبين من يعملون ولا يملكون….
جيل الشباب تؤرقه اليوم، الإحباطات القومية، التي طنطن بها بعض القوميين لفترة ليست بقصيرة، إلى جانب الإخفاقات في التنمية البشرية والاقتصادية، فضلا عن الشكوى الدائمة من نير السلطة المستبدة، وأيضا أعباء الهجرة الاضطرارية، من البادية والريف إلى المدينة، لتسكن غالبيتهم في أطراف المدن، حيث تسمى بــ (حزام الفقر) وهم يتأبطون ثقافتهم البدائية، هيهات لها أن تتحرر من الخرافة والتهويمات… حالة متعثرة، فلا استقرار سياسي، بل ربما دفعهم اليأس، إلى حالات من التطرف، وإلى إضعاف في القيم، يرى نفسه مرميا على قارعة الحياة دون مدّ أو عون، لا من المجتمع ولا من السلطة، حتى في وطنه مسقط رأسه، يعيش حالة الاغتراب، يرى نفسه دون قيمة أو فاعلية، حالة من الإحباط، وعدم الاستقرار، تدفع به غالبا إلى اللامبالاة، إذا ما تجاوزنا حالة اليأس المستبدة به دائما…
كثير من هؤلاء الشباب، يقبلون على سائر التنظيمات السياسية والاجتماعية بتلقائية، من دون رغبة منهم، وكأنما هم مضطرون إليها، وبتوزعهم على مختلف النشاطات، فإنهم يتشابكون في تعارض، فتتشتت جهودهم بالتالي في صراع تضيع في ثناياه أهدافهم ، صراع ربما كانوا هم بغنى عنه، لو أدركوا طبيعة المرحلة ومتطلباتها، فالأولى بهم أن يتلاقوا، ليشكلوا بالتالي قوة ضغط باتجاه تحقيق أهدافهم، والتي لا تخرج عن إطار المطالب المشروعة لغالبية الناس، وهذا عائد ربما لضعف في الوعي، ليعلموا في آخر المطاف أنهم أسير شبكات متصارعة يرسمها لهم الكبار، أصحاب مصالح ومطامع ورؤى بعيدة ،لا تخطر ببال هؤلاء الفتية…! أو ربما دفعتهم حاجاتهم للانخراط في هكذا تنظيمات مضطرين..
هناك فئة من الشباب المدرك، يظهر دوما العداء للسلطة القائمة، إدراكا منه، أن النظام غير كفء بمعالجة مشاكلهم، فهم أي القائمون على السلطة بالآخر، ليسوا سوى حفنة تدفعهم مصالحهم، دون أن تكون لديهم رؤية مستقبلية، في مناولة كثير من المسائل والقضايا التي تعني جيل الشباب…
بعض من الشباب العربي تنازعه ثقافتان؛ الثقافة العربية الإسلامية، وما فيها من علاقات اجتماعية تقليدية قديمة، وتقاليد صارمة؛ ثم الثقافة الغربية، التي قد يفتتن بسحرها المرء، فيميل إليها، ضاجا بواقعه الراهن، وربما كان هناك موقف وسطي بين بين، أي بين الثقافة العربية والإسلامية من جهة، وبين الثقافة الأوربية، بل الغربية على العموم من جهة أخرى ؛ والشباب العربي ليس بغافل عن التحولات الخطيرة، الحاصلة على صعيد العالم، لا سيما بعد التقدم الهائل الذي أحرزه العلم في مجال التكنولوجيا، والاتصالات، ليهدم تلك الحواجز التي فصلت بين دول العالم طويلا، ويسّر له بالتالي الإطلاع على التمايز والفروق، بين الشباب العربي وشباب الغرب، فصدم هؤلاء بالتمايز الهائل وأضحى نهب النوازع المتصارعة، بين مختلف الأيديولوجيات، ومفاهيم الحرية، ومبادئ الديمقراطية، وبين الهوس الديني والإلحاد، حتى وصل الأمر بالمتزمت دينيا إلى الانتحار، أو فلنقل الانتقام، ولكن ممن.!؟ ربما بإيحاء، مما سلّم بها من بديهيات، تلقفها ذهنه من أدبيات دينية أو استوحاها من شيخ دين، هذا من جانب، ومن جانب آخر، يلمس الشباب البون شاسعا، بين ما تلقنّه على المقاعد الدراسية، أو من الثقافة الدينية، فيساوره اليوم هاجس الشك، ويغدو نهب القلق والانقسام؛ هكذا تمضي به طرق الحياة، فها هي كثير من المسلمات والقيم التي رضخ لها، عن وعي وقناعة، أو من دونهما، تهتز أمامه، ويغيم مستقبله ثانية، كل شيء يصبح عنده باطلا، فتتسطح العلاقة بينه وبين المجتمع، وتنفصم الروابط بينه وبين السلطة، يأخذه اليأس، فيحمل المجتمع والدولة ما آلت إليه حالته إلى هذا الدرك من التردي؛ حتى على صعيد السياسة والتنظيم، يشعر أنه ضلّّل، بتلك الشعارات الطنانة، (القومية، والاشتراكية)…
إن كثيرا من الدول التي أفلحت في التحديث النسبي، اندارت إلى الاستهلاك والاستمتاع، ولم تتصد لمسؤولياتها التاريخية من نهضة وتنمية، بل ظلت على شاكلة أخواتها العربيات، في القهر والقمع والتسلط… إذا كان هؤلاء السلطويون قد أفلحوا في القضاء على الإقطاع، لكن.! كان هؤلاء الخلف، ليس أقل استبدادا واستغلالا وطفيلية من السلف، فقد ازداد بعضهم ثراء، وهذا الثراء كان وقفا على حفنة ضئيلة، فاتسعت بالتالي الهوة، بين من يملكون ولا يعملون، وبين من يعملون ولا يملكون….
جيل الشباب تؤرقه اليوم، الإحباطات القومية، التي طنطن بها بعض القوميين لفترة ليست بقصيرة، إلى جانب الإخفاقات في التنمية البشرية والاقتصادية، فضلا عن الشكوى الدائمة من نير السلطة المستبدة، وأيضا أعباء الهجرة الاضطرارية، من البادية والريف إلى المدينة، لتسكن غالبيتهم في أطراف المدن، حيث تسمى بــ (حزام الفقر) وهم يتأبطون ثقافتهم البدائية، هيهات لها أن تتحرر من الخرافة والتهويمات… حالة متعثرة، فلا استقرار سياسي، بل ربما دفعهم اليأس، إلى حالات من التطرف، وإلى إضعاف في القيم، يرى نفسه مرميا على قارعة الحياة دون مدّ أو عون، لا من المجتمع ولا من السلطة، حتى في وطنه مسقط رأسه، يعيش حالة الاغتراب، يرى نفسه دون قيمة أو فاعلية، حالة من الإحباط، وعدم الاستقرار، تدفع به غالبا إلى اللامبالاة، إذا ما تجاوزنا حالة اليأس المستبدة به دائما…
كثير من هؤلاء الشباب، يقبلون على سائر التنظيمات السياسية والاجتماعية بتلقائية، من دون رغبة منهم، وكأنما هم مضطرون إليها، وبتوزعهم على مختلف النشاطات، فإنهم يتشابكون في تعارض، فتتشتت جهودهم بالتالي في صراع تضيع في ثناياه أهدافهم ، صراع ربما كانوا هم بغنى عنه، لو أدركوا طبيعة المرحلة ومتطلباتها، فالأولى بهم أن يتلاقوا، ليشكلوا بالتالي قوة ضغط باتجاه تحقيق أهدافهم، والتي لا تخرج عن إطار المطالب المشروعة لغالبية الناس، وهذا عائد ربما لضعف في الوعي، ليعلموا في آخر المطاف أنهم أسير شبكات متصارعة يرسمها لهم الكبار، أصحاب مصالح ومطامع ورؤى بعيدة ،لا تخطر ببال هؤلاء الفتية…! أو ربما دفعتهم حاجاتهم للانخراط في هكذا تنظيمات مضطرين..
هناك فئة من الشباب المدرك، يظهر دوما العداء للسلطة القائمة، إدراكا منه، أن النظام غير كفء بمعالجة مشاكلهم، فهم أي القائمون على السلطة بالآخر، ليسوا سوى حفنة تدفعهم مصالحهم، دون أن تكون لديهم رؤية مستقبلية، في مناولة كثير من المسائل والقضايا التي تعني جيل الشباب…
مع كل هذا فعلى جيل الشباب أن يدرك كما يقول زكي نجيب محمود : (إننا على طريق الصعود، نسترد ما كنا فقدناه، وإن ذلك يتم على أيدي هؤلاء الشباب أنفسهم بإذن الله،) إن هذه الأزمة ليست قدرا على جيل الشباب العربي، فهناك أمم متقدمة تفكر بتطوير أفقها المريح نسبيا، لا بوجود أزمة وإنما انطلاقا نحو آفاقا أرحب، وأكثر وفرا وسعادة.. هؤلاء يبحثون عن بديل أفضل، وعلينا أن ندرك، ويدرك الشباب، أن النجاح وتحقيق الطموح لا يتم بهذه العجلة، بل إن الأمر يتطلب مجاهدة ووعيا وعزما، وابتكار أساليب جديدة، واستكشاف سبل للتحرك باتجاه المستقبل، المهم أن نبدأ بالتغييرات ولو بتباطؤ ولكن على خطا راسخة ومدروسة، فمشوار ألف ميل يبدأ بخطوة، كما يقال…
إن الواقع يقتضي حركة تنويرية، تنير الأذهان، وتصقل التجربة، بحيث تتحقق في ظلها تنمية، وتطوير اجتماعي واقتصادي، وهنا ربما يقول قائل كيف تكون بدايات العمل؟ وحتى لا نقع في المثالية، أو المادية الفجة، فكل العناصر من اقتصاد وتنمية وثقافة وسياسة, تتفاعل ولكل عنصر دوره الفاعل، ولا بد أن يكون له مردود، باتجاه التطوير والتحديث؛ إن الدولة أية دولة كانت، عندما تكون عاجزة عن ملاقاة تطلعات الشباب، وغير قادرة على معالجتها، مثل هذه السلطة مصابة بالجمود ، وعدم القدرة على تماشي التطور ومتطلبات المرحلة، فهي إذن مهددة بالانهيار، أو الإزاحة، فلا بد من تغيير هكذا نظام، إذا كان القائمون عليه عاجزين على التغيير، أو حتى تغيير أنفسهم، تماشيا مع ركب المرحلة، دون أن نتهكم بالواقع الذي قد يكون قاسيا في حكمه ؛ وربما ثار وانتقم، فيما لو تجاهلنا ما هو المطلوب منا فعله، إذا ما أردنا خير السبيلين.! أي الإصلاح والتحديث، أو التغيير..