إحسانُ فتاحيان يسعى إلى عالمٍ عادل وأفضل

نارين عمر

((أنا لا أريدُ التّحدّثَ عن الموت, أريدُ أن أسأل عن خلفية السّبب. عندما يكونُ العقابُ هو الحلّ لأولئك الذين ينشدون الحرّيّة و العدالة, فكيف يمكن للمرءِ أن يخاف على مصيره؟ نحن الذين حُكمَ علينا بالموت بيد هؤلاء, ذنبنا الوحيد أنّنا نسعى إلى عالمٍ عادل و أفضل, فهل هم على علم بما اقترفت أيديهم))*.
بهذه العبارات أحبَّ إحسان فتاحيان أن يلخّصَ قصّة عشقه للحياةِ والبشر الذين يريدهم هو في عالمٍ خالٍ من الظّلم والفتك والكراهية. عالمٍ يكونُ هو الأفضل وهو الأكثر عدالة لكلّ سكّان الأرضِ ومكنوناتِ السّماء.
فكيفَ تمكّن الآخر متقمّصاً شخصية قابض الأرواح والذي  يدّعي انتسابه إلى مبادئ الإنسانية والشّرائع من التّسلّل إلى رحابِ روحه السّاعية إلى تحقيق العدالةِ لكلّ الكائنات, ونشر المحبّة والوداد في سمائهم؟!
إحسان فتاحيان, هذا الشّاب الذي أرادَ أن يمرحَ في بستان الشّبابِ والعنفوان بحرّيةٍ وإنسانيّةٍ, يُفاجأ بمَن يلقي به في غياهبِ الإجرام بحقّ الإنسانيّة والشّبابِ!
إحسان فتاحيان الذي يسعى إلى تحقيق عالمٍ أفضل وأكثر عدلاً, يُفاجأ باتهامه بمعاداةِ العدل والحرّيّة!
 إحسان الذي عانقَ الفصول كلّها, ثمّ عاهدها على منحها الخصب والاخضرار على مدار العام, يُتهم بسحقه ورود وأزاهير حدائق الإنسانيّة وقلع أزاهير الطّفولة!
فإذا كان كلّ مَنْ يسعى إلى تحقيق حياةٍ أفضل له وللآخرين مجرماً, فعلى الدّنيا السّلام, وعلى البشر السّاكتين على قول الحقّ الخصام.
أمَا كان لهم أن يَدَعوا الأزاهير المتفتّحة في حديقةِ شبابه  تنعش صدرَ أمّه التي روتْ رياضه من الدّم الذي يجري في شرايينها؟!
أما كان لهم أن يدعوا القبسات التي تشعّ في وميض فكره يروي نخوة أبيه الذي غزلَ من عنفوان لهفته عليه خصلات أمل وألم؟!
ألم يفكّروا بأصدقائه وأحبته؟!
ألم يفكّروا بمدينته التي تنوحُ منذ اليوم الأوّل من زجّه في غياهبِ الغدرِ ألماً وحزناً؟!
إحسان فتاحيان عاشَ ليحيا كما يشاءُ هو ويرغب, ورحلَ كما شاء ورغب.
إحسان تحوّل إلى قصيدةِ عشقٍ سينظمُ على بحورها الشّعراءُ  قصائد لم يتوصّل إليها شاعرٌ من قبل.
تحوّل إلى أغنيةٍ سيغزلُ المغنّون على أوتارها ألحاناً لم يبدعها فنّانٌ بعدُ.
وسيتحوّلُ إلى نشيدٍ لم يردّده أطفالٌ بعد..
ملاحظة:

*- قول الشّهيد مأخوذ من مقالٍ بعنوان (شهيد الحرية إحسان فتاحيان في رسالته الأخيرة) عن موقع كميا كرد.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

جان بابير

 

الفنان جانيار، هو موسيقي ومغني كُردي، جمع بين موهبتين إبداعيتين منذ طفولته، حيث كان شغفه بالموسيقى يتعايش مع حبّه للفن التشكيلي. بدأ حياته الفنية في مجال الرسم والنحت، حيث تخرج من قسم الرسم والنحت، إلا أن جذوره الموسيقية بقيت حاضرة بقوة في وجدانه. هذا الانجذاب نحو الموسيقا قاده في النهاية إلى طريق مختلف، إذ…

عصمت شاهين الدوسكي

 

أنا أحبك

اعترف .. أنا احبك

أحب شعرك المسدل على كتفيك

أحب حمرة خديك وخجلك

وإيحاءك ونظرتك ورقة شفتيك

أحب فساتينك ألوانك

دلعك ابتسامتك ونظرة عينيك

أحب أن المس يديك

انحني حبا واقبل راحتيك

___________

أنا احبك

أحب هضابك مساحات الوغى فيك

أحب رموزك لفتاتك مساماتك

أحب عطرك عرقك أنفاسك

دعيني أراكي كما أنت ..

——————–

قلبي بالشوق يحترق

روحي بالنوى ارق

طيفي بك يصدق

يا سيدتي كل التفاصيل أنت ..

——————–

أحب شفتاك…

لوركا بيراني

في الساحة الثقافية الأوروبية اليوم، نلمح زخماً متزايداً من التحركات الأدبية والثقافية الكوردية من فعاليات فكرية ومهرجانات وحفلات توقيع لإصدارات أدبية تعكس رغبة المثقف الكوردي في تأكيد حضوره والمساهمة في الحوار الثقافي العالمي.

إلا أن هذا الحراك على غناه يثير تساؤلات جوهرية حول مدى فاعليته في حماية الثقافة الكوردية من التلاشي في خضم عصر…

محمد شيخو

يلعب الفن دوراً بارزاً في حياة الأمم، وهو ليس وسيلة للترفيه والمتعة فحسب، ولكنه أداة مهمة لتنمية الفكر وتغذية الروح وتهذيب الأخلاق، وهو سلاح عظيم تمتشقه الأمم الراقية في صراعاتها الحضارية مع غيرها. ومن هنا يحتلّ عظماء الفنانين مكاناً بارزاً في ذاكرة الشعوب الذواقة للفن أكثر من الملوك والقادة والأحزاب السياسية مثلاً، وفي استجواب…