محمد قاسم (ابن الجزيرة)
m.qibnjezire@hotmail.com
m.qibnjezire@hotmail.com
في مقال كتبته باللغة الكردية، ونشرته في بعض المواقع. شكرت فيه السيدة نازلي وزوجها على إهدائي نسخة من كتاب “حامد بدرخان الأعمال العربية الكاملة –شعر” كنت وعدت أن اكتب عن السيدة نازلي كلمة أعبر فيها عن ما تكوّن لدي من انطباع بشأن هذه السيدة المهتمة بالثقافة الكردية في وقت تكاد الثقافة تصبح مجرد مظهر لا روح فيه لدى الكثيرين ومنهم السلطات نفسها.. حيث جعلوا الثقافة خادمة مطيعة لتوجهات سياسية ذات طبيعة ذاتية التكوين والمسار وناقصة الأداء ومؤلمة النتائج. ومنهم أيضا بعض الأحزاب الكردية والعربية معا، والشخصيات التي يجدر بها أن تخصص بعض جهدها ومالها من اجل الترقية بالثقافة عموما والثقافة الكردية خصوصا….!
بل لقد أصبحت الثقافة مادة هلامية لم يعد لها وظيفة محددة وواضحة – اللهم سوى ما تقوم به من بعض صخب – في الأغلب- ذي طبيعة إعلامية، خدمة المتنفذين سلطات وأحزابا وربما بعض من ذوي النفوذ المالي والاجتماعي -وهما متلازمان غالبا-.
ولعل الذين ينتفعون من هذه الحالة التي تردت إليها الثقافة معذورون –على الأقل بمعايير المصلحة الخاصة- كما هم معذورون – وبالمعايير ذاتها- الذين ينتفعون من بقاء الحالة السياسية –الحزبية والسلطوية في مسارها المتردي – لكن ما هو العذر الذي نلتمسه للمثقفين الذين يحيلون الطاقة إلا بداعية الفاعلة لديهم، إلى مجرد أداة لخدمة رغبات المتنفذين – أفرادا أو أحزابا أو حكاما..- لقاء بعض مكاسب لا تليق بمقام المثقف – إذا اعتبر هؤلاء أنفسهم مثقفين- بالمعنى الاصطلاحي المدروس للثقافة والمثقفين.
هذا المعنى الذي اشتق من تهذيب الرمح.. ومن ثم وُسِّع معنى التهذيب ليشمل كل سلوك راق يُبنى على الوعي الذي تُنتجه فاعلية المعرفة والعلم والأدب بكل تجلياته وتشظيه في الذات المثقفة.. وفي الاتجاه الإيجابي لهذه الفاعلية؛ والذي يمكن توصيفه بالأخلاق في اتجاهه الإيجابي أيضا –
نقول هذا ..تجنبا لأية إشكالية في فهم معنى الأخلاق ..حيث يعني –فلسفيا- السلوك السلبي والإيجابي جميعا ..!
إذا، المُستخلص هنا هو: إن الثقافة قيمة إيجابية في اتجاه تفعيل القوى البشرية الفطرية والمكتسبة للترقية بالشأن البشري عامة..
وقد تعني الكلمة -فيما تعنيه- الحالة التي تكون عليها حركة المجتمع وحيويته ومظاهرهما أو تجليهما..وهنا تتخذ الكلمة منحى خصوصيةٍ في كل مجتمع. فقد نقول ثقافة الشعب الأمريكي أو العربي أو الكردي أو الفرنسي…بينما في الحالة العامة تعني البعد المتجدد نحو الترقية في كل جوانب النشاط البشري وانعكاساته على تطوير الكون ..بحيث يبقى دوما –الإنسان-هو المحور في كل ذلك-هدفا ووسيلة .. ومنطلقا..
السيدة نازلي –أم فؤاد- لم أعرفها سابقا، ولا أعرف عنها سوى ما ورد عنها في مقدمة كتاب:
(حامد بدرخان –الأعمال العربية الكاملة-شعر) وسوى اسمها المدوّن بخط يدها -فيما أقدّر- على الصفحة الداخلية الأولى الى جانب اسم زوجها المكرَم رشيد عبد المجيد..حيث وقّعت إهداء نسخة من هذا الكتاب إليّ مشكورة ..
وقد تولت –كما ذكر في المقدمة.. جمع مواد الكتاب وطباعته.. سواء بجهد ذاتي أم بجهد استنفرته من الغير لهذه المهمة النبيلة..
لن أتحدث عنها كامرأة ذات شكل ولون وملامح أنثوية أو شيء شبيه.. وقد تستحق ذلك، وربما تحقق لها ذلك.. لكني أرى فيها امرأة كردية تميّزت عن الكثير من مثيلاتها بكونها وجّهت اهتمامها الى العناية بالثقافة –وبالتحديد- الشعر الكردي في شخصية الشاعر المبدع والموسوعي الثقافة، والأيديولوجي التفكير، حامد بدرخان.. –أو حميد أراغون قبل ذلك- والذي أتقن أكثر من لغة: الكردية والعربية والتركية والفرنسية… وقال شعرا بها؛ يخدم قضيته التي تبناها.. وإن كنت لست متفقا معه في النمط الذي اعتنقه كمذهب في الثقافة الماركسية.. ولكني احترم ظروفا دفعته الى ذلك.. واحترم ما عاناه من اجل عقيدته ومبدئه.. وهذه من الخصائص التي يجب أن نحترمها في كل شخص كذلك -مهما اختلفنا عنه فكرا ومبدأ وعقيدة.. مادامت المصداقية جلية في متبنياته.. وهذا لا يعني رفض الماركسية جملة وتفصيلا.. بل يعني أن فيها ما يقبل وما يرفض –ولست بصدد ذلك الآن – على كل حال.. فقط هذا التوضيح منعا للالتباس الذي يرافق طرح الأفكار ذات الطبيعة الفلسفية خاصة.
وهذا يذكّر بقول فولتير الفرنسي”قد أختلف معك في الر أي، ولكنني مستعد لكي أموت من أجل حقك في التعبير عن رأيك”.
هذه السيدة التي اختارت بدلا من الحلي والتبهرج وما يتعلق بذلك من سلوكيات -أو حتى معها-بحسب ما اٌقدّر -اختارت الاهتمام بالثقافة .. واحتضنت شاعرا مبدعا .. في مسيرته ومن ثم نتاجه بعد وفاته، لتتولى الاهتمام بطباعته وإخراجه.. وأكثر من ذلك تتحمّل نفقات مالية لتوزعه مجانا على المثقفين تخدم بذلك؛ الأدب والمثقفين وذكرى الشاعر.. بل أكثر من ذلك تقوم ببادرة وفاء عالية تسعى لأن تنشئ ما يشبه متحفا لهذا الشاعر.. -كما فهمت..!
إن هذا السلوك الراقي والمسؤول من امرأة يعتبر سلوكا راقيا جدا .. ويسجل لها قيمة عليا في كينونتها الأنثوية –الإنسانية..
وفي ظروف لا تزال المرأة تعاني من أزمة في تكوين شخصيتها الثقافية -بل التكوينية ككل- في سياق معاناة المجتمع كله في هذا الجانب- فيتبنى بعضهن الاتجاه الى الاهتمام بمظاهر تبلغ حد التفاهة والابتذال..!
وفي اعتقادي فإن السيدة نازلي تستحق أن يُسجّل لها تقديرٌ في هذه التوجهات المسؤولة والمنتجة ..!
توجهات لم تتبنّها-حتى اللحظة – المؤسسات الكردية في سوريا- أيا كانت- مثل هذا المنهج.. مما أبقى الكثير من النتاجات الفكرية والأدبية وغير ذلك في أدراج، تنتظر التلف، أو –إذا حظيت بمن يرعاها – الظهور الى ساحة التداول استثمارا سياسيا – حيانا رخيصا وربما مبتذلا.. أيضا في بعض حالاته…!
ترى ما هو الذي جعل هذه المرأة تبقى في الظل حتى هذا الوقت..؟!
هل هي التي تأخرت في إظهار ذاتها عبر أنشطة متوقعة منها ..؟!
أم أن إهمالا ما، نالها كما ينال المهتمين بالشأن الثقافي عموما في مجتمعات تغلب فيها المظاهر غير المنتجة.. كالاهتمام بتجمعات العزاء أو الأعراس أو النفخ في مواقف هزيلة لتبدو كبيرة، أو تسويد الصفحات في مديح لا يتضمن استحقاقا لنتاج مستحق.. أو قتل الوقت في جدالات عقيمة لأنها بلا رصيد معرفي ومنهجي ومنطقي وفوق ذلك بلا إيمان حقيقي بها.. اي بلا رصيد..!!
فقط نسمع أو نقرأ بين الفينة والأخرى بنتاج –قد لا يستحق في بعض حالاته النور – تتبناه قوى لغايات خاصة.. ولا تشكل رفدا حقيقيا لبحر الثقافة المفترض.
وللأسف- يفعل ذلك البعض من اجل بعض شهرة مستعجلة غير مكتملة التكوين ومن ثم غير مؤثرة عرضا وطولا وامتدادا.. فتكون فقط تفجيرات في وقت قصير، محدثة فرقعة لا تلبث أن تتلاشى… ويطويها النسيان. وربما الإهمال بجدارة..!
وطبعا يدفع هؤلاء ثمنا باهظا لهذا الدعم الضئيل –عادة.. كالتنازل عن قيم.. أو التسلق بطريقة مراوغة.. أو غير ذلك من الوسائل التي يفترض بالثقافة والمثقفين معالجتها.
في المقدمة التي كتبها السيد محمد جزائر حمكو جرو يقول:
((…وبعد مضي عشر سنوات بدأ حامد بنشر نتاجه الشعري باللغة العربية وكان يقضي أكثر أوقاته في حلب حيث منزل صديقه رشيد عبد المجيد ،المنزل الذي تحول فيما بعد الى ملتقى دائم للأدباء والفنانين ، والفضل يعود الى زوجة الأستاذ رشيد، السيدة نازلي خليل التي كانت ترحب بكل من كان يتردد على بيتها، وذلك بسبب حبها للأدب والفنون وتشجيعها لأصحاب المواهب.
كانت لنازلي خليل الدور الأساسي في بلورة مشروع حامد الشعري واستمراره في حياته الإبداعية وحتى استقراره النفسي، فكانت بجانبه في كافة المحن والظروف، وكانت بالنسبة له الأم والأخت والصديقة، وحتى ملهمته، بالإضافة الى ذلك عوّضته باهتمامها به، حنان الأهل والعائلة والأولاد إلى أن نالت الحب الأبدي والمرتبة الأولى في حياة حامد حتى قام هو الآخر بإهدائها ديوانه الأول “على دروب آسيا” الذي صدر عام 1983عن دار الحوار للنشر والتوزيع، بفخر واعتزاز، وترك لها تفويضا خطيا بأحقية التصرف الكامل بكل ممتلكاته وأمواله وبطبع ونشر كافة أعماله الشعرية وحتى باختيار كيفية دفنه، وفعلا قامت بأداء واجبها على أتم وجه، وتكفلت كل مصاريف طبع أعماله الشعرية، الكردية منها والعربية والتركية على نفقتها الخاصة، وهي تدرس إمكانية إنشاء مكتبة وحديقة حضارية تليق بالشاعر في مكان دفنه في مسقط رأسه بشيخ الحديد.
وبذلك تكون قد بصمت نازلي خليل في سجل الصداقة أجمل ذكرى للوفاء والإخلاص، ورسمت لوحة رائعة وعرضتها في أجمل معرض للمبدعين تعبّر عن أسمى آيات الجمال، ومنحت المرأة الكردية مكانتها الأصيلة ووضّحت مشاعر الأنوثة ورقة عواطفها وحنانها في هذه اللوحة المميزة والجذابة التي لا يشبع منها النظر،
وليت لكل مبدع صديقة كنازلي خليل..)).
وأنا أتساءل .. ترى هل تفكر بعض نساء الكورد -ورجالهم أيضا- اللواتي يمتلكن وعيا وشعورا بشخصيتهن وقيمتهن الثقافية ، بمثل ما فكرت به السيدة نازلي؟!
أم ستظل المرأة فقط تدور حول ذاتها في اهتمام بأصبغة الوجه وموضات الثياب.. بعيدا عن القيمة الإنسانية التي تسكنها في تجل يستكمل قيمتها هذه كامرأة منذ كونها ابنة فحبيبة فزوجة فأم ..وغير ذلك..!!
ويخلدها كما خلّدت السيدة نازلي وقبلها الكثيرات جدا من نساء العالم.. ومنها نساء الكورد في حقب تاريخية متتالية..!!
ديرك 7/11/2009
ولعل الذين ينتفعون من هذه الحالة التي تردت إليها الثقافة معذورون –على الأقل بمعايير المصلحة الخاصة- كما هم معذورون – وبالمعايير ذاتها- الذين ينتفعون من بقاء الحالة السياسية –الحزبية والسلطوية في مسارها المتردي – لكن ما هو العذر الذي نلتمسه للمثقفين الذين يحيلون الطاقة إلا بداعية الفاعلة لديهم، إلى مجرد أداة لخدمة رغبات المتنفذين – أفرادا أو أحزابا أو حكاما..- لقاء بعض مكاسب لا تليق بمقام المثقف – إذا اعتبر هؤلاء أنفسهم مثقفين- بالمعنى الاصطلاحي المدروس للثقافة والمثقفين.
هذا المعنى الذي اشتق من تهذيب الرمح.. ومن ثم وُسِّع معنى التهذيب ليشمل كل سلوك راق يُبنى على الوعي الذي تُنتجه فاعلية المعرفة والعلم والأدب بكل تجلياته وتشظيه في الذات المثقفة.. وفي الاتجاه الإيجابي لهذه الفاعلية؛ والذي يمكن توصيفه بالأخلاق في اتجاهه الإيجابي أيضا –
نقول هذا ..تجنبا لأية إشكالية في فهم معنى الأخلاق ..حيث يعني –فلسفيا- السلوك السلبي والإيجابي جميعا ..!
إذا، المُستخلص هنا هو: إن الثقافة قيمة إيجابية في اتجاه تفعيل القوى البشرية الفطرية والمكتسبة للترقية بالشأن البشري عامة..
وقد تعني الكلمة -فيما تعنيه- الحالة التي تكون عليها حركة المجتمع وحيويته ومظاهرهما أو تجليهما..وهنا تتخذ الكلمة منحى خصوصيةٍ في كل مجتمع. فقد نقول ثقافة الشعب الأمريكي أو العربي أو الكردي أو الفرنسي…بينما في الحالة العامة تعني البعد المتجدد نحو الترقية في كل جوانب النشاط البشري وانعكاساته على تطوير الكون ..بحيث يبقى دوما –الإنسان-هو المحور في كل ذلك-هدفا ووسيلة .. ومنطلقا..
السيدة نازلي –أم فؤاد- لم أعرفها سابقا، ولا أعرف عنها سوى ما ورد عنها في مقدمة كتاب:
(حامد بدرخان –الأعمال العربية الكاملة-شعر) وسوى اسمها المدوّن بخط يدها -فيما أقدّر- على الصفحة الداخلية الأولى الى جانب اسم زوجها المكرَم رشيد عبد المجيد..حيث وقّعت إهداء نسخة من هذا الكتاب إليّ مشكورة ..
وقد تولت –كما ذكر في المقدمة.. جمع مواد الكتاب وطباعته.. سواء بجهد ذاتي أم بجهد استنفرته من الغير لهذه المهمة النبيلة..
لن أتحدث عنها كامرأة ذات شكل ولون وملامح أنثوية أو شيء شبيه.. وقد تستحق ذلك، وربما تحقق لها ذلك.. لكني أرى فيها امرأة كردية تميّزت عن الكثير من مثيلاتها بكونها وجّهت اهتمامها الى العناية بالثقافة –وبالتحديد- الشعر الكردي في شخصية الشاعر المبدع والموسوعي الثقافة، والأيديولوجي التفكير، حامد بدرخان.. –أو حميد أراغون قبل ذلك- والذي أتقن أكثر من لغة: الكردية والعربية والتركية والفرنسية… وقال شعرا بها؛ يخدم قضيته التي تبناها.. وإن كنت لست متفقا معه في النمط الذي اعتنقه كمذهب في الثقافة الماركسية.. ولكني احترم ظروفا دفعته الى ذلك.. واحترم ما عاناه من اجل عقيدته ومبدئه.. وهذه من الخصائص التي يجب أن نحترمها في كل شخص كذلك -مهما اختلفنا عنه فكرا ومبدأ وعقيدة.. مادامت المصداقية جلية في متبنياته.. وهذا لا يعني رفض الماركسية جملة وتفصيلا.. بل يعني أن فيها ما يقبل وما يرفض –ولست بصدد ذلك الآن – على كل حال.. فقط هذا التوضيح منعا للالتباس الذي يرافق طرح الأفكار ذات الطبيعة الفلسفية خاصة.
وهذا يذكّر بقول فولتير الفرنسي”قد أختلف معك في الر أي، ولكنني مستعد لكي أموت من أجل حقك في التعبير عن رأيك”.
هذه السيدة التي اختارت بدلا من الحلي والتبهرج وما يتعلق بذلك من سلوكيات -أو حتى معها-بحسب ما اٌقدّر -اختارت الاهتمام بالثقافة .. واحتضنت شاعرا مبدعا .. في مسيرته ومن ثم نتاجه بعد وفاته، لتتولى الاهتمام بطباعته وإخراجه.. وأكثر من ذلك تتحمّل نفقات مالية لتوزعه مجانا على المثقفين تخدم بذلك؛ الأدب والمثقفين وذكرى الشاعر.. بل أكثر من ذلك تقوم ببادرة وفاء عالية تسعى لأن تنشئ ما يشبه متحفا لهذا الشاعر.. -كما فهمت..!
إن هذا السلوك الراقي والمسؤول من امرأة يعتبر سلوكا راقيا جدا .. ويسجل لها قيمة عليا في كينونتها الأنثوية –الإنسانية..
وفي ظروف لا تزال المرأة تعاني من أزمة في تكوين شخصيتها الثقافية -بل التكوينية ككل- في سياق معاناة المجتمع كله في هذا الجانب- فيتبنى بعضهن الاتجاه الى الاهتمام بمظاهر تبلغ حد التفاهة والابتذال..!
وفي اعتقادي فإن السيدة نازلي تستحق أن يُسجّل لها تقديرٌ في هذه التوجهات المسؤولة والمنتجة ..!
توجهات لم تتبنّها-حتى اللحظة – المؤسسات الكردية في سوريا- أيا كانت- مثل هذا المنهج.. مما أبقى الكثير من النتاجات الفكرية والأدبية وغير ذلك في أدراج، تنتظر التلف، أو –إذا حظيت بمن يرعاها – الظهور الى ساحة التداول استثمارا سياسيا – حيانا رخيصا وربما مبتذلا.. أيضا في بعض حالاته…!
ترى ما هو الذي جعل هذه المرأة تبقى في الظل حتى هذا الوقت..؟!
هل هي التي تأخرت في إظهار ذاتها عبر أنشطة متوقعة منها ..؟!
أم أن إهمالا ما، نالها كما ينال المهتمين بالشأن الثقافي عموما في مجتمعات تغلب فيها المظاهر غير المنتجة.. كالاهتمام بتجمعات العزاء أو الأعراس أو النفخ في مواقف هزيلة لتبدو كبيرة، أو تسويد الصفحات في مديح لا يتضمن استحقاقا لنتاج مستحق.. أو قتل الوقت في جدالات عقيمة لأنها بلا رصيد معرفي ومنهجي ومنطقي وفوق ذلك بلا إيمان حقيقي بها.. اي بلا رصيد..!!
فقط نسمع أو نقرأ بين الفينة والأخرى بنتاج –قد لا يستحق في بعض حالاته النور – تتبناه قوى لغايات خاصة.. ولا تشكل رفدا حقيقيا لبحر الثقافة المفترض.
وللأسف- يفعل ذلك البعض من اجل بعض شهرة مستعجلة غير مكتملة التكوين ومن ثم غير مؤثرة عرضا وطولا وامتدادا.. فتكون فقط تفجيرات في وقت قصير، محدثة فرقعة لا تلبث أن تتلاشى… ويطويها النسيان. وربما الإهمال بجدارة..!
وطبعا يدفع هؤلاء ثمنا باهظا لهذا الدعم الضئيل –عادة.. كالتنازل عن قيم.. أو التسلق بطريقة مراوغة.. أو غير ذلك من الوسائل التي يفترض بالثقافة والمثقفين معالجتها.
في المقدمة التي كتبها السيد محمد جزائر حمكو جرو يقول:
((…وبعد مضي عشر سنوات بدأ حامد بنشر نتاجه الشعري باللغة العربية وكان يقضي أكثر أوقاته في حلب حيث منزل صديقه رشيد عبد المجيد ،المنزل الذي تحول فيما بعد الى ملتقى دائم للأدباء والفنانين ، والفضل يعود الى زوجة الأستاذ رشيد، السيدة نازلي خليل التي كانت ترحب بكل من كان يتردد على بيتها، وذلك بسبب حبها للأدب والفنون وتشجيعها لأصحاب المواهب.
كانت لنازلي خليل الدور الأساسي في بلورة مشروع حامد الشعري واستمراره في حياته الإبداعية وحتى استقراره النفسي، فكانت بجانبه في كافة المحن والظروف، وكانت بالنسبة له الأم والأخت والصديقة، وحتى ملهمته، بالإضافة الى ذلك عوّضته باهتمامها به، حنان الأهل والعائلة والأولاد إلى أن نالت الحب الأبدي والمرتبة الأولى في حياة حامد حتى قام هو الآخر بإهدائها ديوانه الأول “على دروب آسيا” الذي صدر عام 1983عن دار الحوار للنشر والتوزيع، بفخر واعتزاز، وترك لها تفويضا خطيا بأحقية التصرف الكامل بكل ممتلكاته وأمواله وبطبع ونشر كافة أعماله الشعرية وحتى باختيار كيفية دفنه، وفعلا قامت بأداء واجبها على أتم وجه، وتكفلت كل مصاريف طبع أعماله الشعرية، الكردية منها والعربية والتركية على نفقتها الخاصة، وهي تدرس إمكانية إنشاء مكتبة وحديقة حضارية تليق بالشاعر في مكان دفنه في مسقط رأسه بشيخ الحديد.
وبذلك تكون قد بصمت نازلي خليل في سجل الصداقة أجمل ذكرى للوفاء والإخلاص، ورسمت لوحة رائعة وعرضتها في أجمل معرض للمبدعين تعبّر عن أسمى آيات الجمال، ومنحت المرأة الكردية مكانتها الأصيلة ووضّحت مشاعر الأنوثة ورقة عواطفها وحنانها في هذه اللوحة المميزة والجذابة التي لا يشبع منها النظر،
وليت لكل مبدع صديقة كنازلي خليل..)).
وأنا أتساءل .. ترى هل تفكر بعض نساء الكورد -ورجالهم أيضا- اللواتي يمتلكن وعيا وشعورا بشخصيتهن وقيمتهن الثقافية ، بمثل ما فكرت به السيدة نازلي؟!
أم ستظل المرأة فقط تدور حول ذاتها في اهتمام بأصبغة الوجه وموضات الثياب.. بعيدا عن القيمة الإنسانية التي تسكنها في تجل يستكمل قيمتها هذه كامرأة منذ كونها ابنة فحبيبة فزوجة فأم ..وغير ذلك..!!
ويخلدها كما خلّدت السيدة نازلي وقبلها الكثيرات جدا من نساء العالم.. ومنها نساء الكورد في حقب تاريخية متتالية..!!
ديرك 7/11/2009