عذراً يا ابراهيم حسو

بقلم: جوبار

بينما كنت أتجول على الشاشة الصغيرة بين المواقع لعل اجد خبراً يسر النفس واذ وقع عيني على عنوان (جكرخوين شاعر فاشل ) وقفت على هذا العنوان وقرأته بتمعن ففي البداية قلت لنفسي ان مثل هؤلاء الناس لا يستحقون ان يرد عليهم ولكن أصر قلمي أن اكتب للرد على هذا المقال كي يعرف أمثال هؤلاء الناس أن للأدب والشعر أصحابها فقد ورد في مقالتك يا حسو بأن صدمة الحداثة الشعرية التي طالت جميع شعريات العالم إلا الشعرية الكردية المسكينة

عذراً يا حسو:
إذا فقد الشعر غنائيته فقد ماهيته وجوهره فلا مكان للحلم والصبابة دون نظم غنائي بديع يضع الكلمات في عقد نفيس ويعطي للشعر رونقاً وجمالاً فالشاعر جكرخوين كان ولا يزال شعره يتردد صداه في أرجاء القلب فتنطلق الروح سابحة في عالم النشوة . فحب الوطن والانسانية كان له أثر بالغ في نفس جكرخوين لأنه كان ينطلق من الحداثة الشعرية فكان بقصائده يدغدغ المشاعر بإيقاعاته أمام انفعالات الحزن والألم والجمال والخير.
فعد يا كاتب المقال إلى قصائد جكرخوين وضع شعره على نار الانفعال العميق لديك سترى الاخلاط يذوب ويسقط الدخيل ولا يبقى من الكلمات سوى الحقد والكراهية تجاه هذا الشاعر العملاق في قصائده الغزيرة وفي نتاجه الرائع فالشاعر جكرخوين كان مع الحداثة دائماً ولايتجنب الواقع بل كان يرفعه إلى الحد الاعلى مضروباً بالرقم القياسي فقد كان متقداً في فكره متقدما,لانه كتب في الجانب الاجتماعي والانساني كثيراً وعلى سبيل الذكر قصة (سالار و ميديا)
فقد عالج البعد الاجتماعي والطبقي في هذه الملحمة الشعرية الرائعة وكان بليغاً في نظمه انساناً في وجدانه وكان خياله الشعري نسيجاً رائعاً, فقد طور خلال رحلته الشعرية بعض المضامين والاخيلة الشعرية إلى افاق المجتمع الحديث , ولم يكن جكرخوين متعصباً في فكره بل جاوز حدود الفكر القومي كان تقدمياً ينادي بالتحرر الكردي الاجتماعي للشعب الكردي والشعوب كافة ويحس بعمق إن الامة الكردية متخلفة تتربص لها الاعداء لتمزق جسدها فكتب عن الاخوة الكردية العربية…. ففي قصائده يحارب الظلم الاجتماعي والتعصب القومي والصراع الطبقي والفقر والجهل
عذراً يا حسو:
إن شاعرنا منذ صباه وحتى كهولته متسق متكامل مهما تطور الزمان وتقلب بين المذاهب, على سبيل الذكر فالمتنبي هو المتنبي لم يطرأ عليه التغيير مهما تطور الزمان بل بقي سلوكه الرصين بين الناس جميعاً كذلك شاعرنا إن مجموع الرؤى عند الشعراء الاكراد منذ القدم بدءاً من بابا طاهر العرياني ومروراً بالجزيري والوقوف عند قصة ممو زين والدي يعتبر من روائع الادب الكردي الذي صاغها شعراً أمير الشعراء أحمدى خاني.
فقد ذكرت بأنك كنت منبهراً في شبابك بأشعار الجزيري والان تذكره سوى انجازات الشعر البوهيمي , نعم كنت كذلك في شبابك لأنك لم تعرف شيئاً عن سيرة الجزيري وقصائده الذي يعتبر عملاق الشعر في الأدب الكردي وبيدرها ولم تكن تفهم معاني نظمه والان بعد مرور الزمن أصبحت من فطاحل الكتاب والنقاد في مجال الادب الشعر فأصبحت تغوص في أعماق الشعر والنظم القصائدي فتصف جكرخوين بالشاعر الفاشل والجزيري بالشاعر البوهيمي , ولم تقف إلى هذا الحد بل جاوزت حدودك وصببت جام حقدك فطال قلمك بأن تصف الجزيري بالتجارب الهزيلة في ميدان الشعر أي حقد تضمره في قلبك تجاه شعراء أبناء جلدتك الذين خدموا غيرهم و أبدعوا في مجال الشعر والادب والتاريخ بلسان غيرهم والتاريخ خير شاهد , وما هي القرائن بين يديك على أنهم متعصبون في فكرهم القومي.
عذراً يا حسو :
يبدو أنك كردياً بأسمك وعملياً من امثال خضر مولود في برنامج الاتجاه المعاكس عندما كان يصف قادة الاكراد بأنهم خونة , فجكرخوين كتب للناس جميعاً دون تمييز أو تعصب قومي ففي طيلة مراحل حياته الفكرية والشعرية لم يكن ضيق الافق بل كان خياله واسعاً يجتاز الحدود القومية فكتب على ثورة 14 تموز وعلى روبسون وثورة أكتوبر ……..ولماذا لا يحق له أن يكتب على وطنه وأمته التي لا تزال ترزخ تحت نير العبودية والاضطهاد والتمييز العنصري فتصور أن رجلاً في ألمانيا كان يعتني بأزهار شرفة منزله , كوفئ على عمله الا يحق لنا أن نكرم شاعرنا الذي وضع بين أيدينا ثمانية دواوين بدلاً من أن نصفه بالشاعر الفاشل.
عذراً يا حسو:
عد إلى رشدك وتنقل بين حدائق شاعرنا لتقطف من كل حديقة وردة وتجعلها باقةً عربوناً على عرفانه وجميله الذي كرس حياته في خدمة الادب والشعر وكان حقاً عاملاً من عومل اليقظة القومية في تلك الحقبة العصيبة.
ولكن يبدو لا يطيب بك المقام عندما ترغب أن تزور هذه الحديقة لأنك لست من روادها , فبدلاً من أن تقول لأطفالك  كم قصيدة من دواوين شاعرنا حفظتم يا أبنائي أو من قصائد الجزيري  أو هل تريدون أن أروي لكم قصة مموزين يا أبنائي بل ذممتهم بالفشل والتجارب الهزيلة , فارجع إلى روضة الجزيري وتعمق فيها سترى فيها الكثير , لأنها روضة من رياض الادب ولا يطيب للمرء أن يغادرها , فتصور حيث يقول في إحدى قصائده : إذا أردت أن تقرأ قصائدي فلا حاجة لك بالشاعر الشيرازي الذي يعتبر من عمالقة الادب الفارسي كما لم يطفأ نار حقدك وكرهك لهؤلاء الفطاحل في مجال الشعر والادب بل طال قلمك إلى الموسيقار محمد شيخو عندما تقول : (بأنه الذائقة الشعرية العامة مستقاة من تلك الحقبة الشعرية المتحجرة كأغاني محمد شيخو والاغاني المعربة لأمير البزق سعيد يوسف.
عذراً يا حسو:
إن الحقبة التي تتحدث عنها انها حقبة الحداثة وليست الحقبة التحجرة لان عصر جكرخوين كان عصر الحداثة الشعرية اما العصر الذي نظم الجزيري قصائده لايتجاوز ست مائة سنة فارحع إلى تاريخ الادب واقلب صفحاته , فعمر الخيام نظم قصيدته الشعرية قبل جكرخوين والجزيري ولم تصفه بالحقبة المتحجرة بل ترجمت هذه القصيدة إلى العربية وغنتها السيدة أم كلثوم ولكن لا أعرف ما هي الدوافع التي أجبرتك أن تكتب على شعرائنا وتجني على محمد شيخو الذي يطرب السامعين بألحانه الحزينة التي تدمع العين والذي كان مرهفاً في حسه وبلبلاً في غنائه ومؤثراً في أدائه الغنائي لانه كان تواقاً إلى الحرية والكلمة الحرة رغم معاناته سواءً على الصعيد المدي أو ملاحقته بين الكر والفر , رغم ذلك بقي طوال حياته كالطود الشامخ يواجه الصعاب بهامة مرفوعة يشق دربه في سبيل وصول الكلمة واللحن إلى قلوب جماهيره ولماذا لم تتطرق في مقالتك إلى قصيدة لأبي فراس الحمداني التي غنتها أم كلثوم بأنها من عصر حجري أو قارئة الفنجان لنزار قباني بأنها الحداثة الشعرية التي طالت جميع الشعريات كما جردت سهم قلمك نحو أمير البزق سعيد يوسف الذي وصفت أغانيه بالمعربة أي أغنية عربها و إن عربها , ألم تتعرب رباعيات الخيام من الفارسية إلى العربية ,إن التمازج بين الشعوب وتأثيره على الموسيقا والشعر لا يعتبر نقصاً لأن كثيراُ من شعرائنا نظموا قصائدهم أو دونوا تاريخهم بغير لغتهم فمنذ سقوط الدولة الميدية ولتاريخه لم ير الادب الكردي نوراً بل عاش مطوقاً بين جدرانه الأربعة لا يبصر النور وعاش بين الظلمات وقهر المستبدين كما لحن الفنان سعيد يوسف أغاني كثيرة لمطربين عرب ونال جوائز عدة من البلدان الاوربية فحقاً أنه أمير البزق واللحن.
عذراً يا حسو:
أذممت هؤلاء الميامين في مجال الادب والفن لكي ترضي الاخرين وتحصل على النياشين ولكن لقد ولى عصر التزلف ومنح الرتب وتباً لذاك العصر , واعلم سيأتي يوما وانه لقريب أن نصنع نصباً تذكارياً للذين خدموا أمتهم ووطنهم في مجال الادب والفكر والتاريخ تخليداً لذكراهم وسنجعل من دار جكرخوين متحفاً وطنياً للادب والشعر و التاريخ يؤمه الزوار من كافة أرجاء وطننا وستبقى وحيداً في زوايا المهملين.
عذراً لقد أطلت في حديثي ولم أكن أريد الرد على مقالتك ولكن صرير قلمي أجبرني على ذلك

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

جان بابير

 

الفنان جانيار، هو موسيقي ومغني كُردي، جمع بين موهبتين إبداعيتين منذ طفولته، حيث كان شغفه بالموسيقى يتعايش مع حبّه للفن التشكيلي. بدأ حياته الفنية في مجال الرسم والنحت، حيث تخرج من قسم الرسم والنحت، إلا أن جذوره الموسيقية بقيت حاضرة بقوة في وجدانه. هذا الانجذاب نحو الموسيقا قاده في النهاية إلى طريق مختلف، إذ…

عصمت شاهين الدوسكي

 

أنا أحبك

اعترف .. أنا احبك

أحب شعرك المسدل على كتفيك

أحب حمرة خديك وخجلك

وإيحاءك ونظرتك ورقة شفتيك

أحب فساتينك ألوانك

دلعك ابتسامتك ونظرة عينيك

أحب أن المس يديك

انحني حبا واقبل راحتيك

___________

أنا احبك

أحب هضابك مساحات الوغى فيك

أحب رموزك لفتاتك مساماتك

أحب عطرك عرقك أنفاسك

دعيني أراكي كما أنت ..

——————–

قلبي بالشوق يحترق

روحي بالنوى ارق

طيفي بك يصدق

يا سيدتي كل التفاصيل أنت ..

——————–

أحب شفتاك…

لوركا بيراني

في الساحة الثقافية الأوروبية اليوم، نلمح زخماً متزايداً من التحركات الأدبية والثقافية الكوردية من فعاليات فكرية ومهرجانات وحفلات توقيع لإصدارات أدبية تعكس رغبة المثقف الكوردي في تأكيد حضوره والمساهمة في الحوار الثقافي العالمي.

إلا أن هذا الحراك على غناه يثير تساؤلات جوهرية حول مدى فاعليته في حماية الثقافة الكوردية من التلاشي في خضم عصر…

محمد شيخو

يلعب الفن دوراً بارزاً في حياة الأمم، وهو ليس وسيلة للترفيه والمتعة فحسب، ولكنه أداة مهمة لتنمية الفكر وتغذية الروح وتهذيب الأخلاق، وهو سلاح عظيم تمتشقه الأمم الراقية في صراعاتها الحضارية مع غيرها. ومن هنا يحتلّ عظماء الفنانين مكاناً بارزاً في ذاكرة الشعوب الذواقة للفن أكثر من الملوك والقادة والأحزاب السياسية مثلاً، وفي استجواب…