سنوات الصّياع

زرادشت أومري

– عقارب الساعة تشير الآن إلى الرابعة عصراً، بتوقيت السعودية، ولقد حان موعد المسلسل السوري (عفواً) التركي “سنوات الضياع” !!!!!
لا حركة في المنزل، لا أصوات الأطفال الذين تعودت أن أستفيق على صيحاتهم ، و صرخاتهم أثناء فترة قيلولتي.

– الكل مشغول بــ(سنوات الضياع) و متابعة لميس و يحيى، و باقي ((الحمولة)) (وليس أحداث المسلسل طبعاً) لميس فعلت كذا و يحيى فعل كذا…!
في البداية، ظننت أن الأمر ليس إلا مجرد متابعة مسلسل أحبه أفراد العائلة، و طبعاً تنتهي هذه المتابعة بانتهاء حلقة اليوم… ((رغم متابعة أمي الستينية ليحيى بشغف))
  و لكن، رويداً رويداً أحسست بأن الأمر يتعدى موضوع متابعة مسلسل ، بل و تتبع أحداثه .. بشغف…….!
– أثناء اتصالي بأصدقائي للذهاب معاً في مشوار، أو زيارة مهمة أصطدم في كل مرة بحجة واحدة وهي: إن الوقت غير مناسب..
كي نؤجل الزيارة لما بعد لميس .. أو يحيى، ففي حلقة اليوم سيتصالح الحبيبان ………وهكذا ..
–  إن الاقبال الكبير على هذه المسلسلات المدبلجة ((نور و سنوات الضياع)) يلخص حالة الشعب السوري و يعكس بمرآة مقعّرة أدق تفاصيل همومه و أحلامه و (تطلعاته) في وقت تذبح فيه الكلمة من الوريد الى الوريد، و تكمم الأفواه و تربط الألسن و تلتهب الأسعار، و “تنبعج” الجزيرة، و ترتكب بحق الشعب أشد الانتهاكات، و أعقدها …
– هذا المسلسل يتحدث عن مغامرات حب و عشق و مجون و كؤوس من خلال دراما تركية مدبلجة باللهجة السورية، تمكن من أن يجعل الأمير و الفقير, و الكبير و الصغير يشتركان معاً في ترقب حلقاته التي تبث في الليل و النهار، و تطغى على المجالس و اللقاءات و تنافس أسعار الرز و العدس في الارتفاع…… و حتى مواقع الأنترنيت ، فيكفي أن تنقر عبارة  “سنوات الضياع” . على أي محرك بحث، لتجد العجب العجاب من اهتمامات الشعب السوري، ذكوراً و إناثاً، شيوخاً و شباباً , و الرهان دائما :
 ماذا سيفعل يحيى بعد أن ضبطت لميس إحداهن في بيته , أو ماذا سيفعل عمر بعد طرده من الشركة؟ ..أم أن هناك مفاجآت، و غير ذلك من هذا الهراء.. و”ال”…..”راء…….!؟
–((والله لو أولى الشعب السوري اهتمامه بارتفاع أسعار المواد الغذائية بالإضافة إلى أسعار الوقود نصف ما يهتم بلميس و يحيى، لكان أجبر الحكومة على إعادة النظر في قراراتها الاقتصادية … دعونا الآن من الأوضاع السياسية ….
– إن ما نراه اليوم من مسلسلات مدبلجة تعتمد اللهجة السورية , وهي لهجة محببة للمستمع السوري لما تحتويه من مفردات ((الغنج و الدلال)) مع أن اللغة العربية الفصحى  تفهم على نطاق أوسع، وهو ما كان يحدث مع المسلسلات المكسيكية, قبل أن يعاود الأتراك غزونا من جديد و بشكل جديد. بدراما جديدة تدور أحداثها بين القصور و الفلل و حياة ((الهاي هاي))
– ماهي إلا حالة تشرذم وتفكك و انحلال أخلاقي و اجتماعي بدأ يتسرب إلى  نفوس شبابنا و شاباتنا، فهذه تريد فارس أحلامها مفصلا على مقاس ((يحيى)) وهذا يريد عصفورته كلميس المدللة بحركاتها و كلماتها .. وربما بتنا ننسى أو نتناسى ما أوصلتنا إليه الأقدار في حياتنا اليومية المضطربة و كأننا بحاجة إلى منغّصات جديدة أخرى تقتحمنا و تؤثر في سلوكنا و تعاملنا مع الآخر، كمنغص (نور و الضياع) .. وما حالات الطلاق الذي حصلت بسبب هذين المسلسلين إلا أكبر دليل على عقم تفكيرنا  وسهولة انجرافنا نحو أحداث بعيدة كل البعد عما يدور في واقعنا في ظل هذه الحياة التعيسة التي يعيشها أغلبية الشعب السوري.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

حاوره: إدريس سالم

 

يطرح مازن عرفة في روايتيه «الغابة السوداء» و«داريا الحكاية» أسئلة إنسانية وجودية عميقة؛ عن الحرب والموت، التهجير القسري والمنفى، الغربة الداخلية والعزلة النفسية، مرارة الذكريات عن بلاد مدمّرة والحنين لحياة اختفت، يكاد أن يتحوّل إلى نوستالجيا مرضية. هي أسئلة عن معنى الكينونة الإنسانية، في عوالم الحروب العبثية الوحشية المستمرّة في مجتمعاتنا، بارتباطها بعوالم…

مروة بريم

 

نهارات الشّتاء قصيرة، تكاد تتساوى حصتها الزمنية في البقاء، مع وميض النجوم البعيدة، حينما كانت تشرخ زجاجَ أعيننا بإحصائها ونحن صغار، ثم تغافلنا بالخفوت، وتختفي.

حينها كان الوقتُ فَيوضًا كافيًا لفعل كل شيء، لكنّه الآن أضيق من أن يحتمل صغائر بوحنا، يشيح بوجهه ويمضي في تدفق عجول كنهرٍ يدفعه الشّوق للوادي، وتتزاحم احتياجاتنا فوق رفوف التّأجيل.

في…

عبد الجابر حبيب

 

في المذبحِ،

يُغسلُ خطايا الأرضِ

بحنوّ الكهنةِ،

وبرجاءِ الأراملِ،

لكن، لم يتوقّعْ أن يأتي

من خبّأ جحيمه تحتَ قميصٍ مستعار،

ففجّرَ التوبةَ،

وذرّى جسدَ الغفرانِ في الهواء!

حتى جعلَ من الركوعِ موتاً،

ومن “آمين” طلقةً.

 

***

 

في كنيسةِ مار إلياس،

ارتجفتِ الأيقوناتُ،

تشقّقتْ ملامحُ القدّيسين،

مزّقتْ مريمُ عباءتَها،

وصاحت من خلف الخشبِ:

“يا بنَ الإنسان،

مَن سلّمكَ أمرَ الحياةِ والموتِ؟”

 

***

 

انحدرَ الضوءُ من قلبِ الناقوس،

مثل خيطٍ من ذهبٍ قديم،

احترقَ في…

نظّم الاتحاد العام للكتاب والصحفيين الكرد في سوريا بالتعاون مع اتحاد كتاب كردستان سوريا أمسية ثقافية احتفاءً بتوقيع إصدارين أدبيين لكل من الكاتبتين يسرَى زبير إسماعيل وليلاس رسول، وذلك في مدينة إيسن الألمانية، وسط حضور نوعي من المهتمين بالشأن الثقافي من كتاب وشعراء وصحفيين ومتابعين للشأن الأدبي الكردي.

افتتحت الأمسية بتقديم الكاتب خورشيد شوزي لمجموعة الشاعرة…