تراكم لديّ على مدى سنوات من الكتابة والعلاقة مع القراء مجموعة من الأسئلة وردتني عبر البريد في الإيميل وفي الفيسبوك وفي تويتر، وفي تعليقات القراء على الموضوعات النقدية وغير النقدية المنشورة. رأيت فيها تجربة جيدة لمناقشة بعض الموضوعات والتركيز عليها وإعطاءها فرصة لتظهر إلى العلن، لما في العلاقة مع القراء والكتاب الزملاء من أهميّة بالغة في تطوير النقاش وبناء وجهات النظر وتعديلها، أو للتخلي عن بعض الأفكار الضعيفة والسطحية. وقد حدث هذا بالفعل.
كنت أجيب على هذه الأسئلة في حينه إجابات غير ما أنا مقتنع فيه الآن، لذلك رأيت أن أقوم بإعادة الإجابة عليها إجابة مختلفة حسب تطوّر القناعات، ولا أقول استقرارها، فلا شيء مستقر ما دام الإنسان على قيد الحياة، فهو في تغيّر مستمر في أفكاره وعلاقاته وقراءاته وموضوعات الكتابة وأساليبها. فما دمنا لم نمت فنحن سنظل خاضعين إلى التغيّر والتغيير والتبديل، فنحن في طور التشكّل دائماً، ومعرّضون لكل ما يغيّر وجهات نظرنا حول موضوعات كثيرة. فالموت وحده هو ما يعطينا صيغتنا النهائية واستقرارنا الأسلوبي والموضوعاتي.
بطبيعة الحال، الأسئلة كثيرة ومتنوعة، لكنني اخترت في هذه التجربة الأسئلة التي تتمحور حول العملية النقدية، لعلني أتابع ذلك في موضوعات الكتابة الأخرى. عليّ أن أشكر القراء الذين يقتحمون البريد فيلقون السؤال بدافع المشاكسة أو الاستفزاز أو بدافع الحب والنصيحة، وكلهم ذوو مكانة عظيمة لديّ، وأعيد وأكرّر “من نشر عرّض نفسه للنقد”، إذ إن تلك الأسئلة تحمل قدرا كبيرا من الهجوم في أحيان كثيرة، عملت على تهذيب الأسئلة، وتنقيتها من الاتهامات وأحيانا الشتائم، محتفظاً بمضمون السؤال.
أبدي اهتماما واضحاً بالقراء، لذلك ضمنت آراءهم الكثير من كتبي، بدءا من كتاب “رسائل إلى شهرزاد”، وانتهاء بكتاب “لا شيء يعدل أن تكون حرا”، وبنيت جانبا كبيرا من كتاب “بلاغة الصنعة الشعرية” على آراء القراء في مناقشة كثير من الأفكار الإشكالية، مستفيدا منها في تطوير منظومة من “النقد التفاعلي”، جاعلا هذه الآراء جزءا مهما من هذه المنظومة الجامعة بين القارئ والكاتب.
ما زلت أحبّ أن أجمع الآراء وأستمع إليها بشغف. فالكاتب لا وجود له إلا ضمن محيط القراء، فهم من يعطونه هذه الصفة، فهم الطرف الحيويّ المهم لعملية الكتابة، فلولا توقع القارئ لا يكتب الكتاب ولا ينشر الناشرون. بل إن القراء هم معيار من معايير نجاح الكاتب، فلا معنى لقوائم “الأكثر مبيعاً” لولا هؤلاء القراء.
إن في هذه التجربة كمّ من الحب والتقدير لكل من ساهم بصنعها لعلّها تؤسس لمشروع أكبر يشترك فيه الكتاب على نحو واسع، بالطريقة نفسها التي كنت أقرأ فيها بعض الكتب الصادرة عن المؤتمرات الأدبية، حيث كان المحررون يهتمون بإبراز أسئلة الجمهور، فتجتمع تلك الأسئلة وإجاباتها مع المداخلات الرئيسية، فتثري الموضوع محل النقاش، ويكتسب الحضور أهمية وفاعلية. فتتكامل وجهات النظر ويتشبّع الموضوع في رؤاه ومحتواه.
ماذا كنت تعني بالأسلوب هو الرجل نفسه في مقالك الذي عنونته بــ: “منجد صالح هو الأسلوب نفسه”، فأنا لم أجد ما وجدته في الكتاب بعد أن قرأته؟ أنت كنتَ مجاملاً فالكاتب صديقك، والمقال فيه كم هائل من الشخصنة الإيجابيّة.
يقول بوفون عن الأسلوب “أما الأسلوب فهو الرجل نفسه”. ماذا تعني عبارة بوفون على وجه التقريب؟ وكيف يمكن دراسة أسلوب الرجل/ الكاتب ولا نتهم بالشخصنة. اللغة عنصر من عناصر الأسلوب، بل إن اللغة هي لب الأسلوب، وبمفرداتها وتركيباتها ومصاحباتها تخلق الأسلوب. إن الأسلوب هو أن تتكلم لغة خاصة، ذات طابع فردي على نحو غير مكرر عند الآخرين وسط اللغة العامة. وهذا ما وجدته في كتابَيْ الكاتب منجد صالح “ضاحية قرطاج” و”إيسولينا…”. إنه يبني عوالمه الخاص مستأثرا بمنطقة تخصه وحده، على الرغم من عدم قناعة بعض الأصدقاء بما قدمته في هذا المقال، وتعرّضت لانتقادات عنيفة بسبب هذا العنوان المستفزّ بالنسبة لهم. وبعيدا عن علاقتي الشخصية بالكاتب أراه كاتبا ذا أسلوب لم أقرأ ما يشبهه عند الكتاب الآخرين، قد لا يعجبك أسلوبه ولك عليه انتقادات إنما هذا هو أسلوبه وطريقته في الكتابة، وهذا لا يعني المدح بالضرورة، إنما هو مجرد تحليل لعناصر الأسلوب وبناء النص.
كيف تُشتمّ رائحة الشخصنة في الكتابة النقدية؟
لعلّ مما يثير الانتباه عند تناول العمل الأدبي أو الحديث عن الشاعر أو الكاتب هو مدى “شخصنة” الكتابة؛ بمعنى دخولها في النواحي الشخصية؛ مدحا وذما، وربما تجاوز الشّمامون رائحة “الشخصنة” الإيجابية المادحة، وزكمت أنوفهم رائحة مزعومة من شخصنة أخرى، يدعون فيها أنها كانت قدحا في الكاتب وتتناول نواحيَ شخصية فيه.
أعتقد أنه من الصعوبة البالغة فصل الشخص عن لغته وعن أسلوبه، فمن يتقعر في كلامه وصار التقعر علامة على أسلوبه، لن يكون شخصه الكريم بمنأى عن الوصف أنه “متقعر” “متحذلق”، إنهما وصفان مزعجان لكنهما موضوعيان. بل دائماً هناك علاقة تلازمية بين الشخص وعمله الأدبي، إذ يشكل كل عمل أدبي “صورة محتملة” لكاتبه أطلق عليها النقد “المؤلّف الضمني”، ومحاولة الكتاب ادّعاء الحياد والموضوعية ما هي إلا حيلة مكشوفة في ميدان النقد. لا يغضب الكتّاب إذا كانت الشخصنة إيجابية الطابع، لكنهم يثورون عندما يحسّون أن الشخصنة تحمل جانباً انتقاديا. على الرغم من أنهم أحياناً يصرون على حشرك في خانة الشخصنة لمجرد انزعاجهم من النقد، وعدم تقبلهم ما تمخضت عنه القراءة النقدية، فأسهل طريقة هي الهجوم بحجر الشخصنة. أظنها في أحيان كثيرة، ومعي بالذات، ما هي إلا تهمة صارخة ليس عليها دليل.
إذاً، لا يمكن التخفيف من النزعة الشخصية في النقد؟ ما رأيك؟
أظن أن كل عملية نقدية أيضا مهما تشبث كاتبها بالموضوعية والحياد، هي انحياز ذاتي في جزء منها، شاء الناقد والكاتب أم أبيَا، لكن ثمة فرقاً بين هذا الانحياز المحسوب، وبين تناول العمل بذاتية مفرطة؛ لا ترى العمل إلا بمقاييس الذات، ولا تلفت إلى ما عدا الذات، كأن الذات تحولت إلى قاعدة ومنها ينطلق الحكم والتحليل، فيغرق الناقد عندها في المزاجية غير المحمودة، فيفتقر للأدلة وللمنطق العام في التحليل وتفسير الظواهر النصية والأسلوبية.
باعتقادي أن التخفيف من النزعة الشخصية ممكن، وممكن جداً، في أن يبدو الناقد “علمياً” مستندا إلى أسس معينة منطقية مقنعة في تناوله للعمل الأدبي، ليستطيع كَفْر الموضوعية بغلالة من الأسس والمنطلقات العلمية والمنهجية. عليه أن يكون أكثر حرصاً ويحسن التخفي وراء أدواته النقدية ومناهجه العلمية. فالناقد يحتاج لأن يكون مقبولا من الكتاب ليستطيع التأثير والمناقشة والحوار معهم.
كيف تختار الكتب والموضوعات التي تكتب عنها وتتناولها في مقالاتك؟
أظن أن في هذا الأمر جانبا غير مفهوم إطلاقاً، العلاقة الشخصية مع الكاتب أحيانا لها دور إيجابي جداً، فتسارع بالقراءة والنقد والتفصيل والتحليل، علميّا بطبيعة الحال، وأحيانا للعلاقة الشخصية مردود سلبي على عملية النقد، إما بالسكوت وإما بالكتابة والنبش في سلبيات العمل الأدبي توخيا للموضوعية وإيغالا في قهر العلاقة الشخصية ومعاندتها، ومن حيث لا نشعر نقع في نقيض آخر للعلاقة الشخصية، فنبدو غير موضوعيين، مع أن النقد مستند إلى حيثيات فنية وعلمية تبدو مقنعة عند التحليل النقدي أو تشريح القراءة النقدية.
لا أدري، أشكّ أحيانا في جدوى العملية النقدية كلها. هل يحتاج الأدب والأدباء إلى نقد؟ ولماذا؟ وهل النقد مهم إلى هذه الدرجة التي نوهم أنفسنا بها؟
عندما طرحت عليّ هذا السؤال بصيغة أخرى صديقة تمارس عملية النقد، كنت في حينها أرى أن النقد الأدبي هو صمام أمان للإبداع، مع ما في هذا التوصيف من نرجسية يتمتع بها النقاد، فكأنهم هم وحدهم من يوزع شهادات الإبداع على الكتاب. الآن أرى أن النقد عملية محاورة مع الكاتب لنصل معاً إلى أرضية مشتركة حول فهم النص، صرت أحاول أن أقول للكاتب إنني أفهم عملك على هذه الصورة، فما رأيك بهذا الفهم؟ لأفتح معه مجالا للنقاش بعد القراءة النقدية لنرى أنا وهو ما هو أعمق مما توصلت إليه من معنى محتمل.
أعتقد أن النقاد ليسوا أوصياء على الأدب، وإنما يعيدون صياغة المعنى كما يرون مستعينين بأدواتهم، وهذا أيضا يعزز الذاتية المقنّعة بالعلمية. من هذا الباب فقط كما أزعم فالنقد مهم، إضافة إلى أن للنقد مهامّ إجرائية بحثية تساعد طالبي العلم، وخاصة في الجامعة في الحصول على الشهادات، وعلى الترقيات لأعضاء هيئات التدريس في كليات الآدب واللغة العربية، أو على الدرجات العلمية واجتياز مرحلة ما دون أن يقف أحد من هؤلاء عند أهمية النقد، ولماذا نقوم به. ما يعنيهم فقط أدواته وإجراءاته، حتى مخرجات العمليات النقدية لا تجد لها احتفاء أو اهتماما يذكر خارج ممارسة النقد على الورق. النقد المهمّ هو النقد المشاكس المتمرّد على قواعد الأكاديميا، ويحاول أن يخلق له قواعد اشتباك خاصة في دوائر ثلاث: النقاد الآخرين والكتاب والقراء.
أخيرا، يقولون إن النقد مهم في الحياة، ولا بد من وجود نقاد، حتى يكون كل شيء جيدا، أو على الأقل مقبولا، فالنقد موجود في كل جوانب هذه الحياة، ويدفع الآخرين النقاد والمنقودين إلى أن يظهروا بمنظار أجمل وأفضل وأعمق.
هل تعتقد أن الكتّاب قد خيّبوا ظنك؟
لست أدري ماذا تقصد بخيبة الظن، من أنا حتى يخيّب الكتاب ظني؟ لست خازنا لبيت الإبداع الأدبي، ربما شعرت أحيانا أنني عالة على الحركة الأدبية والنقدية، وأشك في كل أدواتي النقدية والكتابية، ربما أنا من خيّبتُ ظن الكتاب وليسوا هم عندما “فشلت” في استخراج المعاني التي أودعوها في كتبهم وأعمالهم، لذلك أظل حريصا على الحوار معهم، وألا أغلق الباب دون اعتراضاتهم على ما أكتب، وأراجع ما كتبت مرة أخرى، حتى أولئك الغضابى والحردانين، ما زلت أراهم أصدقائي ولا بد من الحوار معهم يوما ما لعلنا نفهم بعضنا بشكل أفضل.
حسبما يقول بوفون إن الأسلوب هو الرجل نفسه، هل تعتقد أن لك سمتا خاصا في النقد، بحيث يميزك عن الآخرين كما هو عند الكتاب الإبداعيّين؟
لا تنس أولا أنني كاتب أيضاً، وأكتب الشعر والسرد والمقال، والنقد، وكلها أيضا تخضعني إلى النقد من الآخرين، هؤلاء أو بعضهم على الأقل يرى فيما أكتبه اختلافا عن غيره، صحيح أن كثيرين يصنفونني ضمن “كتاب الجنس والشهوة” وكاتب نساء ومتعة، وأحشر نفسي بين “فخذيّ المرأة”، وقليلاً ما أغادر تلك المنطقة على ما قالت لي صديقة يوماً طالبة مني أن أرتقي وأكتب في موضوعات أخرى. بهذا يتهمني الأصدقاء والصديقات وبعض زملاء العمل، على الرغم من أن ما كتبته بالمناسبة في هذا الموضوع- الموضوع الأيروتيكي- لا يشكل سوى واحد بالألف على أبعد تقدير مما كتبه في موضوعات إنسانية وسياسية واجتماعية ودينية.
أما النقد، فأسمع كثيرا من الإطراء من الكتاب الذين أكتب في أعمالهم جملا تعني أنني ناقد مختلف واستثنائي وعبقري، لا أحفل كثيرا بهذه الأوصاف، ولا تدغدغ نرجسيتي حتى؛ إذ إنها تأثرية بسبب ما كتبته في أعمالهم التي تصادف أن كان النقد في صالحها، لا أثق مطلقا بعبارة من قبيل “مقالك أفضل ما كتب عن روايتي”. إن فيها كما هائلا من الحكم والتأثر والمباشرة واللحظية التي قد تتبخّر مع مقال آخر لكاتب “عبقري” آخر، ليصبح مقاله أيضا “أفضل وأعمق ما كتب عن الرواية أو الكتاب”.
على الطرف المقابل هناك من يراني هاويا وانطباعيا وشخصانياً وغير موضوعي، ولا أحسن حتى أن أكتب نقداً “وغايب فيلة”. ولا أثق بهذا الطرف أيضاً، لأنه أيضا واقع تحت تأثير سلبيات العمل التي وضعتها بين يديه، فهل سيقول لي شكرا وقد تعب على عمله، وجوّده حسب مقدرته، إلى درجة أنه ربما شعر للحظة أنه يكتب قرآناً، وهو عليه أن يقول ونحن علينا أن نؤول النص لصالحه، ولم يعذر مقدرتنا المتواضعة التي لم تستطع استخراج لألئ عمله، فيصاب بخيبة من النقد، والناقد يصاب بالدهشة وخيبة الأمل أيضا إذ لم يكن مقنعا. أعتقد أنّ على الناقد أن يكون مقنعا أولا وأخيرا لا موضوعيّا.
أما بالنسبة للشق الثاني من السؤال أظن أن “نقد النقد” كفيل بالإجابة على هذا السؤال، وليس أنا.
على ذلك ما هي شروط الكتابة النقدية باختصار لو سمحت؟
دعني أعددها لك كما أراها دون شرح:
• اخنيار العمل الأدبي المنقود بقناعة ذاتية دون فرض من أحد؛ بعيدا عن المجاملات والوقوع في فخ ما “يطلبوه الكتّاب”
• قراءة العمل الأدبي بعمق، والعمق يعني قراءة النص وظروفه وما حوله.
• الكتابة بإقناع على أسس منهجية لا تخلو من تفسير شخصي ظاهر وحقيقي، فشخصيّة الناقد لا بد من حضورها.
• حَمْل النص المنقود على أن كاتبه كان يتوخى أن يكون جيّدا لا أن يقدّم عملاً رديئاً. فإذاً لا بد من أنّ في العمل ميزة إيجابيّة، لا بد من التفتيش عليها.
• العملية النقدية عملية مرهقة وتحتاج إلى أدوات كثيرة، أدوات بحث، وأدوات تحليل، وأدوات معرفيّة أخرى متنوعة ومتشعبة.
• أما آخرها فدعني أفصّل قليلاً فأقول:
ألّا أقعد في رأس الكاتب وأعطيه بدائل لعمله الأدبي وتفاصيل بنائه، لا في اللغة، ولا في الصورة، ولا في التقنيات المستخدمة. فأنا لست كاتباً (إبداعيّا) في تلك اللحظة، كل ما عليّ فعله مواجهة هذا العمل كما هو، دون أن أمارس عليه تصحيحا أو تحريفا. فالنقد مهمته التعامل مع ما هو كائن لا ما يجب أن يكون عليه العمل من وجهة نظري النقدية، فاقتراح بدائل يعني باختصار فشل البنية النصية أولا وقصور فيها من وجهة نظر نقدية خالصة، وفشل الناقد ثانياً في رؤية النص كما هو عليه، وعجزه عن الاشتباك مع مقولاته واقتراحاته الجمالية.
لماذا تنحاز إلى المقالة النقدية دون أن يكون لك عمل نقدي متكامل ككتاب خارج بناء الكتاب النقدي من مجموعة مقالات؟
حاولت أن أجيب عن هذا السؤال في كتابي “ملامح من السرد المعاصر- الجزء الثالث”، ورأيت أنني أمارس النقد بالكيفية التي مارسها كثيرون قبلي كطه حسين، ورضوى عاشور، وأحمد دحبور، وأستاذي د. عادل الأسطة، على سبيل المثال، وليس هؤلاء النقاد وحسب، بل كل النقاد الذين يبنون كتبهم من مجموع مقالات متشابهة وتدور في فلك واحد، ومنهم نقاد أجانب. ربما هذه هي سمات الكتابة النقدية الفاعلة التي تتوخى الحوار مع القراء ومع الكتاب أيضاً، فيتسع النقاش أكثر بالمقال، لأنه أسرع في القراءة، وفي إدراك المطلوب، ويكتب عادة بلغة مفهومة يدركها مجموع القراء، وينشر في الصحف والمواقع الإلكترونية وعلى الفيسبوك وتويتر، ولأن الناقد أيضا يسعى لأن يكون مقروءا، فهو في النهاية كاتب، ويسعى إلى توسيع سلطاته المعرفية وجمهور قرائه، أما جمع المقالات في كتاب فمن أجل حفظها وتبويبها لعلها تخدم دارسا آخر. وهي طريقة ما زالت متبعة وناجعة في لمّ شتات الكتابات واستقرارها في كتاب يتخذ له هوية وشخصية واضحة.
تشرين الأوّل 2021