بهرين أوسي
قبلَ اشتعالِ الربيع
قبيلَ انبثاقِ البرعم
جاءَ الطوفانُ الأعظم
من شمالِ الأرضِ
محملاً بالقذارات
والغيَلةِ الغادرة
وحوش ٌ
تبحث عن الجيَفِ
وتستهوي العفن
بعضُها
امتهن نبشَ القبورِ
وبعضُها ارتأى النفاياتِ مرتعاً
الطوفانُ أغرقَ المكان ..
كنا على حافةِ الجسرِ الصغير
بين شرقِ المدينةِ وغربِها
الجسرُ الهشُّ
بقوائمهِ المتداعية الهزيلة
كآمالنا البسيطة
كأحلامنا الغضَّة
يلاحقُنا الرعبُ
و زمجرةُ الكاسرِ الموحِل
منَّا من ابتلعه الموج
ومنَّا من سعى لليابسةِ
وكلُّ من مروا هناكَ
بناقلاتِهم
المحمَّلةِ بالموتِ
وبالرصاصِ
لم يلتفتوا لهم
ولم يأبهوا بنا
مروا كرشقةِ ريحٍ
وتركوا خلفهم غبارَ العصفِ الأسود
موتٌ مشوهٌ
أبشعُ من الموتِ
رصاصٌ و شظايا
و رعبٌ و جنون
وتخبَّطنا ننشدُ النجاةَ
ننشدُ أقداماً تنشلُنا
من الفاجعةِ
حلقةً من دعاءٍ
تدرأُ عنا الموتَ
وهَرَعنا ..
نئمُّ الصَّعيدَ
تلكَ التلةُ الخَضراء
قصرٌ من مرمرٍ ونور
والصوتُ الملائكيُّ المنادي
لجمعِ شتاتِ أمَّةٍ نُكِبت
والنورُ الحاضنُ للسهول
التي لم يصِلها الطوفان
ولم يقربها وحشٌ
نداء من هناك
قصديَ:
سيروا
هنا الخلاصُ
وهنا الأمان
في أرضِ آبائكمُ والأجداد
انضموا تحت جنحي
بسلامٍ
فأنا منقذكمُ
وأنتم لي العِتقُ و الخلاص
لن يطالَ حقدُ الطوفانِ
أرضاً تحميها النسور
أرضا تضوعُ
بعطرِالفردوس
———-
* قبل عشر من السنوات تراءت لي في المنام بهيئة حلم . وكأنها إسقاط على ما نعيشه اليوم