إبراهيم محمود
-1-
أيتها الممتلئة سماوات معطَّرة بالضحك والشجر
أيتها التي كان حلمها ذات يوم
يغذي قصيدتي بالنهارات المفلترة
ماالذي يشدك إلى قلب
قلبي أنا
الذي بات نقطة تبحث عن حرف
وجهاً ينشد صورته الهائمة في الجهات
خطى خذلتها جهات غادرة
ومهربون غفل من الاسم
قلبي
أرض مكلَّلة بالخراب والحرارة الصفيقة
رحلت عن نطاقها الينابيع
حتى العقارب لاذت بجهات مجهولة
عاث فيها أولو أمرها بؤساً غير مسبوق
تنكرت لي جذوعها المخنوقة…
إبراهيم محمود
أيها الباب الباب
ركّز معي جيداً يا باب
لا يغرّنك فصلك بين فراغ وفراغ
أنت مجرد باب
باب وليس سواه
من خشب، حديد، ألمنيوم
وأي مادة أخرى
مفتاح في حجم إصبع
ربما أصغر وأقصر
يمرّغ أنفك في الذي لا تريده
يحركك وأنت صامت
فإن عصيت
فثمة في انتظارك
ركلة، قبضة، مطرقة، أو غيرها
لا تتمترس وراء صلابتك
لا صلب إلا ويُكسَر
لا تتباهى بثباتك
لا شيء يخرج عن حكم الحركة يا…
إبراهيم محمود
ما اسمك؟
أوله ماءٌ وآخره أرضٌ تحمل صَّرة طُرُق صادقت الأرجاءَ
ما اسمك ؟
سماءٌ تلاعب نجومَها يليها فضاء مشدود إلى ما يكون أوله الماء
ما اسمك ؟
حِمْل إبرة تخيط جراح هواء تتعبه أرض شيَّبتها أسماء أذكى بنيها
ما مكان ولادتك؟
البرْق المعجون بنبْع لا يغريه ظله وسواد يشد سواداً إلى وجهه
ما مكان ولادتك؟
سنبلةْ تمضغ ضوءاً وصرير أحلام في عمْر…
إبراهيم محمود
قصيدتي تتظلل بشعرك ِ
لأن شعرك يقودني إلى غابة مكللة بالضوء
قصيدتي تتغنى بجبهتك الشامخة
لأن جبهتك تعلّمني الاستقامة عالياً
قصيدتي تسجد لعينيك
لأن عينيك تمضيان بي إلى السماء
قصيدتي تسمّي عالياً أنفَك
لأن أنفك يهديني إلى أفق بعيد
قصيدتي تمدح فمك الكرزي
لأن فمك يصلني بالصباح
قصيدتي يعمّقها وجهك
لأن وجهك يطل بي على الجهات الواسعة
قصيدتي تضيئها رقبتك
لأن رقبتك تهدي النجوم إلى مساكنها
قصيدتي يفتنها…
إبراهيم محمود
هذا الحنين الذي يستبد بنا
قبيل نومنا في وداع محب
على غفلة ونحن نيام
في وداع محب
كل استقبال لمحب ينقلب حزناً
يعصف بنسيج الروح
يطيّر مظلة القلب
يهدد كل شجرة عين باقتلاعها
قبيل تناولنا للطعام
قبيل اللقمة الأخيرة من طعامنا
على عجل
على عجل
كم ضاقت بنا الأرض
كم ضاقت بنا السماء
كم ضاق بنا الواحد الأوحد
كما ضاق بنا الخافق فينا
كم ضاق بنا الهواء
كم ضاق بنا الطريق…
إبراهيم محمود
أحياناً يستحيل جسده سماء
ماضية في إظهار ما لديها من نجوم ومجرات
أن قلبه يحلّق به عالياً
ليرتقي به مانحاً إياه فضاء من لذة نادرة
ويشعر بصوت يتردد هناك: أظهِر لون سمائك
أحياناً يستحيل جسده غيمة
ماضية في مخاض سواد يرعد
أن قلبه يهرع إلى الخارج في الهواء الطلق
ليتهيأ للاغتسال تحت وابل المطر المنتظَر
ويتملكه شعور أن السماء تسمعه عبارة: نعيماً
أحياناً يستحيل…
عبد المقصد الحسيني
أسقي
زهور
مزار
السوررررررررررريين
سأحتمي بنصك السريالي والمجنون في كتاب المتاهات
وعينيك فيحاء زاخر بالبلاغة
والأثمد
ويلمع كوميض البرق في أنساب دمي
وسبج عنقك حبات كستناء
أحزنني
مواكب الموتى وهم يرددون أناشيد القيامة
أحزنني
تفاصيل الحرب
والليل
الله…
الله…
لم أرتوي حتى الثمالة
حتى الثمالة
أحبك…….. يا الله
إبراهيم محمود
لا تجعل القصيدةَ الصلاةْ
وأنت في سجودْ
ستخسر القصيدةَ الحياة
وأنت فيها العابدُ المعبودْ
***
ابق على مسافة من قلبكْ
وملؤك الكونْ
لتضمن السماءُ ملءَ دربك
بمشتهى اللون
***
وأنت تمضي تابعاً خيالكْ
والأرض نبضٌ فيكْ
ستبصر النجوم ما بدا لك
وضوؤها يرويك
***
قد يصبح الحب غِلال روحِكْ
وأنت في مداهُ
ستثبت السماء في طموحك
يغبطك الإله
***
قد تغتني برؤية امرأةْ
تلبِسُك المطلقْ
مناشداً في سر من رأى
منعطف الأعمق
***
لو يلتقي الماء الحجرْ
سيطرب الترابْ
سيُعلم الماء…
إبراهيم محمود
لا تقل لظلك مرحباً
لئلا ينقلب عليك
ويسلّمك لصحراء تنتظرك عارياً
ابقِه صامتاً
وامض مستأنساً بصنيع غدك
يتبعك ظلك مثل كلبك
***
لا تقل لمائك سلمتَ
لئلا يجرفك مختالاً
ويمضي بك إلى حيث ينتهي ماضيك
تجاهل عشه المائي الهش
واتبع نهرك الطليق محتمياً بخيال روحك
ينصاع لك خشية تهديده بالقحط الشرس
***
لا تقل لطريقك شكراً
لئلا يغوص بك عميقاً
ويركل رغبتك إلى متاهة مستجدة
شد رسْنه
واهتد بخطاك ذات الألف استقامة…
مرفان كلش
صرتُ أنسى
أنسى الفرح
وأعتّق الحزن في شراييني!
صرت أنسى المواعيد، فذكّروني؛ كي لا أنسى وعودي
وما قد نذرته لعواصف الطيبة، أو الألم!
صرت أنسى كشاب فقد في لحظة خذلان عاصف، عقله،
وكل الذكريات، وضوء القمر المكتمل كخد صبيّة عاشقة!
صرت أنسى ما تبقى لي من سَكْرةٍ وحيدة رافقتني عمراً،
وها هي تروح، ويروح العمر يا صاحبي!
صرت أنسى الوجوه
والكلمات؛ وأنا في منتصف…