الصحافة الكوردية فاعلة في النضال التحرري وفي تنمية الديمقراطية

فوزي الاتروشي
وكيل وزارة الثقافة

كل عام في الثاني والعشرين من شهر نيسان تحتفل الصحافة الكوردستانية بعيدها وتستحضر الى الذاكرة صحيفة “كوردستان” كأول تدشين لتوظيف الكلمة في مجرى النضــال التحرري ، حيث صدرت في القاهرة عام 1898 وظلت تنتقل بين (جنيف) و (لندن) ودول اخرى حيث ظلت مطاردة وممنوعة من السلطات العثمانية.
واذ يحتفظ الكتاب والصحفيون في كوردستان بهذه الذكرى طرية فلأن حياة صحيفة “كوردستان” وما فيها من نزوع تحرري تنويري واضح يعكس حقيقة وضع الشعب الكوردي ومعاناته على ارضه فهذه الصحيفة لم يهدأ لها بال ولم تخضع والعائلة البدرخانية المناضلة التي رعتها وأمدتها بالدعم الكلي كانت بمشروعها هذا ترسم ملامح تطور جديد في كيفية أدارة الصراع وتوظيف الخطاب الإعلامي لأول مرة كآلية حضارية لتسليط الضوء على قضية عادلة.

ان أية مراجعة تحليلية للصحافة الكوردية منذ اوائل القرن الماضي ولغاية الان يظهر موضوع ان الاقلام الكوردية استطاعت الى حد كبير الاحتفاظ بالبعد الوطني في العمل وتكريس الاصدارات لفعل سياسي وثقافي مقاوم ، رغم ان الفترات التي تمتعت فيها بالحرية قليلة اذا استثنينا الحقبة القصيرة نسبياً بعد ثورة تموز عام (1958) ومن ثم بعد صدور اتفاقية اذار في الفترة (1970- 1974) اما بعد الانتفاضة وانبثاق الحكومة والبرلمان الاقليميين فقد حصلت ثورة اعلامية لم يعايشها شعب كوردستان طوال التاريخ . وبدون الدخول في سرد تفصيلي للتراكم الكمي والنوعي الذي حصل في الصحافة الكوردستانية منذ عام (1991) ولغاية الان ، فان واقع الحال يشير الى تنامي دور الصحافة العامة والمتخصصة سواء لجهة الانتشار او الحرية التي تتمتع بها او التأثير الذي باتت تملكه على واقع الناس والمجتمع.

هناك الان في الاقليم عشرات الصحف والمجلات اليومية والاسبوعية والشهرية والفصلية تصدر بتقنيات عالية ، اضافة الى الانعطاف الكبير والحاصل في الصحافة الاهلية المستقلة بما فيها من جرأة وقوة وتأثير في الكتابة والطرح وهذا مؤشر ايجابي كبير على تطوير الديمقراطية في الإقليم ووضع الصحافة أمام مهمة لا تكتفي بالشرح والتقرير والعرض والسرد والوصف وإنما تتجاوز ذلك لأنتقاد ماهو سلبي وتقييم وتثمين ماهو ايجابي . الواقع ان هذا التطور الذي تدعمه ايضاً نقابة الصحفيين في كوردستان ، اثر ايجابياً على الصحافة الحزبية ايضاً والتي لم تعد الى حد ما حزبية بالمعنى التقليدي للكلمة وانما لجأت بعض قنواتها الى فسح هامش اكبر للآراء المختلفة والتوجهات النقدية البناءة . اننا نعتقد ان الاعلام الكوردي بشقيه الرسمي الحزبي والاهلي سيكون له دور اكبر واكثر فاعلية فيما اذا جرى دورياً ضخ الساحة الاعلامية بدماء جديدة وكوادر متدربة وحائزة على المام كافي بالتجارب العالمية وبالتطور التقني والعلمي الحاصل في مجال الصحافة وهذا يعني ان تكون معاهد الاعلام ومؤسساته التعليمية مؤهلة لتخريج كفاءات جادة متسلحة بالعلم والفكر والاطلاع الوافر على تجارب العالم ومتفهمة كلياً لدور الصحافة كوتد أساسي لتنمية الديمقراطية في المجتمع.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

يسر موقع ولاتى مه أن يقدم إلى قرائه الأعزاء هذا العمل التوثيقي القيم بعنوان (رجال لم ينصفهم التاريخ)، الذي ساهم الكاتب : إسماعيل عمر لعلي (سمكو) وكتاب آخرين في تأليفه.

وسيقوم موقع ولاتى مه بالتنسيق مع الكاتب إسماعيل عمر لعلي (سمكو). بنشر الحلقات التي ساهم الكاتب (سمكو) بكتابتها من هذا العمل، تقديرا لجهوده في توثيق مسيرة مناضلين كورد أفذاذ لم ينالوا ما يستحقونه من إنصاف وتقدير…

نصر محمد / المانيا

-يضم صورا شعرية جديدة مبتكرة ، لغة شعرية خاصة بعناق ، تعانق الأحرف بالابداع من أوسع أبوابه ، انها لا تشبه الشعراء في قصائدهم ولا تقلد الشعراء المعاصرين في شطحاتهم وانفعالاتهم وقوالبهم الشعرية

-مؤامرة الحبر يترك الأثر على الشعر واللغة والقارئ ، يشير إلى شاعر استثنائي ، يعرف كيف يعزف على أوتار اللغة…

 

فراس حج محمد| فلسطين

تتعرّض أفكار الكتّاب أحياناً إلى سوء الفهم، وهذه مشكلة ذات صلة بمقدرة الشخص على إدراك المعاني وتوجيهها. تُعرف وتدرّس وتُلاحظ تحت مفهوم “مهارات فهم المقروء”، وهذه الظاهرة سلبيّة وإيجابيّة؛ لأنّ النصوص الأدبيّة تُبنى على قاعدة من تعدّد الأفهام، لا إغلاق النصّ على فهم أحادي، لكنّ ما هو سلبيّ منها يُدرج…

عمران علي

 

كمن يمشي رفقة ظلّه وإذ به يتفاجئ بنور يبصره الطريق، فيضحك هازئاً من قلة الحيلة وعلى أثرها يتبرم من إيعاقات المبادرة، ويمضي غير مبال إلى ضفاف الكلمات، ليكون الدفق عبر صور مشتهاة ووفق منهج النهر وليس بانتهاء تَدُّرج الجرار إلى مرافق الماء .

 

“لتسكن امرأةً راقيةً ودؤوبةً

تأنَسُ أنتَ بواقعها وتنامُ هي في متخيلك

تأخذُ بعض بداوتكَ…