عاشقـة الكـرد؟

  ألند إسماعيل
Alend80@gmail.com

قامشلو مدينة كردية تاريخيا والحب الأول والأخير للأكراد وهي عاصمة وطنهم الجريح وترخص الدماء من اجلها، وكانت نشأتها سنة 1925م، وقامشلو لفظة تركية (قاميش) تعني (الأرض كثيرة القصب ) وموقعها في الشمال الشرقي من سوريا على الخط الحدودي مع تركيا والعراق وتفصل بينها وبين الاجزاء الاخرى من كردستان أسلاك شائكة من صنع سايكس – بيكو، يحدها جنوبا الحسكة (85كم) وشرقا تربة سبي (30كم) ذات الجمال الخلاب بربيعها المزدهر بشقائق النعمان وزقزقة البلابل وكذلك رميلان الغنية بآبارها النفطية وعين ديوار التي يمر من أعماقها نهر دجلة ومن الغرب مدينة الأجداد والإباء والماسي عامودا (30كم) ومن الشمال التوأم الثاني نصيبين التركية تربطهم قرابة منذ آلاف السنين وتجدهم جنبا إلى جنب في الأفراح والأحزان
وتقع بقربها مدن تاريخية مهمة مثل (تل موزان و تل ليلان) وكذلك مواقع أثرية (تل عربيد – تل ببدر) وفيها مطار دولي (مدني) وزراعي ومعبر حدودي، قام مهندس فرنسي آنذاك بتخطيطها فنظم شوارعها بحيث تكون متعامدة ومستقيمة من مدخل المدينة حتى مخرجها لذلك لقبت ب(باريس الصغرى) ويتميز قاطنيها بحسن المعاملة والمصداقية وخاصة للغريب والضيف، ولا يرضون بإهانة المظلوم والفقير وكذلك الشبان يهتمون بالثقافة منذ مطلع العمر لذلك تجدهم يحتلون المراتب العليا في الجامعات السورية ويمتازون بتفوقهم في كافة المجالات ولكن المشكلة في توفير فرص العمل وفتح باب التشغيل، وتعتمد أغلبية سكان هذه المدينة الجميلة على الزراعة والثروة الحيوانية لذلك فهي تعتبر سوقا مهما لتجارة الحبوب والقطن والماشية والبعض الأخر يعتمدون على القدرة العضلية لكي يعيشون وهؤلاء كان لديهم أراضي وقرى ولكن فاجعة الحزام العربي عام 1973م الذي تم بموجبه سلب أراضي وقرى كردية منهم ومنحها للمغمورين الذين جاء بهم من الرقة وريف حلب لتغيير جغرافية المنطقة وكذلك تم تعريب أسماء القرى الكردية واليوم تجد هؤلاء المغتصبين في شوارع المدينة بائعا لليانصيب والخضرة، وهذه الأراضي تمتاز بخصوبة تربتها ووفرة محاصيلها، وتعتبر السياسة في مدينة ألباز (قامشلو) الشغل الشاغل للأكراد أصحاب الحقوق الضائعة والمنسية، لذلك نجد الكردي منذ صغره يتعلم السياسة ويتعرف على قضيته على أكمل وجه والتضحية من اجل إيجاد أحسن السبل للنضال لمطالبة بإزالة غبار الزنزانات عن جسده والدفاع عن حقوقه بالطرق السلمية والديمقراطية، وكان العملاق السياسي (اوصمان صبري) قد نادى بتحرير شعبه من كهف الظلمات وإعادة الشمس والنور إلى ربوعه منذ طفولته ومن خلف القطبان الحديدية في شيخوخته، وجكرخوين الذي علمته أوجاعه وألام الظروف الصعبة التي كان يمر بها شعبه إن يصبح شاعرا ويدون هذه الأوجاع على صفحات من الورق ليعرفوا من يكونوا أصحاب الجبال وصلابة الحجر ورقة البشر، وحتى محمد شيخو لم يعرف الهدوء والسكون فبصوته العذب طالب بحرية الشعوب المظلومة وتحرير أبناء أمته من مستنقعات الظلم لعودة البسمة على شفاه الأمهات وجعل سيلان الدموع من عيونهن خط احمر، وكان قامشلو يمتلك ناديا رياضيا معروف بعناده على أرضه وبين جمهوره وكان مركزه بين أقوى الفرق السورية وقدم أحسن لاعبين على مستوى القطر كالمرحوم هيثم كجو وجومرد موسى و سامر سعيد وقذافي عصمت…الخ ولكن بعد انتفاضة 2004م أصبحت الرياضة فيها خطر على امن الدولة وذلك بقرار سياسي يمنع منعا باتا إن يلعب على أرضه فقد تحققت غايتهم التي كانوا يحلمون بها طويلا في نزوله إلى مصافي أندية الدرجة الثانية وتحويل ملعب السابع من نيسان إلى ثكنة عسكرية ممنوعة الاقتراب، وفي وقتنا الحالي تشهد قامشلو مرحلة متطورة من حيث البناء لكثرة التعهدات فيها لتحويل البيوت الطينية التي يصعب على مالكيها بناء غرفة من الاسمنت لسوء وضعهم المعيشي والديون المترتبة عليهم إلى شقق سكنية لتحسين بيته وللاستفادة من بعض النقود في إيجاد عمل تؤمن لقمة العيش لإفراد أسرته دون اللجوء إلى الديون والسلف، نركع للسماء كي تحمي قامشلو من غدرات الزمان ومن العواصف الرعدية الجنونية التي تحطم كل شي يقف صامدا في وجهها. 

ملاحظة:   ليس هذا كل شيء عن مدينة لانا ( قامشلو) فهناك الكثير لم أتطرق إليها.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

ابراهيم البليهي

لأهمية الحس الفكاهي فإنه لم يكن غريبا أن يشترك ثلاثة من أشهر العقول في أمريكا في دراسته. أما الثلاثة فهم الفيلسوف الشهير دانيال دينيت وماثيو هيرلي ورينالد آدمز وقد صدر العمل في كتاب يحمل عنوان (في جوف النكتة) وبعنوان فرعي يقول(الفكاهة تعكس هندسة العقل) وقد صدر الكتاب عن أشهر مؤسسة علمية في أمريكا والكتاب…

عبدالرزاق عبدالرحمن

مسنة نال منها الكبر…مسكينة علمتها الزمان العبر..

بشوق وألم حملت سماعة الهاتف ترد:بني أأنت بخير؟ فداك روحي ياعمري

-أمي …اشتقت إليك…اشتقت لبيتنا وبلدي …لخبز التنور والزيتون…

ألو أمي …أمي …

لم تستطع الرد….أحست بحرارة في عينيها…رفعت رأسها حتى لا ينزل دمعها،فقد وعدت ابنها في عيد ميلاده الأخير أن لا تبكي ،وتراءى أمام عينيها سحابة بيضاء أعادتها ست سنوات…

فراس حج محمد| فلسطين

في قراءتي لكتاب صبحي حديدي “مستقرّ محمود درويش- الملحمة الغنائية وإلحاح التاريخ” ثمة ما يشدّ القارئ إلى لغة الكتاب النقدية المنحازة بالكلية إلى منجز ومستقرّ الراحل، الموصف في تلك اللغة بأنه “الشاعر النبيّ” و”الفنان الكبير” “بحسه الإنساني الاشتمالي”، و”الشاعر المعلم الماهر الكبير” “بعد أن استكمل الكثير من أسباب شعرية كونية رفيعة”. و”المنتمي…

جان بابير

 

الفنان جانيار، هو موسيقي ومغني كُردي، جمع بين موهبتين إبداعيتين منذ طفولته، حيث كان شغفه بالموسيقى يتعايش مع حبّه للفن التشكيلي. بدأ حياته الفنية في مجال الرسم والنحت، حيث تخرج من قسم الرسم والنحت، إلا أن جذوره الموسيقية بقيت حاضرة بقوة في وجدانه. هذا الانجذاب نحو الموسيقا قاده في النهاية إلى طريق مختلف، إذ…