وليد حاج عبدالقادر / دبي
لم يكن بعمره في حاجة لأحد ولا تصور ان تحاصره الآلام كما النيران وسط وهج يزيد في لوعته وآب يلتهب فيه يحرق أعصابه قبل أحاسيسه ، هي النار قد تلبستك أيها المهدود أزلا وانت تردد كنت اياماتها في أزقة ديريك وتدندنها مخلوطة لهجتك : أيعقل انهما قابيل وهابيل قد تقاتلا ولكرهك لتلك المقاتلة لاتزال تسعى بإرادتك الخلط بينهما ! نعم ! هل هو هابيل من قتل قابيل أم قابيل هو الجاني كان ؟! فيطيح بك من جديد بؤس الوحدانية والشك يطوقك ولوهلة تتمنى لو ملكت أطواقا لا أجنحة .. خرزات صم ولربما طماشات من حديد كي لا يتسلل الضوء لعينيك والغفوة قد تتقدم الهوينى وانت بكليتك تتأشكل هموما على شاشة لا خضراء هي ولازرقاء ! دعك من الفلسفة وشطارة الفقهاء فعيناك مطموشتان بالحديد كما رأسك المتصخر وانت تزعم عشقا بات يلتقط انفاسك !! ههه ايها الخريفي عشقا عليك ان تعد انفاسك ونسمات الربيع الزاحف كطوق ومن جديد يشد في اوجاعك مطا .،
……
كان الحب قد تجاوزه كقطار سريع جدا وهو بدا كمن يجرجر اثقال قدميه المرهقتين وتباشير التجاعيد قد حوطت وجهه فيخالها تدرجات جبل هوزه ميري بخريفه الزاحف بعد عصف شمس / تميز وتباغ / واغصان تلكم الأشجار وقد تعرت تماما ومن بين تفتت قشورها المتيبسة تتلمح تلكم العروق والعقد كما آثارها المنعكسة على وجهه المتهالك ، هي ذاتها تلك الشجرة كانت ! نعم شجرة التين والتي ترسخت في ذهنيته بآلامها وشجونها ، كما وحنينية ذكرياتها ، الله !! ليلي .. وتلكم الحبيبات ماكانت قد نضجت بعد وانت تقطفها وهي تصرخ و تصرخ – كورو كركن – وانت لاتبالي ايها الشقي وذينك الحليب يتقاذف خارجا ! هو ذلك الحليب كان يعتصر كلثغ وانت تتأمله وهي تصمت بوجوم وكأن خيالها ايضا قد تقاذفها في لجة أشبه بتلاطم خيالات وأفكار لا كتل المياه الجارفة ! وحدك الآن تدرك مدى تعاسة هذه الشجرة العتيقة ودورات حياتها وتعب خلايا جسدك وهي تتعتق ايضا فتترسب وتتآكل وفي كل يوم تحسبمتغير جديد وقد تلبستك ! مسكين انت وهاهي السنون تطوقك بإرهاصاتها سواها ليلي بقيت بحبها عين تلك السنديانة وبشروشها تحيط بك وقد لملمت باقات لاشتال زهور بيئتها وببسمتها التي تهيجك مثل ثيران المعابد وتهتف .. هيا تقدم ياخريفا يتحول ربيعا أزلا .. كنت النض وانت النض ربما كنت وبقيت نضا والأزاهير ستغضي من جديد رأسينا ونحن نختلسها قبلتنا الأولى كانت …
….
كانت ليلة حالكة ولم تكن قط كغيرها من ليالي الشتاء ، غيوم سودا كاشحة تطرح عصارتها مطرا مدرارا والريح يعصف فيبدو كقصف لحبات البرد والمحيط كله تائه في لجة مظلمة سواها ليلي التي تتالت على وجهها صفعات الريح لتزيد من وهج احمرار خدودها والشفاه أضحت كلون / القرمز / وقد تضخمت .. تناولت غطاء الوجه الأسود وتحدت عنفوان المطر وحبات البرد كالوخز لا لا كلسعات عش دبور وقد هاجموها بكل قدهم وقديدهم .. وصلت الى حيث حبل الغسيل وتناولت بيدين مرتجفتين بردا ولسعا لقاطتي غسيل ومدت القطعة القماشية التي ماكانت سوى خمارا لجدتها وأشبكتها بالملقطين وفتحت يديها ضارعة الى السموات تتمتم ان يحفظ الله كل عابر سبيل وقد حوطته هذه الأمطار الجارفة بسيولها و .. منهم حسينو .. آه حسينو ولشقاء دروبك ! هل لك من جذوة نار وبقايا اعشاب تستزيدها بعضا من الدفء حتى تصل الى خيمة ما ، قرية تعرفها .. انتبهت لأختها سيڤي تحاكيها : ولماذا كل هذا الجهد والبر والمطر وجدتي لا تستعمل خمارها الا حين سفرها ل / باژير ؟! .. لا أدري سيڤي ؟ ولكنها هي من قالت توصينا : حينما يشتد المطر بعواصفه وهناك واحد من معارفنا في البراري والطرقات ، انشروا خمارا او أية قطعة سوداء تشي بالحزن والحداد حينها سيهدأ المطر قليلا وسيكون هناك بعض من الطمأنينة والأمان وستتاح له فرصة التركيز في البحث عن ملجئ او كهف لربما وبعض من بقايا نار .. ها ها ها ؟! وانت / وبغمز / لمن تسعين له الهدوء ؟ حسينوي شكروكا ! قالتها سيفي وهربت ضاحكة وسط ملامح الغيظ التي بدأت تغزو وجنتاها ليلي
ً
…………….
لعينيك كل العشق .. لعينيك كل الطاعة ولعينيك اعصاب القلب تتقوس لتنتج ذاك الطنبور يعقص به العشاق ينشدون روائع الألحان ، لحاجبيك آنستي ذلك البها والسواد قد أزاح الكحل من المكحلة وذاك الخيط الدقيق مابين الأحمر والزهري فاتنتي انت .. رباه ياالجبهة المتألقة شموخا تشي لا بكبريائها الأزلي بل بهاء يجعل الصخر يضج زائغا وهو يتأمل تلكما الخدين حبيبتاه ويتمنى ! .. إياك إياك ، نعم إياي وأنا الهائم أغطس داخل عربتي اللعينة واجراس هذه الألعاب بدماها تتقاذف ! ويحي من نفسي ومن نفسي ويحي اؤتها الفاتنة مالكة قلبي أضحيت .. رباه يا حسينو ! .. يالهذا المطر القاصف برعده وبرده ، حبيبات تخاله كطلقات مسدس غدار !! لا لا ؟! وهذ الطبطبة بضجيجها والبغال المسكينة بين فرفرة وفرفرة هي فرفرة ؟! وانا القاسي كنت معهما هذا اليوم وعطارتي لاتزال ملؤها بعد وهذه الحاجيات … أصوات أقدام رغم عنف المطر وضجيج الهواء بصفعه إلا أنه أخذ يسمعها بوضوح ، أزاح قطعة الجادر الذي يسميه هو باب العربانة ! خيال عدة رجال يتقدمون صوبهم والبرق برعده يظهرهم خطفا ، اقتربوا منه !! أوووه حسينو !! بسمامي قادي !! كيف حالك ؟! .. هيهيهي علي ي حاجي هارونا ! أفزعتمونني في هذه الليلة ؟! اين كنتم والى أين ذاهبون ؟! بي بخت ؟! رد علي حاجي هارون ! القادم من عند ابن عمك قادي وعلى البغال وهذه الليلة ونحن مابين طورميشا وخراب رشك وقد قطعناها وها نحن وإياك نقف على تلال شي بانا قاصدين بليسية ! هل أستمر وأضيف ؟! .. لا لا ؟! أجاب حسينو /باري وه يان درمانن .. آنژي جل وبركن / حمولتكم هي إما أدوية هي أو ملابس وقماش .. تناول من العربانة بعض من البسكويت المحشو تمرا وبعض من السكاكر وقال يخاطبهم : لدي بيض أيضا وخبز إن أحببتم وكذلك قشدة بيتوتية ان كنتم جائعين !! .. لا لا رد علي ي حاجي هارون وتناول ما بيد حسينو وودعوه معتذرين لأن بعض من البيشمركة ينتظرون في بيت حاجي احمدي بليسييي وهذه الليالي هي أنموذجية للعبور والوصول بها الى الجبال العصية
………
أيعقل كل هذا ؟ وماذا عن كل ذلك العشق وأسطورة غرام يبدو انه كان مجرد أضغاث أحلام وباتت كما هي سريلية ملأى بآهات – حيرانوك – وتلك العجوز تدندن بأنينية حارقة ( هري شطيانو ت قرش و قواري جزيرا بوتا ل كل خوفا تيني! ) رباااه يا حسينو ! يا الألم وهو يزحف كقطيع من الاكباش وهي تحف الأرض بأقدامها فيتصاعد غبارها وكخناجر مسمومة تحفز في أوردتي ياالعاشقة خلت أنني سأعتلي تلك الصخرة في لا منتهى قمة هذا الجبل فأرسم … لا لا ! أدون اسمك في مسامات جسدي طائرا يناجي عشقا وقد تعمد بك ليلاف ثلجا تجمدت وبت حتى في سيلانك ذاته الجليد المتحجر وانا ألف وادور ، أدور وألف وبزفرات شهيقي المتسخن أسعى بلا كلل عساني ازحف بكل عنفواني واقتعد اليباس المتجمد كعينه ذلك الناسك المتعبد في صحن المعبد وفي سجدته يناشدها نجوى بعشق تاهت عنها كل آهات سينم وأناشيد الحنين تتلهى و تتراقص معها تلكم الفراشات والبراعم والشمس يتعالى فيتآلف من جديد و .. زفير عازف الناي الحزين تبث دفئا عساه يحمي تلكم البراعم والسقوط المريع بردا ! .. حسينو : ياالتائه انت فعلا وكما قلتها ورددتها انت ؟! أجل رددتها انت في متوالية عشق أضحت كل جو كماء ساخن حارق !! لا لا بركان هو أيها المسكين الذي هو أنا !! مالي وهذا العشق المدمر ؟! ولكن ! أيعقل بأنها جادة ؟! عمرك لم تفقد الثقة بها ! وعمرك ما فكرت سوى بها ؟! ولكن الأهم ! بحياتك لن تستطيع سوى التفكير بها ! .. أجل حسينو .. ولكنه العقل في فعله وعطالته يفترض فيك التأني لأنه عمره العشق الحقيقي لن يتحول ابدا إلى طلاسم يدمر بقدر ماهو البلسم الذي يروي جذور تلك الازاهير وشتلات الورود تتفتح على أغصانها ورود عبقة. . رحماك ياألله .. آخ حسينو .. أين أنت محمه سليمي نافي ؟! و … جو جو وأخذ القامجيل يعلو في يد حسينو ويلسع ظهر البغلين كما رؤوس النسلات التي تتالت غرزاتها في صدره وهو يتذكر كلماتها خزالي و .. أخذت الدندنة تتعالى وهو يقلد صوته ! أجل صوته لمحمه سليمة نافي :
دا ورن كولا بجنين هكولي هكولي هكولامن
( de werin gula bi çînin hegulê hegulê gula min )
ياااه حسينو كم أصبح عشقك قاس وباتت آهاتك كتلك النار تذيب الشمعة وحنينك يدفعك لجنون عشق لا محالة أنه قادم …
…..
* فصل من ثلاثية بعنوان : يوميات حسينو العطار ( رواية )