بلى، أيها المعلم! (بمناسبة الذكرى السنوية الـ 85 لاستشهاد الشيخ سعيد ورفاقه الأبرار)

  شعر: كونى ر ه ش
ترجمة: خالص مسور

بلى، أيها المعلم..!
إلى وان ومكسيه ذهبنا ثم عدنا..
ارتشفنا قطرة من (ماء) فقه هى  طيران*
كما لو أن شيئاً لم يتغير
ليس بعد ألف آه.. وحسرة

وليس غداً أو بعد غد..
ليس قبل أخبار الصباح ولا بعد أخبار المساء
ولا بعد دموع ألف حمامات هاربة من الدمار..!
كما لو أن شيئاً لم يتغير:
ليس قبل ألف درب ناري،
وليس بعد ألف شظايا أشعار
ملقاة في الأزقة..
كما لو، أن السماء رشت
بأشجار الكستناءات المقدسة
وتنثر السحب القرابين الجديدة.. 
وهذا الزورق..
أيها الإله..!
الزورق الذي امتلأ بمآسي تاريخ الظلم والقهر
إلى أين يتجه..!؟.
كأننا، لم نعبر الدهور والعصور
ولم يمر التاريخ يوماً بديارنا..؟!
فمن نحن..؟!
من نحن يا رستم الزال؟
من نحن يا إدريس وشرف خان البدليسي؟**
من نحن يا مم وزين، يا فرهاد وشيرين؟***
*                 *                *
يا أولياء الله!
هل ضاع زورقنا في لجة البحر؟
تتقاذفه الأمواج؟!
وهل تاهت بنا الليالي..؟!
واحترقت شجرة الإنسانية؟!
لتمر الأزقة والشوارع بديارنا
مليئة بالظلم والقهر..؟!
دون أن يأبهوا بنا،
دون أن يتغير شيء..
ونحن نخرز قصص الآهات والحسرات!؟؟
ترى، أ يطول بنا المصاب حتى نهاية الألف باء…!؟
*                    *                  *
أيها المعلم؟
تدور الأقاويل في أواخر الليل…!
صمتنا..!
يتلوث مع العصافير الميتة في هذا الزمان
هذا الزمان الذي من أجله نغني  
وهو، يهز برأسه من أجلنا..
يبكي، ويردد في سره.. أه..     
وا ويلاه…
كيف ضيعنا
صورآبائنا وأجدادنا،  
وتركنا عمائمهم  تذروها الرياح؟!!       
مهما تلومنا أمهاتنا،
مهما يعاتبنا
الشيخ النهري، وشيخ سعيد
في جايخانات الذكريات
نصرخ  
نقف مطولاً إزاء أبواب المدن الباكية،
طالبين الصفح والغفران،
ونسأل الأشجار المنحنية الحدباء:
هل، تخلف بنا الركب وفاتنا الزمن؟!
بلى..
هكذا يبدو،
لقد تخلف الر كب وفاتنا الزمن..
فماذا تريد أيها الإستاذ درويش!
ونحن ماذا نريد،
فقد ضمتنا المهاجر       
تحت جناحيها..
وتعبت المسالك والدروب 
من هجراتنا         
فيا لحظ من استطاع الفرار   
ومن يقود القافلة إلى وجهتها فليكن هو موجهها..!!!     
وبصمت، نستميت في حروب الإقتتال
 بيننا.
بلغة الأجانب نكتب، ونقاتل بعضنا..!
رباه..!
كم هو ليل طال سدوله..!
أليس لهذا الليل نهاية ؟!
أزقة الشرق الأوسط  من فقر أطفالنا
شبعت..!
هلموا، نحث الخطى إلى الأمام
لتقتدي بنا أجيالنا اللاحقة.
كم هذه الأيام مشحونة
بالآهات والحسرات..
فلنكن وقوداً للتنوير
وليس وقوداً للرماد الخامد!
لقد تعب الزورق في وسط البحار..
فهو بانتظاركم.
…………………………………………………………………
*  فقه هى طيران (1562- 1660): من شعراء الأكراد الكلاسيكيين، اشتهر بتغزله بماء مدينته مكسى، وله فيه أشعار اشتهرت بالعذوبة والرقة كمياه مدينته مكس القريبة من مدينة وان الكردية.
** إدريس البدليس الذي اعتمد عليه السلطان العثماني سليم الأول في معركة تشالديران ضد الصفويين، وبحنكته استطاع الحفاظ على 23 إمارة كردية شبه مستقلة.
أم شرف خان البدليسي فهو يعتبر بحق أباً لكتابة التاريخ الكردي وهو صاحب الكتاب الشهير (شرف نامة) عن تاريخ الأكراد. 
*** مم وزين هما بطلا أشهر قصة عشق كردية عرفت باسميهما. وفرهاد وشيرين هما أيضاً بطلا قصة عشق مشهورة في الأدب الكردي.
كونى ر ه ش

قامشلو 10/7/2010م

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

عصمت شاهين الدوسكي

 

ربما هناك ما یرھب الشاعر عندما یكون شعره تحت مجھر الناقد وھذا لیس بالأمر الحقیقي ، فالشاعر یكتب القصیدة وينتهي منھا لیتحول إلى تجربة جدیدة ،حتى لو تصدى لھ ناقد وبرز لھ الایجابیات وأشار إلى السلبیات إن وجدت ، فلیس هناك غرابة ، فالتحلیل والتأویل یصب في أساس الواقع الشعري ،وكلما كتب الشاعر…

فيان دلي

 

أرحْتُ رأسي عندَ عُنقِ السماءْ،

أصغيْتُ لأنفاسِ المساءْ،

بحثْتُ فيها عن عُودٍ ثقاب،

عن فتيلٍ يُشعلُ جمرةَ فؤادي،

ناري الحبيسةَ خلفَ جدرانِ الجليد.

 

* * *

 

فوجدْتُه،

وجدْتُه يوقظُ ركودَ النظرةِ،

ويفكّكُ حيرةَ الفكرةِ.

وجدْتُه في سحابةٍ ملتهبةٍ،

متوهّجةٍ بغضبٍ قديم،

أحيَتْ غمامةَ فكري،

تلك التي أثقلَتْ كاهلَ الباطنِ،

وأغرقَتْ سماءَ مسائي

بعبءِ المعنى.

 

* * *

 

مساءٌ وسماء:

شراعٌ يترنّحُ،

بينَ ميمٍ وسين.

ميمُ المرسى، عشبٌ للتأمّلِ وبابٌ للخيال

سينُ السموّ، بذرةٌ للوحي…

ربحـان رمضان

بسعادة لاتوصف استلمت هدية رائعة أرسلها إلي الكاتب سمكو عمر العلي من كردستان العراق مع صديقي الدكتور صبري آميدي أسماه ” حلم الأمل ” .

قراته فتداخلت في نفسي ذكريات الاعتقال في غياهب معتقلات النظام البائد الذي كان يحكمه المقبور حافظ أسد .. نظام القمع والارهاب والعنصرية البغيضة حيث أنه كتب عن مجريات اعتقاله في…

ادريس سالم

 

«إلى تلك المرأة،

التي تُلقّبُني بربيع القلب..

إلى الذين رحلوا عني

كيف تمكّنْتُ أنا أيضاً على الهروب

لا أريدُ سوى أن أرحلَ من نفسي…».

يفتتح الشاعر الكوردي، ميران أحمد، كتابه «طابق عُلويّ»، بإهداء مليء بالحميمية، ملطّخ بالفَقد، يفتتحه من قلب الفَقد، لا من عتبة الحبّ، يخاطب فيه امرأة منحته الحبّ والحياة، لقّبته «ربيع القلب». لكن ما يُروى ليس نشوة…