أشجع إيطاليا ولكن.. حديث الجمعة (11)

الدكتور علاء الدين جنكو

مع اقتراب انطلاقة أول صافرة للحكم في مسابقة كأس العالم لكرة القدم ينطلق معها انقسام المشاعر والميول تجاه هذا الفريق أو ذاك .
يعيش العالم مدة شهر من الزمان في أجواء تنافسية، وطابع عام يغلب عليه التسلية واللهو .
أذكر أول مونديال تابعته كاملاً وبقيت أحداثه معلقة في أذهاني يوم أن كان في المكسيك عام 1986 م .

لا أخفي أني سعيد بهذه الأجواء كغيري من المتابعين، كما أن لي فريق أتابعه وأشجعه منذ نعومة أظفاري وهو الفريق الإيطالي، كما أني أحترم وأقدر لكل إنسان مشاعره واختياره الرياضي، ولكن …
يلاحظ أن حدة المواجهة بين مشجعي الفرق تزداد يوماً بعد يوم ومونديالاً بعد مونديال لدرجة مبالغة فيها تصل إلى حد المخاصمة والمقاطعة وأحياناً إلى التشابك بالأيادي، والمصيبة أن هذه الظاهرة بسلبياتها السابقة الذكر تسربت إلى الأسرة الواحدة فترى الأخوين يتبادلان مشاعر الحقد والعداوة والكراهية بسبب فريقين لا يمتان لهما بصلة سوى متابعتهما الرياضية !!

كما أن المبالغة في التشجيع لدرجة الجنون مرض وخروج عن المألوف، وهذا ما تراه أيام المونديال، فتجد مدينة بعيدة عن البرازيل والأرجنتين بعد المشرق عن المغرب، كأنها مدينة برازيلية أوأرجنتينية، وكأن عقول أهل هذه المدينة قد بدلت ولاءها، وباتت أكثر حمية  لغيرها من نفسها، حتى أصبحت ملكية أكثر من الملك !!

ولا يقف الموضوع عند هذا الحد، بل تحول التشجيع والمؤازرة إلى خصومات عقائدية وطائفية وقومية ، فتجد إنساناً يشجع الجزائر لأنها عربية، ونيجيريا لأنها إسلامية أو أفريقية وآخرون يشجعون الأرجنتين نكاية بالمسيحيين الذين يشجعون البرازيل !!

لا أنكر تلك المشاعر وتأثيراتها العاطفية، ولا تستطيع قوة في الدنيا تعطيل تلك المشاعر وتأثيراتها، ولكنها إن تعدت المشاعر والعواطف إلى السلوكيات الخارجية وأدت إلى نتائج سلبية حينها تدخل في نطاق الملهيات المنهي عنها شرعاً بحكم نتائجها السلبية، فكل ما أدى إلى الحرام فهو حرام .

كما ان هذه المواقف تنافي مبادئ وقيم الاتحاد الدولي لكرة القدم ( الفيفا ) التي تدعو إلى الوئام والسلام بين شعوب العالم عن طريق هذه اللعبة الأكثر شعبية في العالم .

أما بالنسبة لأولئك الذين يضحون بمشاغلهم وواجباتهم من أجل متابعة المباريات يرتكبون تصرفاً أقل ما يقال فيها إنها سلبية ، فالتسلية تكون إيجابية إذا لم تؤثر على جدول أعمال الإنسان المهمة .
كما أن مقاطعة العائلة من أجل المتابعة الكاملة والدقيقة للمباريات وعدم السماح لأفراد العائلة بالتنفس من أجل سماع كل تحليل وتفصيل للمباريات أمور مبالغ فيها لا يجوز للإنسان أن يهبط إلى ذلك المستوى !!
 
وهناك نقطة في غاية الأهمية أن كثيراً من متابعي هذه المباريات يغفلون عن أهم ما يجب على الإنسان فعله وهو أداء الصلاة المفروضة وعدم الانشغال عنها فمتى كانت هذه المباريات سبباً في إهمالها وعدم أدائها أو التقصير فيها تكون مشاهدة تلك المباريات ومتابعتها محرمة شرعاً .

وعلى الجانب الآخر من المسألة تجد أناساً راقين في تشجيعهم كرقيهم في تفكيرهم، فتراهم مع ميولهم الرياضية لفريق بعينه ، لكنهم مع ذلك يشجعون اللعب النظيف والمهارة العالية .
كما يولون إهتماماً بالغاً بالفريق الأكثر التزاماً بالأخلاق الرياضية، لأن الملعب وإن كان مساحة للعب إلا أنها أكثر بقاع الكون جذباً للجماهير ومن مختلف شعوب العالم .
مرة أخرى أقول : إن أجواء كأس العالم والمنافسة فيها جميلة إذا كانت أداة ووسيلة لتآلف القلوب وجمع الشمل كما يحصل عند الكثير من العائلات المتماسكة حيث يجتمع أفرادها جميعاً في مكان واحد لمتابعة المباريات معاً في أجواء تنافسية يغلب عليها المرح والتواصل العائلي .

أتمنى لكل متابع أن يترك الكرة في الملعب ولا يحملها بين تلافيف مخه حتى لا تتحكم في عواطفه ومشاعره وتخيلاته !!

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

أحمد آلوجي

من بين الشخصيات العامودية التي تركت بصمة عميقة في ذاكرتي، أولئك الذين منحوا فنهم جلَّ اهتمامهم وإبداعهم، لا سيّما في المناسبات القومية واحتفالات نوروز التي كانت دائمًا رمزًا للتجدد والحياة. ويبرز بينهم الراحل الفذ مصطفى خانو، الذي أغنى المسرح الكردي بعطائه وإحساسه الفني الرفيع، فاستطاع أن يجذب الجماهير بموهبته الصادقة وحبه الكبير…

آهين أوسو

لم يكن يوما عاديا ،نعم فترة من التوتروالقلق مررنا بها.

إنه آذار المشؤوم كعادته لايحمل سوى الألم .

استيقظت صبيحة ذاك اليوم على حركة غير طبيعية في أصابع يدي ،ماهذا يا إلهي ،أصابعي تتحرك كأنها مخلوقات حية تحاول الهروب من تحت اللحاف ،هممت بالجلوس في فراشي اتحسس يدي ،نعم إنها أصابعي التي تتحرك لاشيء…

(ولاتي مه – خاص):
على امتداد أكثر من خمسة عقود، يمضي الفنان والمناضل شفكر هوفاك في مسيرة حافلة تجمع بين الكلمة الثورية واللحن الصادق، ليغدو أحد أبرز الأصوات التي عبرت بصدق عن آلام الشعب الكردي وأحلامه بالحرية والكرامة.
منذ انخراطه المبكر في صفوف الحزب الديمقراطي الكردستاني في سبعينيات القرن الماضي، ظل شفكر وفيا لنهجه…

ماهين شيخاني

في فجرٍ بعيدٍ من فجر الأساطير، خرج رستم، بطل الممالك الفارسية، في رحلة صيدٍ طويلة. ضلّ طريقه بين الجبال حتى وجد نفسه في مدينة «سمنغان»، حيث استضافه الملك في قصره. هناك التقى بالأميرة تَهمينه، فتاةٌ تفيض حُسنًا وشجاعة، قالت له بصوتٍ يقطر صدقًا:

«يا رستم، جئتُ أطلب من البطل ولداً مثله، لا كنزاً…