المرأة ودورها في اقتصاد المجتمع

سلوى حسن

المرأة هي الأم وهي الأخت وهي الزوجة وهي الابنة ولها دور كبير في دفع المجتمع نحو التطور والعطاء وخلق جيل قوي معطاء. فهي إن كانت صالحة صلح المجتمع وتهميش دور المرأة يسيء لها وللمجتمع ككل. فهناك مثل يقول وراء كل رجل عظيم امرأة وأنا أقول وراء كل امرأة عظيمة رجل. لماذا ؟

لأن المرأة الغير مثقفة والأمية والتي لا تملك اقتصاد مستقل فهي لا تستطيع أن تكون ايجابية وتبني جيل تربى على القيم والأخلاق. جيل معطاء يجد سعادته في العمل. أما المرأة المثقفة والمرتاحة تربي جيلاً مبدعاً خلاقاً ومعطاء ولا يكون ذلك في أكثر الأحيان إلا إذا وقف الرجل لمساندة المرأة.
لأن أكثر النساء الأميات والغير مثقفات يكون السبب أب أو أخ وأحياناً الظروف المادية وكذلك أكثر النساء الدارسات والحاصلات على شهادات جامعية يكن بمساعدة أب أو أخ وأحياناً أم منتجة.
قد يكون سبب تهميش المرأة ودورها ودورها العادات أو التقاليد أو الظروف الاقتصادية فالمرأة مخلوق جبار وقادر على العطاء إذا كانت قادرة على الحب وسوية ومثقفة ولها اقتصاد مستقل. فالبعض يفكر بأن المرأة خلقت لخدمة الرجل والأولاد والالتزام بالبيت والأعمال المنزلية وهذا خطأ كبير لأن المرأة التي تكون للخدمة فقط ويعاملها الرجل معاملة قاسية فهي تملك نفسية عبد لا قوة لها ولا إرادة وهي غير سليمة لأن تكون أم توجه أولادها نحو التطور والتحرر والإنسانية بل تكرس مفاهيم الأنوثة الخاطئة للمرأة وهي التي تجبر إلى فقدان شخصيتها والطاعة للرجل والمجتمع حتى إذا لم تكن مقتنعة. ومثل هذه المرأة إن كانت تعي حقوقها وتكبت مجبرة فهي تعاني من الظلم وتكبت إنسانية مريضة.
والمريض بحاجة للمساعدة وليس بإمكانه المساعدة. لا أقول المرأة مريضة وكذلك لا أقول الرجل مريض ولكن علاقتهما ببعض علاقة غير سوية ومبنية على السيطرة والاستغلال لذلك نادراً ما نجد أزواج سعداء وزوجات سعيدات لأننا لا نؤمن بالمرأة كمخلوق مساوي للرجل رغم تسلم النساء مناصب تؤهلها للمسؤولية فالمرأة المستقلة اقتصادياً تساهم في اقتصاد المجتمع وتساند الرجل في بناء جيل مبدع معطاء وقد تكون هي التي تساند الأسرة اقتصادياً ليكون الأبناء دارسين ومثقفين وهي تكون سوية لأنها لا تعاني من الرجل أما المرأة المضطهدة والمظلومة من الرجل لا تحمل في داخلها إما الحقد وإما التمرد.
فالمرأة الحقودة لا تستغل وقتها للعمل بل لخلق المشاكل لها وللآخرين فالنميمة مثلاً لا نجدها عند المرأة في الدول الراقية. فالوقت الذي تستهله في النميمة تستغله لعمل مفيد لها أو للمجتمع كالرياضة أو المطالعة أو القيام بحرفة أو هواية وبذلك تريح أعصابها وتريح زوجها من القيل والقال وتسبب المشاكل بين أقرب الناس أحياناً كالأخوة. أما المرأة المثقفة والسوية فهي تكون محبة والمحب خلاق ومعطاء وللأسف قد تكون المرأة خلاقة ومحبة والرجل هو السبب في معاناتها وإحباطها لأن أكثر الرجال يفهمون تطور المرأة انتقاص من حق الرجل وبعضهم يفتخر بسلطته على المرأة وهو لا يعلم بأنه بذلك ينتقص من حق نفسه لأن الرجل الذي يقبل على نفسه بالعيش مع إنسانة تملك نفسية عبد وإنسانة مريضة لا يمكنها الحب وهو بذلك يعيش حياته مع إنسانة غير سوية وهي تنجب له أطفال غير أسوياء وهم أكثر الأحيان يكونون مشوهين من الداخل ويكونون السبب في وقف مسيرة التطور.
وأما أن تكون المرأة متمردة ترفض كل ما يقتلها من الداخل ومثل هذه المرأة قد تكون 100000/1 في المجتمعات المتخلفة لأن التمرد يكلفها الكثير.
طبعاً أقصد التمرد السوي. أي أن تحافظ المرأة على داخلها من مشاعر صادقة وحقيقية وغير مزيفة فمثل هذه المرأة أحياناً كثيرة تترك الزوج لأن مفهوم الأخلاق والكرامة عندها مختلف فهي تتصرف بعفوية وطلاقة وهي كالنبع المتدفق بالعطاء ولكن الكرامة عندها ألا تهان وألا تظلم وألا تكبت وهذا مستحيل في مجتمع مبني على علاقة غير سوية بين الرجل والمرأة.
وهناك فئة كبيرة من النساء لا يعرفون معنى الحب بل أكثرهن يستغلن الرجل للحصول على المال فقط. وبتنا نفتقد المرأة كثيراً في مجال الفن كنساء جبارات ويعملن لإصلاح المجتمع وحمل العبء عن المرأة المظلومة.
بل مجال الفن أكثره تحول إلى جذب المشاهد والقارئ والمستمع بعيداً عن المطعون الحقيقي والهدف الحقيقي للفن والذي هو لرفع الظلم عن المظلوم. بل من يفكر بالفن يفكر به لرفاهية شخصية والمرأة شخص من هذا المجتمع المستهلك.
فأكثر النساء مستهلكات ولسن منتجات حتى التي تعمل أحياناً إذا كانت تعمل بعيداً عن القيم والمبادئ.
فنحن جميعاً بحاجة إلى المرأة الحقيقية لأنها كالنبع فهي محبة وخيرة ومعطاءة. وجميعاً نعلم بأن المرأة كانت تحكم في بداية المشاعية وكان أجمل العصور رغم عدم التطور التكنولوجي لأنها كانت سوية ورغم الظروف الصعبة للحياة آنذاك كلنا نتمنى الرجوع إليه لم يكن هناك لا حروب ولا استعباد. أما اليوم قاسي. الرجل بحاجة لحضن دافئ والمرأة فقدت ذلك بسبب ما عاشت من عصور من الظلم والمعاناة. فنحن جميعاً بحاجة إلى المرأة الحنون لتكون لنا الأم والحبيبة والأخت والصديقة والدافع للعطاء.
—–

مجلة المعارض العددان (27-28)

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إعداد وسرد أدبي: خوشناف سليمان
(عن شهادة الراوي فاضل عباس في مقابلة سابقة )

في زنزانةٍ ضيقةٍ تتنفسُ الموت أكثر مما تتنفسُ الهواء. كانت الجدران تحفظ أنين المعتقلين كما تحفظ المقابر أسماء موتاها.
ليلٌ لا ينتهي. ورائحةُ الخوف تمتزجُ بالعَرق وبدمٍ ناشفٍ على أرضٍ لم تعرف سوى وقع السلاسل.
هناك. في ركنٍ من أركان سجنٍ عراقيٍّ من زمن صدام…

صدر مؤخرًا عن دار نشر شلير – Weşanên Şilêr في روجافاي كردستان، الترجمة الكردية لرواية الكاتبة بيان سلمان «تلك الغيمة الساكنة»، بعنوان «Ew Ewrê Rawestiyayî»، بترجمة كلٍّ من الشاعر محمود بادلي والآنسة بيريفان عيسى.

الرواية التي تستند إلى تجربة شخصية عميقة، توثّق واحدة من أكثر المآسي الإنسانية إيلامًا في تاريخ كردستان العراق، وهي الهجرة المليونية القسرية…

حاوره: ابراهيم اليوسف

تعرّفتُ على يوسف جلبي أولًا من خلال صدى بعيد لأغنيته التي كانت تتردد. من خلال ظلال المأساة التي ظلّ كثيرون يتحاشون ذكرها، إذ طالما اكتنفها تضليلٌ كثيف نسجه رجالات وأعوان المكتب الثاني الذي كان يقوده المجرم حكمت ميني تحت إشراف معلمه المجرم المعلم عبدالحميد السراج حتى بدا الحديث عنها ضرباً من المجازفة. ومع…

مروى بريم

تعودُ علاقتي بها إلى سنوات طويلة، جَمَعتنا ببعض الثَّانوية العامة في صفّها الأول، ثمَّ وطَّدَت شعبة الأدبي صحبتنا، وامتَدَّت دون انقطاع حتى تاريخه.

أمس، انتابني حنينٌ شبيهٌ بالذي تقرّحت به حنجرة فيروز دون أن تدري لمن يكون، فوقه اختياري على صديقتي وقررتُ زيارتها.

مررتُ عن عمَدٍ بالصّرح الحجري العملاق الذي احتضن شرارات الصِّبا وشغبنا…