بث مباشر غير مغطَّى سياسياً

إبراهيم محمود

صدّق/ لا تصدّق: أنت حر:
لم يصدّق الوصيُّ الكردي، وهو سياسي أو مسيس حرْفياً، على الشاعر الكردي موته المريع، ليعلن عن بدء حفلته على شرفه المنتهك، بجعل اسمه عنواناً على مقامه الذي يقامر فيه على شعب كامل يزعم تمثيله.
لَكَم هو بائس هذا الشاعر الكردي إلى درجة، يبتلع شظايا البللور المكسور، ليُطعَم خبزاً مِن عابث بمصيره.
لكم هو مقذوف في الريح هذا الشاعر الكردي، بدعوى الطيران، وإذا به موجَّه إلى جهنم المستبدّ به القريب منه.

لكم هو مضحَّى به هذا المبدع الكردي ونظيره في الكتابة ثقافياً، حيث الوصي عليه والمتاجر به يريده طافياً على السطح، لغاية في نفسه الأمَّارة بالسوء دائماً، كونه لا يحسن الغوص في الأعماق كلياً.
لكم هو مأسوف عليه هذا الكردي الذي يُعبَث به كردياً، أكثر من عبث الأعداء به، كما يقول تاريخه نفسه.

دون مقدمات/ دون خواتيم:
أكاد أقول إن القدر العابث يحمل هوية كردية، فقط عندما يبرّر الكردي تقصيره أنه محارَب من الجهات كافة.
يرتبط القدر بلعبة المصادفات غير المدروسة عند الآخرين، أما الكردي، فيعتبره استغباءً، أنه ضحيته التاريخية.
ليس القدر خارج التاريخ، إلا من يعتبر التاريخ قدراً، وأن عليه الانصياع له، وذلك هو الهوان الذاتي الأكبر.
يمكن التكيف مع القدر، إذا عُرِف في لغته، ولأن الكردي أمّيُّ تاريخِه كثيراً، فهو يتبلد وعياً في حضوره.
الحديث عن القدر بالمطلق لغة الموهومين أنهم مسحورون، وهذا شأن الكردي الغارق في شتاته النفسي.

لأن: أكثر من لأن:
ليس لدى الكردي سوى الكردي كثيراً، واقعاً، فهو خصيمه والمتربص به، ومثله المضروب في النيل منه.
ليس للكردي غير الريح، لكنه الريح الذي يطلقه، وينسب فساد الهواء وعفنه إلى تقلبات المناخ.
ليس الكردي هو الذي يصمت كثيراً، إنما الذي يتكلم كثيراً، تحت راية البلاغة، باعتباره المقهور والمهدور.
ليس الكردي هو الأهليّ في وسطنا غالباً، إنما ذاك الذي يرسم الآخرون صورته كثيراً ولا يتعظ الكردي منها.
يمكن للكردي أن يبرز في لعب أدوار كثيرة، سوى أنه ينسى الدور الأهم منه، وهو لعب دور الكردي تاريخياً..
ليس للكردي سوى الكردي الذي يسهب في مديحه، ليجعله حجَّته في إفحام الخصم، حيث شاهد الثعلب ذنَبه.

مهلاً، أو تمهَّل:
أعطني كردياً منفتحاً على التاريخ، أعطِك طريقاً للدخول في تاريخ الآخرين بجدارة.
أعطني كردياً يعرف نفسه بالفعل، أعطك مجالاً يرحَّب فيه من قبل الآخرين.
أعطني كردياً يعرف نفسه حق قدرها، أعطك أدباً، نقداً، فناً، يقود إلى العالمية.
أعطني كردياً، لا يقول لمرة واحدة في اليوم” أنا” أعطك آذاناً صاغية تسمعه بحب وتقدير.
أعطني كردياً يميّز بين نفسه والآخرين بدقة، أعطك مجتمعاً برسم الحضارة.
أعطني كردياً يخجل من نفسه لفشله في درس التاريخ، أعطك جغرافيا كاملة مطوَّبة باسمه.

إذاً، أو دون إذاً:
ثمة الكردي الغندور في وسطنا والذي يختلط فيه الذكر والأنثى.
ثمة الكردي الذي يتحالف مع الكذب، وينصب مشنقة للصدق في ساحة عامة بحضور الجميع.
ثمة الكردي الذي يؤمُّ الجميع دون أن يعرف الجهة التي يستشرفها.
ثمة الكردي الذي يصدّقه الآخرون وهو “يحلبهم” قياماً بالجملة.
ثمة الكردي الذي يسيل لعابه لمن يمدحه وملؤه كراهية لمن حوله، ولمداحه أولاً.
ثمة الكردي الذي ينازل أياً كان دون حساب للعمر.. للقوة.. للثقافة المطلوبة…الخ.
ثمة الكردي الذي يعاني من عقدة الكردية كسوسة ٍ تحكُّه في كامل جسمه.
ثمة الكردي الذي يبدع في المراوغات، ويدعو إلى التكيف مع البساطة..
إذاً.. إذاً.. إذاً…!

:إذاً  فإذاً
ليس الآخرون هم البعيدون عن الكردي، إنما الذين يتحكمون بمصيره وهم داخل عقله ونفسه.
ليس الآخرون من يعتبرهم الكردي غرباء عنه، إنما الذين يؤثرون فيه، وهو غير دار ٍ بهم.
ليس الآخرون هم الغرباء عن الكردي، إنما الذين يعرفونه عن قرب، وهو يأبى الاعتراف بهم.
ليس الآخرون هم الناطقون بلغات أخرى، إنما هم الكرد أنفسهم، حيث يكونون غرباء لبعضهم بعضاً.
ليس الآخرون من تتم محاربتهم من قبل الكردي، إنما من يتوهمهم أعداء،
ويمضي في وهمه ما بقي دهره.

لهذا، ولهذا:
يحتاج الكردي إلى الكثير من دروس الحب، لأنه يعيش أمّية التنافر بينه وبين نظيره الكردي.
يحتاج الكردي إلى الكردي، ليحسن الجمع المختلف، حيث لا يشبه الكرديُّ الكرديَّ، فيكون الإبداع.
يحتاج الكردي إلى الكثير من الهواء النقي، ليكتشف بحق أنه سليل جبل ما، ويحسن التكيف مع السهول.
يحتاج الكردي إلى جلسة اعتراف مع نفسه، ليكون أكثر تواضعاً وتفهماً، في حضرة المختلف عنه.
يحتاج الكردي إلى من يعينه في اكتشاف كرديته، فالعيب هو في رفض الآخر بدعوى الاكتفاء الذاتي.
يحتاج الكردي إلى مطهّرات كثيرة، ليَصفى نفْساً وعقلاً وجسداً، ليكون أهلاً للتاريخ الذي يرومه.
يحتاج الكردي إلى مصارحة علنية بتقصير ما له، ليتقبله الآخرون، ويَقبَلون على مصاحبته.

من هنا، وربما ها هنا:
لا أصدقاء للكردي سوى الجبل.. خرافة الكردي حين يخاف النظر في وجهه في المرآة.
لا أصدقاء للكردي سوى الجبل.. حيث الجبل نفسه بات مكشوفاً للآخرين منذ عقود زمنية طويلة.
لا أصدقاء للكردي سوى الجبل… وهم الكردي الذي يحل جغرافيا صغيرة على حساب تاريخ رحب.
لا أصدقاء للكردي سوى الجبل.. لحظة زمنية يستشعر فيها الكردي، وليس أن يختفي فيها نهائياً.
لا أصدقاء للكردي سوى الجبل.. حيلة المتحكم الكردي في الكردي، حيث ينقله من هزيمة لأخرى.
لا أصدقاء للكردي سوى الجبل.. تعويذة يجب التحرر منها، حيث العولمة كشفت كل شيء من الفضاء.

ثبّت بالتالي، أو الغه:
في وسع الكردي أن يحقق كرديته، دون أن يعتبر ذلك إنجازاً، يتباهى به على الآخرين.
في وسع الكردي أن يكتشف كرديته، إذا سمَّى عللها ونخرها الذاتي، ضرباً من ضروب مواجهة الذات.
في وسع الكردي أن ينسى أنه كردي ساعة واحدة، ليكتشف كرديته الفعلية المفارقة له منذ زمان طويل.
في وسع الكردي أن يقرّع نفسه، أنّى كان، ليصبح أكثر واقعية في التعامل مع المتغيرات.
في وسع الكردي أن يكون كردياً، إذا علِم أن الكردية فن العيش في الحياة والإقبال عليها بإرادة واعية.
في وسع الكردي أن يكون كردياً إذا تحرَّر من ذاته المتقلبة، واكتشف الحياة التي تسمّيه وليس بالوكالة.
في وسع الكردي أن يكون نزيل التاريخ، إذا تخلى عن خرافة الجغرافيا التي لا تشبهها جغرافيا أخرى.

======

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

مصدق عاشور

 

إنها حروف

إنها وقع أماني

فهل يدركني زماني

إنها وصلت غناء

أضاعت حروفها

وأضاعت الأغاني

رجاء

إنها سفينة تحلق

بزرقة الوجود

فهل نرسم الأماني

أم نحلق بالروح

أم نحلق بالسجد

ياسمينة

ترسم الروح

وتشفي الجسد

فلا وقت للحسد

رجاء

ماالذي غيرني

ماالذي عذبني

فهل تدركني الروح

في الأغاني

ومزج الصور

رجاء

إيقونة روحي

تعلق جسدي بالدموع

إنها سر الحزن

بين الضلوع

بين مراسي الحنين

يشق يمزق جسدي

سيوف الحاقدين

لن أعرف الحزن يابشر

تعطلت المراسي

تعطلت البحار

لكني روح

أختار ما أختار

فكو عني السلاسل

روحي وجسدي

أيقونة ياسمين

أيقونة حنين

ا. د. قاسم المندلاوي

 

الفنان الراحل (صابر كوردستاني) واسمه الكامل “صابر محمد احمد كوردستاني” ولد سنة 1955 في مدينة كركوك منذ الصغر فقد عينيه واصبح ضريرا .. ولكن الله خالقنا العظيم وهبه صوتا جميلا وقدرة مميزة في الموسيقى والغناء ” فلكلور كوردي “، و اصبح معروفا في عموم كوردستان .. ومنذ بداية السبعينيات القرن الماضي…

فراس حج محمد| فلسطين

-1-

لا تعدّوا الوردْ

فما زالتِ الطريقُ طويلةً

لا نحن تعبنا

ولا هم يسأمون…

-2-

ثمّةَ أُناسٌ طيّبونَ ههنا

يغرّدونَ بما أوتوا من الوحيِ، السذاجةِ، الحبِّ الجميلْ

ويندمجون في المشهدْ

ويقاومون…

ويعترفون: الليلُ أجملُ ما فيه أنّ الجوّ باردْ

-3-

مع التغريدِ في صباحٍ أو مساءْ

عصرنة النداءْ

يقولُ الحرفُ أشياءً

ويُخفي

وتُخْتَصَرُ الحكايةُ كالهواءْ

يظلّ الملعبُ الكرويُّ

مدّاً

تُدَحْرِجُهُ الغِوايَةُ في العراءْ…

-4-

مهاجرٌ؛ لاجئٌ من هناك

التقيته صدفة هنا

مررتُ به عابراً في…

عبد الستار نورعلي

(بمناسبة عيد المرأة)

 

حين تكون المرأةُ الأحلامْ

تنسدلُ الستائرُ الحريرْ،

فلا نرى أبعدَ من أنوفنا،

وخافقٌ يضربُ في صدورنا،

فكلّ نبض امرأةٍ هديرْ

والمطر الغزيرْ،

 

نفتحُ حينها عقولَنا

أم نسرجُ الخيولْ

والسيفَ والرمحَ

وصوتَ الحلمِ الغريرْ؟

 

في حلمٍ

يُبرعمُ الربيعُ فوقَ صدرِها،

ينتظراللحظةَ كي يدخلَ في الفؤادْ،

يُعطّرُ الروحَ بدفء روحها،

يقتطفُ العشقَ

ويبدأ الحصادْ،

 

في كتبِ الروايةِ الأولى:

غزالةٌ تسلَقتْ تفاحةَ البقاءْ،

وانتزعتْ تفاحةً لتقضمَ الغرامَ

واللعنةَ، والدهاءْ،

 

امرأةُ العزيزِ راودَتْ فتاها

عنْ…