أنتَ هو أنا

نارين عمر
narinomer76@gmail.com

خرجَ من البيتِ مسرعاً, لحقته, نادته, عاد إليها, دفعها إلى الدّاخلِ بقوّةٍ:
-لا تدعي أطفالنا ينظمون تراتيل رثاءٍ عليكِ وعليّ.
أغلقتِ البابَ بقوّةٍ مدّعية التّراجعَ والاستجابة ليطمئنّ في مسيره.

سارَ خطواتٍ, تلقى مسمعه الأيمنُ أزيزاً لاهباً, اختبأ وراء كومة حجرٍ مرميّةٍ في جهةٍ ما.
تلقى مسمعه الأيسر أزيزاً أشدّ لهيباً. قطعَ أنفاسه حين أحسّ بقدوم ركْبٍ مجلجلٍ نحوه, تملّصَ منهم, التحقَ بحشدٍ ينادي, يصرخ. صرخَ مثلهم, نادى, ضحكَ وبكى.
توالت صرخات الأزيز, أسرعَ إلى صاحبه الذي بجانبه وهو يئنّ, يتدفقُ الأحمرُ القانئُ من أحشائه.
حمله فوق ظهره, سارَ به إلى حيثُ النّازفون, الصّارخون. قبل الوصولِ بخطواتٍ تلقى مسمعيه أنّاتٍ ناعمة الملمس, رقيقة الأثير, بصعوبةٍ التفتَ إلى الخلفِ, بصرت عيناه مشهداً تسيّدَ كلّ صور ومشاهدِ ذاكرةِ بصره وبصيرته:
وجدها تهرولُ خلفه والأحمرُ يصبغُ كتفها الأيمن وسائر جسدها.
أراحَ صاحبه قليلاً, جلسَ أمامها خاشعاً, وضعَ رأسها على ركبته:
-ألم أطلب إليكِ العودة؟ ألم….
أجابت:
-ألا ترقص مشاعري على الدّوام على أنغامِ نطقك:
-أنتِ هو أنا, ومَنْ أكون إن لم تكوني؟!
ألا يحقّ لي أن أغنّي وأنادي: نعم, أنتَ أنا ومن دونك مَنْ أكونُ؟!

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

د. فاضل محمود

رنّ هاتفي، وعلى الطرف الآخر كانت فتاة. من نبرة صوتها أدركتُ أنها في مقتبل العمر. كانت تتحدث، وأنفاسها تتقطّع بين كلمةٍ وأخرى، وكان ارتباكها واضحًا.

من خلال حديثها الخجول، كان الخوف والتردّد يخترقان كلماتها، وكأن كل كلمة تختنق في حنجرتها، وكلُّ حرفٍ يكاد أن يتحطّم قبل أن يكتمل، لدرجةٍ خُيِّلَ إليَّ أنها…

سندس النجار

على مفارق السنين
التقينا ،
فازهرت المدائن
واستيقظ الخزامى
من غفوته العميقة
في دفق الشرايين ..
حين دخلنا جنائن البيلسان
ولمست اياديه يدي
غنى الحب على الافنان
باركتنا الفراشات
ورقصت العصافير
صادحة على غصون البان ..
غطتنا داليات العنب
فاحرقنا الليل بدفئ الحنين
ومن ندى الوجد
ملأنا جِرار الروح
نبيذا معتقا
ومن البرزخ
كوثرا وبريقا ..
واخيرا ..
افاقتنا مناقير حلم
ينزف دمعا ودما
كشمس الغروب …

خلات عمر

لم تكن البداية استثناءً،,, بل كانت كغيرها من حكايات القرى: رجل متعلّم، خريج شريعة، يكسو مظهره الوقار، ويلقى احترام الناس لأنه “إمام مسجد”. اختار أن يتزوّج فتاة لم تكمل الإعدادية من عمرها الدراسي، طفلة بيضاء شقراء، لا تعرف من الدنيا سوى براءة السنوات الأولى. كانت في عمر الورد حين حملت على كتفيها…

عصمت شاهين دوسكي

* يا تُرى كيف يكون وِصالُ الحبيبةِ، والحُبُّ بالتَّسَوُّلِ ؟
*الحياةِ تَطغى عليها المادّةُ لِتَحُو كُلَّ شيءٍ جميلٍ.
* الأدبُ الكُرديُّ… أدبٌ شاملٌِّ آدابِ العالمِ.

الأدبُ الكُرديُّ… أدبٌ شاملٌ مجدِّ آدابِ العالَمِ… يَتَفَوَّقُ هُنا وَهُناكَ، فَيَغدو ألمانية الشَّمسِ… تُبِعِثُ دِفئَها ونورَها إلى الصُّدورِ… الشِّعرُ خاصَّةً… هذا لا يعني أنه ليس هناك تَفَوُّقٌ في الجاوانبِ الأدبيَّةيَّةُِ الأخرى،…