إبراهيم حسو
محمد بيجو من الشعراء الشباب السوريين الأوفياء لقصيدة النثر , فهو لم يخرج عن آداب و أخلاق هذه القصيدة منذ انطلاقته المتبسطة في الصحافة السورية (قصائد هنا و هناك في الثورة) و (الزمان )اللندنية
محمد بيجو من الشعراء الشباب السوريين الأوفياء لقصيدة النثر , فهو لم يخرج عن آداب و أخلاق هذه القصيدة منذ انطلاقته المتبسطة في الصحافة السورية (قصائد هنا و هناك في الثورة) و (الزمان )اللندنية
وككل المبتدئين لم يكن شاعرا استعراضيا فهو لم يحاول أن يكسر عظام اللغة مثلما فعل رعيل كامل من الشعراء الشباب و صاروا في خبر كان , ولم يفكر أن يفخخ أي كلمة و يفجرها أمّام المشاريع التجريبية العربية التي يشتغل عليها كبار الشعراء كأدونيس وغيره منذ السبعينات , و لم (يجّرب) قط الإطاحة بالمشاريع الشعرية الأخرى المتبارية , بحسبانه هو ليس متسابقا مع أحد , بل لا يستهويه أبدا الخوض في حرب كسر العظم الدارجة اليوم في المشهد الثقافي السوري .
محمد بيجو يكتب الشعر بطمأنينة ملحوظة , و بأعصاب مشدودة , لا يعير اكتراثا بكل ما يصفه , تخمينا منه بأن الكتابة مثل تدجين طائر في قفص منزلي تنصت لغنائه و أنت في عنفوان حنقك , و ربما تكمن أهمية هذه الكتابة في أنها لا تضر أحدا سوى حائزها , حتى إن الشاعر نفسه لا يعرف إن كانت هذه الكتابة تعيد له الضحكة و الأمان كأي شيء آخر في الحياة .
في أغلب ما قرأت لمحمد بيجو اكتشفت جنسين من الكتابة هما: التيه في اللغة, و زحمة الأفكار و قد يكون ذلك نتيجة أن محمد يكتب الشعر دون تخطيط مسبق أو حتى وضع برمجة (نصية) للكتابة الشعرية, و هذه النوعية من الكتابة دارجة بين معظم الشعراء الجدد الذين يكتبون كتابة آلية تلقائية أو ما يقال كتابة سيلانية , وأعتقد أن الشعر السوري برمته منخرط في هذه الكتابة منذ انجلاء قصيدة النثر , والمتابع لهذا الشعر سيلحظ أن فترة التسعينات أفرزت الكثير من شعراء قصيدة النثر إلى الضوء, نتيجة التنويعات المتلاحقة لهذه القصيدة , بينما لم تخرج في الثمانينيات إلا أسماء يسيرة و هامة , و ما يهم في هذه الكتابة أنها تخلق فضاء آخر أكثر اتساعا, و مساحات لغوية أكثر طيرانا و حرية , و من يقرأ نصوص محمد بيجو المنشورة هنا و هناك و التي لم تستقر في ديوان بعد سيلحظ أن هذا الشاب يعاني من زحمة الأفكار و المواضيع التي يطرحها دون معرفة و إبصار شعري واثق:
بغيمة و ظلال زاجلة هكذا قبل الآن
بغيمة غسلت وجهي بأجنحتي تلك
رفعت روحي كنخب كانت من خضرة ورنين
وكنت كما الآن …. زاجلاً
بعينين من ماء و جسد من ريح
في قصيدة لمحمد ( بغيمة و ظلال زاجلة) ثمة سيلان سردي ملفت , أو ما يشبه قصا متقنا وكثيفا جدا لحالة نفسية حادة و صاعقة , و تكاد تكون هذه الحالة هي التي تبرز الجانب الشعري من كل هذا القص , و قد يكون هذا السرد ما يبرر للنص شعريته, و يجعله أكثر مواجهة لهذا الجمال المختفي بين أثلام المفردات التي تنبسط هكذا دون حدود ودون أسوار , و قد يأخذ هذا السرد شخص القصيدة إلى مختبر آخر للتجارب اللغوية , لا يرجع منها سالما , فهو غير متأهب ليغامر بقصيدته إلى متاهة نثرية غير معلومة النتائج , بل لا يستطيع أن يحارب من أجل كلماته, طالما أن الكتابة لديه كتدجين طائر منزلي , إلا انه ومع ذلك يمتلك كل العناصر الشعرية التي يمكن من خلالها تأريخ الصور و تقطير الجمل الشعرية و رفع المعاني الجديدة عبر لمسة إبداعية حديثة :
كلّما فرشت على الأرض قمراً
كان الطريق يصعدني و يمتدّ ..
أنا الرثاء .. في المديح
اقرؤوا لهذا الشاعر و لا تصفقوا له , فهو جاثم ينتظر و يراقب الشعر من بعيد مصوبا قلمه إلى عصافير الشعر وهي تخرج من أوكارها فرادى , رابض في قصيدة تصحو كلما هبت الحياة فينا , منتصب في كل كلمةٍ تستنكفُ رأسها كلما دبّت نارٌ ما بمفاصل القصيدة , فنهرع مشلولين لقراءة صحوتنا من جديد , اقرؤوا لهذا الشاعر دون أن توقظوه من قصيدته التي لا تنام أبدا .
العاشق
لأنك من دلّك عليها خلقت أعشاب في رئتيك
وجفّ الكلام أمام امرأة قرأت عينيك كانت أجراسها تناديك
و هي تقلب القلب تشعل خواتم روحك ثم تختفي
وما زلت تختار شارعاً كلما سقطت عليك سهواً الرغبة
وتنسى النزيف حينا لا لقاء كأعمى يفسّر الحروف
تكحّل أشواك نظراتها بعينيك.. !! كأنك مصاب
على وريدك امرأة تزدهر تسقيها حواسك
تحترق ثمارك على أغصانها و لا مشوار يلهمك بالشوق
فتبكي على النساء كالنساء … !! تلك الجديدة تنبأت
بموتك القديم فاح منك الأنين قلت: الحياة مركب لا يصل
قالت: لا أحيا لك ولولاي ما كانت لدمك أكواخ
تحرس فيها أنوثتي رئتاك ألم وأنفاسك ألم
تبحث عن يدي بين يديّ ترسم لقلبي أسوارا
وتنحني له كعطر علّك تنسى بأن لك فضاء
وعليك أن تطير على سرير أو شمس
– إذا أردت – هطلت روحي أمام البيت
سألت الباب : من أنا يا باب ؟
وهل المواعيد باقات من شهيق
و زفير ؟ فرحت حين فتحت لي
وضوءا يسيل من أطراف يديك
قدماي لا تلامسان أرض قدميك
لا ظل لي حين أكون حافيا كغصن أو مسافة
لا قلب للغياب أحتضر بعدك
أشبه الخطيئة وأنت تضحكين لي أو لغيري
كأننا شيء من وشم حزين
ما أكثرك من امرأة .. أنت برق وقلبي الأرض
المسيني لأطير أو ليتصاعد الدخان
خبئيني … أنا خائف من الليل و لم أنهِ شعرك بعد .
في أغلب ما قرأت لمحمد بيجو اكتشفت جنسين من الكتابة هما: التيه في اللغة, و زحمة الأفكار و قد يكون ذلك نتيجة أن محمد يكتب الشعر دون تخطيط مسبق أو حتى وضع برمجة (نصية) للكتابة الشعرية, و هذه النوعية من الكتابة دارجة بين معظم الشعراء الجدد الذين يكتبون كتابة آلية تلقائية أو ما يقال كتابة سيلانية , وأعتقد أن الشعر السوري برمته منخرط في هذه الكتابة منذ انجلاء قصيدة النثر , والمتابع لهذا الشعر سيلحظ أن فترة التسعينات أفرزت الكثير من شعراء قصيدة النثر إلى الضوء, نتيجة التنويعات المتلاحقة لهذه القصيدة , بينما لم تخرج في الثمانينيات إلا أسماء يسيرة و هامة , و ما يهم في هذه الكتابة أنها تخلق فضاء آخر أكثر اتساعا, و مساحات لغوية أكثر طيرانا و حرية , و من يقرأ نصوص محمد بيجو المنشورة هنا و هناك و التي لم تستقر في ديوان بعد سيلحظ أن هذا الشاب يعاني من زحمة الأفكار و المواضيع التي يطرحها دون معرفة و إبصار شعري واثق:
بغيمة و ظلال زاجلة هكذا قبل الآن
بغيمة غسلت وجهي بأجنحتي تلك
رفعت روحي كنخب كانت من خضرة ورنين
وكنت كما الآن …. زاجلاً
بعينين من ماء و جسد من ريح
في قصيدة لمحمد ( بغيمة و ظلال زاجلة) ثمة سيلان سردي ملفت , أو ما يشبه قصا متقنا وكثيفا جدا لحالة نفسية حادة و صاعقة , و تكاد تكون هذه الحالة هي التي تبرز الجانب الشعري من كل هذا القص , و قد يكون هذا السرد ما يبرر للنص شعريته, و يجعله أكثر مواجهة لهذا الجمال المختفي بين أثلام المفردات التي تنبسط هكذا دون حدود ودون أسوار , و قد يأخذ هذا السرد شخص القصيدة إلى مختبر آخر للتجارب اللغوية , لا يرجع منها سالما , فهو غير متأهب ليغامر بقصيدته إلى متاهة نثرية غير معلومة النتائج , بل لا يستطيع أن يحارب من أجل كلماته, طالما أن الكتابة لديه كتدجين طائر منزلي , إلا انه ومع ذلك يمتلك كل العناصر الشعرية التي يمكن من خلالها تأريخ الصور و تقطير الجمل الشعرية و رفع المعاني الجديدة عبر لمسة إبداعية حديثة :
كلّما فرشت على الأرض قمراً
كان الطريق يصعدني و يمتدّ ..
أنا الرثاء .. في المديح
اقرؤوا لهذا الشاعر و لا تصفقوا له , فهو جاثم ينتظر و يراقب الشعر من بعيد مصوبا قلمه إلى عصافير الشعر وهي تخرج من أوكارها فرادى , رابض في قصيدة تصحو كلما هبت الحياة فينا , منتصب في كل كلمةٍ تستنكفُ رأسها كلما دبّت نارٌ ما بمفاصل القصيدة , فنهرع مشلولين لقراءة صحوتنا من جديد , اقرؤوا لهذا الشاعر دون أن توقظوه من قصيدته التي لا تنام أبدا .
العاشق
لأنك من دلّك عليها خلقت أعشاب في رئتيك
وجفّ الكلام أمام امرأة قرأت عينيك كانت أجراسها تناديك
و هي تقلب القلب تشعل خواتم روحك ثم تختفي
وما زلت تختار شارعاً كلما سقطت عليك سهواً الرغبة
وتنسى النزيف حينا لا لقاء كأعمى يفسّر الحروف
تكحّل أشواك نظراتها بعينيك.. !! كأنك مصاب
على وريدك امرأة تزدهر تسقيها حواسك
تحترق ثمارك على أغصانها و لا مشوار يلهمك بالشوق
فتبكي على النساء كالنساء … !! تلك الجديدة تنبأت
بموتك القديم فاح منك الأنين قلت: الحياة مركب لا يصل
قالت: لا أحيا لك ولولاي ما كانت لدمك أكواخ
تحرس فيها أنوثتي رئتاك ألم وأنفاسك ألم
تبحث عن يدي بين يديّ ترسم لقلبي أسوارا
وتنحني له كعطر علّك تنسى بأن لك فضاء
وعليك أن تطير على سرير أو شمس
– إذا أردت – هطلت روحي أمام البيت
سألت الباب : من أنا يا باب ؟
وهل المواعيد باقات من شهيق
و زفير ؟ فرحت حين فتحت لي
وضوءا يسيل من أطراف يديك
قدماي لا تلامسان أرض قدميك
لا ظل لي حين أكون حافيا كغصن أو مسافة
لا قلب للغياب أحتضر بعدك
أشبه الخطيئة وأنت تضحكين لي أو لغيري
كأننا شيء من وشم حزين
ما أكثرك من امرأة .. أنت برق وقلبي الأرض
المسيني لأطير أو ليتصاعد الدخان
خبئيني … أنا خائف من الليل و لم أنهِ شعرك بعد .
جريدة الثورة- الأثنين 28-9-2009م