المثقّف الكورديّ بين مطرقة المهمّات وسندان التحدّيات*

سعيد يوسف

إنّ الحديث عن المثقّف الكورديّ، ذو شجونٍ كثيرة، وهمومٍ متخمة بالآلام والجراح، وفيه صعوبات ومتاعب، لابل وفيه مغامرة ومخاطرة. 
فمن هو المثقّف الكورديّ… متى ظهر وأين… وكيف نما وعيه وتطوّر..؟ ماذا يفعل؟ وما هو المطلوب منه… وما هي تحدّياته… ؟١
لا يخفى على المتتبّع للشّأن الثّقافي حال الأزمة التي يعيشها المثقّفون عامة، وفي الشّرق الأوسط خاصةً، هذه الأزمة التي تقترب من حافة النّكوص والردّة. 
وتبلغ الأزمة ذروتها، إذا انتقلنا إلى الحقل الثّقافي الكورديّ، بمهامه الكثيرة والمتعدّدة، وتحدّياته العميقة والمتجذّرة. مما يجعلنا أمام مشهد تراجيدي وكارثي، وفي مواجهة أسئلة مؤلمة وصاخبة..! 
هل لدينا ثقافة نعتدّ بها.. ؟ أو هل نحن مثقّفون، وجديرون بحمل عبء هذا اللّقب واستحقاقاته..؟ 
تلك أسئلة مؤجّلة، لن أقترب من تخوم الاجابة عليها، عسى أنْ تلقى اهتمام آخرين…
تتناول الدّراسة هنا أربع محاور في سعي منّا لتكوين رؤية واضحة ومتكاملة عن الموضوع، لكنّها لا تدّعي اعطاء الأجوبة القطعيّة أو المنجزة، بقدر ما تسعى إلى تحفيز المهتمّين إلى المزيد من الأسئلة والبحث والحراثة والغوص في مجاهيله وخباياه، أو الحفر والتنقيب عن المخفيّ والمسكوت عنه. 
أمّا المحاور فهي :
أوّلاً – نشأة المفهوم وتعريفه. 
ثانياً – فئات المثقّفين وأصنافهم. 
ثالثاً –  مهام المثقّف الكورديّ. 
رابعاً – تحدّيات المثقّف الكورديّ. 
أوّلاً- في نشأة المفهوم وتعريفه :
١– نشأة المفهوم :
مفهوم المثقّف في اللّغات الأوروبية مفهوم جديد، إنه وليد الثقافة الغربية الحديثةِ، ظهر في نهاية القرن التاسع عشر، مرتبطاً بحادثة تاريخيةٍ محدّدة، وهي قضية الضابط الفرنسي من أصلٍ يهودي “ألفريد دريفوس”. الذي حوكم بالسجن والنفي بتهمة العمالة لألمانيا، لكن الحكم قوبل بالشكّ والارتياب من أهله وأصدقائه. فما كان منهم إلا أن طالبوا بإعادة النظر في الحكم، كما توجّهوا أيضاً إلى الرأي العام الفرنسي يستنهضونه من أجل الدّعم والمساندة( الجابري-ص٢٢). 
احتدم الجدل واستمرّ طويلاً حتى شمل كل طبقات الشّعب الفرنسي وفئاته، وباتت القضية، قضية رأي عام، وعلى أثر ذلك انقسم الشعب الفرنسي بين فريقين : أحدهما مؤيد للحكم، والآخر مناهض له، لابل صنّفوا الحكم ضمن خانة المعاداة للسّامية intisêmitism” “. 
كما حظيت القضية باهتمام الكتّاب والأدباء…ومن جملتهم شخصيات مرموقة : كإميل زولا، الذي كتب مقالاً بعنوان ” إنّي أتّهم”. مضمونه ملابسات القضية. وإلى جانبه أناتول فرانس، ومارسيل بروست وغيرهم الذين أصدروا بياناً احتجاجياً على سير المحاكمة، وعدم كفاية الأدلّة، تحت عنوان ” بيان المثقّفين”. عام ( 1898). وفي نهاية المطاف انتصر المعسكر المناهض للحكم، بعد أن أصدرت المحكمة حكمها ببراءة دريفوس، وأعادت له الاعتبار. ممّا شكّل انتصاراً ليس فقط لمؤيدي دريفوس، بل ونصراً لحرية التعبير والنقد والديمقراطية، واخلاصاً لمبادئ التنوير والثورة الفرنسية. 
وهكذا ومنذ ذلك الوقت دخل مصطلح 
” intellectuel” القاموس الثقافي الفرنسي كمفهوم يشير إلى شخص ذو معرفة واسعة يملك أفكاراً، وصاحب رأي، وموقفٍ نقديّ. 
فيما لخّص بول باران( ١٩٠٩-١٩٦٤). صفات المثقّف بأحد شرطين : أحدهما الرغبة في الكشف عن الحقيقة، وثانيهما أن يكون شجاعاً…يقوم بنقدٍ صارم لكل ما هو موجود.( الجابري ص٢٤). تلك الرّغبة هي ذاتها التي كانت تحرّك أتباع المدرسة الكلبية الاغريقية. ( ق.  الرابع. ق. م ). في سعيّ منهم لاستجلاء الحقيقة، وصراخهم ونباحهم على الفساد الاجتماعي. 
بهذا نجد أنّ فرنسا هي المرجعيّة التاريخية لمقولة ” المثقّف”. التي  استعملت لأول مرّة كاسم في بيان المثقّفين، لتصبح بعد ذلك عَلَمَاً يدلُّ على جماعةٍ من النّاس، من أدباء، ومفكّرين، وفنّانين. يتميّزون بصفات خاصة بهم. ( الجابري ص٢٣). 
٢ – المعنى اللّغوي للمصطلح : 
كلمة ” intellectuel”. الفرنسية تعود إلى جذرها اللّاتيني ” intellect”. التي تعني العقل أو الفكر. أمّا استعمال اللّفظ كاسم، فيرجع إلى أواخر القرن التاسع عشر كما بيّنا سابقاً، فهو يحيل إلى الشخص الذي لديه ميلٌ قويٌّ إلى شؤون الفكر والروح من هنا يمكن وصفهم ب “العمال الفكريون” في مقابل “العمال اليدويون”.(الجابري-ص٢١)
أمّا كلمة الثقافة في اللّغة الفرنسية، فهي مشتقة /مقابلة لكلمة “culture”. 
والتي لا تحيل إلى المثقف “intellectuel”.( الجابري ص٢٠). هكذا نجد أن استعمال المصطلح واضح في الحقل الثقافي الغربي، بينما يقابله عدم الوضوح في السياق العربي، وربما غيره. 
فاللفظ العربي مثقّف، الذي يعود استعماله إلى منتصف القرن العشرين، والذي وُضع كترجمة للعبارة الفرنسية “intellectuel”. فهو لا يحيل إلى الفكر أو الروح، بل إلى لفظ الثقافة، الذي هو ترجمة لكلمة “culture”. الفرنسية التي تدلّ في معناها الأصلي على فلاحة الأرض، والزراعة…(الجابري-ص٢١). وهنا نلاحظ حجم الخيانة في الترجمة، والتي قد لا تكون مقصودة، إذ أن هذا هو شأن جميع المصطلحات والمفاهيم في رحلتها عندما تقتلع من سياقها التاريخي والاجتماعي، ونظامها المعرفي، وتوضع لها مرادفات قد لا تكون موفقة، ولا يحالفها الحظ.( محمد كشت-ص٥). 
إنّ لفظ “مثقّف”. لفظٌ مولّد في الخطاب العربي المعاصر، ولا نكاد نعثر له على أثر في الخطاب العربي القديم، فقد جاء في ” لسان العرب “
ثقف الشيء، ثقْفاً، وثقافاً، وثُقوفةً. حذقه، ورجلٌ ثَقِفٌ وثُقُفٌ، وثَقَفٌ. حاذقٌ ،فهمٌ، ولم يرِد فيه لفظ مثقف. وتفادياً للإشكاليات أعلاه، وأفضل  وسيلة للاقتراب من مضمون الكلمة، كما يقول الجابري، هو العمل على إبراز دلالتها الخاصة في مرجعيتها الأصلية، وهي هنا الكلمة الفرنسية أساساً.( الجابري-ص٢1). 
أما في اللغة الكوردية : فتبدو المسألة أكثر تعقيداً، سيما ونحن شعبٌ مقسّم وجغرافيته مغتصبة، فلا حاضن اجتماعي مستقل يأوينا، ولا فضاء ثقافيّ حرّ يجمعنا ويحمينا. فضلاً عن ذلك فإننا نعاني شحّاً في المصادر والمراجع المعرفية، وضعفاً في وسائط التواصل الثقافيّ، والانتاج المعلوماتي. علاوةً على تعدّد الألفاظ اللّغوية المستعملة كمقابل لكلمة مثقّف “intellectuel “. مقارنةً باللّغات الأخرى. فهل نواجه أيضاً اشكالية في الترجمة والمعنى كما في اللّغة العربية…؟ 
لم أجد من طرح المسألة في الساحة الثقافية الكوردية، أو ناقش مدى صلاحية استعمال مفهوم “rewşenbîr”. كمقابل للكلمة الفرنسية “intellectuel “. سوى أنّ د. آزاد علي أشار إلى أنّ الكلمة الكوردية “rewşenbîr”. لا تغطي معنى كلمة “intellectuel”. الفرنسية ،ودون أن يتعمّق في التفاصيل، أو محاولة منه لشرح الأسباب، أو تقديم حجج وأدلة. 
إنّ الألفاظ الكوردية المستعملة كنظير للكلمة الفرنسية المذكورة أعلاه، والمدرجة في معاجم اللّغة الكوردية هي التالية : 
Rewşenbîr, ronakbîr, zanewer, çanda…T D.
هذه الألفاظ متداولة في أكثر المعاجم التي عدت إليها، وهي حوالي عشر معاجم. منها معجم “jîn”. ل. محمد جميل سيدا، حيث وردت الألفاظ بشكل مختلف كالتالي : 
Rewşenber, rewşevan, çanda. 
كذلك وردت كلمة :zanewer”  “. والتي ترجمت بمعنى مثقّف ومتنوّر. 
وفي فرهنگي” گه وهه ري “- ج2 ل :نعمت علي سايه، وردت كلمة روشنفكر، بمعنى متنوّر ومثقف. 
أما جمال نبز في الأيتمولوجيا، فيستعمل كلمة : روشنبير، و روناك، ايتمولوجيا.( bîr.. بير). ماناي روناكبير. 
وإذا قمنا بتقطيع كلمة : rewşenbîr “”. فنجد أنّ : rewş. يحيل إلى الزينة والأخلاق أما : rewşen. فيحيل إلى النّور والضياء. والمقطع : bîr. يشير إلى الفكر، أو الذاكرة، والوعي. وبإعادة ترتيب المقاطع وتركيبها، نحصل على كلمة :rewşenbîr” “. أي المتزيّن بالفكر  والمتنوّر به. هذا التحليل ينطبق على كلمة : ronakbîr . أيضاً. 
ما أودّ قوله أنّ اللّفظة الكوردية قريبة تماماً للكلمة الفرنسية، وتغطيها من حيث الإشارة الصريحة، والواضحة إلى الفكر والوعي، لكننا لا نستطيع الجزم بأنها تحيل إلى العقل والفكر بالمعنى الحداثي لكلمة “intellectuel”. التي ظهرت في فضاء ثقافيّ فرنسيّ خاص، وجاءت مرتبطة بحدث تاريخيّ معيّن. 
أمّا بالنسبة لكلمة الثقافة في اللّغة الكوردية، فشأنها شأن اللّغة الفرنسية لها جذر آخر حيث تستعمل كلمتا : 
Çand…culture. . كبدائل لها. 
وبصرف النظر عن أصولهما  وتلافياً للإشكاليات المحتملة، لا خيار أفضل من العودة إلى المصطلح الفرنسيّ المشار إليه، واتخاذه مقابلاً لمصطلح :” rewşenbîr”. والذي نستعمله في خطابنا الثقافيّ الكورديّ المعاصر. 
٣ – تعريف المثقّف : 
يشكو معظم الباحثين والكتّاب إن لم يكن كلّهم، من صعوبة وضع تعريفٍ جامعٍ مانع للثّقافة والمثقّف. 
فللثّقافة على سبيل المثال أكثر من /160/ تعريفاً. وكذلك تعريف المثقّف الّذي يأخذُ بدوره حيّزاً واسعاً من الاختلاف بين فئات المثقفين، ولهذا سوف اقتصر على أقلّ ما يمكن منها. 
فالمعجم النقديّ لعلم الاجتماع يؤكد بدوره على صعوبة التعريف، إلا أنّه يقدّم عدّة صفات كمحاولة لتجاوز الصعوبة منها : تملّك المعرفة، لكن ليس كلّ من يملك المعرفة يعتبر مثقّفاً…! فلا بدّ أذاً من شروطٍ أخرى، منها الأهلية الادراكية، والحساسية تجاه القيم، والتمسك بالآداب…ويوجز المعجم المذكور شروط المثقّف في : العلم والوعي والالتزام، ويضاف إليها خصْلة البحث عن الحقيقة.( محمد كشت ص٥). 
هنا أودّ الاشارة إلى مفهوم الانتليجنسيا الذي يتقاطع مع مفهوم المثقّف، والذي ظهر في القرن الثامن عشر، وفي القرن التاسع عشر أُعيد صياغته على يد البولونيّ : كارول ليبيلت في كتابه. “عن حب الوطن” في إشارة منه إلى شريحةٍ حصرت اهتمامها في مجال الثقافة والفكر والفن. 
من هنا فإنّ ولاءها الأوّل بحسب نديم البيطار هو للأفكار والمعارف. ويحصر دورها في التّأمل والتّنظير والتّحليل. وهو ما يبتعد بها عن مفهوم المثقّف الذي هو في المقام الأوّل صاحبُ موقف نقديّ.( محمد كشت ص٥). 
بينما يشير عبدالله العرويّ، إلى أنّ المصطلح انتشر في زمن القيصر الرّوسي المصْلح بطرس الأوّل.( 1672-1725). فالوضعية التي أنشأها، كانت سبباً في ابداع كلمة جديدة تعبّر بالضبط عمّا نعنيه بالمثقّفين، تلك الكلمة هي “انتليجنسيا”.( العروي ص١٧٣). 
بدوره يتساءل زكي نجيب محمود( 1905-1993). عن هوية المثقّف..؟
فيجيب بأنه “هو أن يكون رجلاً بضاعته أفكار يريد بها أن يغيّر وجه الحياة إلى ما هو أفضل”. 
أمّا الجابري.( 1935-2010). فيصف المثقفين “بالعمال الفكريين”. والمثقف عنده ناقدٌ اجتماعيّ، يحدّد ويحلّل ويهدف من خلال ذلك على الدفع بالأنظمة الاجتماعية نحو أنظمة أكثر إنسانية وأكثر عقلانية.( الجابري ص٢٤). 
أمّا المثقّف عند المفكّر اللّبناني علي حرب : ” فهو الذي تشغله قضية الحقوق والحرّيات، أو تهمّه سياسية الحقيقة، أو يلتزم بالدّفاع عن القيم المجتمعية أو الكونية، بفكره وسجالاته، أو بكتاباته ومواقفه..”( حرب، أوهام النخبة. ص٣٨). 
وعند محمد أركون.( 1928-2010)
“هو ذلك الرّجل الذي يتحلّى بروحٍ مستقلّة، محبّة للاستكشاف  والتّحري، وذات نزعةٍ نقدية واحتجاجية تشتغل باسم حقوق الروح والفكر فقط”.( أركون، بعض مهام… ص١٢). ويشير أركون إلى أن ساحة الفكر بدأت تضيق رويداً رويداً، ومن ثمّ تراجع دور المثقفين بدءاً من القرن الحادي عشر، عندما بدأت المدرسة السنيّة تفرض ممارسةً ارثوذوكسية سكولاستيكية، ممّا مهّد للانتصار الكليّ. ( لها) واختفاء الموقف الفلسفي كليّاً”.( أركون، بعض مهام… ص١٣). وعلى أثر ذلك ساد نمط المثقّف الفقيه في المشرق، ونمط الشيخ المرابط في المغرب. ومن ثمّ دخلت المجتمعات الاسلامية في عتمة فكريّة، فيما يسميه أركون بالسياج الدوغمائيّ المغلق للأصولية الدينية، هذا السياج الذي يشكل أحد العقبات الرئيسة في وجه المثقفين، والذي يستوجب عليهم فتح الثغرات فيه، والتسلّل إلى داخله لنسف قواعده، وتفكيك مرتكزاته، واعادة هيكلته. 
ثانياً – فئات المثقفين :
المثقّف إمّا أن يعيش للثقافة، أو يعيش بالثقافة. وعليه يمكن الحديث عن أنماط/ فئات عديدة من المثقفين وذلك بحسب المهام أو الأدوار التي يقومون بها، أو الأهداف التي يسعوْن إلى تحقيقها. 
ثمّة من يتحدث عن مثقّف ثوريّ أو إصلاحي، ليبرالي أو تقليدي، وأكاديمي، وهناك من يتحدّث عن المثقّف المهاجر، أو المنفي، والمثقف الحزبي، أو مثقف السلطة، والمثقف الوسيط، والمثقف الخائن… 
يقول جوليان بندا : إن تاريخ المثقفين هو تاريخ خياناتهم…أولئك الذين تنازلوا عن أخلاقياتهم حفاظاً على الجماعة أو الحزب، أو الأمن والنظام.( محمد كشت ص٨). 
سأكتفي هنا بعرض تصنيفين عن المثقفين، الأوّل تصنيف إدوارد سعيد.( 1935-2003).وهو مستمدٌ  من السياق الغربيّ وبالاستعانة بأنطونيو غرامشي ، والتصنيف الآخر للباحث الكورديّ : جلال زنگبادي. 
أما إدوارد سعيد فيعرض ثلاثَ نماذج شخصية وهم :
١- نموذج أنطونيو غرامشي( 1891-1937). المثقّف العضويّ : 
ممثّلو هذا النموذج لا يشكّلون طبقة، أو كياناً منفصلاً عن المجتمع. بل هم موزّعون على كافة شرائحه وأطيافه، ولكل شريحةٍ أو فئة وطبقة ممثّلوها من المثقفين المرتبطين بها ارتباطاً عضويّاً :كالمعلم، والقائد والأديب والفيلسوف.( كريم حلاوة ص٨٦). 
وهم لسانُ حال الشريحة، أو الفئة والناطقون باسمها. لقد لاقت مقولةُ غرامشي عن المثقّف العضويّ رواجاً واسعاً بين الكتّاب والمفكّرين. فقد ذهب غرامشي إلى حدّ القول بأنّ كلّ الناس مثقّفون.( محمد كشت ص٧). وذلك دفاعاً منه عن ديمقراطية الثقافة، في مقابل النخبوية…ولكن من المؤكّد أن هذا القول ينطوي على شيء من المبالغة، فالأقرب إلى الصواب هو القول بأن كلّ الناس لديهم ثقافة، بينما الجميع لا يؤدّون وظيفة المثقّف…! فهل يستطيع أيّ شخصٍ مثلاً أن يسلك مسلك غرامشي، ويتحمّل عناء عشر سنواتٍ في السجن..؟ أوهل يمكن أن يتجرّع آخرون السّم مثل سقراط اخلاصاً لأخلاقياته وفلسفته..؟. 
بدوره يتحدّث غرامشي عن نمطين من المثقفين : 
– النمط التقليديّ : ويتميز بثبات الدور، وثبات في الموقف دون أن يكون طرفاً في الصراع الطبقي، بل يؤدي دور الوسيط بين المجتمع والدولة. وينفّذ سياسات السلطة مقابل أجر…ولكنه لا يبخل بخدماته على الآخرين. 
– المثقّف العضويّ : 
هذا النمط يرتبط بالشريحة أو المؤسسة والطبقة. هؤلاء يعبّرون عن مصالح وتطلّعات جمهورهم، ويمثّلونهم خير تمثيل. أهمّ ما يميّزهم التخصص في جوانب دقيقة من النشاط.( محمد كشت ص٧). 
٢ – نموذج جوليان بندا.( 1867-1956). : 
بعكس غرامشي يقلّص بندا دائرة المثقفين إلى أدنى درجة ممكنة، ويدعو إلى صنف من المثقفين “الملاك” أو “الرسول”. ثم يعرّفهم بأنهم عصبةٌ صغيرة من الملوك الفلاسفة الذين يتحلّون بالموهبة الاستثنائية والحسّ الأخلاقي الفذّ، ويشكّلون ضميرَ البشرية. فلا منافع مادية لديهم، بل ينشدون السعادة من أجل رفاه الآخرين. والحقيقة أن نموذج بندا المتخيّل نادرٌ وجوده في التاريخ، وربّما من أفضل أمثلته سقراط ، اسبينوزا، والمسيح، ونيتشه… الخ. وكما نلاحظ أن بندا يتحدّث عما يجب أن يكون عليه المثقّف، وليس كما هو كائن وموجود في الواقع. 
٣ – جان بول سارتر( 1905-1980).المثقّف الملتزم :
أثار الفيلسوفُ الوجوديّ الفرنسي، صخباً عالمياً، وشغل الناس بأفكاره الجريئة، ومواقفه العملية، ولمَ لا..! فهو الذي رفض استلام جائزة نوبل للآداب الممنوحة له سنة /1964/.كما وقف ضدّ استعمار بلاده للجزائر، وناصر حركات التحرر في فيتنام وكوبا…وساهم في انتفاضة الطلاب عام /1968/.في فرنسا. فالالتزام بالنسبة له تصرف واعٍ من المثقّف، للمساهمة في عملية التغيير الاجتماعي المتجهة نحو بناء المستقبل. إنه نموذج المثقّف المكافح العمليّ المؤمن بدوره ورسالته في كشف الحقيقة وتأييدها دون أن يفكّر بثمنٍ يقابله. 
تلك إذاً ثلاث نماذج اختارها ادوارد سعيد من التاريخ الغربي الحديث والمعاصر، غير متزلفةٍ للسلطة، سلاحها الكلمة والقلم والإرادة، في خدمة الحرية والعدالة، ومن أجل التقدّم الاجتماعي عامة… تميّزوا بفكرهم العابر للحدود، فكرٌ كتب للبشرية جمعاء. 
أما التصنيف الثاني، الذي أستعينُ به فهو للباحث والكاتب الكورديّ جلال زنگبادي الذي يستهدي هو الآخر، بتخريجات الفيلسوف الماركسيّ الإيطالي : أنطونيو غرامشي وربما غيره. فيذكر ثلاثة أنماط من المثقفين، مع نمطٍ رابع وبديل من اقتراحه حسب قوله، وهي : 
١- المثقّف التقليدي : ويصفهُ بالذيليّ أيضاً، القائل( نعم). وهو يروق للسّاسة. 
٢- المثقّف الانتهازي المتذبذب. ( الثعلبي). لعوبٌ وماكرٌ كالثعلب يتحيّن الفرص لاكتساب المغانم. 
٣- المثقّف العضويّ : الثوري، وهو نادر في وجوده، مهمّشِ دائماً، لا ينحني لأحد، ولا تغريه المناصب والأموال. 
بيد أنّ زنگبادي يتحدّث عن نمطٍ جديد وبديل، تفرضه طبيعة المرحلة التاريخية الراهنة للكورد، من أجل بناء مستقبل مشرق لهم. هذا النمط يسمّيه زنگبادي ب ” المثقّف المستقبلي”. ويتابع وصفه بأنّه المثقّف العضوي نفسه، ولكنّه نمطٌ مطوّر بالارتكاز على خاصّتين، وهما : النزعة الموسوعية، والاستقلالية عن السّاسة. ومن سمات هذا النّمط : أنه ينطلق من منظور مستقبلي مبرمج…لا ماضويّ، وغير قَدَريّ 
يدرك رسالته الاستراتيجية، شبه” النبوية”. 
أما أهم مقاصده، فهو إرساء سلطة الثقافة في مقابل سلطة السياسة. ولهذا يجب أن يمتلك فكراً موسوعيّاً، ويتعلّم باستمرار…! وبدون ذلك سيعجز عن مسايرة حركة التاريخ المتصاعدة، في هذه المرحلة الحرجة من تاريخنا القومي الكوردستاني بتصوّره. 
واضحٌ وجليّ تماماً : أنّ المثقف الذي يرسم زنگبادي صورته، ويتخيّله  مطابقٌ تماماً لنمط المثقّف الرسولي عند جوليان بندا…الذي سبق الحديث عنه. 
والسؤال هنا : من أين نأتي بهذا المثقّف “الرسولي”… ؟ وكيف نحصل عليه…؟ هل هو صنيع انبلاج تاريخي.. ؟ أم أن المثقّف يصنع ذاته بذاته…أم أن كلتا العوامل الداخلية والخارجية، تتآزر وتتفاعل لإبداع ذاتٍ  “نبوية” “رسولية”. تحدث هزّة تاريخية، وانعطافاً اجتماعياً. هنا اقتبس وانقل بعض الأفكار عن المفكّر اللبناني البارز علي حرب : 
الذي يعلن موت المثقّف، لأنه فشل في انجاز مهامه المتمثّلة في الاستنارة، والديمقراطية، والتغيير، ونشر الفكر العلمي، وحتى حيازة المشروعية الوجودية والفكرية. 
برأي حرب أنّ المثقّف الرسولي، الذي يزاول مهنته متلبّساً عباءة الرسول، وتحت غطاء القداسة قد ولّى زمنه، وما على المثقّف…أيّاً كان نموذجه إلا العودة إلى مراجعة عدّته وذاته  ونقدها، فالمثقفون ليسوا قدس الأقداس، ولا رسل الهداية والحقيقية.( حرب، أوهام النخبة ص٥٨). 
ويرى حرب أنّ المثقف، إذ يقارع السلطة بذريعة الدّفاع عن المهمّشين والمقهورين، إنّما يسعى من وراء سلوكه هذا إلى إخفاء حقيقته…! فيما هو يسعى إلى تكريس سلطته، لتحقيق مآربه.. فالفاشية تسكننا جميعاً على حدّ قول ميشيل فوكوه.( 1926-1984).
ولعلّ من حقّنا التشكيك في تعميم مثل هذا الحكم على كل المثقفين، وعلى كل المجتمعات…وعليه فإن المثقف الرسولي لم ينقضِ زمنه، بل ما أحوجنا إليه…! ولمَ لا، فمثل هذا المثقّف لم يظهر عندنا حتى نعلن انتفاء دوره، وحتى على مستوى  المجتمعات الأوروبية لا ضير من ظهور مثل هذا المثقّف فيها، بالرّغم من بلوغها مرحلة الاستقرار، وتجاوزها مرحلة النكوص والارتداد أو التراجع والتقهقر. في حين أن مجتمعاتنا، وخاصة المجتمع الكورديّ…فهو بأمسّ الحاجة إلى مثقفين من طراز رفيع… وذويّ ثقافة موسوعية، وإرادة صلبةٍ مقاومة، وأخلاقية مخلصة في تقديم خدماتها مجاناً دون طمعٍ في مال أو سلطة بل ديدنهم تقدّم مجتمعاتهم على دروب الحرية والاستنارة. 
لقد راهن إدوارد سعيد على المثقّف المقاوم، باعتباره فلسطينياً، فواقع الشعب الفلسطيني يستلزم حضور مثقفين مقاومين. 
بينما علي حرب يراهن على نموذج جديد حسب وصفه ألا وهو المثقّف الوسيط…الذي يلعب دور العمالة أو الوساطة بين السلطة والجماهير، إنه “وسيطٌ عقلي ” أو ” عميل معرفي”. هذه العمالة لا تقلل من شأنه ومكانته كمثقّف حسب قوله.( حرب، أوهام النخبة ص١٦٧). ويظهر لي أنّ الوضعية الاجتماعية والسياسية  اللبنانية تستلزم حضور مثل هذا المثقّف. 
أما كوردياً فالمثقف المطلوب، والذي يحتاجه مجتمعنا وشعبنا هو المثقّف المقاوم، والمشبع بمعرفة موسوعية، قوي الارادة، جريء في القول والعمل والممارسة، وليس من حقّ أحد تجريده من عدّته وسلاحه المتمثّل في الكلمة الحرّة والكتابة النزيهة والفنّ الرّفيع والجماليات الإبداعية. 
فهل من المعقول أن ينزل الجندي إلى ساح المعركة بدون سلاح، وهل يعقل أن نجرّد الفنان من ريشته وألوانه، أو يصعد الموسيقي إلى المسرح دون آلة موسيقية،  أوأن يدخل الطبيب الجرّاح إلى غرفة العمليات بدون المقصّ والمشرط إلّا في زمن العولمة…!
المثقّف لن يموت، ولن ينتهيَ دوره، بل  تتغيّر الأدوار بتغير الأزمنة والأمكنة، ولكلّ مجتمع مثقفوه. 
وعليه فمن حقّ المثقّف أن يتباهى بعدّته المفاهيمية، وترسانته المعرفية ومن الخطأ والتجنّي النّظر إليه على أنّه شخص كغيره من الأشخاص، فمثلما  أن البنّاء يتباهى بصنعته أو الميكانيكي، كذلك من حقّ المثقّف التباهي بثقافته ومهنته. 
ثالثاً – بعض مهام المثقّف الكورديّ : 
ماهي مهام المثقّف…؟ وما هي وظائفه… ؟ أو ما هو الدّور الذي يمكن له/ أو يجب عليه القيام به…؟.
قد يكون من المفيد، والأجدى العودة إلى بعض التعريفات السابقة، بهدف استخلاص بعض المهام العامة أوّلاً، والتي تصلح للمثقف، وتشكّل جزءاً من كينونته وبعضاً من خصوصيته أينما كان، وبصرف عن انتمائه المجتمعي أو الاثني. 
إن الفكرة الصحيحة ملك الإنسانية جمعاء، وتفقد جنسيّتها بعد انتشارها، وهذا ما يبرر لنا الاستعانة بها، ويبرر من جهة أخرى عنونة الفقرة أعلاه باستعمال لفظة الكوردي. 
فبحسب زكي نجيب محمود( ١٩٠٥-١٩٩٣). المثقّف رجلٌ لديه بضاعة فكرية يريد بها تغيير وجه العالم نحو الأفضل…!.وبما أنها بضاعة… فمن حقّنا السؤال عن نوعيّتها…هل هي بضاعة دينية أم وضعية… علمانية..؟
أم ثوريّة…أو اصلاحيّة…؟.وعلى ضوء الاجابة على هذه الاحتمالات يتحدد الاختيار الذي قد يروق لهذه الشخصية / الجماعة دون تلك. لكن تبقى المهمّة الرّئيسة من ترويج البضاعة والرأسمال الثقافي مهمّة تغييرية لنمط الحياة السائد وقيمها، وباتجاه الأفضل…وهي مهمّة تعكس مقولة الفيلسوف الاغريقي ديمقريطس، القائلة أنّه يريد الظّفر بفكرة  ليغيّر بها وجه العالم، أفضل لديه من أن يحظى بأموال بلاد فارس. 
المثقّف عند محمد أركون. (١٩٢٨-٢٠١٠).أيضاً رجلٌ…! يتميّز بنزعةٍ انتقاديّة احتجاجية، يعمل للدّفاع عن حقوق الرّوح والفكر. بيد أنّ الملفت هنا هو هذا الاشتراك في اللفظ بين كلٍّ من زكي محمود ومحمد أركون، الّلذان أسندا مهمّة الفعل الثقافي إلى الرّجل حصريّاً، دون المرأة. سواءً من جهة نوع البضاعة، أو على صعيد الممارسة النقدية، أو من حيث الدّفاع عن الحقوق والحرّيات…! فهل هذا الصّك باسم الرّجل هو من بقايا ثقافة المجتمع الذّكوري، أم يتعلّق الأمر بخصوصيّة الّلغة التي ربما تكون ذكورية…!. أم ثمّة اعتبارات أخرى. بكل الأحوال يشكّل استعمال كلمة شخص أو شخصية، خياراً أفضل، كإشارة أو دلالة إلى كينونة المرأة والرّجل سواءً بسواء. 
وبالعودة إلى أركون، وعلى نحوٍ أكثر عمقاً وخصوصية مما سبق، فإنّه يحدّد بعض مهام المثقّف المسْلم ومن بينهم المثقّف الكوردي. أمّا مبرّر القول الأخير، فلأنّ كتابات أركون موجّهة ومتخصّصة بنقد العقل الإسلامي وموجّهة للشعوب الإسلامية برمّتها ودون استثناء ولهذا أضفت المثقّف الكوردي كعنصر من عناصر  الشعوب المسلمة. أما هدف أركون من مشروعه الفكري على ما يقول فهو مساعدة تلك الشعوب  للخروج من داء شرنقتها، وأزمتها الفكرية، وآلياتها المنهجية الكلاسيكية والعقيمة، المستخدمة في إنتاج المعرفة، وممّا تعانيه من محن وآفات وعقدٍ نفسية تجاه الآخر المغاير، تعيق سعيها للتفاعل بإيجابية مع المنتج الحضاري  والثقافي العالمي الحديث والمعاصر، والمشاركة في صنع الحدث، واجتراح وتبيئه المناسب  منهما . 
من هنا يجب على المثقّف الكورديّ الاستفادة من كتابات أركون وترسانته المفاهيمية، ومناهج البحث التي يتّبعها في التعامل مع التراث الاسلامي، ومع الملفّات العالقة عبر التركيز على الفعاليات التالية : 
١- “نقد الخطاب”. ويعني به كل أشكال الخطاب، الديني  منه، أو السياسي والاجتماعي…الخ.
٢- القراءة النقدية للتاريخ الاسلامي. ( وموقع الكورد فيه-إضافة مني). منذ نشأته وحتى الآن، من خلال عمليات الحفر المعرفي الابستمولوجي، والكشف عن جذور الأفكار والممارسات، ورفع الحصانة عن اللّامفكّر فيه.( الظاهرة الدّينية نموذجاً). أو الممنوع التفكير فيه. ( أي المسائل الثيولوجية، اللّاهوتية – الوحي والحديث النبوي، تاريخ النص القرآني ). فالظاهرة الدّينية لم تدرس إلى الآن دراسة نقدية تاريخية…!
رب قائل يقول، وما شأننا نحن المثقفين الكورد بذلك…؟.ولمَ لا فنحن في النهاية شعب مسلم، ولقد عانينا على أيدي الغزاة المسلمين وإلى الآن أشدّ الممارسات فتكاً، منها هدم الشخصية الثقافية الكوردية، على المستويين الفردي والاجتماعي، والعمل على قطع علاقته بماضيه التاريخي بكل ما فيه من نظم وبنى ثقافية ودينية ولغوية وأدبية…
مثل هذه الفعاليات النقدية، تستلزم ثقافة موسوعية، وجرأة وشجاعة ومناخاً فكريّاً مناسباً. 
٣- اعادة الاعتبار للموقف الفلسفي، وربما هذا هو الأهم، والأكثر حساسيةً، وصعوبةً أيضاً.( أركون الفكر الاسلامي نقد واجتهاد ص ٢١ ). حقّاً أنّها مهمّة عسيرة وجسيمة، وتشكّل تحدّياً بالغاً للمثقف…إذ كيف نُدخل المعرفة النظرية الفلسفية، والممارسة النقدية كذلك إلى الساحة الثقافية الكوردية المسلمة، في ظلّ حراسة مشدّدة ورقابة دؤوبة، على كلّ الأبواب والمنافذ، في السياج الدوغمائي المغلق. ( العبارة المحببة لأركون ). تلك الحراسة التي يتولّى الإشراف عليها : الشيخ الفقيه خريج السكولاستيكية السنيّة الأرثوذوكسية، منذ القرن الحادي عشر الميلادي. أولئك الذين يقفون بالمرصاد لكلّ فكرة مستنيرة، قد يروا فيها زعزعة لاستقرارهم وتقويضاً لسلطتهم ومكتسباتهم. وهكذا دخلت المجتمعات الاسلامية، ومنها المجتمع الكوردي في عتمةٍ فكرية، وظلامية ثقافية اجتراريه وإلى الآن. 
من جهته يحدّد. د. فريد سعدون دور المثقّف الكوردي، عبر القيام بإعادة هيكلة الفعل الثقافي… والتصدّي لمنظومة الفساد.. والعقل السياسي المبتذل…!. إلا أنّه يرى أن هذا الدور تراجع في ظلّ الاغتصاب الثقافي الذي جاء رديفاً للاغتصاب المسلّح، مما نجم عنه تقاعس المثقّف عن القيام بمهامه، وعزوفه عن تعرية الواقع ومواجهته، وفضح أحداثه عبر تحليل الوقائع وتشريحها، واستعمال  النقد العقلاني…!. والسبب الرئيسي في كلّ ذلك هو “القمع السلطوي الذي يفرز سكوت المثقّف، فيتراجع دوره لمصلحة ثقافة سلطوية تدّعي الأبوّة الثقافية”.( د. فريد سعدون، مقال منشور في صحيفة كوردستان). 
كذلك يشيد  د. آزاد علي بأدوار المثقفين عبر التاريخ، موضّحاً أنّ كل ثورة وطنية تسبقها ثورة ثقافية، وهذه هي إحدى المهام الرّئيسة الملقاة على عاتق المثقّف الكوردي، من خلال تنشيط حركة الفعل الثقافي، وممارسة الفعالية النقدية، وحرية التعبير، ودعم السلوك الديمقراطي وتعزيزه. 
إنّ المثقّف الكورديّ كغيره من مثقفي الأمم والشعوب، مطالبٌ بالقيام بدوره التاريخي الاجتماعي، ورسالته الإنسانية والوطنية، بإرادةٍ صلبة ومسؤولية واعية، لا بل أنّ المسؤولية الملقاة على كاهله أشدّ وأعظم، سيما وأنّ الكورد شعبٌ مقسّم، و وطنه مغتصب، ويواجه أعتى  إمبراطوريات الشرق الأوسط التي تعمل بكل قواها المادية والمعنوية، على محو الهويّة الكوردستانية. 
على المثقف الكوردي القيام بالحفر المعرفي الابستمولوجي، مستعيناً بمختلف منهجيات العلوم المعاصرة، الاجتماعية والفلسفية، والعلوم البحتة الدقيقة، هذه العلوم التي لم تحظ إلى الآن بالمكانة التي تستحقها، قياساً إلى الأجناس الأدبية وتفرعاته،  وخاصة الشعر الذي يغطّي المساحة الأوسع من حيث حجم وغزارة الإنتاج والتأليف. 
ينبغي على المثقّف الكوردي، أن يكون على دراية عميقة، ببيئة كوردستان وطبيعتها، وتنوع ثقافاتها الشعبية، ولهجاتها اللغوية، والعمل على توحيدها، وبالتعاون مع المجموع، من خلال الكتابة بأبجدية موحّدة. 
المثقّف حارس على القيم، لا بمعنى تحنيطها وتقوقعها وتجميدها، وليس من أجل حسن سيرها فحسب بل والدّفع بها وباستمرار نحو مستويات، تليق بها بفعل التغيّر المستمر والتجديد المتسارع في البنى الاقتصادية والتسوقية والاعلامية، والنظم الوظيفية في الحياة الانسانية المعاصرة، سواءً في مجال المعلوماتية، أو الاتصالات والعولمة، والعلوم الفيزيائية، والفلكية والعلوم الانسانية بمجموعها، فمن يتخلّف عنها يخرج من القافلة ويلفظه التاريخ ويقذفُ به إلى العدم. 
رابعاً- تحدّيات المثقّف الكورديّ :
لا يُخفى على كلّ مضطلع ومهتم بالشأن الثقافي عموماً، جسامة التحدّيات التي تواجه المثقّف الكورديّ، لكونها تحدّيات تاريخيةٍ متراكمة منذ مئات السنين، دون أن تُراجع أو تُقرأ قراءة تحليلية نقدية. لذلك لا تجدي معها الحلول الجزئية والترقيعية، بل تستلزم تضافر الجهود وتآزرها، وبشكل منهجي واستراتيجي معمّق ومتكامل. 
والعمل على فتح الملفّات العالقة وعلى مختلف الصّعد والمستويات : فكرياً وسياسياً واجتماعياً…ودراستها دراسة موضوعية وعلمية، وعلى ضوء المستجد من مناهج البحث العلمية الحديثة والمعاصرة. 
لقد تناول الباحث الكوردي جلال زنگبادي، في محاضرة له تحت عنوان : “معضلات الثقافة الكوردية”
بشكل عام ودون فرز أو تصنيف وتخصيص، فارتأيت عرضها بطريقة مختلفة و وفق مستويين من العوامل والتحديات :
أولاً- التحدّيات الدّاخلية :
وتقسم بدورها إلى تحدّيات تتعلق بالحالة الشخصية للمثقّف، وتحدّيات أخرى تتعلق بالحالة الكوردستانية. 
1- أمّا على الصّعيد الشخصي للمثقف فيمكن حصر بعضها كما يلي :
أ- حالة الفقر العامّة التي تشتت جهود المثقّف، بين البحث عن سبل العيش، وتأمين المستلزمات الحيوية له، أو لأسرته، وبين تخصيص ما تبقى من وقته القليل للبحث والدّراسة. 
ب-ضعف الإمكانات الماديّة تضعف أيضاً قدرة المثقّف على اقتناء المصادر والمراجع البحثية، والتي هي بالأساس قليلة أو نادرة، وعجزه عن شراء وسائل التكنولوجية والمعلوماتية الحديثة. وكذلك احباط رغبته في السّفر بغرض المشاركة في المنتديات الثقافية العالمية. وهذا ما يولّد حالة من الفقر الثقافي الرديف للفقر المادي. لذلك ينبغي ألا يتوهّم المثقف بأنه مشبع ثقافيّاً، بل من الواجب عليه البحث المستمر والدؤوب من أجل الاغتناء المعرفي والعلمي. 
ج-انصراف معظم الكتّاب والمثقفين الكورد، إلى الاهتمام بالفنون الأدبية، والعزوف عن الدراسات الاجتماعية والفلسفية والسياسية وعلوم المناهج، وآخر منجزاتها العالمية. هذا ناهيك عن عدم قدرة المثقّف الكورديّ على القطيعة والفكاك والتحرر من سطوة الثقافة الدينية المغلقة، وبقائه أسير امبرياليتها المزمنة. ممّا يؤدي إلى غياب الذّات المثقّفة الواعية، والمسلّحة بالمنطق العلميّ والعقل النقديّ التداولي. 
د- التضييق والملاحقة والرّقابة المستمرة من الجهات الأمنية للحكومات المغتصبة لكوردستان والتي تولّد حالة من الاحباط، فالمثقف إما أن يصمت، أو يهاجر. 
٢- التحدّيات على الصّعيد الكوردستاني: 
أ- التخلّف العام : كظاهرة مستفحلة تعاني منه كوردستان بكل أقسامها، وذلك قياساً للدّول الإقليمية، فيما المقارنة تبدو هائلة قياساً للدّول الأوروبية واليابان…!.كالجهل بفكر الحداثة والتنوير…والاتّصالات والمعلوماتية. والخنوع لثقافة دينية بوجهها المتخلف، والمتطرّف إلى حدٍّ ما، والتي تعيق حركة التحرر العقلي والاجتماعي، الذي لن يرى النور إلا في فضاءّ من حرّية النقد والتعبير. 
ب- غياب الوحدة الثقافية التي تعاني منها الثقافة الكوردية، وأبرز تجلّياتها، هو الافتقار إلى لغة أدبية، وأبجدية موحدتين، وانتشار اللهجات المحلّية. من هنا يدعو زنگبادي إلى وحدة اللغة الأدبية والفكرية قبل السياسية، ويرى في اللهجة الكورمانجية خياراً مناسباً لجملة أسباب منها : 
-يتحدّث بها أكثر من ثلثي كورد العالم، كما تسود أكثر من ثلثيّ مساحة كوردستان. 
-تضمّ تراثاً أدبيّاً عريقاً وكبيراً لم تنقطع ديمومته منذ خمسة قرون. 
– تحلٍ مشكلة التّدوين، باختيارها الأبجدية اللاتينية السهلة كتابة ولفظاً وقراءةً. 
ج- الأحزاب والحركات السياسية الكوردية، التي لعبت دوراً سلبياً حيال المثقفين المستقلين، والنّظر إليهم من زاوية المصلحة الحزبية الضيقة، فالمثقف إما أن يكون متحزّباً أو يجري إقصاؤه، ومن ثمّ النّظر إليه بعين الشكّ والرّيبة. 
د- الانقسام السياسي الكوردستاني، وغياب الدّولة الوطنية، يعتبر العامل الأكثر سلبيةً وقتامةً وتأثيراً على المثقّف الذي يستخدم لغة الآخر قسراً : “يفرض إحساساً بالدّونية، يدجّن المثقّف، ويبعث فيه شعوراً ساحقاً بالخصاء الفكريّ والعنّة الثقافية” . بتعبير د. فريد سعدون. 
ه- غياب إن لم يكن انعدام التواصل والاتّصال  بين أجزاء كوردستان، فالمثقف الكورديّ يكاد لا يعرف أقرانه في الأقسام الأخرى، ولا يستطيع الاتّصال بهم في ظلّ هيمنة الديكتاتوريات العسكرية والسياسية في المنطقة عموماً. 
ثانياً – التّحدّيات الخارجية :
١ً- على الصّعيد الدّولي الإقليميّ :
أ-تقسيم كوردستان سياسيّاً واقتصاديّاً وجغرافيّاً، واجتماعيّاً. بين أربع دولٍ. حيث عملت وتعمل كلُّ دولة مغتصبة منها على فرض ثقافتها القومية الخاصة وبلغتها، بالعنف والقهر. في ظلّ عدم الاعتراف بالهوية الكوردية، لا بل وتلحق كلٌّ منها الكورد ببني جلدتها عرقيّاً مما يجعلنا أمام وضعية عرقية استثنائية يصبح فيها للكورد ثلاث أصول قومية : عربٌ وفرسٌ وترك. فضلاً عن كورديتهم. كما تعملُ  كلّ دولة منها على منع المثقفين الكورد من القراءة والكتابة بالّلغة الأم، أو السّفر والتنقّل بحرية بين أجزاء كوردستان، وهذا ما يولّد جمود اللغة، وضمور الثقافة، واغتراب المثقّف واستلابه شخصانيا واجتماعياً. 
ب-الغزو الثقافيّ : المرافق للاحتلال المستدام لكوردستان منذ قرونٍ طويلة، والذي يستهدف الهوية القومية والثقافية الكوردية بالتشويه والمحو بحسب زنگبادي، وهنا ينحو باللائمة على قنوات الأحزاب الكوردستانية في جنوب كوردستان، لكونها تساهم في تسريب هذه الثقافة. 
أعتقد هنا يجب أن نميّز بين مسألتين وهما : مسألة الاغتصاب الثقافي الناتجة عن ممارسة قهرية / قسرية  تأخذ طابعاً استراتيجيّاً ممنهجاً تتبعها السلطات المغتصبة لكوردستان هدفها امحاء الهوية والثقافة الكوردستانية. 
والمسألة الثانية، وهي مسألة التفاعل والانتقال الثقافي بين الجماعات البشرية الناتجة عن عملية عفوية إلى حدّ كبير، فهي ظاهرةٌ عامة، كانت موجودة وعلى مرّ التاريخ الإنساني. فالشعوب كلّها تؤثّر وتتأثر بثقافة الآخر، وتقتبس من بعضها بعضاً، وما يقتبس يغدو جزءاً أصيلاً من ثقافتها. وبالتالي “لا وجود لهوية ثقافية صافية أو عارية عن التأثير بسواها من الثقافات”( حرب، أوهام النخبة.. ص٢٠١). وكما بات جليّاً أن العالم قد تحوّل إلى قرية صغيرة…ومن غير المجدي والمقبول الحديث عن الغزو الثقافي، فلم يعد بإمكان أحد القيام بسدّ الأبواب، أمام تدفّق المعلومات فهي تدخل بيوتنا رغماً عنّا ودون استئذان، أو جواز سفر، ولا تجدي معها أجهزة الرّقابة وحراسة الحدود. 
إنّ عقلية المحافظة ،وحديث الاستيراد، ومنطق التجنيس لم يعد له معنى على ما يقول علي حرب، فالفكر لا موطن له ولا جنسية. وبقناعتي لا خوف على الهويّة الكوردستانية طالما أنّها استطاعت الصمود وإلى الآن أمام كلّ الاجتياحات والغزوات التاريخية. 
٢ً- على الصّعيد الدّولي العالمي :
لا تكتفي الدّول الإقليمية بممارساتها المجحفة بحق الشّعب والمثقفين الكورد داخليّاً، بل تسعى جاهدةً على كبح جماح  الدّول الأخرى من الانفتاح على الثقافة والمثقفين الكورد. سواءً على مستوى المشاركة في الحوارات الإقليمية والدولية، أو تنظيم معارض للنتاجات الثقافية الكوردية، أو كبح محاولاتها لافتتاح معاهد ومؤسسات تهتم باللغة الكوردية، أوادراج تدريسها في مناهج بعض الدول، تلك الممارسات والمساعي تخضع لمنطق العلاقات بين الدول والقائمة على المصالح المشتركة والمتبادلة، لكن واضح أنّ وطأة تلك المساعي قد قلّ أثرها بعد تنامي الوعي السياسي الكوردستاني والمكانة التي حصل عليها الكورد في المعادلة الدّولية. 
وضمن سياق التحدّيات، ولكن في منحىً مغاير ثمّة تحدٍّ جديد، ألا وهو تحدي العولمة، فالعالم يتغيّر من حولنا بسرعة مذهلة، كما يشهد ثلاث ثورات متزامنة متآزرة، فيزيائية، بيولوجية جينية، ومعلوماتية هذا فضلاً عن الإنتاج المعرفي الهائل. فإذا كان التضعيف المعرفيّ الأول احتاج إلى /١٧٥٠/.سنة فإنّ التضعيف المعرفيِّ الأخير احتاج إلى /١٠/ سنوات والآن بالتأكيد هو أقلّ من ذلك، مما يعني أنّ المعرفة سوف تتضاعف مرات عدّة خلال حياة الانسان. 
نحن إذاً أمام فتحٍ كونيّ جديد أمام عصر رقميّ، يعلن” نهاية الجغرافية” بتعبير “بول ڤيريليو” نقلاً عن حرب. فيما أنظمتنا السياسية، وشعوبنا، وكثيرٌ من مثقّفينا مازالوا منتشين  تحت تأثير النسق المفاهيمي لعالمهم القديم، وهوس الأصوليات الدّينية المغلقة. وينظرون بعين الرّيبة والبدعة إلى فكر عالم  الاستنارة وعقلانية الحداثة. فيما العالم الأخير، أو ما بعد الحداثة، الآخذ في التشكّل،  فإنه لا ينتظر الموافقة والاستئذان، بل يكتسح الكوكب الأرضي ويعبر الحدود والفضاءات. 
إنّه عالم العولمة، والمعلوماتية، والبرمجة والاتّصالات، عناوينه الفضاء الإلكتروني، والمجتمع الاعلامي والتلفزيوني، والفضاء السيبراني الذي أسّس ويؤسّس لظهور فاعلٍ بشريّ جديد يعمل عن بعد وبسرعة الضوء( حرب، حديث النهايات، ص٧). . 
هذا العالم العنكبوتي الجديد لا يمكن محاربته، أو التغاضي عنه، بل يتوجب علينا الاندماج فيه والمشاركة مع الآخر  في صناعة المشهد الثقافي، والأحداث الجارية فيه. والانتقال من منطقة الهامشية والهشاشة إلى منطقة الخصوبة والفاعلية. 
إننا ولكي نتمكّن من حجز مقعدّ خلفيّ أو احتياطي ضمن هذا العالم الميديائي الجديد.(بتعبير ريجيس دوبرييه ). لا مجال أمامنا إلا بتجاوز المعوقات من الأنساق المعرفية المتهالكة، وتقبّل الأنساق المعرفية الجديدة التي أفرزتها التّحوّلات السريعة في مجتمع العولمة، والسيبرنتيك بعقلية تداولية تواصلية ومنطق تحويلي.( حرب، حديث النهايات. ص٨٤-٨٥) بيد أنّ هذا لا يعني أنّ باراديغما العولمة هو النموذج الأمثل والنهائي، فكما نرى أن لا شيء يبقى ساكناً في هذا العالم المتحرّك، بل كلّ شيء في جريان وتحوّل مستمر. 
خاتمة وتوصية :
أرى لزاماً عليّ، وعرفاناً بالجميل : القول بمديونيتي “مديونية المعنى، مصطلح، مارسيل غوشيه” La dette de  sens ” تجاه الذين سبق، وكتبوا في الموضوع ذاته على صعيديّ المبنى والمعنى كليهما، والذين لولا استعانتي بهم لما تمكّنت أصلاً من اعداد هذه الدّراسة المتواضعة قياساً لمستوى دراساتهم. 
مرّة أخرى أذكّر بحال الأزمة الثقافية الكوردية، وأنا على ثقةٍ بأنّها أزمة نموٍ وانبثاق، لا أزمة انسداد الآفاق، ولكي يتجاوز الكورد حالة العسر الثقافي، وأزمتهم المستعصية لابدّ من تضافر الجهود وتكاملها على مستوى الأفراد والمؤسسات، والتنظيمات، والحكومات، والممثّلة هنا بحكومة جنوب كوردستان التي نعوّل عليها في دفع المشروع الثقافي الكورديّ نحو الخروج من شرنقته، وفتح الثغرات في الجدار السّميك من التحدّيات من خلال : 
١- العمل على توحيد الّلهجات اللغوية الكوردية، وهناك عدّة اجراءات ستكون مجدية على المدى الطويل، ليس هنا مجال ذكرها. 
٢- تشييد بنية مادية واسعة من المدارس والمعاهد والجامعات ورفدها بأحدث الوسائل التعليمية. وبناء المكتبات العامّة والمزوّدة بأحدث  المعدّات الإلكترونية. 
٣- إيفاد الطلبة المتفوقين دراسيّاً إلى الدّول المتقدّمة وعلى نفقة الإقليم،  للتخصص العالي  في مختلف فروع العلوم والمعارف والمناهج. 
٤- تنشيط حركة الترجمة إلى اللغة الكوردية، عبر إنشاء مركز خاص للترجمة والدراسات الاستراتيجية. 
أهم أولوياته متابعة آخر الانجازات الفكرية والعلمية على مستوى العالم، ووضعها في متناول الباحثين والمهتمين. 
٥- دعم جهود المثقفين، وكل العلماء والباحثين مادياً ومعنوياً عبر تقديم التسهيلات اللازمة لديمومة عملهم. 
وبذلك نكون قد تقدمنا خطوات نحو تمكين اللغة الكوردية من الوحدة أولاً. وتطوير الواقع التعليمي والعلمي ورفده بمفاهيم الثقافة المدنية والعلمية والمعرفية الحديثة والمعاصرة، واستثمارها وتوظيفها في مختلف  المستويات والمجالات. 
– المصادر والمراجع : 
١- د. آزاد أحمد علي، ka rewşenbîrên kurd çi dikin, 
ماذا يفعل المثقفون الكورد. 
تجدون المقال باللغة الكوردية، في موقع ولاته مه الإلكتروني. 
٢ – جلال زنگبادي،” معضلات الثقافة الكوردية” ، محاضرة ألقاها الباحث في قاعة مديرية الثقافة في دهوك. ١٢/١٠/١٩٩٤.
٣- زكي نجيب محمود، هموم المثقفين، مؤسسة هنداوي، ١٩٩٩.كتاب الكتروني. PDF. 
٤- عبدالله العروي، ثقافتنا في ضوء التاريخ، دار التنوير، بيروت – لبنان، ط١، ١٩٨٣. كتاب ورقي. 
٥ – علي حرب،” أوهام النخبة “نقد المثقّف”. المركز الثقافي العربي، بيروت – لبنان، ط٣، ٢٠٠٤.
الدار البيضاء – المغرب. كتاب PDF.
٦- علي حرب،” حديث النهايات “فتوحات العولمة، ومأزق الهوية”. المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء – المغرب ط٢، ٢٠٠٤. PDF. 
٧ – د. فريد سعدون، “الخصاء الثقافي، استلاب الهوية القومية” . مقال منشور في صحيفة كوردستان. عدد /٥٠٤/.تاريخ : ١٥/١/٢٠١٥/.
٨- كريم أبو حلاوة، “المثقّف العربي واشكالية الدور المفقود”، مجلة الوحدة، سنة سادسة، عدد، ٦٦/آذار/ ١٩٩١.
الصادرة عن المجلس القومي للثقافة العربية، الرباط، المغرب. 
٩- محمد أركون، الفكر الاسلامي “نقد واجتهاد”. ترجمة هاشم صالح، دار الساقي، ط٢، ١٩٩٢. كتاب ورقي. 
١٠– محمد أركون،” بعض مهام المثقّف العربي اليوم” ، ترجمة هاشم صالح، مجلة الوحدة، سنة سادسة، عدد ٦٦/ آذار/ ١٩٩١/ الصادرة عن المجلس القومي للثقافة العربية – الرباط، المغرب. علماً أن العنوان الأصلي للدراسة : بعض مهام المثقّف المسلم. 
١١ – محمد الهادي كشت،” تمثيلات المثقّف المقاوم. “صورة المثقف في فكر ادوارد سعيد”، مجلة حرمون الالكترونية، عدد /٥/ نيسان. ٢٠١٨.
١٢- محمد عابد الجابري،” المثقفون في الحضارة العربية الاسلامية”، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت – ط٢، ٢٠٠٠، PDF..
بالإضافة إلى مجموعة معاجم لغوية كوردية. 
*محاضرة أُلقيت في مقرّ اتحاد كتّاب كوردستان- سوريا. الحسكة. ٣/١١/٢٠٢١.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم محمود

أول القول ومضة

بدءاً من هذا اليوم، من هذه اللحظة، بتاريخ ” 23 تشرين الثاني 2024 ” سيكون هناك تاريخ آخر بحدثه، والحدث هو ما يضفي على زمانه ومكانه طابعاً، اعتباراً، ولوناً من التحويل في المبنى والمعنى القيَميين والجماليين، العلميين والمعرفيين، حدث هو عبارة عن حركة تغيير في اتجاه التفكير، في رؤية المعيش اليوم والمنظور…

حاورها: إدريس سالم

ماذا يعني أن نكتب؟ ما هي الكتابة الصادقة في زمن الحرب؟ ومتى تشعر بأن الكاتب يكذب ويسرق الإنسان والوطن؟ وهل كلّنا نمتلك الجرأة والشجاعة لأن نكتب عن الحرب، ونغوص في أعماقها وسوداويتها وكافكاويتها، أن نكتب عن الألم ونواجه الرصاص، أن نكتب عن الاستبداد والقمع ومَن يقتل الأبرياء العُزّل، ويؤلّف سيناريوهات لم تكن موجودة…

إبراهيم أمين مؤمن

قصدتُ الأطلال

بثورة من كبريائي وتذللي

***

من شفير الأطلال وأعماقها

وقيعان بحارها وفوق سمائها

وجنتها ونارها

وخيرها وشرها

أتجرع كؤوس الماضي

في نسيج من خيال مستحضر

أسكر بصراخ ودموع

أهو شراب

من حميم جهنم

أم

من أنهار الجنة

***

في سكرات الأطلال

أحيا في هالة ثورية

أجسدها

أصورها

أحادثها

بين أحضاني

أمزجها في كياني

ثم أذوب في كيانها

يشعّ قلبي

كثقب أسود

التهم كل الذكريات

فإذا حان الرحيل

ينتبه

من سكرات الوهم

ف

يحرر كل الذكريات

عندها

أرحل

منفجرا

مندثرا

ف

ألملم أشلائي

لألج الأطلال بالثورة

وألج الأطلال للثورة

***

عجبا لعشقي

أفراشة

يشم…

قررت مبادرة كاتاك الشعرية في بنغلادش هذه السنة منح جائزة كاتاك الأدبية العالمية للشاعر الكردستاني حسين حبش وشعراء آخرين، وذلك “لمساهمته البارزة في الأدب العالمي إلى جانب عدد قليل من الشعراء المهمين للغاية في العالم”، كما ورد في حيثيات منحه الجائزة. وتم منح الشاعر هذه الجائزة في ملتقى المفكرين والكتاب العالميين من أجل السلام ٢٠٢٤…