بدران فارس فنان أممي

حسين أحمد :
Hisen65@gmail.com
بدران فارس أسم لفنان أممي لم يحظ كسواه بالشهرة المرجوة من الفنانين الأكراد. إنه من  مواليد 1955 (تل شعير شيخان) التابعة إدارياً لمدينة القامشلي. فقد بصره بشكل نهائي وهو لا يزال طفل رضيع لم يتجاوز من العمر سوى تسعة أشهر.

ولد الفنان بدران فارس من أبوين كرديين عام (1955) في قرية (تل شعير شيخان) إحدى قرى الجزيرة السورية التي تبعد عن مدينة القامشلي مسافة (15) كيلو متر غرباً, ترعرع في كنف أسرة ريفية فقيرة تفتقر إلى أدنى مقومات الحياة الاجتماعية, والاقتصادية وهي تؤمن بالقضايا الوطنية والطبقية إيماناً مطلقاً, إلى جانب حبها وشغفها الكبير بالفن والتراث الكرديين.
بدأ الفنان بدران الاكتراث بالموسيقى الكردية في عام (1965) وهو لا يزال في عقده الأول, بان ولعه بأغاني والحان الفنان الكبير (محمد عارف الجزراوي) حتى أصبح يكتنز في داخله إرثاً ثرياً من الأغاني الفلكلورية الكردية إلى جانب اهتمامه بالأغاني الثورية والوطنية مما أفسح له المجال في أن يتجول في قرى وبلدات الجزيرة ويردد من الأغاني التي كان قد حفظها عن ظهر قلب في سبيل إفراغ  طاقاته الفنية وإبرازها للذين تابعوا فنه ولما ما عانى من ظلم وجوع وفقر وهو طفل صغير لم يهنأ  ككل أطفال القرية إلا بسواد في سواد .
رغم فقدانه لبصره تماماً إلا أنه لم يصعب على بدران التنقل بين قرى و أرياف الجزيرة  مثل: (علي فرو – هرم رش – كرصور ميرسنيا – طوبز – حاجي ناصري – كرباوي – عاكولي – خجوكي) وهو يحمل إيقاعه (الطبلة) التي صنعها بيديه الصغيرتين أملاً منه في إيصال رسالته الإنسانية المقدسة التي آمن بها وان يحرز جزءاً بسيطاً من حلمه الذي راوده طيلة طفولته: ألا وهو استحواذه على آلة وترية حقيقة تلمسها أنامله وتلاعبها بحرية منفلتة لان الطبلة لم تكن تشفي روحه الموسيقية.
في عام (1969) اشترى له شقيقه الكبير آلة العود من القامشلي وعند استلامها وملامستها كان للحدث وقعه المدهش على نفسية بدران
.استمر بالعزف على ألته الجديدة لمدة تتراوح بين عامين حتى عام (1971) وبداعي عدم استساغة الجمهور الكردي لآلة العود في الحفلات الكردية لأنها لم تكن تتناغم مع الذائقة الفنية الكردية وبرغبة منه استبدلها بآلة الطمبور التي كانت تحيي آنذاك في الجزيرة وخاصة في 🙁كري بري – معشوق – معبدة) حتى قرى تل جماني التابعة لمنطقة رميلان .
بلغ حضور بدران الفني حتى منطقة (عفرين) وهو يشارك بأغانيه المتنوعة وخاصة التي ترفع من شأن الطبقة العاملة من خلال احتفالات وطنية وقومية مختلفة.وبعد عزفه على آلة الطنبور قرابة سبع سنوات رغبة منه أراد تغيرها هذه المرة بآلة (الجمبش) إلى عام (1980) وهي آلة تحمل على صدرها ستة أوتار مزدوجة,وفي العام نفسه حيث أقدمت السلطات المحلية على تحطيم آلته الموسيقية بذريعة انه تناول قضية الأجانب في إحدى أغنياته .
والجدير بالذكر أن الفنان بدران شارك بالعزف والغناء مع نخبة من الفنانين الكرد في الجزيرة مثل: الفنان (سعيد كاباري, والمرحوم الفنان محمد شيخو, و عبد القادر رمضان ,و رمضان نجم أومري ,وبشير وحسن– من مدينة الدرباسية).
من اللافت أن اغلب الأغاني التي سجلها الفنان بدران كانت من ألحانه وتوزيعه و درايته الفذة في انتقاءه للقصائد الثورية والوطنية التي تمجد نضال الطبقة العاملة وتدفعهم إلى مقارعة الظلم والاضطهاد اللذين كاناً يعاني منه الشعب الكردي آنذاك من خلال (RECORDER) قديم-  سوني  
في الأخير أراد قول الجملة التالية فحواها : آمل من كلّ الفنانين الأكراد أن يدركوا جيداً بان الموسيقى هو لسان حال الشعوب .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من رصيده الفني :
1- كاسيت باسم : أشتي – السلام    –  1980
2- كاسيت باسم : يكيتي – الوحدة    – 1981
3- كاسيت باسم : نيشان – الهدف   – 1982
4- كاسيت باسم :  عيد العمال        – 1982 
5- كاسيت باسم : ثورة أكتوبر         – 1983
6- كاسيت باسم :  عيد المرأة العالمي – 1984
7- كاسيت باسم : انتفاضة كردستان    – 1991

8- كاسيت آخر  :حول  انهيار المعسكر الاشتراكي (1991) هاجم فيها على كل من كرباتشوف بوريس يلتسن, وقد انتسب الفنان بدران فارس إلى الاتحاد الشبيبة التابعة للحزب الشيوعي السوري في بداية عام 1967.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

عبدالعزيز قاسم

(كان من المقرر ان اقدم هذه المداخلة عن “اللغة الشعرية في القصيدة الكردية المعاصرة ـ ڕۆژاڤا” في مهرجان فولفسبورغ للشعر الكردي اليوم السبت ٢٥ اكتوبر، ولكن بسبب انشغالي بواجب اجتماعي قدمت بطاقة اعتذار إلى لجنة إعداد المهرجان).

وهذه هي نص المداخلة:

من خلال قراءتي لنتاجات العديد من الشعراء الكرد (الكرمانجية) المعاصرين من مناطق مختلفة “بادينان،…

إبراهيم محمود

 

تلويح خطي

كيف لرجل عاش بين عامي” 1916-2006 ” وفي مجتمع مضطرب في أوضاعه السياسية والاجتماعية، أن يكون شاهداً، أو في موقع الشاهد على أحداثه، ولو في حقبة منه، إنما بعد مضي عقود زمنية ثلاثة عليه، دون تجاهل المخاطر التي تتهدده وتتوعده؟ وتحديداً إذا كان في موقع اجتماعي مرصود بأكثر من معنى طبعً، كونه سياسياً…

د. محمود عباس

حين يمرض الضوء، تبقى الذاكرة سنده.

قبل فترةٍ ليست بعيدة، استوقفني غياب الأخت الكاتبة نسرين تيلو عن المشهد الثقافي، وانقطاع حضورها عن صفحات التواصل الاجتماعي، تلك التي كانت تملؤها بنصوصها القصصية المشرقة، وبأسلوبها المرهف الذي حمل إلينا عبر العقود نبض المجتمع الكوردي بخصوصيته، والمجتمع السوري بعموميته. كانت قصصها مرآةً للناس العاديين، تنبض بالصدق والعاطفة،…

خالد حسو

 

ثمة روايات تُكتب لتُروى.

وثمة روايات تُكتب لتُفجّر العالم من الداخل.

ورواية «الأوسلاندر» لخالد إبراهيم ليست رواية، بل صرخة وجودٍ في منفى يتنكّر لسكّانه، وثيقة ألمٍ لجيلٍ طُرد من المعنى، وتشريحٌ لجسد الغربة حين يتحول إلى قَدَرٍ لا شفاء منه.

كلّ جملةٍ في هذا العمل تخرج من لحمٍ يحترق، ومن وعيٍ لم يعد يحتمل الصمت.

فهو لا…