نحن القرباط. إلى خالد خليفة.

عبداللطيف الحسينيّ.

أربعون يوماً، وأنا أعرفُه منذ أربعين عاماً حين أمسك أخي الشّاعر محمّد
عفيف الحسينيّ. بيدي قائلاً لنذهب وتتعرّف على صديق الكرد خالد خليفة في
منطقةٍ بحلب اسمُها”هُلّك” كانَ شابّاً وكنتُ فتىً…. ثمّ تتالت السنوات
ثقيلةً وخفيفةً سافر محمد عفيف إلى السويد وبقيَ يراسلني مستفهِماً: هل
ترى خالد خليفة؟
نعم أراه دوماً…بعدَما انتقلَ خالد إلى دمشق بتُّ أراه يوميّاً..بيتُه
المستأجَر مع صديق مسرحيّ فيصل ابراهيم قريبٌ من بيتي المستأجَر في طلعة
جسر النحاس. حيّ الأكراد الدمشقيّ. خالد خليفة يسكن في منطقة الكرد وينام
ويأكل ويسهر مع الكرد.
مرّةً مازحتُه : كيفَ تتحمّلنا يا أبو الخلّ؟
في صيف عام 1993 طُرقَ بابُنا الأخضر. يا مرحباً..”حارس الخديعة” في
ديارنا، كان محمد عفيف قد طلب منه أن يزور عامودا التي بقي فيها يوماً أو
يومين . خذني إلى شاعرنا محمد نور الحسينيّ هكذا طلب مني “حمدو”..هكذا
قالها خالد خليفة.
من خلال الأخبار العاجلة عام 2012 اُعتُقل خالد…راسلتُه فلم يجب..ثم
أخيراً خلعوا كتفَك يا خالد.
ثم تغرّبت تغريبتُنا السوريّة وتشظّت فكان خالد في كلّ المدن والعواصم ،
لكنّه بقي أميناً للشام يزورُها..يشحنُ روحَه بشمسِها وعتمتِها وغيابِ
الأصدقاء عنها.
قبل ثماني سنوات ألتقيه في مكتبة صفحات Pages باسطنبول حيث جَمعٌ من
السوريين..كتّابٌٌ و شعراءُ و فنّانون…إنّهم القرباط ..ما أجملَهم يا
خالد!
قبلَ سنة كان خالد ببرلين سريعاً مستدرجاً إيّاه كتبتُ له: أبو الخلّ
بيني وبينك رميةُ حجر، لديك غرفةٌ عندي وكتبٌ وأوراقٌ وأقلام ..ونبيذٌ
مُرٌّ من الذي تعشقُه..يكادُ أن يكون سُمّاً..تعال نتجرّعه….هكذا
أغريتُه.
قريباً سأكون عندك…لم يأتِ خالد….طار إلى سويسرا أو فرنسا أو لندن ثم
إلى تغريبته الأخيرة وأبقانا في تغريبتنا قبل الأخيرة.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صبحي دقوري

في لحظة ثقافية نادرة، يتصدّر الموسيقار الكوردي هلكوت زاهير المشهد الموسيقي العالمي بعدد أعمال معتمدة بلغ 3008 أعمال، رقمٌ يكاد يلامس الأسطورة. غير أنّ أهمية هذا الحدث لا تكمن في الرقم نفسه، بل في ما يكشفه من تحوّل جذري في مكانة الموسيقى الكوردية ودورها في المشهد الفني الدولي.

فهذا الرقم الذي قد يبدو مجرّد إحصاء،…

يسر موقع ولاتى مه أن يقدم إلى قرائه الأعزاء هذا العمل التوثيقي القيم بعنوان (رجال لم ينصفهم التاريخ)، الذي ساهم الكاتب : إسماعيل عمر لعلي (سمكو) وكتاب آخرين في تأليفه.

وسيقوم موقع ولاتى مه بالتنسيق مع الكاتب إسماعيل عمر لعلي (سمكو). بنشر الحلقات التي ساهم الكاتب (سمكو) بكتابتها من هذا العمل، تقديرا لجهوده في توثيق مسيرة مناضلين كورد أفذاذ لم ينالوا ما يستحقونه من إنصاف وتقدير…

صبحي دقوري

يضع كتاب أزمة العالم الحديث لرينيه غينون قارئه أمام أحد أعمق التشخيصات الميتافيزيقية لانحدار العصر الحديث، تشخيص لا ينطلق من داخل الحداثة بل من خارجها، من أفقٍ تقليدي يرى العالم لا من زاوية التاريخ بل من زاوية المبدأ. غير أنّ هذا التشخيص لا يكتمل فهمه إلا إذا وُضع في موازاة جهود مفكرين كبار واجهوا…

ناصر السيد النور *

يدخل الروائي السوري (الكردي) والطبيب في روايته الصادرة مؤخراً عن دار رامينا اللندنية -هذا العام- إلى تجاويف سردية غائرة بدلالاتها السيكولوجية في تعبير جريء وشاخص لشخصياته روايته التي اتخذت مساراً سردياً يغلب عليه التفصيِّل في شمول سردي يتخطى أحيانا المساحة (الفضاء السردي) المتاح. بافتراض أن التطابق ما بين احالات النص السردي وقيمة…