الآخر الكردي في المختبر النقدي

 

عمر كوجري

تشهد دمشق نشاطاً واضحاً من قبل المراكز الثقافية الأجنبية ، ويعد المركز الثقاف الروسي من المراكز التي لعبت دوراً في الحياة الثقافية في دمشق منذ أربعين عاماً ،ولايزال على عهد زواره به ، وفيما مضى في أوائل الثمانينات كان يعد من المعالم البارزة لدمشق . ومن نشاطات هذا المركز الأخيرة تأسيسه لمختبر نقدي يشرف عليه ويديره الأساتذة الدكتور خالد حسين والقاص أيمن الحسن والشاعر فخر زيدان ،هذا المختبر النقدي باشر أعماله منذ ثلاثة أشهر،و الندوة الأولى كانت مخصصة لمناقشة المجموعة القصصية الأولى للقاص محمد سعيد حسين والمعنونة «مكاشفات زهرة الدفلى» أما الندوة الثانية فكانت مكرسة لمناقشة المجموعتين الشعريتين للشاعرين الشابين علي جازو – الهروب الكبير – ومازن أكثم سليمان – قبل غزالة النوم-
أما اللقاء الأخير فكان للوقوف على رواية الروائي وكاتب السيناريو خالد خليفة والمعنونة – دفاتر القرباط-
دفاتر القرباط :
يعد خالد خليفة  من المبدعين العرب القلائل الذين تناولوا الموضوع الكردي في أعمالهم الأدبية والروائية على وجه التخصيص. فعلى مستوى سوريا ينفرد خالد مع
الروائي إبراهيم الخليل في سبر موضوع الآخر الكردي ومحاولة التقرب من تخومه إبداعياً ، ولعل ولع اهتمام الكاتبين خليفة  والخليل بالآخر غير العربي والكردي
بمجمل الأحوال مرده إلى معايشة الكاتبين للكرد على مستوى التجاور، والعلاقات الحميمة التي تربطهما مع المثقفين الكرد في سوريا ، وبالتالي استيعاب الموضوع
الكردي وتفهمه وانعكاس هذا الهم الإنساني على صعيد المثاقفة وفهم الآخر أو محاولة فهمه عبر الكتابة و تسليط الضوء على ذلك ومقاربته ورسم الحلول له .
ولعل دفاتر القرباط من الروايات القليلة التي حاولت أن تتناول الآخر الكردي حيث نجد الراوي الذي ظل حبيس عدم التسمية في الرواية يكشف عن الرؤية السردية الخاصة به حيث يتجلى التوجه في الرواية الموقف من هذا الآخر الكردي وكيف يكون مخنوقا بمكانه وأشجاره ولغته من قبل الآخر الأقوى . والمكان في الرواية يتشكل من البؤرة المتمثلة «العنابية » التي تقع في منطقة عفرين شمال حلب .
ومن خلال تقنية السرد الحكائي تتبدى لنا موضوعة استدعاء هذا المكان لأمكنة واقعية ومتخيلة فالأمكنة القريبة من هذا المكان الذي تشتغل عليه أحداث الرواية هي عفرين بنهرها وبيوتها وحاراتها ،وهذا المكان يشكل البؤرة الحقيقية لتتوافد على أحداث الرواية أمكنة أخرى مثل القاهرة وتركيا ودمشق وغيرها .
وفي مناقشة الرواية وتسليط الأدوات الإجرائية عليها بغية توضيح المبهم وتفسير الآليات والأنساق التي تألفت منها الرواية رأى د. خالد حسين أن هذه الرواية تعد من
الروايات الجميلة التي تركت أثراً في نفس المتلقي.و من حيث الخطاب السردي تشتغل على تيار ما بعد الحداثة في الرواية العربية ،ومن العتبة العنوان رأى أنه  يتألف من البنية الإضافية ، هذه البنية قائمة على محور دلالي يتأسس على التضاد أو ثنائية الاستقرار وهي الدفتر- الكتابة – والسفر والترحال والقلق والتوجس كما حال القرباط ،وهنا يكمن البعد الإبداعي في البنية السوسيوثقافية .ورأى حسين أن الرواية هي صراع بين الكتابة والشفاهية كما أن هناك اشتغال على المكان والزمان والتناص .
من جهتها رأت الصحفية والناقدة نعمت خالد أن الزمن عند خالد خليفة يمتد إلى أزمان وهناك لعب واع بالزمن ،والفضاء الروائي يمتد إلى فضاءات أخرى ن وربما أراد المؤلف أن يكون كل شخص منا هو الراوي في هذه الرواية .
وقد تناول الناقد فخر زيدان الرواية انطلاقاً من المحور الزمني حيث رأى في البنية الزمنية بنية معقدة وهناك أزمنة متعددة فهناك الزمان الدائري الذي يرصد حركة القرباط وهناك زمن العشق الذي مثله أبو الهايل ، وثمة أزمنة قديمة تعود إلى العهد الأموي ،وهذه بالطبع دلالات إيحائية معينة .
وبعد انتهاء الندوة سألت أحد القائمين على الندوة عن المختبر النقدي فقال إننا نستقبل الأعمال الأدبية من شعر وقصة ورواية في بداية كل شهر. وفيما يخص القراء الذين يقرأ ون هذه الأعمال أضاف أنهم مختلفون دوماً ، وبإمكان أي قارئ يمتلك ناصية المناقشة وملم بالنقد أن ينضم إلى المختبر، والدعوة مفتوحة لجميع القراء ،ولجميع المبدعين لإرسال أعمالهم إلى المركز. وعن الهدف من المختبر النقدي أفاد أن الهدف هو إيجاد نقد مواز للأعمال الأدبية الصادرة حديثاً والتركيز أكثر على المبدعين غير المعروفين لينالوا حظوظهم في المتابعة والقراءة من قبل المتلقي ،وكذلك تنشيط الساحة الثقافية بإدخال استراتيجيات نقدية معاصرة في القراءة النقدية .وعن الشروط التي يمكن أن تتوفر في كتاب حتى يفوز بالمناقشة والاهتمام قال لاتوجد شروط معينة ولعل الشرط الأهم هو أن يتوفر النص على بُعد إبداعي ن وبالتالي يكون حافزاًعلى القراءة .
يذكر أن الندوة القادمة ستتخصص لمناقشة رواية الكاتبة انتصار سليمان التي خرجت إلى النور منذ فترة وجيزة ،وهي بعنوان «البرق وقمصان النوم »
وهذه المساهمة الأولى لكم

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

شيرين خليل خطيب

في أيِّ مجال إبداعي، أو أي حرفة تعتمد على الحس والموهبة، يظهر أشخاص يظنون أن بإمكانهم اقتحام هذا العالم لمجرد أنه يعجبهم أو أنهم يحلمون بالانتماء إليه. لكن الحقيقة المُرَّة التي مهما حاولنا تجميلها، هي أن بعض الطرق لا تُفتح لكل عابر، وأن بعض الفنون تحتاج إلى موهبة أصلية أو حد…

خالد بهلوي

اختُتمت الدورة الإلكترونية لتعليم كتابة سيناريو السينما الكردية، التي أُنجِزت بإشراف الدكتور جاسمي وزير سَرهَدي، البروفيسور في المسرح والسيناريو (الدراما الهوليوودية)، والمدرّس السابق في جامعة صلاح الدين في هولير، والحاصل على عدة جوائز دولية في كتابة السيناريو السينمائي.

قدّم الدكتور الدورة على مدى عشرة أسابيع، تناول فيها موضوع الدراماتورج وبنية القصة الدرامية، إضافة إلى محاور…

ا. د. قاسم المندلاوي

في هذه الحلقة نقدم للقارئ الكريم نبذة مختصرة عن فنانين آخرين، احدهم من غرب كوردستان، الفنان الشهيد يوسف جلبي، الذي تعرض الى ابشع اساليب الاضطهاد والتعذيب من قبل السلطات السورية الظالمة، وخاصة بعد سيطرة نظام البعث سدة الحكم عام 1966. فقد تعرض الكثير من المطربين والملحنين والشعراء الكورد في سوريا…

يسر موقع ولاتى مه أن يقدم إلى قرائه الأعزاء هذا العمل التوثيقي القيم بعنوان (رجال لم ينصفهم التاريخ)، الذي ساهم الكاتب : إسماعيل عمر لعلي (سمكو) وكتاب آخرين في تأليفه.

وسيقوم موقع ولاتى مه بالتنسيق مع الكاتب إسماعيل عمر لعلي (سمكو). بنشر الحلقات التي ساهم الكاتب (سمكو) بكتابتها من هذا العمل، تقديرا لجهوده في توثيق مسيرة مناضلين كورد أفذاذ لم ينالوا ما يستحقونه من إنصاف وتقدير…