خواطر رمضانية ( 12 ) صوموا يصح مجتمعكم !!

علاء الدين جنكو
كما سبق أن قلنا أن  قول النبي صلى الله عليه وسلم ( صوموا تصحوا ) لا يقتصر على صحة البدن بل يتعدى ذلك إلى صحة المجتمع ، فكما أن صحة الإنسان تتحسن خلال شهر رمضان المبارك فالمجتمع المسلم أيضا يتغير نحو الأفضل في هذا الشهر المبارك ويتحسن صحته على جميع الأصعدة ، وتبرز فيه سمات المجتمع السليم ، ومن أهم تلك السمات :
المساواة : لو أمعنت النظر فإنك لا ترى وقتا يتحقق فيه المساواة كما في شهر رمضان المبارك ، حيث تتقلص فيه آثار الفوارق الاجتماعية ، ومن مظاهر المساواة في هذا الشهر العظيم :  الكل معاً يتلاك الأكل والشراب سواء كان الإنسان فقيرا أو أميراً و الكل يمسك عليه لسانه حتى لا يخطئ مع أخيه سواء كان ملتزما كثيرا أو كان من أولئك العصاة الذين أنابوا إلى ربهم في هذا الشهر ، والكل ينتظر لحظة الإفطار ، فلا الرئيس يحق له الإفطار قبل الوقت بدقائق ولا الراعي الغنم يجبر على تأخير إفطاره دقائق .
ثم صلاة التراويح تجعل من المسلمين صفاً واحداً ، الكل يتجه إلى ربه بقلب منكسر يطلب منه العفو والمغفرة ، والصف الأمامي ف يتلك الصلاة مخصصة لمن يأتي أولا ، ولمن يسرع إلى طاعة ربه ، لا للغني أو صاحب الجاه أو لابن فلان من الناس !! فالكل يقف صفاً واحداً جنبا إلى جنب الغني والفقير والصغير والكبير والرئيس والمرؤوس ، فالكل سواسية كأسنان المشط .
بالله أسأل أي مجتمع في العالم كله تتحقق فيه هذه المساواة ؟!
      التعاون : ترى المجتمع المسلم في هذا الشهر شعلة من النشاط ، يتعاون فيه أفراده دون كسل أو ملل ، ومن أهم مظاهر التعاون الواضحة والبادية للعيان في هذا الشهر :
إذا لاما حصل خصام بين اثنين من المسلمين ترى جميع من حولهم يذكرونهم أنهم صائمون وهم في شهر رمضان المبارك ، وإذا رأى المسلمون محتاجا أسرع الكثير منهم إلى مساعدته ، بل ترى أكثر المسلمين من يحول خدمة أخيه لعله ينال الأجر العظيم في هذا الشهر العظيم 00
ومن مظاهر التعاون الرائعة في المجتمع المسلم أيام شهر رمضان المبارك عندما ترى بعض العائلات يتبادلون وجبات الإفطار ، ويا لها من مواقف رائعة عندما ترى الغني يتقبل وجبة الفقير مهما كانت ، وكيفما كانت !!  والفقير الذي تأبى نفسه قبول طعام الغني في غير رمضان ترفعا عن المذلة والمهانة يقبلها في هذا الشهر بكل فرح وسرور !!
بهذه السمات يسمو المجتمع ويتحقق فيها كل معاني الإيمان وبها تسطر معني الإنسانية بذهب على صفحات هذا الشهر الكريم .

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

حيدر عمر

هناك حكايات تتنازعها عدة ثقافات، مثل حكاية “شَنْگلو مَنْگلو / şekgelo mengloالتي تتنازعها الثقافتان الكوردية والفارسية، وهي مروية على لسان معزاة توصى صغارها الثلاث بألَّا يفتحوا باب الحظيرة في غيابها إلَّا بعد أن يسمعوا منها أغنية معينة تغنيها لهم. سمعها ذئب في أحد الأيام، كان يمر في الجوار. بعد ابتعادها عن صغارها، جاء الذئب،…

محلل
يقال احيانا ان هناك “رجالا لم ينصفهم التاريخ”، وكان التاريخ كائن جائر، يوزع المجد والانصاف على من يشاء ويحجبه عمن يشاء. غير ان التامل العميق في معنى التاريخ ووظيفته يبين ان هذه العبارة، على شيوعها، ليست دقيقة؛ فالتاريخ، في جوهره، لا يظلم احدا، بل يمارس عملية فرز طويلة المدى لا تخطئ في نتيجتها النهائية، حتى…

د آلان كيكاني

منذ اشتعال فتيل الجنون في سوريا يسهل عليك تمييز السوري من بين الناس أينما كنت، وأينما كان هذا السوري…

ولو كنت دقيقَ ملاحظةٍ لعرفته من على بعد مئات الأمتار.

لا لرائحة خاصة تميزه كما عند بعض الكائنات.

وليس لسحنة مميزة تخصه كما عند بعض الشعوب.

وإنما لأسباب أخرى …

مثل إطراقة الرأس.

والكآبة البادية على محياه.

وربما لاحمرار عينيه وذبولهما.

ها…

صدر حديثاً عن منشورات رامينا في لندن كتاب “سيرة النصّ المفتوح – رحلة واسيني من تلمسان إلى السوربون” للباحثة والكاتبة السورية أماني محمّد ناصر. وهو يمثل دراسة نقدية معمّقة تتناول المسار الإبداعي والفكري للروائي الجزائري واسيني الأعرج، أحد أبرز الأصوات السردية العربية المعاصرة، من جذوره الريفية الأولى في تلمسان إلى موقعه الأكاديمي في جامعة السوربون…