شمسُ أربيل

فاتح البيُّوش
شعبٌ دعائمُه الإصرارُ والجَلَدَ
وفي يديه حبالُ الموتِ تنعقدُ
 
فالكُردُ قَدُّوا قميصَ الرَّعد وانبثقوا
من كُوَّة الشمس كالعُقبانِ واتَّحدوا
تَشَكَّلُوا لغةً تنسابُ في أَلَقٍ
كأنَّهمْ من حروفِ النُّورِ قدْ وُلِدوا
 
شَدُّوا سروجَ الغضا والحقُّ غايتُهمْ
كأنَّما جَسَدٌ شُدَّتْ به العَضُدُ
 
وإنَّهمْ في شمالِ الرِّيحِ مَسْكنُهمْ
أو إنَّهمْ عنْ يمين الرُّوحِ قدْ وُجِدوا
 
براعمُ النَّارِ كمْ وَشَّتْ بيادرَهمْ
وسادنُ الرِّيحِ كمْ صلَّى لمنْ حَصَدوا
 
تَحَدَّروا من شِعابِ الصًّوتِ رايتُهمْ
سنابلٌ من شُعاعِ الشَّمسِ تنجردُ
 
في كلِّ سنبلةٍ رُمحٌ ستغرِسُه
أمُّ الشَّهيدِ فينمو الكفُّ والجَسدُ
 
كلُّ الدُّروبِ التي مَرَّ الشَّهيدُ بها
مشاعلٌ في ثنايا الرُّوح تتَّقدُ
 
يا ابن الجبالِ جبالُ الأرضِ شاهدةٌ
على خطاكَ وأذكى سعيكَ الرَّشَدُ
 
شموسُ مجدكِ يا هَوْليرُ قدْ حُشِدَتْ
ما أجملَ الصبحَ حين الضَّوءُ يحتشِدُ
 
أيلولُ يا برعماً لاحتْ مفاتنُه
لينشرَ العطرَ في نوروز مَنْ حَشَدوا
 
السَّائرون على درْبِ الخلاصِ هُمُ
الثائرون ولا يُحْصى لهمْ عددُ
 
والعابرون لمجدٍ لا حدودَ له
كأنَّهمْ في كتاب الخُلْدِ قدْ خَلُدوا
 
مِنْ ألفِ ليلٍ يصوغُ الفجرَ أغنيةً
هذا الهُمامُ ولحنُ الحبِّ مُعْتَقَدُ
 
فالحبُّ ينبتُ مِنْ كفَّيهِ مبتكراً
قلباً نديّاً لمنْ حَلُّوا ومَنْ وفدوا
 
وترسُمُ الوطنَ الورديَّ أَنْمُلُهُ
كلوحةٍ في نواة الرُّوحِ تنفردُ
يخيطُ من وجع الأيامِ أشرعةً
تعاندُ الموجَ حين الريحُ تجتهدُ
 
يا شمسَ أربيلَ يا أنشودةً عُزِفَتْ
على الزناد فباتَ اللَّيلُ يرتعدُ
 
يا ابن الجبالِ جبالُ الأرضِ ما عَقِمَتْ
ولمْ تزلْ من صدى آهاتِها تَلِـــــــدُ
fatehbaiosh@hotmail.com

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

أعلنت منشورات رامينا في لندن، وبدعم كريم من أسرة الكاتب واللغوي الكردي الراحل بلال حسن (چولبر)، عن إطلاق جائزة چولبر في علوم اللغة الكردية، وهي جائزة سنوية تهدف إلى تكريم الباحثين والكتّاب المقيمين في سوريا ممن يسهمون في صون اللغة الكردية وتطويرها عبر البحوث اللغوية والمعاجم والدراسات التراثية.

وستُمنح الجائزة في20 سبتمبر من كل عام، في…

في زمنٍ تتكسر فيه الأصوات على صخور الغياب، وتضيع فيه الكلمات بين ضجيج المدن وأنين الأرواح، يطل علينا صوتٌ شعريّ استثنائي، كنسمةٍ تهبط من علياء الروح لتفتح لنا أبواب السماء. إنه ديوان “أَنْثَى عَلَى أَجْنِحَةِ الرِّيحِ” للشاعرة أفين بوزان، حيث تتجلى الأنوثة ككائنٍ أسطوري يطير فوق جغرافيا الألم والحنين، حاملاً رسائل الضوء، ونافخاً في رماد…

ماهين شيخاني

كان مخيم ( برده ره ش ) يرقد بين جبلين صامتين كحارسين منسيّين: أحدهما من الشمال الشرقي، يختزن صدى الرياح الباردة، والآخر من الغرب، رمليّ جاف، كأنّه جدار يفصلنا عن الموصل، عن وطنٍ تركناه يتكسّر خلفنا… قطعةً تلو أخرى.

يقع المخيم على بُعد سبعين كيلومتراً من دهوك، وثلاثين من الموصل، غير أن المسافة الفعلية بيننا…

إدريس سالم

 

ليستِ اللغة مجرّد أداة للتواصل، اللغة عنصر أنطولوجي، ينهض بوظيفة تأسيسية في بناء الهُوية. فالهُوية، باعتبارها نسيجاً متعدّد الخيوط، لا تكتمل إلا بخيط اللغة، الذي يمنحها وحدتها الداخلية، إذ تمكّن الذات من الظهور في العالم، وتمنح الجماعة أفقاً للتاريخ والذاكرة. بهذا المعنى، تكون اللغة شرط لإمكان وجود الهُوية، فهي المسكن الذي تسكن فيه الذات…