الأكراد في لبنان و سوريا

  تقييم:
كتاب مضى على تأليفه خمس و ستون سنة من تأليف الدكتور أديب معوض , دكتوراه في الفلسفة و الإجتماع , أعيد إحياؤه في دار آراس للطباعة و النشر- أربيل أقليم كردستان العراق – طبعة ثانية , لما له من أهمية علمية و سياسية و إنسانية , الكتاب يقع في أربع و ستون صفحة من القطع الصغير.

قيمة الكتاب العلمية:

–  مؤلفه الدكتور أديب معوض دكتور في العلوم الإجتماعية و الفلسفية و عضو سياسي بارز في الحزب القومي الإجتماعي السوري المؤسس من قبل انطون سعادة سنة 1932
–  الكتاب بحث اجتماعي و جغرافي و سياسي كتب بلغة علمية رصينة بعيدة عن التأثر العاطفي
–  قومية الكاتب عربية و يدين بالمسيحية
–  الزمن الذي كتب فيه الكتاب هو عام 1945 : الزمن الذي استعرت فيه نار القوميات في الشرق الأوسط
إن كلا البندين السابقين ينفيان صفة التحيز عن الكاتب فالأول تتحقق فيه المقولة ” و شهد شاهد من أهله ” و الثاني يمثل ضغطاً هائلا” على أية شخصية مهمة .. مما سيحدوه إلى التفكير أكثر من مرة قبل نشر هكذا دراسة في بيئته العربية الأمر الذي قد يؤثر سلبا” عليه و على حزبه , و يعلل المؤلف إقدامه على هذا العمل بالمسؤلية الملقاة على عاتق العلماء من قول الحق .
–  قدم للكتاب السيد فلك الدين كاكائي وزير الثقافة في إقليم كردستان العراق لإيمانه بأهمية الكتاب من الناحية السياسية الوثائقية و هو المطلع على الغث و السمين من الكتب و الوثائق التاريخية.
– أعيدت طباعة الكتاب بطلب من الدكتور محمد صالح جمعة الحاصل على الدكتوراه في تاريخ الإقتصاد السياسي – كما ذكر السيد فلك الدين كاكائي – و الأول معروف بوثائقيته و علميته من خلال ترجمته للكثير من أمهات الكتب العالمية إلى الكردية و عمله في الحقل الجامعي كأستاذ مدرس و عمله السياسي في الحزب الديمقراطي الكردستاني.

قيمة الكتاب السياسية:
في عام 1945 زمن ميلاد الكتاب كانت الحرب العالمية الثانية تضع أوزارها , و قد هزت الأرض و حركت الحدود و غيرت الخرائط .. فلم يكن ثمة ركون إلى حدود الأمر الواقع بل توقع تغيرها نحو استقرار أكبر كما يحدث للكتل الزلزالية .. لذلك رسم الدكتور معوض خارطة كردستان وصفاً كتابياً دقيقاً حسب أماكن تواجد الكورد حقيقة و ليس لأية إعتبارات سياسية , فخرج ببحقائق مهمة منها:
– تبلغ مساحة كردستان حوالي الخمسمئة ألف متراً مربعاً  
– رسم حدود كردستان كالتالي:
 – الحدود الشرقية: من الخليج الفارسي جنوبا” مروراً بشرق جبال زاغروس و حتى البحر الأسود شمالً دون أن تصل إلى شاطئه
 – الحدود الشمالية: تصل إلى القفقاس والبحر الأسود و هضبة الأناضول
  – الحدود الجنوبية: خط يمر من غرب الموصل مروراً بالجزيرة و موازياً للحدود التركية و حتى البحر المتوسط و لواء اسكندرونة
 – الحدود الغربية: تبدأ من البحر المتوسط جنوباً مروراً ببععض ببعض المدن التركية الكبرى التي يختلط فيها الكورد بالترك
و بإلقاء نظرة سريعة على ما ذكره الكاتب من مساحة و حدود .. نجد أن الكثير من الباحثين و المؤلفين الكورد تواضع عن ذكرهذه الحقائق لاعتبارات سياسية – كما نوه السيد فلك الدين كاكائي – بينما يعلنها الدكتور معوض من منطلق المسؤولية العلمية الملقاة على عاتق العلماء.
وهذا يحدونا إلى الخطوة التالية: الإستنتاج بأن الشرق الأوسط الجديد .. في الحقيقة قديم .. و أن الحدود الحالية هي الطارئة و قد نتجت من الإتفاقيات الإستعمارية المعروفة .
كما يتنبأ د معوض و منذ عام 1945 بأن الكورد إذا لم يحصلوا على حقوقهم فهناك ما يهدد سلامة الشرق الأوسط و يختتم بقوله:
إن في وسع الوطن الكوردي إذا ما استتب له السلام أن يضع كل ما لديه من موارد الروح و العقل و المادة في سبيل الحضارة و الرقي البشري العام

خاتمة:
الكتاب رحلة عبر الزمن .. وصل إلينا ليؤكد أن الحقوق لا يمكن أن تضيع في غياهبه .. و أن قوانين الحياة نحو العدالة .. ستتحقق ولو بعد حين .. و أن نظرة العلماء ممن يتحمل المسؤلية العلمية أدق و أصوب من النظرة القصيرة الحسيرة للمنفعة الإنسانية .. مما كان سيوفر – لو قدر لها التطبيق – الكثير من المعاناة و الآلام في منطقة الشرق الأوسط.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

 

فراس حج محمد| فلسطين

تتعرّض أفكار الكتّاب أحياناً إلى سوء الفهم، وهذه مشكلة ذات صلة بمقدرة الشخص على إدراك المعاني وتوجيهها. تُعرف وتدرّس وتُلاحظ تحت مفهوم “مهارات فهم المقروء”، وهذه الظاهرة سلبيّة وإيجابيّة؛ لأنّ النصوص الأدبيّة تُبنى على قاعدة من تعدّد الأفهام، لا إغلاق النصّ على فهم أحادي، لكنّ ما هو سلبيّ منها يُدرج…

عمران علي

 

كمن يمشي رفقة ظلّه وإذ به يتفاجئ بنور يبصره الطريق، فيضحك هازئاً من قلة الحيلة وعلى أثرها يتبرم من إيعاقات المبادرة، ويمضي غير مبال إلى ضفاف الكلمات، ليكون الدفق عبر صور مشتهاة ووفق منهج النهر وليس بانتهاء تَدُّرج الجرار إلى مرافق الماء .

 

“لتسكن امرأةً راقيةً ودؤوبةً

تأنَسُ أنتَ بواقعها وتنامُ هي في متخيلك

تأخذُ بعض بداوتكَ…

 

محمد إدريس *

 

في ذلك المشهد الإماراتي الباذخ، حيث تلتقي الأصالة بالحداثة، يبرز اسم إبراهيم جمعة كأنه موجة قادمة من عمق البحر، أو وترٌ قديم ما زال يلمع في ذاكرة الأغنية الخليجية. ليس مجرد ملحن أو باحث في التراث، بل حالة فنية تفيض حضورًا، وتمنح الفن المحلي روحه المتجددة؛ جذورٌ تمتد في التراب، وأغصانٌ…

 

شيرين الحسن

كانت الأيام تتسرب كحبات الرمل من بين أصابع الزمن، ولكن لحظة الغروب كانت بالنسبة لهما نقطة ثبات، مرسى ترسو فيه كل الأفكار المتعبة. لم يكن لقاؤهما مجرد موعد عادي، بل كان طقسًا مقدسًا يُقام كل مساء على شرفة مقهى صغير يطل على الأفق.

في كل مرة، كانا يجدان مقعديهما المعتادين، مقعدين يحملان آثار…