علي شمدين
صدر في أواسط عام 2010 عن وزارة الثقافة في إقليم كردستان كتاب جديد باللغة الكردية ( اللهجة السورانية) ، وهو بعنوان (ثورة الشيخ سعيد بيران في منظار عائلته) ، للكاتب (فوزي شيخ عبد الرحيم بيران) ، ترجمها من اللغة التركية الكاتب (سردار محمد) ، وقام الاستاذ (جوهر كرمانج) بإعداده ومراجعته ، وتتوزع مواضيع الكتاب على (460) صفحة من القطع المتوسط .
صدر في أواسط عام 2010 عن وزارة الثقافة في إقليم كردستان كتاب جديد باللغة الكردية ( اللهجة السورانية) ، وهو بعنوان (ثورة الشيخ سعيد بيران في منظار عائلته) ، للكاتب (فوزي شيخ عبد الرحيم بيران) ، ترجمها من اللغة التركية الكاتب (سردار محمد) ، وقام الاستاذ (جوهر كرمانج) بإعداده ومراجعته ، وتتوزع مواضيع الكتاب على (460) صفحة من القطع المتوسط .
يتناول الكتاب تاريخ ثورة الشيخ سعيد وتفاصيل أحداثها المثيرة للجدل ، كما إنه يحتوي معلومات تفصيلية هامة لكونها نادرة من جهة ، ومن جهة أخرى لأنها رويت على لسان رجل من آل البيت كما يقال ، فالكاتب فضلا عن كونه كاتب متميز في عرض الأحداث بدقة والإحاطة بظروفها ونتائجها بمنظار سياسي موضوعي بعيد عن المبالغة والعاطفة ، فإنه في الوقت نفسه إبن شقيق الشيخ سعيد بيران ، وهذا ما يضفي على تلك المعلومات مزيدا من المصداقية والامانة
فيقول الاستاذ جوهر كرمانج في مقدمة الكتاب مايلي : (ان روايات فوزي ابن أخ الشيخ سعيد وذكرياته هذه التي سجلها بين دفتي هذا الكتاب ، انما تظهر لنا الوجه الحقيقي للثورة وتعتبر ردا على تلك الاضاليل التي روجها بعض من الكتاب الاجانب بحق تلك الحركة التحررية ..) .
كما إنه يكشف عن الكثير من التفاصيل والمعلومات الهامة حول مراحل الثورة ونتائجها ، وعن قياداتها والقوى المشاركة فيها ، ويقف مطولا على هوية الثورة وأهدافها ، ويؤكد على إنها لم تكن ثورة دينية كما روج لها الخصوم وكثير من الكتاب والمؤرخين ، وإنما ثورة قومية اندلعت من أجل تخليص الشعب الكردي من نير الظلم والاضطهاد وتحقيق طموحاته في دولة كردية مستقلة ، فهاهو الشيخ سعيد يرد على رفاقه الذين عارضوا اقتراحه في طلب المساعدة من الاتحاد السوفييتي ، بذريعة إنه بلد كافر بنظرهم ، فيجيبهم الشيخ سعيد قائلا: ( نحن أيضا كافرين بنظرهم ، وهذه المسألة لاعلاقة لها بالدين ، والمصلحة القومية فوق أية مصلحة دينية .. !) .
ويقف بالتفصيل على اسباب انهيار الثورة واعدام رئيسها وقادتها ويعرض مواقفهم البطولية سواء أثناء الثورة أو أثناء المحاكمة الصورية التي أقامتها لهم محاكم الاستقلال أو أمام حبل المشنقة ، هذه المواقف التي تجعل أحفادهم من الكرد يشعرون بالفخر والاعتزاز ، ويقول الاستاذ جوهر كرمانج بأن الكتاب يكشف عن جانب هام من الجوانب التي تسببت في انهيار الثورة : (إن خيانة أشخاص مقربين جداً من الشيخ ، ومن أهمهم وابرزهم – الرائد قاسم – الذي يعتبر عديلا للشيخ وكذلك المقدم زيا ، هذين الشخصين اللذين كانا موضع ثقة عالية لدى الشيخ إلى درجة اطلاعهم على جميع اسرار الشيخ وفي الوقت نفسه كانوا من المتعاونين مع الاستخبارات التركية أيضاً) .
كما يكشف الكتاب عن تصميم الشيخ سعيد ورفاقه في متابعة الثورة في وجه الحكومة التركية بالرغم من عدم التكافؤ بين قوات الطرفين ، فعندما قال له شقيقه بهاء الدين : (أعلم بان هذا الظلم الذي يمارس الاتراك ضد هؤلاء الناس لايرضيك أبدا ، وأعرف بأنك لاتتحمل هذا الوضع قط ، ولكننا لانستطيع ان نقطع الطريق أمام هذا الظلم والاضطهاد بالتضحية وبالاعتماد على قواتنا فقط ، وسنبقى في النهاية وحيدين ولن يبادر أحدا إلى الوقوف معنا أويقدم لنا أية مساعدة ، وسوف تداس كرامتنا وأموالنا وأولادنا بأقدام الحكومة التركية ، وستبيدنا جميعا كيفما شاءت ، فلنبيع أملاكنا وأموالنا ولنذهب إلى دولة أخرى ، لنتابع في تلك البلدان حياتنا ، وسنعمل كعمال ان دعت الضرورة من أجل حماية كرامتنا كي لاتداس بأقدام الآخرين .. ) ، فيجيبه الشيخ سعيد قائلا : (أنا أيضا أعلم بأن النضال ضد هؤلاء الظالمين عمل صعب جدا ، لان الترك متوحدين ومتضامنين ، ولكنني أجد نفسي مسؤولا أمام الشعب الكردي وسأفدي بكل مالي وأملاكي وأولادي قربانا لشرف وكرامة الشعب الكردي) .
كما يقف المؤلف على ظروف اندلاع الثورة قبل آوانها ،حيث تقع حادثة بين قوات الجندرمة وشقيق الشيخ سعيد نتيجة مؤامرة مدبرة من قبل الحكومة التركية ، يقتل فيها ضابط وجنديين من الجانب التركي ،فتندلع الحرب ، حيث يقول الكاتب فوزي الشيخ عبدالرحيم حول ذلك مايلي 🙁 وبهذا يمكنا القول بأن الشرارة الأولى للثورة اندلعت في 8/شباط/1925 ، وقد خططت الدولة التركية لهذه المؤامرة بهدف تقديم موعد الثورة لكي تندلع قبل آوانها وقبل ان تنتهي من استعداداتها وجاهزيتها ، ولكي يتمكنوا من قمعها بسهولة وكي لايفسحوا لها المجال بأن تتوسع وتنتشر إلى المناطق الأخرى ايضا وتثبت سلطتها في المنطقة ..) .
وقد استمر الشيخ سعيد في نضاله دون تردد أو يأس ، وظل صامدا ومؤمنا بالنصر لقضيته شعبه القومية ، وهذا ما يظهر من إفاداته أمام محكمة الاستقلال العسكرية ، التي أصدرت بحقه القرار التالي : (بعد كل هذه الاعترافات وبحسب القوانين التركية ، فاننا قررنا ان نثبت حكم الاعدام بحق / 48 / مجرم منكم ، فانتم ملزمون بدفع فاتورة خيالاتكم حول الكرد والكردستان وذلك بتعليق رؤوسكم على حبل المشنقة ) ، فكان رد الشيخ سعيد على القرارر، كما يلي : (فلتعلموا جيدا بأنكم باعدامنا وقتلنا لن تتمكنوا من ازالة شعبنا من الوجود ، ولكن ربما تستطيعوا ان تقطعوا الطريق لفترة مؤقتة فقط أمام شعبنا ، ولتعلموا بأن إراقة كل قطرة دم إضافية ستزيد من تألق ألوان راية الحرية أكثر ..) .
كما جاء في كلمته التاريخية التي ألقاها أمام رفاقه في السجن بعد صدور قرار الاعدام بحقه وبحق رفاقه : ( لن يموت الشعب الكردي بإعدامنا ، بل بالعكس فان إعدامنا سوف يزيد من إرادة الحياة الحرة لديه وينعش روحها ، ولتعلموا بأن شجرة الحرية سوف تكبر بدماء الشهداء.. إننا لسنا نادمين أبدا على ما قدمناه من تضحية ، أريدكم أن تكونوا سعداء، ورجائي الوحيد منكم هو أن تكونوا راضون عنا ، فإن لم يرض الشعب عن المرء سوف لن يرضى عنه الله أيضا .. وأعلموا بأننا بنضالنا هذا قد اقتربنا خطوة نحو كردستان المستقلة ، وفي الختام أبارك لكم العيش في وطن مستقل ) .
وقد ظل شجاعا متماسكا لن ترهبه لحظات الاعدام والاقتراب من حبل المشنقة ، وعندما طلب منه الوالي التركي مرسل باشا ان يدون له بعض الكلمات لتبقى لديه ذكرى ،فعلم الشيخ سعيد بأنه يحاول أن يختبره فيما اذا تملكه الخوف وهو يتقدم نحو حبل المشنقة أم لا؟ ، لذلك استجاب الشيخ لطلبه وتناول منه القلم والورقة ودون له بشجاعة ، ما يلي: (إن الظالمين قلوبهم مليئة بالسوء إلى درجة أنهم لا يستطيعون أن يفكروا بشكل أخلاقي وإنساني ، ولتعلموا بأنكم بإعدامنا لاتستطيعون قطع الطريق أمام الشعب الكردي ، الذي سوف ينتقم منكم يوما من الأيام على تصرفاتكم هذه التي تتبعونها تجاهنا ، لقد تركنا خلفنا تجربة متواضعة لشعبنا ولابد إنهم سيستفيدون منها ) .
الحقيقة ، إن هذا الكتاب يتميز بأهمية تاريخية وعلمية كبيرة يستحق الاطلاع والاستفادة منه كمصدر تاريخي يؤرخ لمرحلة هامة من مراحل نضال شعبنا الكردي ، فهويتضمن وثائق ومعلومات لايستغني عنها أي باحث عن حقيقة هذه الثورة كردية التي هزت بأحداثها الشرق الأوسط خلال النصف الأول من القرن العشرين ، وتركت بظلالها على الاحداث العالمية آنذاك ، وكما يقول المؤلف: ( لقد كانت ثورة الشيخ سعيد واحدة من اكبر الحركات القومية في القرن العشرين من حيث اتساعها ووضوح أهدافها ، هذه الثورة استمرت بقيادة الشيخ سعيد منذ يومها الأول وحتى نهايتها في 29/حزيران/1925) .
كما إن الكتاب يعتبر بقيمته العلمية حجة قوية لدحض كل الاتهامات والإشاعات التي روج لها خصوم الشعب الكردي والتي كانت تستهدف تشويه صورة هذه الثورة القومية وصورة قائدها الذي ظل واقفا في وجه أعدائه وشامخا وهو يرتقي منصة الاعدام دون أن ينتابه الخوف أو الندم ، لانه كان يدافع عن قضية عادلة ومؤمنا بانها سوف تنتصر إن آجلا أم عاجلا ، وهذا ما جاء في رسالته الأخيرة الى وجهها إلى الشعب الكردي باللغتين العربية والكردية قبل تنفيذ حكم الاعدام به ، فيقول : (انا لا أهاب الأعدام قط ، فان نهج الله ونهج شعبي ، هو نهج حقيقي وأبدي ، ولا شك إنني لست نادم على التضحية بحياتي من أجل حقوق شعبي العادلة ، إذ يكفيني ان يقف أحفادي من بعدي بشهامة مرفوعي الرأس أمام أعدائهم ) ..
لقد ولد الشيخ سعيد في بالو عام 1865 ، وكان عمره (60) عاما عندما بدأ ابالثورة عام 1925 ، وبتاريخ (28 حزيران 1925) ، اتخذت محاكم الاستقلال العسكرية التي تأسست في دياربكر ، وبحسب القانون رقم (341/69) ، قرار الحكم بالإعدام على الشيخ سعيد ورفاقه من قيادات الثورة ، وقد تم تنفيذ الحكم بهم في صباح يوم (29 حزيران 1925) .
كما إنه يكشف عن الكثير من التفاصيل والمعلومات الهامة حول مراحل الثورة ونتائجها ، وعن قياداتها والقوى المشاركة فيها ، ويقف مطولا على هوية الثورة وأهدافها ، ويؤكد على إنها لم تكن ثورة دينية كما روج لها الخصوم وكثير من الكتاب والمؤرخين ، وإنما ثورة قومية اندلعت من أجل تخليص الشعب الكردي من نير الظلم والاضطهاد وتحقيق طموحاته في دولة كردية مستقلة ، فهاهو الشيخ سعيد يرد على رفاقه الذين عارضوا اقتراحه في طلب المساعدة من الاتحاد السوفييتي ، بذريعة إنه بلد كافر بنظرهم ، فيجيبهم الشيخ سعيد قائلا: ( نحن أيضا كافرين بنظرهم ، وهذه المسألة لاعلاقة لها بالدين ، والمصلحة القومية فوق أية مصلحة دينية .. !) .
ويقف بالتفصيل على اسباب انهيار الثورة واعدام رئيسها وقادتها ويعرض مواقفهم البطولية سواء أثناء الثورة أو أثناء المحاكمة الصورية التي أقامتها لهم محاكم الاستقلال أو أمام حبل المشنقة ، هذه المواقف التي تجعل أحفادهم من الكرد يشعرون بالفخر والاعتزاز ، ويقول الاستاذ جوهر كرمانج بأن الكتاب يكشف عن جانب هام من الجوانب التي تسببت في انهيار الثورة : (إن خيانة أشخاص مقربين جداً من الشيخ ، ومن أهمهم وابرزهم – الرائد قاسم – الذي يعتبر عديلا للشيخ وكذلك المقدم زيا ، هذين الشخصين اللذين كانا موضع ثقة عالية لدى الشيخ إلى درجة اطلاعهم على جميع اسرار الشيخ وفي الوقت نفسه كانوا من المتعاونين مع الاستخبارات التركية أيضاً) .
كما يكشف الكتاب عن تصميم الشيخ سعيد ورفاقه في متابعة الثورة في وجه الحكومة التركية بالرغم من عدم التكافؤ بين قوات الطرفين ، فعندما قال له شقيقه بهاء الدين : (أعلم بان هذا الظلم الذي يمارس الاتراك ضد هؤلاء الناس لايرضيك أبدا ، وأعرف بأنك لاتتحمل هذا الوضع قط ، ولكننا لانستطيع ان نقطع الطريق أمام هذا الظلم والاضطهاد بالتضحية وبالاعتماد على قواتنا فقط ، وسنبقى في النهاية وحيدين ولن يبادر أحدا إلى الوقوف معنا أويقدم لنا أية مساعدة ، وسوف تداس كرامتنا وأموالنا وأولادنا بأقدام الحكومة التركية ، وستبيدنا جميعا كيفما شاءت ، فلنبيع أملاكنا وأموالنا ولنذهب إلى دولة أخرى ، لنتابع في تلك البلدان حياتنا ، وسنعمل كعمال ان دعت الضرورة من أجل حماية كرامتنا كي لاتداس بأقدام الآخرين .. ) ، فيجيبه الشيخ سعيد قائلا : (أنا أيضا أعلم بأن النضال ضد هؤلاء الظالمين عمل صعب جدا ، لان الترك متوحدين ومتضامنين ، ولكنني أجد نفسي مسؤولا أمام الشعب الكردي وسأفدي بكل مالي وأملاكي وأولادي قربانا لشرف وكرامة الشعب الكردي) .
كما يقف المؤلف على ظروف اندلاع الثورة قبل آوانها ،حيث تقع حادثة بين قوات الجندرمة وشقيق الشيخ سعيد نتيجة مؤامرة مدبرة من قبل الحكومة التركية ، يقتل فيها ضابط وجنديين من الجانب التركي ،فتندلع الحرب ، حيث يقول الكاتب فوزي الشيخ عبدالرحيم حول ذلك مايلي 🙁 وبهذا يمكنا القول بأن الشرارة الأولى للثورة اندلعت في 8/شباط/1925 ، وقد خططت الدولة التركية لهذه المؤامرة بهدف تقديم موعد الثورة لكي تندلع قبل آوانها وقبل ان تنتهي من استعداداتها وجاهزيتها ، ولكي يتمكنوا من قمعها بسهولة وكي لايفسحوا لها المجال بأن تتوسع وتنتشر إلى المناطق الأخرى ايضا وتثبت سلطتها في المنطقة ..) .
وقد استمر الشيخ سعيد في نضاله دون تردد أو يأس ، وظل صامدا ومؤمنا بالنصر لقضيته شعبه القومية ، وهذا ما يظهر من إفاداته أمام محكمة الاستقلال العسكرية ، التي أصدرت بحقه القرار التالي : (بعد كل هذه الاعترافات وبحسب القوانين التركية ، فاننا قررنا ان نثبت حكم الاعدام بحق / 48 / مجرم منكم ، فانتم ملزمون بدفع فاتورة خيالاتكم حول الكرد والكردستان وذلك بتعليق رؤوسكم على حبل المشنقة ) ، فكان رد الشيخ سعيد على القرارر، كما يلي : (فلتعلموا جيدا بأنكم باعدامنا وقتلنا لن تتمكنوا من ازالة شعبنا من الوجود ، ولكن ربما تستطيعوا ان تقطعوا الطريق لفترة مؤقتة فقط أمام شعبنا ، ولتعلموا بأن إراقة كل قطرة دم إضافية ستزيد من تألق ألوان راية الحرية أكثر ..) .
كما جاء في كلمته التاريخية التي ألقاها أمام رفاقه في السجن بعد صدور قرار الاعدام بحقه وبحق رفاقه : ( لن يموت الشعب الكردي بإعدامنا ، بل بالعكس فان إعدامنا سوف يزيد من إرادة الحياة الحرة لديه وينعش روحها ، ولتعلموا بأن شجرة الحرية سوف تكبر بدماء الشهداء.. إننا لسنا نادمين أبدا على ما قدمناه من تضحية ، أريدكم أن تكونوا سعداء، ورجائي الوحيد منكم هو أن تكونوا راضون عنا ، فإن لم يرض الشعب عن المرء سوف لن يرضى عنه الله أيضا .. وأعلموا بأننا بنضالنا هذا قد اقتربنا خطوة نحو كردستان المستقلة ، وفي الختام أبارك لكم العيش في وطن مستقل ) .
وقد ظل شجاعا متماسكا لن ترهبه لحظات الاعدام والاقتراب من حبل المشنقة ، وعندما طلب منه الوالي التركي مرسل باشا ان يدون له بعض الكلمات لتبقى لديه ذكرى ،فعلم الشيخ سعيد بأنه يحاول أن يختبره فيما اذا تملكه الخوف وهو يتقدم نحو حبل المشنقة أم لا؟ ، لذلك استجاب الشيخ لطلبه وتناول منه القلم والورقة ودون له بشجاعة ، ما يلي: (إن الظالمين قلوبهم مليئة بالسوء إلى درجة أنهم لا يستطيعون أن يفكروا بشكل أخلاقي وإنساني ، ولتعلموا بأنكم بإعدامنا لاتستطيعون قطع الطريق أمام الشعب الكردي ، الذي سوف ينتقم منكم يوما من الأيام على تصرفاتكم هذه التي تتبعونها تجاهنا ، لقد تركنا خلفنا تجربة متواضعة لشعبنا ولابد إنهم سيستفيدون منها ) .
الحقيقة ، إن هذا الكتاب يتميز بأهمية تاريخية وعلمية كبيرة يستحق الاطلاع والاستفادة منه كمصدر تاريخي يؤرخ لمرحلة هامة من مراحل نضال شعبنا الكردي ، فهويتضمن وثائق ومعلومات لايستغني عنها أي باحث عن حقيقة هذه الثورة كردية التي هزت بأحداثها الشرق الأوسط خلال النصف الأول من القرن العشرين ، وتركت بظلالها على الاحداث العالمية آنذاك ، وكما يقول المؤلف: ( لقد كانت ثورة الشيخ سعيد واحدة من اكبر الحركات القومية في القرن العشرين من حيث اتساعها ووضوح أهدافها ، هذه الثورة استمرت بقيادة الشيخ سعيد منذ يومها الأول وحتى نهايتها في 29/حزيران/1925) .
كما إن الكتاب يعتبر بقيمته العلمية حجة قوية لدحض كل الاتهامات والإشاعات التي روج لها خصوم الشعب الكردي والتي كانت تستهدف تشويه صورة هذه الثورة القومية وصورة قائدها الذي ظل واقفا في وجه أعدائه وشامخا وهو يرتقي منصة الاعدام دون أن ينتابه الخوف أو الندم ، لانه كان يدافع عن قضية عادلة ومؤمنا بانها سوف تنتصر إن آجلا أم عاجلا ، وهذا ما جاء في رسالته الأخيرة الى وجهها إلى الشعب الكردي باللغتين العربية والكردية قبل تنفيذ حكم الاعدام به ، فيقول : (انا لا أهاب الأعدام قط ، فان نهج الله ونهج شعبي ، هو نهج حقيقي وأبدي ، ولا شك إنني لست نادم على التضحية بحياتي من أجل حقوق شعبي العادلة ، إذ يكفيني ان يقف أحفادي من بعدي بشهامة مرفوعي الرأس أمام أعدائهم ) ..
لقد ولد الشيخ سعيد في بالو عام 1865 ، وكان عمره (60) عاما عندما بدأ ابالثورة عام 1925 ، وبتاريخ (28 حزيران 1925) ، اتخذت محاكم الاستقلال العسكرية التي تأسست في دياربكر ، وبحسب القانون رقم (341/69) ، قرار الحكم بالإعدام على الشيخ سعيد ورفاقه من قيادات الثورة ، وقد تم تنفيذ الحكم بهم في صباح يوم (29 حزيران 1925) .
السليمانية 20/8/2010