الشِّعر أن تشعر بحرارة العالم

  شهناز شيخه

“الشّعر أعلى مراتب العلم .. الشّعر أن تشعر بحرارة العالم “

والآن وسط هذا السقوط الّرهيب في بحر اللامسؤولية واللامبالاة أقرأُ على إحدى صفحات التواصل الاجتماعي طرحاً مفاده إن الشاعر يجب أن ينأى بنفسه عن الخوض في ألمجازر التي ارتكبت ولا تزال ترتكب على هذه الأرض المثخنة بالجراح ! هنا أتساءل : إذن ماذا بقي من  معنى ” الشعر أن تشعر بحرارة العالم ؟؟!!” أعتقد أن من كتب على صفحته هذا الكلام لو كان يملك روح شاعر لكنتُ قرأت له بدل تلك الكلمات رصداً أدبيّاً لبعض ما جرى و يجري حوله على مدار ثلاث سنوات من الألم  .. أن  يوثّق بصدق حالته كإنسان يعايش كل هذا الدم و الدمار … كيف يمكن لي كشاعر/ ة أن أنأى بنفسي عن الخبز الذي تلطّخ بالدم في حلفايا ؟ عن شهداء سريي كانييه ؟ عن نوروز قامشلو الحزين؟ عن دموع الأطفال في مخيمات دوميز ودارا شكران…
 كيف يمكن ألا اكتب عن حدّاد تلك القرية الوادعة في شرق قامشلو:       

تلمُّ أولادَها
أولادُها
يسألونَ :
من هوَ الموت ؟؟
تنزع الشّوكَ عن روحها
والقنابلْ !
… الشّعر هو روح الله في الإنسان  لذلك نحتاج أن نرتّب الأشياء فينا من جديد نحتاج حقاً ثورة على الزّيف الذي صار يندسُّ في أطهر ما خلق الله في الإنسان ” الروح ” ! ليقوم كلٌّ منّا بدوره في هذه الحياة …. نحتاج أن نكون شفّافين كماء الينبوع , نحتاج أن يكون الشاعر شاعراً وليس مرصّفاً لكلمات باردة لا معنى لها تبرّر للكثيرين تلك النظرة الدونيّة التي ينظرون بها إلى الشّعر والشّعراء الذين لا يكاد المرء يجد من بين كلّ مئة كاتب للشّعر شاعراً واحداً حقيقيّاً… لقد حاولتْ أمي كثيرا أن تبعدني عن الكتب والكتابة , أولاً خوفاً على عيني من التعب وأيضاً لأن الشاعر كما تقول لا يعيش واقعه ! هي الآن تعتزّ بي وبما أكتبه  ….
 إنّ  قارئ الشّعر يحتاج  أن يلمس في الكثير مما يقرأه هذه الأيام الصّدق ! بالإضافة للصّدق يحتاج أن يتلمّس يروحه ومضة الصّورة ودقّة البلاغة  وجمال الخَلْق .. الخَلْق الذًي يحلّق به لفضاءِ يشعر فيه “بحرارة العالم ” … أن يحرّك ذلك الكمّ من البرد والسلبية واليأس  المتراكمين في ذاته المتعَبة … الشّاعر بكل تلك المعايير ستخرج كلماته نقيّةً كينابيع سري كانييه وهولير  وينابيع الجنة التي تتحدّث عنها الكتب المقدّسة  ليحارب بها الظّلام والحروب …… إنه قَدَره القاسي لكنّه أيضاً دوره النبيل :
“أن يستجدي السلام في خضمّ الحروب والمعارك ويحدّق في برودة الظلام بحثاً عن النور والنار .. هذا هو  قَدَره الغريب القاسي يا من ولد شاعراً !!!” 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

حاوره: إدريس سالم

 

يطرح مازن عرفة في روايتيه «الغابة السوداء» و«داريا الحكاية» أسئلة إنسانية وجودية عميقة؛ عن الحرب والموت، التهجير القسري والمنفى، الغربة الداخلية والعزلة النفسية، مرارة الذكريات عن بلاد مدمّرة والحنين لحياة اختفت، يكاد أن يتحوّل إلى نوستالجيا مرضية. هي أسئلة عن معنى الكينونة الإنسانية، في عوالم الحروب العبثية الوحشية المستمرّة في مجتمعاتنا، بارتباطها بعوالم…

مروة بريم

 

نهارات الشّتاء قصيرة، تكاد تتساوى حصتها الزمنية في البقاء، مع وميض النجوم البعيدة، حينما كانت تشرخ زجاجَ أعيننا بإحصائها ونحن صغار، ثم تغافلنا بالخفوت، وتختفي.

حينها كان الوقتُ فَيوضًا كافيًا لفعل كل شيء، لكنّه الآن أضيق من أن يحتمل صغائر بوحنا، يشيح بوجهه ويمضي في تدفق عجول كنهرٍ يدفعه الشّوق للوادي، وتتزاحم احتياجاتنا فوق رفوف التّأجيل.

في…

عبد الجابر حبيب

 

في المذبحِ،

يُغسلُ خطايا الأرضِ

بحنوّ الكهنةِ،

وبرجاءِ الأراملِ،

لكن، لم يتوقّعْ أن يأتي

من خبّأ جحيمه تحتَ قميصٍ مستعار،

ففجّرَ التوبةَ،

وذرّى جسدَ الغفرانِ في الهواء!

حتى جعلَ من الركوعِ موتاً،

ومن “آمين” طلقةً.

 

***

 

في كنيسةِ مار إلياس،

ارتجفتِ الأيقوناتُ،

تشقّقتْ ملامحُ القدّيسين،

مزّقتْ مريمُ عباءتَها،

وصاحت من خلف الخشبِ:

“يا بنَ الإنسان،

مَن سلّمكَ أمرَ الحياةِ والموتِ؟”

 

***

 

انحدرَ الضوءُ من قلبِ الناقوس،

مثل خيطٍ من ذهبٍ قديم،

احترقَ في…

نظّم الاتحاد العام للكتاب والصحفيين الكرد في سوريا بالتعاون مع اتحاد كتاب كردستان سوريا أمسية ثقافية احتفاءً بتوقيع إصدارين أدبيين لكل من الكاتبتين يسرَى زبير إسماعيل وليلاس رسول، وذلك في مدينة إيسن الألمانية، وسط حضور نوعي من المهتمين بالشأن الثقافي من كتاب وشعراء وصحفيين ومتابعين للشأن الأدبي الكردي.

افتتحت الأمسية بتقديم الكاتب خورشيد شوزي لمجموعة الشاعرة…