صالح جانكو يرصدُ غفلاتنا

عبد
الرحمن محمد

 

هكذا
أرصدُ غفلة الحكاية
في غفلةٍ من صخب
الحياةِ وضجيج الأيام، يهمسُ (( صالح جانكو )) في أذُن عُشاق الحياةِ ومحبي
الورود والصباحات الجميلةِ يغازلُ نجيمات الليلِ السَّاهرةِ مع عشاق قامشلو، ويلقي
تحية الصباح على عصافيرها التي استفاقت لتغني للحبِّ والحريةِ والأيام الجميلة
القادمةِ .
حيثُ يقول: 

الشاعـر: تعلّمَ لغاتِ العالمِ ليُعلن: 

بأنَّهُ مازال للحبِّ بقية، 
وأنَّ الحياة حُبلى بأيامٍ 
ستكونُ أجملَ…! 
(صالح جانكو )
يفاجئنا في بداية الديوان بمجموعةٍ من الأسئلةِ التي لا تنتظر أجوبة…! 
وكأنَّهُ يلقي حجراً
في بركةٍ راكدة  تاركاً الجواب للمتلقي ومن
هذهِ الأسئلة: 
 ـ
تُرى هل يُدرِك الذئبُ مقدارَ ألم فريستهِ، 
وهو ينهشُ لحمها، وهي حية …؟؟ 
 ـ
هل الذئب يستحق كُلَّ هذهِ الفرائسَ، 
 حتى
يعيش…؟؟ 
 ـ
لو كان للأرنب أنيابٌ ومخالبٌ، 
    هل كان سيكتفي بأكل الخضرواتِ، والجزر…؟؟ 
ـ ما مصير المحكومين بالجنون عند الله…؟؟ 
    هل سيبعثهُم مجانين في تلك الدُّنيا أيضاً؟؟ 
  ـ مَنْ يصنف الشُّهداء عند الله…؟ 
وهكذا ونحن نتابع
(صالح جانكو)نجدهُ يعيد للعشاقِ كلماتهم التي أضاعوها، وللقصيدةِ بعضٌ من أحلامها
التي هربت، وللرومانسيةِ بعضٌ من عطرها الذابل، يهمس للعشاق والسَّماء والوطن في
غفلتهِ، بمفرداتٍ ناعمةٍ جزلةٍ ولغةٍ واضحةٍ معبرةٍ عما يختلجُ في روحهِ العاشقةِ
، ليسجُدَ عشرات المراتِ في محراب الحُبِّ ومعابد الإخلاصِ للوطن والتشبُثِ
بالأرضِ والتمسكِ بكلِّ ذرةٍ من ترابهِ وثقافتهِ وتاريخهِ. 
((هكذا أرصُدُ
غفلة الحكاية
)) هي حكاياتُ عاشقٍ مناضلٍ عرف أين ينصبُ مراصدهُ ليرصُدَ
غفلاتنا التي اختصرها في : الليل والريح والعشاق والموت والحياة والشهداء . هذهِ
المفردات التي تختصرُ بمجموعها سيرة الوطن ، احتوتها مئة وثلاثون صفحة من القطع
المتوسط ، لتُكَوِن مجموعةً شعرية صدرت مؤخراً للشاعر (صالح جانكو
ومن همساتهِ في
قصيدةٍ بعنوان ( أنتِ ) نقرأ: 
أنتِ 
يا زمناً حاضراً يمضي، 
ويعبرني 
بصمتٍ يمتطي صهوةَ الشَّهوةِ، 
ويغمرني 
بحزنٍ يعبرُ أيامنا كالصقيع، 
مستبيحاً كلَّ المحرمات، 
فألتحفُ الأمنيات، وأنسلُّ بهدوءٍ، 
لأحضن القصيدة قبل أن تبرد، 
وتهجرني، 
وهكذا نجدُ بأنَّ
الشاعر صالح جانكو في مراصدهِ أن يرصد مكامِنَ الوجع في حياتنا وأضاف لمكتبة الشعر
ديواناً يستحق القراءة . 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

ماهين شيخاني

كانت الورشة ساكنة، تشبه لحظة ما قبل العاصفة.

الضوء الأصفر المنبعث من المصباح الوحيد ينساب بخجل على ملامح رجلٍ أنهكه الشغف أكثر مما أنهكته الحياة. أمامه قالب معدني ينتظر أن يُسكب فيه الحلم، وأكواب وأدوات تتناثر كأنها جنود في معركة صامتة.

مدّ يده إلى البيدون الأول، حمله على كتفه بقوة، وسكبه في القالب كمن يسكب روحه…

صدر حديثاً عن منشورات رامينا في لندن كتاب “كلّ الأشياء تخلو من الفلسفة” للكاتب والباحث العراقيّ مشهد العلّاف الذي يستعيد معنى الفلسفة في أصلها الأعمق، باعتبارها يقظةً داخل العيش، واصغاءً إلى ما يتسرّب من صمت الوجود.

في هذا الكتاب تتقدّم الفلسفة كأثرٍ للحياة أكثر مما هي تأمّل فيها، وكأنّ الكاتب يعيد تعريفها من خلال تجربته الشخصية…

غريب ملا زلال

بعد إنقطاع طويل دام عقدين من الزمن تقريباً عاد التشكيلي إبراهيم بريمو إلى الساحة الفنية، ولكن هذه المرة بلغة مغايرة تماماً.

ولعل سبب غيابه يعود إلى أمرين كما يقول في أحد أحاديثه، الأول كونه إتجه إلى التصميم الإعلاني وغرق فيه، والثاني كون الساحة التشكيلية السورية كانت ممتلئة بالكثير من اللغط الفني.

وبعد صيام دام طويلاً…

ياسر بادلي

في عمله الروائي “قلعة الملح”، يسلّط الكاتب السوري ثائر الناشف الضوء على واحدة من أعقد الإشكاليات التي تواجه اللاجئ الشرق أوسطي في أوروبا: الهوية، والاندماج، وصراع الانتماء. بأسلوب سردي يزاوج بين التوثيق والرمزية، يغوص الناشف في تفاصيل الاغتراب النفسي والوجودي للاجئ، واضعًا القارئ أمام مرآة تعكس هشاشة الإنسان في مواجهة مجتمعات جديدة بثقافات مغايرة،…