( عامودا )

نصر محمد – المانيا

مازال الطريق سهلاً . مكشراً بصبرٍ نافد، لا التواءات لا زاوية تخفي عاشقين، تصل بسرعةٍ وبقضاءٍ محتوم إلى ماترغب . في (عامودا ) وانت تسير في شارع البلدية نزلة الجسر ومع قطرات المطرة الأولى تسمع قهقات الرجال في مقهى كوي وصوت سعيد زلي يلعلع في ارجاء السوق اثناء قدومه من الفرن الألي متذمرا من ارتفاع الأسعار وهو راكب دراجته باتجاه البيت . ودخان كباب ياسين قرنو المنبسط فوق سماء عامودا . 
( احمد بدر ) حفار القبور عادل مع جميع الزبائن . جميع الزبائن عنده على قدم واحد من المساواة . الفرق فقط في الأسم . اجرائاته واحدة تبدأ بالحفر وتنتهي بأهالة التراب على الميت . 
( ام ديرسم ) تمشي على مهل نظراتها تبكم العصافير لحين مرورها . ملت من مللها حياة مزعومة على السبعين . وابناؤها تركوها وحيدة تمارس امومة كهلة .
 تقول ( ام ديرسم )سأغلقُ نافذتي الخشبية هذا العام وأرحل عن غرفتي , لن أحدّثكِ عن السفر ، أخاف أن تبكي نوافذ مدينتي كلما فقدت نور مهاجر آخر ، لن أحدثك عن الحزن ولا عن الحنين , سأتجاهل الحبّ والحرب أيضا , ولا رغبة لي بالحديث عن النهايات ،
( ام ديرسم ) ترى من عينين مغمضتين . التهم نصفيها السكري وتبتعد عن دربها احيانا بلا تنبيه . لا تشعر ان تبادل الحديث معها عبث .
( معلم فردين ) كان لا ينصاع لألام ظهره . يتقلب في شحم الأليات وهو يصلح بلا رفة جفن سيارة عتيقة . تأتي اليه المفكات والبراغي من تلقاء نفسها .
( ابن هيلونة ) وفي شارع المسيحية أو كما يسمى شارع مدير الناحية . وحيدا يسير في الشارع مترنحا شعر بانه طليق كاالاغنية خفيف كالنسمة في صغره كان يحلم بالطبران
يقضي كل اوقاته على الشرفة يراقب العصافير
واسراب الحمام المحلقة بعيون مملؤة بالدهشة
اندفع يحرك ذراعيه امتلاه شعور غامض ولذيذ
وهو يرى نفسه يحلق عاليا لكنه ظل في مكانه لم يرتفع 
ضرب الارض برجله قالت له الارض لن ترتفع الا في احلامك .ابتسم وانفجر يضحك كالمجنون
وشارع (القامشلي ) الوحيد من لم تسطُ عليه السيّارات المفكّكة، يغص بالذكريات . مقابل برادات الشريف وفي محل يحيى كونرش عجوز تتناول الرز بالحليب وتحكي عن ابنها الذي خرج ولم يعد .
لا تؤنسك (عامودا) بقدر رحلةٍ عابرة .لحافلة (عامودا … القامشلي)
تحتلّ مقعداً مرتجلاً وتنصت لنوم طلبة المدارس أو ثلة عساكر يكتب دخان تبغهم قصّة.
( عامودا )
أيتها العاشقة 
الجميلة
لا زلت تغزلين 
كل صباح
رسائلك الغرامية
لذلك العاشق
لا زلت تتفتقين 
دهشة وحياء
من رحم 
ترابك الشهي
تنثرين 
له شعرك الطويل
من على سهولك
تنثرين 
قبلا….قبلا…
على شفاه ثغره
يتبلل ريقه 
بعطرها
وتفيض رغبته 
لذة وإنتشاء
فيهديك سهول 
الحب والأمان
وتهدينه انت 
إبتسامات السماء … !!
 … حكاية لم تكتمل بعد

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

نص: حفيظ عبدالرحمن

ترجمة عن الكردية: فواز عبدي

 

جاري الافتراضي كئيب

جاري الافتراضي حزين

جاري الافتراضي يحلب اليأس

يحتسي الوحدة

يبيع الحِكَمَ المكوية برعشة الآلام

بثمن بخس.

 

من نافذة صفحتي

أرى

مكتبه

صالونه

غرفة نومه

مطبخه، شرفته، حديقته

ومقبرة عائلته.

من خلال خربشات أسطره

أقرأ طنين النحل

في أعشاش عقله.

 

جاري الافتراضي

يكتب على جدار صفحته

كلمات مثقوبة بالألم

محفورة بمسامير التنهدات

يمسحها

ثم يعيد…

مروة بريم
لم يسبق لي قطُّ أنْ رأيتُ الجزيرة، تكوَّنت صورتها في ذهني، من قُصاصات مطبوعة في المناهج المدرسية، وما كانت تتداوله وسائل الإعلام. عَلِقت في ذهني صورة سيدات باسقات كأشجار الحَور، يأوينَ إلى المواقد في الأشتية القارسة، تشتبكُ القصصُ المحلّقة من حناجرهنَّ، مع صنانير الصّوف وهنَّ يحكنَ مفارش أنيقة، وفي الصَّيف يتحوَّلن لمقاتلات…

شيرين اوسي

عندما تكون في الشارع وتحمل في احشاءها طفلها الاول

تتحدث عنه كأنها تتحدث عن شخص بالغ

عن ملاك تتحسسه كل ثانية وتبتسم

يطفئ نور عينها وهي تتمنى ضمه

تقضي في حادثة اطلاق نار

رصاصة طائشة نتيجة الفوضى التي تعم المدينة تنهي الحلم

تموت وهي تحضن طفلها في احشاءها

ام مع وقف التنفيذ

تتحسس بطنها

ثم تتوسل لطبيب المعالج

ساعدني لااريد فقد كامل…

إبراهيم محمود

البحث عن أول السطر

السرد حركة ودالة حركة، لكنها حركة تنفي نفسها في لعبة الكتابة، إن أريدَ لها أن تكون لسانَ حال نصّ أدبي، ليكون هناك شعور عميق، شعور موصول بموضوعه، بأن الذي يتشكل به كلاماً ليس كأي كلام، بالنسبة للمتكلم أو الكاتب، لغة ليست كهذي التي نتحدث أو نكتب بها، لتكتسب قيمة تؤهلها لأن…