بريـة مـارديـن.. متـاهـة العزلة (كونى رش وأوكتافيو باز/ Octavio Paz)

فواز خليل/ واشنطن

 لقد أعددت هذه المقارنة بين رواية (برية ماردين)، للكاتب كونى رش وبين كتاب (متاهة العزلة) للأديب المكسيكي الراحل أوكتافيو باز حسب وجهة نظري.. ان ما قدمه كوني رش في روايته برية ماردين هو حصيلة نتاج ادبي ثر على مدى عقود من الزمن.  برية ماردين هارمونية بين السيرة الذاتية انطلاقاً من قرية دودا وإلى ما يجاورها من قرى وبلدات، امتداداً لماردين وانصهار شعوب المنطقة ولغاتها في بوتقة الحضارة المتناغمة تماماً كالمهاجرين عبر الاطلسي من المستعمرين الاسبان وتهجينهم الثقافي مع الهنود السكان الاصليين لأمريكا اللاتينية حسب ما بين دفتي رواية متاهة العزلة للكاتب المكسيكي (أوكتافيو باز)، إذ فيه حاول باز الكشف عن شخصية الإنسان المكسيكي وجذوره وببحثه هذا غاص في العمق الإنساني، 
وعندما فاز بجائزة نوبل أشارت اللجنة إلى كتابه متاهة العزلة وتعمقه وإحاطته بالشخصية التي يتفرد بها الإنسان المكسيكي، وهنا وجه التشابه والندية في رواية برية ماردين حيث حاول الاديب (كوني رش)، من خلالها فهم الآثار الجانبية للالتقاء التاريخي بين العالم القديم والجديد، وسبر أغوار شخصية الإنسان الكردي، والإحاطة بالجوانب والظروف المعيشية التي عانى منها سكان المنطقة، ويرى كوني رش أنه لم يكن للوافدين الجدد سوى تأثير طفيف على الثقافة الأصلية الموجودة في كل مكان، برية ماردين ستكون في يوم ما منهلاً توثيقياً للدارسين الباحثين عن تاريخ الجزيرة السورية، وكلي أمل أن تترجم روايته هذه الى اللغات العالمية ويصعد صاحبها على منصات التكريم، ويحصد العديد من الجوائز العالمية، كوني رش أديب وكاتب سوري مشهود له بإتقانه لمجموعة واسعه من الأعمال الشعرية واسهاماته في التاريخ الثقافي للجزيرة السورية، ولا يقل شأناً عن باز الشاعر المكسيكي البارز والذي يعتبر أحد أهم الشخصيات الأدبية في أمريكا اللاتينية في القرن العشرين، حيث اصحبت بعض مؤلفاته نصاً نقدياً لطلاب تاريخ أمريكا اللاتينية.. وقد حصل على جائزة نوبل عام 1990 عن نتاجاته الأدبية، وكتابه (متاهة العزلة)، واحدة منها، وإلى برية ماردين ولنسرح فوق السحب في عالم كوني رش لتتفتح براعم الأفق الرحب نحو العالمية..
واشنطن 24/8/2022
– أوكتافيو باث شاعر وأديب ومفكر مكسيكي، صدرت له خمسة دواوين شعرية، ومن أهم أعماله الفكرية كتاب «متاهة العزلة» الصادر سنة 1950، حصل على العديد من الحوائز أشهرها نوبل في الآداب، وجائزة ثرفانتس، وجائزة ت. ث. إليوت، وقد رحل عن عالمنا في 19 أبريل من عام 1998 عن عمر ناهز الـ84 عامًا. 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

ماهين شيخاني

لم يكن يتوقّع أن يتسلّل الماضي إليه عبر شاشة تلفاز، في بيتٍ لا يُفترض أن يوقظ فيه شيء سوى الضيافة والضحك العابر.

كان “شاهين” في زيارة لأقاربه بإحدى الدول المجاورة، محاولًا أن يستريح من تعب الوطن، وربما من تعب القلب. جلس بين أبناء خاله يشرب الشاي، والتلفاز في الزاوية يبث حفلة موسيقية فاخرة، تعجّ بالضوء…

فواز عبدي

 

إذا ما وقفتَ على إحدى ذرى جبال طوروس ونظرتَ إلى الأسفل حيث “بريا ماردين”، ستجد قرية صغيرة مرمية هناك كعش طائر القطا، تطل عليها الشمس أوان شروقها لتوقظها متسللة عبر الستائر السميكة المتدلية على نوافذها. إنها قرية كَسَر.

هناك، يعيش “آپـێ ره شو – Apê Reşo”، رجل خمسيني ذو شارب كث، لا يفرّق بين الثقة…

عصمت شاهين الدوسكي

كانت صدفة على هامش الطريق حين التقيته للمرة الأولى. نادى باسمي، رغم أنني لم أعرفه من قبل، كان عام 2017م. كنت قد رحلتُ من الموصل، بعد أن ابتلع الدمار بيتي وسيارتي وأرشيفي الأدبي، إلى دهوك، حيث وُلدتُ، لكنني شعرتُ فيها بالغربة رغم كثرة الأقارب من حولي. كنت…

فراس حج محمد| فلسطين

 

لماذا نحن لم نصرخ بوجه الطائرات؟

لماذا نحن لم نرجم بوارجهم بفوح البارجات؟

لماذا نحن لم نمسح عن الفتيان هذا اليومِ

شرّ الصاعقاتْ

لماذا نحن لم نتقن سوى اجترار الأحجياتْ؟

لماذا نحن ننتظر السؤال نصوغه بمجازه؟

والعجز كلّ العجز في هذا السباتْ

***

لماذا كلّ ما فينا فوات واندثار ومواتْ؟

لماذا يدخلون البيتْ

يأكلون من قصعاتنا

ويلبسون جلودنا

ويشربون دماءنا

ويبصقون في عوراتنا

ونحن هنالك قابعونْ

على…