حمود شنتوت وصهيل الحرائق

غريب ملا زلال

تنطلق نظرية الوصول الى مكونات اللوحة عند شنتوت من معطيين ينبغي التوكيد عليهما :
الأول : ترك نوافذ مفتوحة في اللوحة وذلك من خلال غوصه في اللون الواحد بكل تدرجاته وهذا ما يسمح للمتلقي سرعة الابحار في عوالمه أوالوقوف بهدوء على شواطئه .
الثاني: التفاعل مع التشكيل من خلال محاكاة الخط مع الواقع المتخيل .
فشنتوت يمثل علامة ناجزة في الفن التشيكيلي من خلال أخذه حيز لا بأس به من دائرة الضوء . فله قوة على امتلاك القدرة على الحياد حيث تبقى اللوحة بالنسبة له معرفة روحية وفنية أيضاً ولهذا فهو يعرف تماماً كل أسرار الوصول الى الأقاليم المختلفة للوحته …بدءاً من ظل الشمس وليس انتهاء من دمجه لحكاياته المتعاقبة في خطابه الفني عبر تشكيل جميل غير شائع خاص به ..
فالصهيل ليس أحمراً لديه بل يصبغ بالضباب الغارق بالبني الداكن القريب من السواد وقد يكون زمهريراً ممتعاً .. والحب ليس جسداً بل نغمة روح تنبثق من هذا الجسد وتعود اليه بعزف اخر قد يكون أكثر عذباً .
فشنتوت يفكر بحيادية مطلقة حين يوهم المتلقي ضمناً بان لا محدودية لمعرفة العشق فالصرخة يمكن ان تكون انموذجاً لجنون الجسد في البحث عن صهيل الروح المفقود والمتمثل بسيمفونية الخلود عبر ثقة كبيرة في الخلق وفي سرد مفردات التخييل ولهذا العلاقة قوية بين المتلقي ولوحته ..رغم ان السماء ليست مقلوبة لديه وليست صافية أيضاً وانما هي ملبدة بالمكنونات الولودة من الصهيل من جهة ومن جنون الجسد بسماع هذا الصهيل .. الصعقة التي هي حاضرة بكثافة عند شنتوت فهو يمتلك كل تفاصيل التعامل مع اللون دون أن يورط متلقيه في غياهب عمله فدلائله عبر دوائر غير مغلقة يجعلك تكتشف انك لست أمام شأن خاص بقدر ما أنت أمام شأن يخصك من العمق .. فهو يلعب جيداً بحكاية المفاتيح ولهذا فهو يسعى على نحو دائم الى اشعال الحرائق في كل الجهات .
6-1-2016

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

أحمد عبدالقادر محمود

اجتازا حاجز المعارضة المنصوب على أحد مداخل المدينة ، لم يكن الأمر غريباً ، كانا معروفين من قِبل عناصر الحاجز ، سارا معاً قرابة الساعتين وهما يتحدثان عن الثورة ومآلاتها ، أعجب درويش بأفكار فطين ، وعمق تحليلاته ومنطقة السلس الآخّاذ ، وهدوئه إلى جانب شخصيته الكارزمية ، تيقن درويش…

خوشناف سليمان

في زقاقٍ منسيٍّ على هامش أطراف عامودا. كانت خالة زريفة تسند ظهرها إلى الحائط الطيني. ترقّب الغروب كمن يترقّب رحمة السماء. ليس في البيت إلا كأس من الأرز. و بعض الخضرة. ووجوه ثلاثة صغار أرهقهم الجوع. و لم يجرؤ أحدهم على النحيب.
ذلك اليوم. دخل الضيف.
لم يكن متطفلًا. بل قادمًا ليسأل عن…

ا. د. قاسم المندلاوي

الفنان “ايوب علي”
وهو مغني وموسيقي، ولد عام 1973 في ناحية “سنكاوي” منطقة كرميان – السليمانية. درس علوم الهندسة الميكانيكية في كلية الهندسة – جامعة صلاح الدين – اربيل، وحصل على شهادة بكلوريوس عام 1998.

بدا مشواره الفني اثناء دراسته الجامعية، وسجل عددا…

إبراهيم أبو عواد / كاتب من الأردن

علي الوَرْدِي ( 1913 _ 1995 ) عَالِم اجتماع عِرَاقي ومُؤرِّخ . اهتمَّ بِتَحليلِ شَخصيةِ الإنسانِ انطلاقًا مِنْ حَقيقةٍ بسيطة ، وَهِيَ أنَّ الإنسانَ لَيْسَ كائنًا نقيًّا ، ولا شِرِّيرًا خالصًا . إنَّه يعيشُ مُمَزَّقًا بَيْنَ مَا يُمْليه المِثَالُ ، ومَا يَفرِضه الواقعُ . وهَذا التَّمَزُّقُ…