نصوص أدبية

عبداللطيف الحسيني / هانوفر
ينقرُ الطيرُ فروةَ رأسٍه, يمرُّ فوقَنا يقصدُه ليحميه, ذاك الطيرُ يحرسُه حَمَلَ أخبارَ بلادي ومزّها قبلَ أن أقرأَها على وجوه السوريين التي شاخت, ذاك الطيرُ أنجبَ أحفاداً حمقى يرتّبون ياقتَه ويمسحون دمعتَه الخضراءَ حينَ يبكي في الظلام.ـ والبكاءُ مُرٌّ في الظلام.في الأيام الزمهرير يغطّونه لئلا تصفعَه كُتُلُ الثلج, ويغنّون له حين ييأسُ,…

عبد اللطيف الحسيني/هانوفر
أسمعُ أصوات الهدهد تحتَه, لكنّي أَصَمُّ, أرى الوحشة في كلّ زواياه, لكنّي ضرير, فعن أيّ بيتٍ أتحدّث وأي بيت أراه ؟تتعرّش تشقّقاته وحشةُ سنوات السواد, تركتْ فيه السنواتُ الوحشةَ والسوادَ و غادرته, كأنّ البيتَ سرقَ مخلّفات الطفولة التي مدحتها.الأفضلُ لك – أيها البيتُ المتعَبُ – أن تتفرّج على المارّة المُتعَبين, الأفضلُ لكِ –…

عبداللطيف الحسيني / هانوفر
كلٌّ بطريقتِه وعلى طريقتِه ينضحُ بما فيه ويُظهرُ قيحَه وصديدَه وعقمَ سنواته وعقوده التي تراكمَ فوقَها أسخفُ لونٍ وأشرسُه على وجه البسيطة السمح والمبتهج والضحوك , أستدركُ لأعيدَ بالسبب إلى سنوات القحط والمجاعة الفكريّة والسياسيّة , اليساريُّ – مثالا – يتحدّث ويطبّق متبجّحاً كلَّ أفكار اليمينيّ بدرايةٍ منه أو بدونها , واليمينيُّ…

عبداللطيف الحسيني.هانوفر
موحِشاً أسألُه عن بَصَري ال م ن ف رط ليجمعَه.موشوماً يجيبُني الوجهُ الخفيُّ , مكلّلاً بماءِ الحياةِ يناديني.كأني تقرّيتُ ملامحَه , هنا وضعتُ صوتي المكتومَ ليحدّثَني من خلال ذاكَ الوجهِ الخفيّ , فيه أبصرْتُ صوتي ملثّماً نبرتَه , وجهٌ خفيٌّ بخفّةٍ لمّني كطائرٍ يلتحفُ عشَّه , كأنّه وجهُ نهرٍ يسحبُ الظلالَ المتخفية إليه ,…

عبداللطيف الحسيني.هانوفر
مها التي تطفيءُ النجومَ فوقي بلمسةٍ من يديها،مها الخضراء تصنعُ جزيرةً،فتضعُ كيساً من الصحراء في وسط النهر.ما كتبتُه لمها باتَ كابوساً تراه في ليل شتائِها الطويل،كما في اﻷحلام:سرقتُ أنهارَها….فبقيت مها تحتدُّ وحيدةً …تستجدي يداها الملائكيتان بسماء منخفضة…اﻷنهارُ ترافقُها…تحرسُها…تطيّرُ شعرَها،تمسّدُ ضفيرتَها حين تغنّي. أحملُ فانوساً في لياليَ المُعتمة ألملمُ صوتَ مها من ضفاف اﻷنهار.كيف ألتقطُ…

نمارق راكان الكبيسي
أتممت عليك ايام الفراق فجعٌ في الثانيةِ، في الدقيقةِ، في الساعةِ؛ أشجي لتيهِ الشوق المرغم تتحرك أميالها بعشوائية لم تنبس حتى بكلمة (تك تاك)، ها هي أصبحت خرساء لا تقوى على جعل من حولها يضج بالصخب وبدورها تحرك، لجة مشاعري صمتًا، تجعلني أكابد فيها هوجاء، اشتياقي ومن غبطتي المحتدمة ،اواسي غربة الايام ولا ادري كيف

لغربة الأوطان أن تواسي المغترب؟ وكيف للمجروح…

عبد اللطيف الحسيني / هانوفر
ليست المرآةُ وحدَها تردّدُ ملامحَ المرءِ وصوتَه وكآبةَ داخلهِ وثورةَ ذاتِه الهائِجة , المرآةُ لا تردّدُ ما يقولُهُ المرءُ لنفسِه بالنجوى أو بأصواتِه التي لا تسمعُها إلا مرآةُ ذاتِه الكثيفة – الشفّافة .ما سيحصلُ للمرءِ إنْ وجدَ لوجهِهِ في مرآةِ بيتِه وجوهاً : وجهُ الصّبا يسلّمُه للشباب , ووجهُ الشباب يسلّمُه…

عبداللطيف الحسيني/هانوفر
-أهي فجوةٌ أومسافةٌ توتّر تستبدُّ بي وتحدّني برائحتِها ونكهتِها الطريّة كلّما تذكّرتُ هذا الاسمَ ” سعيد ريزاني” ؟ ولا أدري أين اختبأ أوخبّأ صوتَه في لونه أولونه في أصواته ؟ فمِن أيّة جهةٍ تأتيه تجدُه كائِناً مرناً يزدحمُكَ بحضوره اللونيّ أو الصوتيّ .يلازمُني هذا الاحساسُ الغريب ,فحين وجدتُه يرسمُ طبيعة جزراويّة أليفة أو معادية…

عمران علي
فيما كنّا جالسين ويمرر أحدنا للأخر حديث الأمكنة ، استعرضنا الأصدقاء والقرى ووجوه شخوصها المغبرة ، منحنيات الدروب واشباح القادمين من البعيد وما فاتنا التوقف عن سرد ماأصابنا من التجهم على سبيل البلاد ، تجاهلنا وجودنا في خضم الأضواء لنستنزف حلماً لطالما راود ذواتنا المختلة وبوجع بالغ .بتّنا جادين بالخوض فيما أصبحنا عليه من…

خالد إبراهيم
عندما تهبطُ عليك لعنة الكتابة، ما عليك سِوى الصمت، والتفكير بعمق يضاهي ترسّبات الأرض، وبُعدِ السماء عن النار والماء، كُنْ حُرَّ الأصابعِ والرؤيا والمنافذِ والمعابرِ، ولا تسقطْ في فخّ مليء بالأشواك وأقراص «الإباحية» المدوي في فلك هذا الأتون القبيح، اشربْ القهوةَ بهدوء، واجعلْ من سجائرك صكٌّ يفتحُ لك معبراً نحو صورتك المُعلّقة على باب…