خارجاً إلى كلّ مكان وحيداً

الترجمة عن الكردية: إبراهيم محمود
( من صوت نورالدين زازا ، 1979 )
فارقَ وطنه وخرجَ إلى العالم
ليرشد اللهُ من خرجوا من أوطانهم
مررتُ وسط الشعوب
نظرتْ إلي ، ونظرتُ إليها
إنما…
لم نعرف بعضنا بعضاً
خارجاً إلى كلّ مكان وحيداً
عندما…
كانت الشمس تغيب …
من أعماق الوديان
كان ينبعث الضباب والدخان
كنتُ أقول في نفسي:
” لكم هو محظوظ
ذلك الذي يرجع مساءً
إلى بيته
ويجلس مع أولاده وزوجته “
خارجاً إلى كلّ مكان وحيداً
إلى أين تمضي
تلك الغيوم التي تسوقها الرياح
الرياح…
مثلها أيضاً تدفعني أمامها
ورغماً عني
براحتها
تسوقني
خارجاً إلى كلّ مكان وحيداً
هذه الأشجار جميلة، هذه الأزهار حلوة
إنما…
ليست بأشجار وطني
وأزهارها
فهي لا تعني شيئاً بالنسبة لي
خارجاً إلى كلّ مكان وحيداً
هذا النهر..
بقلب منكسر
يجري في السهل
سوى أن هديره
ليس كالذي لنهرنا
حيث كنت أسمعه
في طفولتي
إنه لا يذكّرنا بشيء
خارجاً إلى كلّ مكان وحيداً
هذه الأغاني حلوة
سوى أن تناغماتها المرهفة
والحساسة
ليست كالتي لأغاني
وطني
خارجاً إلى كلّ مكان وحيداً
لقد سألتْني :
” لماذا أنتَ تبكي دائماً ؟ “
عندما..
ذكرتُ لها السبب،
لم يبك أحد معي…
لأنها لم تفهم محنتي…
خارجاً إلى كلّ مكان وحيداً
لقد أبصرتُ طاعنين في السن
الصغار
كانوا يسكنون إليهم
مثل أشجار الزيتون القديمة
حيث الزوائد
والغراس
كانت تحيط بها…
إنما لم يقل لي أحد من بينها:
” ولدي “…
لم يقل لي أي صغير:
” بابا “…
خارجاً إلى كلّ مكان وحيداً
رأيت
أعلى القلاع والأبراج
أعلاماً…
إنما ليست بلونها
ولا حتى برفرفتها أيضاً
ابتهج قلبي
هي لم تكن بأخضر- أحمرنا
خارجاً إلى كلّ مكان وحيداً
الأصدقاء،
الآباء والأخوة
السعادة، الراحة والعزة
وحدها
في الوطن تكون
خارجاً إلى كلّ مكان وحيداً
الخارج البائس
كفى هذا البكاء والعويل
ثمة الكثير الكثير..
مثلك
قد تم إبعادهم
كثيرون مثلك
عانوا فقدان الآباء، الأخوة والأصدقاء
جدّد أملك وتماسكْ
أنت أيضاً ذات يوم
سوف تحقق مرادك وغايتك
إن لم يكن اليوم
فغداً …
هذا النص ترجمة لنص
Derketî li her derê  bi tenê ye
في كتاب
Kurdên ne jibîrkinê  ( Hemû  berhemên edebî)  Nûredîn Zaza
الكُرد الذين لا يُنسَون ” جميع النتاجات الأدبية ” نورالدين زازا
منشورات آفستا، ستانبول، ط1، 2011، صص15-20

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

أصدرت منشورات رامينا في لندن كتاب “كنتُ صغيرة… عندما كبرت” للكاتبة السورية الأوكرانية كاترين يحيى، وهو عمل سيريّ يتجاوز حدود الاعتراف الشخصي ليغدو شهادة إنسانية على تقاطعات الطفولة والمنفى والهوية والحروب.

تكتب المؤلفة بصدقٍ شفيف عن حياتها وهي تتنقّل بين سوريا وأوكرانيا ومصر والإمارات، مستحضرةً محطات وتجارب شكلت ملامحها النفسية والوجودية، وموثقةً لرحلة جيل عاش القلق…

غريب ملا زلال

رسم ستار علي ( 1957_2023 ) لوحة كوباني في ديار بكر /آمد عام 2015 ضمن مهرجان فني تشكيلي كردي كبير شارك فيه أكثر من مائتين فنانة و فنان ، و كان ستار علي من بينهم ، و كتبت هذه المادة حينها ، أنشرها الآن و نحن ندخل الذكرى الثانية على رحيله .

أهي حماسة…

عِصْمَتْ شَاهِينَ الدُّوسَكِي

أعْتَذِرُ

لِمَنْ وَضَعَ الطَّعَامَ أَمَامَ أَبِي

أَكَلَ وَابْتَسَمَ وَشَكَرَ رَبِّي

أَعْتَذِرُ

لِمَنْ قَدَّمَ الْخُبْزَ

لِأُمِّي وَطَرَقَ بَابِي

لِمَنْ سَأَلَ عَنِّي

كَيْفَ كَانَ يَوْمِي وَمَا…

ماهين شيخاني

هناك لحظات في حياة الإنسان يشعر فيها وكأنّه يسير على خيط رفيع مشدود بين الحياة واللاجدوى. في مثل هذه اللحظات، لا نبحث عن إجابات نهائية بقدر ما نبحث عن انعكاس صادق يعيد إلينا شيئاً من ملامحنا الداخلية. بالنسبة لي، وجدتُ ذلك الانعكاس في كتابات الفيلسوف والكاتب الفرنسي ألبير كامو (1913-1960).

ليس كامو مجرد فيلسوف عبثي…