ماذا جرى في مهرجان القامشلي

سيامند إبراهيم

في إحدى مهرجانات بيروت الشعرية, دعي الشاعر الكبير سعيد عقل صاحب قصيدة (شآم أهليك) إلى المهرجان, فقال لهم: “من دعوتم من الشخصيات الكبيرة”؟ فقالوا له: “دعونا رئيس الجمهورية فخامة الرئيس الياس الهراوي, ووزيرة الثقافة السورية السيد نجاح العطار”, ففكر سعيد عقل برهة وقال لهم كلمته المشهورة :” لاوصاية للسياسية على الأدب” أسوق هذا الكلام مما سمعته من الذين حضروا الجلسة الأولى من مهرجان القامشلي الرابع وفي كلمة رؤساء المراكز الثقافية الذي ألقى كلمة قومية حماسية! 
تطرق إلى حسن نصر الله, وإلى إيران الدولة الإسلامية الصديقة للعرب, ولا أعرف ما العلاقة بين مهرجان الشعر في القامشلي والنظام الإيراني وربيبه نصر الله, ومن المؤكد أن الذاكرة العربية مثقوبة بحيث نسوا احتلال إيران لثلاث جزر عربية طنب الكبرى وطنب الصغرى, وأبو موسى, ونسوا الأحواز وعرب بني خزعل المساكين الذين يعانون القمع والتهميش والسحق في إيران الدكتاتورية, وقبل أشهر كلنا نتذكر الأزمة التي جرت بين البحرين وإيران, فقد وضعوا نصب أعينهم دولة البحرين وقال حسين شريعتي سكرتير محمود نجادي دكتاتور إيران الدموي والأحمق المتهور, إن البحرين جزء لا يتجزأ من أراضي إيران, وآخر تعديات وتجاوزات النظام الإيراني العفن هو تحويل نهر عراقي اسمه (أروند) وهو ينبع من أراضي كردستان إيران ويصب في نهر ديالى في العراق, وبالفعل بدأت حرب المياه بتحوير مجرى هذا النهر وقطع أوصاله وهذا أكبر سند للعرب؟!
والآن يظهر من على شاشة تلفزيون المنار, ويقول :” سأقطع يدي, سأسحق, سأضرب” ولنتساءل عن هذا الهجوم التدميري بحق المدنيين الآمنين, ووسائل الاعلام ؟!
وعندما أرى حركاته هذه ونبرته العالية والعصبية تذكرنا بالطغاة, وهذا نصر الله أيضاً الذي أيقظ الحركات الأصولية السنية النائمة, وهي ستعد العدة في لبنان لتهيئة عناصرها تحسباً لأي تطورات مقبلة تشهدها الساحة اللبنانية, إن حركة نصر الله هذه كانت ضمن التحركات الدولة الإيرانية الصفوية, وضمن حسابات إقليمية مختلفة, لكن الجهل بخفايا الأمور لهو شكل آخر من أشكال التهور العسكري والعقائدي, لكن القوة لا تستديم ولا تحقق أي شيء.
وبالفعل لقد ضرب وشل الحياة في لبنان, وأصاب شرخاً كبيراً في صميم الحياة اللبنانية الجميلة, لبنان شكل, وبني على ديمقراطية مقننة وموزعة على كافة الطوائف بالميزان الفرنسي, لكن أن تستبيح دماء أهل بيروت من طائفة أخرى وتحرق مبنى جريدة وتلفزيون المستقبل وتقف وتلقي الحكم والمواعظ في القيم والأخلاق والحرية فهذا ضحك على اللحى, يبدو لا سمح الله سيحول بيروت إلى طهران الجديدة؟! طهران الصفوية القمعية, حياة الظلم التي يعيشها المجتمع الإيراني العظيم, لكنه يحيا الآن تحت سلطة هؤلاء الملالي الصفويين المتخلفين, الملالي الذين يحلمون بالوصول إلى الشواطئ الدافئة في البحر المتوسط!! إذا كانت الحقيقة غير ذلك فما هي قصة الملايين من الدولارات التي ينثرها النظام الإيراني في سوريا, ولبنان من بناء حسينيات ومستوصفات, وتشييع الناس, وإقامة المهرجانات الثقافية الايرانية الصفوية في دمشق, حلب وبيروت. وفي لبنان لا تستطيع فئة أطيافه سياسية التحكم بالطوائف الأخرى.  
وعودة إلى مهرجان القامشلي الشعري والذي بدا في هذه السنة غريباً حيث يدعى إلى المهرجان ضيوف أعزاء من محافظات أخرى وينسى قامات شعرية كانت لها ولا يزال لها حضور ثقافي في الجزيرة وعلى الساحة السورية الثقافية, ونسأل هنا من يقف حجرة عثرة أمام ظهور الأصوات الشعرية الجديدة أهي الجهات المسؤولية أم مديرية الثقافة أم مدير المركز, أي كان الاختلاف في الرؤى أو اللغة فثمة حقيقة واحدة هي أن سوريا هي موزاييك متنوع جميل من كرد, عرب, سريان, أرمن شراكس… إذاً يجب أن نحتفي بالشعر بهذه اللغات جميعها, وإن كانا نكتب باللغة العربية الجميلة وبرز فيها شعراء وكتاب وفقهاء أكراد عظام, لكن لا يجوز قمع وتهميش لغة نتكلم بها وننظم الأشعار باللغة الكردية وعندنا أدب كردي عريق يشتغل عليه عشرات الأقلام الكبيرة والموهوبة, إذاً لا طعم لمهرجان يحمل أنفاس لغة واحدة,
 
siyamendbrahim@gmail.com

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

أعلنت منشورات رامينا في لندن، وبدعم كريم من أسرة الكاتب واللغوي الكردي الراحل بلال حسن (چولبر)، عن إطلاق جائزة چولبر في علوم اللغة الكردية، وهي جائزة سنوية تهدف إلى تكريم الباحثين والكتّاب المقيمين في سوريا ممن يسهمون في صون اللغة الكردية وتطويرها عبر البحوث اللغوية والمعاجم والدراسات التراثية.

وستُمنح الجائزة في20 سبتمبر من كل عام، في…

في زمنٍ تتكسر فيه الأصوات على صخور الغياب، وتضيع فيه الكلمات بين ضجيج المدن وأنين الأرواح، يطل علينا صوتٌ شعريّ استثنائي، كنسمةٍ تهبط من علياء الروح لتفتح لنا أبواب السماء. إنه ديوان “أَنْثَى عَلَى أَجْنِحَةِ الرِّيحِ” للشاعرة أفين بوزان، حيث تتجلى الأنوثة ككائنٍ أسطوري يطير فوق جغرافيا الألم والحنين، حاملاً رسائل الضوء، ونافخاً في رماد…

ماهين شيخاني

كان مخيم ( برده ره ش ) يرقد بين جبلين صامتين كحارسين منسيّين: أحدهما من الشمال الشرقي، يختزن صدى الرياح الباردة، والآخر من الغرب، رمليّ جاف، كأنّه جدار يفصلنا عن الموصل، عن وطنٍ تركناه يتكسّر خلفنا… قطعةً تلو أخرى.

يقع المخيم على بُعد سبعين كيلومتراً من دهوك، وثلاثين من الموصل، غير أن المسافة الفعلية بيننا…

إدريس سالم

 

ليستِ اللغة مجرّد أداة للتواصل، اللغة عنصر أنطولوجي، ينهض بوظيفة تأسيسية في بناء الهُوية. فالهُوية، باعتبارها نسيجاً متعدّد الخيوط، لا تكتمل إلا بخيط اللغة، الذي يمنحها وحدتها الداخلية، إذ تمكّن الذات من الظهور في العالم، وتمنح الجماعة أفقاً للتاريخ والذاكرة. بهذا المعنى، تكون اللغة شرط لإمكان وجود الهُوية، فهي المسكن الذي تسكن فيه الذات…