مهرجان قامشلي الشعري دون شعراء قامشلي

إبراهيم اليوسف

كثيراً ما حاولت أن أتجاهل  المهرجان الشعري الذي يتم في مدينة – قامشلي- مسقط القصائد، والحبّ ، والحلم ،والذي بات يتوجّه- بأسف- في غير ذلك المنحى الذي أراده له المبدعون الذين أطلقوه، وفي طليعتهم  الشعراء الجميلون د. أديب محمد-  محمد المطرود – أحمد حيدر، وربّما آخرون لا تحضرني أسماؤهم، وكان اسمي شخصياً أوّل من يشطب عليه ، ولا يزال ، من قبل ممن يتحكمون به ، من وراء الكواليس، ومن ضمنها ، ومن أمامها ، مع إن هذا المهرجان أصبح في عامه الرابع ، ولأحدّد هذه  الجهة تماماً :
مديرية الثقافة في الحسكة ، والتي يديرها زميل لنا شاعر، وهو من تدخّل في السنة الماضية لشطب اسمي شخصياً ، كي تصل الأمور في هذا العام إلى درجة تغييب أسماء بعض مؤسسي المهرجان، والمشاركين فيه خلال الأعوام السابقة، و كنت حين سمعت بما قام به ذلك الشاعر، آنذاك، والذي يستخدم سلطة كرسيه ، فحسب ، بعيداً عن روح الشاعر المفترضة فيه، أطلقت قهقهة مدوية ، قائلاً :
ثمة وسام حصلت عليه، وهو أن أكون الوحيد الذي يستبعد- بشكل مقصود- من المشاركة في فعاليات مهرجان شعري في مدينة، كنت من أوائل الذين خدموها، وخدموا الكلمة والشعر والشعراء فيها ، بيد إنه –هيهات- لأحد في عصر الثورة المعلوماتية ، أن يطفىء موهبة، ويسكت قلماً ، حيث باتت كل الرّقابات التي تريد تكميم الأفواه، وحرق الكتب تسقط متهاوية،ولاسيما إنه صار في مكنة أي مبدع الدعوة إلى أمسية شعرية له ، وهو في بيته ، يحضرها محبو الكلمة، على امتداد خريطة العالم….!

 حقّاً ، لا أريد أن أقترب من شخص مدير الثقافة، على اعتباره أحد الذين كنا نكتب الشعر في منطقة الجزيرة، قبل ربع قرن من الزمان ، وأكثر، كلّ بإمكاناته، وحسب طريقته ، ورؤاه، وها نحن الآن في جمعية واحدة للشعر في اتحاد الكتاب العرب، وإن قصتي مع هذا الزميل، أترفّع عن الخوض في تفاصيلها، بل فقط أكتفي بالإشارة إلى إنه سبق وإن ألغى أكثر من أمسية لي في مركز الحسكة وقامشلي، منذ توليه إدارة الثقافة في محافظةالحسكة، كي يعيد استنساخ تلك الممارسة التي تمّت ضدّي في العام 1986، بعيد طباعة مجموعتي الأولى للعشق للقبرات والمسافة، واستمرّت لأكثر من عشرة أعوام ، كي تنتهي- شكلياً- مع قبولي  بعد طوال  اضطهاد في اتحاد الكتاب العرب.

لعلّ  ما أثارني حقاً هو اتساع قائمة الممنوعين في هذا العام، بعد أن كانت- رسمياً- مؤلّفةً من شخص واحد هو أنا، رغم أن أحد القائمين على المهرجان تبجّح بالقول :
 لقد اخترنا شعراء متميزين من كافة المحافظات السورية، وأنا أوافقه على أنّ من بين الأسماء المتخيّرة نخبة من الأسماء السورية المهمّة ، بيد أن الملاحظ غياب أسماء مهمّة جداً من محافظة الحسكة، معروفة على نطاق واسع جداً، بات تغييبها المتواصل ملفتاً، لا يطاق، بل يدعو لأن نضع صورة ما حدث برسم السيد وزير الثقافة السوري، شخصياً، كمسؤول
ومثقف، بل وكافة الغيارى والشرفاء ممن يهمهم الأمر حقاً …؟ .

ولعلّي كأوّل تضامن منّي مع هذا المهرجان قمت بتـأجيل فعاليات مهرجان شعري آخر، كان سيقام في هذه المدينة، بشكل غير رسمي، في التوقيت نفسه، احتراماً للشعر، والكلمة، والضيوف الشعراء، بل ومؤسّسي هذا المهرجان الذي سأكون بالتأكيد ذات يوم من عداد المساهمين فيه، من أبناء مدينتي، ذلك لأنني طالما فتحت قلبي لهم ضمن حدود إمكاناتي، في بداية تجاربهم، حيث كانوا وما زالوا أخوة أعزاء فمرحى لهم، أصدقاء وأخوة و مبدعين حقيقيين…!
و لعلي سأظل أتذكر كيف أنني في ثمانينيات القرن الماضي كنت من عداد المشاركين في مهرجان كان سيقام  بمناسبة يوم الأرض، في ثقافي قامشلي نفسه، وحين منع أحد زملائي من المشاركين من قبل رئيسه، وكان كردياً – أي رئيس المركز-طالما آذاني بما استطاع ، لإصرار ذلك الزميل على استخدام كلمة بذيئة في قصيدته، هو اسم “عاهرة” كانت شهيرة ، و لقد ذكرني الصديق الشاعر مرفان كلش  بذلك في آخر لقاء تم بيننا في أوربا، إلا أن ذلك الشاعر أصرّ على عدم حذف  تلك الكلمة ، فقاطعت ذلك المهرجان، تضامناً معه ، كي يشارك زميلي ذاك نفسه، في نشاطات تالية في مركز المدينة نفسه طوال فترة منعي………!

تحية للزملاء الذين كانوا وراء تأسيس وإطلاق هذا المهرجان ، حتى وإن لم يسمح لهم في هذا العام بأن يشاركوا فيه ، كما يرغبون، إلا بما دأبوا على تقديمه-في كل مهرجان – من جيوبهم ، ليتمّ إنجاحه

تحية للشعراء الضيوف واحداً واحداً، في قامشلي الشعر، والطيبة، وحبّ الوطن والناس…….!

 وفي انتظار مهرجان شعري، لهذه المدينة، يمثل نبضها ، ووجهها الحقيقيين، ولا يمارس فيه القمع ضدّ أي صوت شعري أصيل، وما أكثر مثل هذه الأصوات في هذه المنطقة المعطاء، عرباً وكرداً وآثوريين، وسريان، وأرمن، ومن كل فسيفساء محافظتنا الجميل….!

قامشلي

10-5-2008

 تبدأ فعاليات هذا المهرجان الشعري في الفترة ما بين 11-14- 5 -2008

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

خالد بهلوي

بحضور جمهور غفير من الأخوات والإخوة الكتّاب والشعراء والسياسيين والمثقفين المهتمين بالأدب والشعر، أقام الاتحاد العام للكتّاب والصحفيين الكُرد في سوريا واتحاد كردستان سوريا، بتاريخ 20 كانون الأول 2025، في مدينة إيسين الألمانية، ندوةً بمناسبة الذكرى الخمسين لرحيل الأديب الشاعر سيدايي ملا أحمد نامي.

أدار الجلسة الأخ علوان شفان، ثم ألقى كلمة الاتحاد الأخ/ …

فراس حج محمد| فلسطين

لست أدري كم سيلزمني لأعبر شطّها الممتدّ إيغالاً إلى الصحراءْ
من سيمسك بي لأرى طريقي؟
من سيسقيني قطرة ماء في حرّ ذاك الصيف؟
من سيوصلني إلى شجرة الحور والطلع والنخلة السامقةْ؟
من سيطعمني رطباً على سغب طويلْ؟
من سيقرأ في ذاك الخراب ملامحي؟
من سيمحو آخر حرف من حروفي الأربعةْ؟
أو سيمحو أوّل حرفها لتصير مثل الزوبعة؟
من سيفتح آخر…

حاوره: طه خلو

 

يدخل آلان كيكاني الرواية من منطقة التماس الحاد بين المعرفة والألم، حيث تتحوّل التجربة الإنسانية، كما عاينها طبيباً وكاتباً، إلى سؤال مفتوح على النفس والمجتمع. من هذا الحدّ الفاصل بين ما يُختبر في الممارسة الطبية وما يترسّب في الذاكرة، تتشكّل كتابته بوصفها مسار تأمل طويل في هشاشة الإنسان، وفي التصدّعات التي تتركها الصدمة،…

إبراهيم أبو عواد / كاتب من الأردن

لَيْسَ الاستبدادُ حادثةً عابرةً في تاريخِ البَشَرِ ، بَلْ بُنْيَة مُعَقَّدَة تَتكرَّر بأقنعةٍ مُختلفة ، وَتُغَيِّر لُغَتَهَا دُونَ أنْ تُغيِّر جَوْهَرَها . إنَّه مَرَضُ السُّلطةِ حِينَ تنفصلُ عَن الإنسانِ ، وَحِينَ يَتحوَّل الحُكْمُ مِنْ وَظيفةٍ لِخِدمةِ المُجتمعِ إلى آلَةٍ لإخضاعه .

بَيْنَ عبد الرَّحمن الكواكبي (…