دراسة موجزة لتاريخ الكورد و كوردستان (الحلقة -2-)

بقلم : ميرآل بروردا

* الدول والأمارات الكردية القديمة :
1- الدولة الكوتية : حكم الكوتيون الأكراد بلاد سومر التي تقع في بلاد ما بين النهرين (ميزابوتاميا) منذ عام(2225)  ق.م وكانت عاصمتهم أرايخا (قرب كركوك الحالية), وقد كان هذا الشعب محبا لسفك الدماء والغزو والسلب ونهب الشعوب .
– ملوكهم : 1- أناتوم , 2- آنوبانيني , 3- شارلاك , 4- تيريكان , 5- لوكال .
2- دولة عيلام : شكل العيلاميون دولا في الأف الثالثة قبل الميلاد وامتدت بلادهم من مناطق اتصال السهول بالجبال وحتى خليج هرمز (العربي) وبندربوشهر جنوبا وكانت عاصمتهم مدينة (سوزا)  
– ملوكهم : أنشأ العيلاميون دولة ( لارسا) وحكمها : (إيس – أبيسارا – جونجونوم …. تامارينو )

3- الدولة الكاشية : مابين عام / 1760 – 1746 / ق.م وبسطت هذه الدولة نفوذها على بلاد سومر وبابل وقد عرفت بالكاردونية هذه الدولة .
– ملوكهم : ( كانداش – آغوم /1-2/ – بورنابورياش – كشتلياش – بورنابورياش الثاني ….. وآخرهم كان ” ايكاميل “) علما إن الكاردونيين (الكاشيين) من لورستان .

4- الدولة النايرية: النايريين هم أسلاف الشعب الميدي لكن بعد زوال الدولة الميدية عرفوا با(الكرديان) وهؤلاء أسلاف أكراد اليوم وأحفاد الميديين .

5- الكاردوخيون: وهم بقيادة (كي خسرو ) أشد المقاتلين شراسة أمام الفتح المقدوني كما يروي كزينفون .

6- الدولة الميدية : استطاع الميديون تشكيل دولة لهم من عدة شعوب قديمة ويعتبر مؤرخو الغرب استنادا إلى أبو التاريخ (هيرودوت) اليوناني – أن الميديين هم أساس الشعب الكردي .
– ملوكهم : (داياكو – خوشترين نرا اورت – كي خسرو – استياغ)

بداية الهجوم الإسلامي على كردستان :
كان الكثير من الأكراد والفرس والديلم يعيشون في اليمن في ظل إمبراطورية فارس وحاكمها كسرى عندما بدأ رسول الله إلى الإسلام / محمد ( صلى الله عليه وسلم ) / دعوته وبعد إسلام حاكم صنعاء ( بازان ) دخل هؤلاء الإسلام وبشكل سلمي واستمروا حكاما لليمن , حيث خلّف (شهر) أباه(باز ) الحكم ولكنه – شهر – قتل على يدي ( الأسود العنسي) وتبدأ معاناة الأكراد والفرس والديلم حيث طردهم من اليمن وهم مسلمون وفي عهد الخليفة الراشدي (أبو بكر الصديق) هاجم جيش المسلمين كردستان بقيادة خالد بن الوليد وتوالت الحملات والمعارك , نذكر منها (معركة المذار – معركة الوبحة – معركة أليس – معركة بادقلي) وفي عهد عمر بن الخطاب ذاقت كردستان بشعوبها الويلات والدمار نتيجة الحروب الطاحنة وزحف على بلاد الأكراد جيش اسلامي جرار بقيادة (سلمة بن قيس الأشجعي ) هزم الأكراد فيها .
بعد تولي عثمان بن عفان الخلافة بدأت الخلافات في صفوف رجالات الإسلام وبالرغم من ذلك بسط العرب المسلمون سيطرتهم على كردستان وانتهت آخر دولة لشعوبها وهي(  الساسانية ) .
واستمرت شعوب كردستان بالثورات المجهضة حتى نهاية الخلافة الأموية .

• الدول الكردية في العهد الإسلامي :
بدأت الثورات الكردية المتلاحقة منذ عام ( 68) هجري حيث انتفض وقتها شخص من أهل الجزيرة يدعى (كردم القرادي) واستولى على مدينتي (ساباط والمدائن) متمردا على الأمويين, استمر الأكراد بثوراتهم وانكساراتهم ففي عام (129) هجري , أخضع الأكراد بلاد الفارس لحكمهم وجعلوا (سابور) عاصمة لهم حتى تمكن الخليفة الأموي (سليمان بن هشام) من القضاء عليهم .
في سنة (132) للهجرة ثار القائد الكردي العباسي (عبد الرحمن أبو مسلم الخراساني) بثورة أطاحت بالحكم الأموي , وأقام دولة له ضمن الخلافة العباسية حتى اغتاله الخليفة العباسي (أبو جعفر المنصور) وأطاح بدولته الحليفة لحكمه .
لم يتوقف الثوران الكردي (كالراونديين والبرامكة) وبقيت كردستان ساحة للمعارك الظاحنة فمات الكثير ودمرت المنازل وسبيت النسوة وكانت الرايات الكردية ترفع بالدماء والشهداء حتى عام ( 347) هجري وتأسيس الدولة المروانية .

• الدولة المروانية : في عام ( 347 ) هجري , سيطر المروانيون بقيادة (حسين أبو الفوارس) و ( شاه باز أبو شجاع ) وهما ولدا ( دوستك الحميدي) على عشائر حيزان و أرديش ومعدن ولم يمض وقت طويل حتى تمكنوا من انتزاع مناطق ( آمد – جزيرة بوطان – نصيبين – حران – أخلاط – رها – بدليس ) من أيدي الدولة الحمدانية ملوك (حلب) واستمرت هذه الدولة حتى سنة (479) حيث قضى عليها الأتراك وأسدل الستار على الدولة المروانية الكردية .
• الدولة الأيوبية : تأسست هذه الدولة على أيدي صلاح الدين الأيوبي القائد الكردي المسلم المعروف وقد أسست حكما لها في (حصن كيف) القلعة الكردية المشهورة في كردستان كما امتدت الدولة الأيوبية على بلاد الشام ومصر والرافدين , امتدت بين عام ( 1169- 1250 ( م .
• الدولة الزندية : بدأت هذه الدولة بالظهور عام ( 1160 ) م . على يد الملك (كريم خان) في جنوب إيران واتسعت فيما بعد لتسيطر على كردستان إيران وأذربيجان والبصرة حتى قضى عليها (القاجاريون ) عام (1794) م .
• دولة كورت : نشأت هذه الدولة على أيدي عشيرة ( الكردكلى ) في سيستان (سجستان) سنة( 643) هجري , واستمرت حتى عام ( 785 ) هجري , وكانت تضم بلاد الغور وغرجستان وسيستان ومؤسسها شمس الدين محمد , وانتهت على أيدي تيمورخان.
* ومن الجدير بالذكر أن دور الكرد لم يبدأ بالضعف إلا بظهور المغول حيث هزموا في معاركهم والتجؤوا إلى جبالهم علما أن التركمان أيضا حاولوا الضرب من جهة أخرى.
لكن بقي الأكراد شعبا صامدا محافظا على تاريخه ولغته بالرغم مما أصابه على مر التاريخ وكما يقول (كتاب لا أصدقاء سوى الجبال). حقا لا أصدقاء للشعب الكردي سوى جبالهم .

لم يتوقف الشرق الأوسط يوماً عن الغليان والحروب و التقسيمات فمنذ القرن التاسع عشر وعلى إثر قيام أكبر دولتين في الشرق الأوسط الإمبراطورية العثمانية و الدولة الصفوية في إيران .
عرفت كوردستان تقسيمها الأول حيث ألحق جزء بالعثمانيين و آخر بالصفويين بعد معركة تشالديران (1514) قد اختلف التعامل مع الأكراد من قبل نظامي الحم في الدولتين المذكورتين حيث قام الشاه اسماعيل الصفوي بزج الزعماء الأكراد الذين والوه في حربه في السجن بينما قام الأتراك بكسب ود الأكراد وتمتعت الإمارات الكردية و القبائل الكردية المنضمة تحت حكم الأتراك بحكم ذاتي و قد عمت هذه الطريقة كافة المناطق الكردية و المقاطعات الكردستانية من المالطية حتى بيازيد و شهر زور كما يقول الكاتب باسيل نيكتين .
لكن بعد الهزيمة التي مني بها الأتراك في حربهم مع النمسا انقلبت طبيعة التعامل مع الأكراد منذ عام (1683) أطلقت تركيا للتدخل في الشؤون الداخلية للأكراد و تطبيق سياسة فرق تسد عليهم و من الجدير ذكره أن الأكراد كانوا يقاومون هذه السياسة و يحاولون الصمود أمام هذا التدخل ففي عام (1847) قام الأمير بدرخان بثورته التي أذاق فيها الأتراك الويلات إلى أن سقط أخيراً لتسقط معه بلاد الأكراد تحت السيطرة النهائية أواسط القرن التاسع عشر الميلادي .
أما الذي جرى في ظل الصفويين فقد جرد الأمراء الأكراد في أردلان من زعاماتهم و حل محلهم أمراء القاجار سنة (1760) على الرغم من قيام الدولة الزندية ممثلة بحكم كريم خان زند سنة (1760-1769) لكنها لم تدم طويلاً .

  • مرحلة الثورات الإقطاعية الكردية :
  • نبدأها بثورة عبد الرحمن باشا (1806) : و قد تمت في منطقة كوي سندجق و إنشاء السليمانية كانت على يد خال عبد الرحمن باشا إبراهيم باشا سنة (1786).
  • ثورة البلباس (1818) ثار الأكراد في مناطق بيازيد و فان و أريفان و ناخيتشفان و خوى) إلى أن حاكم أرض روم تمكن من قمعها .
  • استمرت الثورات في أعوام (1818-1820-1822) في القسمين المذكورين لكن دون أن يحقق الأكراد مكاسب تذكر .
  • الأكراد خلال الحرب الروسية التركية (1828-1829) : كان موقف الأكراد في إمارات راوندوز و بحطان و بحجان و هكاري عدم التدخل في الحرب و قد حاول بهلول باشا التحالف مع الروس لكنه لم ينجح .
  • ثورة الأمير محمد في رواندوز (1832-1839) و قد فشلت في تحقيق مراميها
  • توالت الثورات بعد هزيمة الأتراك في نصيبين فثار محمود باشا في السليمانية (1843) و لم يحقق ما يذكر .
  • ثورة بدرالدين خان بك (1843-1846) : ثار بدرخان وبسط نفوذه حتى وصل (فان و الموصل و سوج بولاك و أورميا و ديار بكر ) و كانت سيطرته واسعة على العشائر النسطورية التي تمردت عليه فيما بعد وكانت السبب في عدم تشكيله لجيشه و انتهت ثورته .
  • ثورة يزدان شير (1853-1855) : انطلقت الشرارة الأولى لهذه الثورة من هكاري و بسط سيطرته من (فان إلى بغداد) و في سنة (1855) هادن يزدان شير الأتراك خشية منهم وفق ماذكره له العميل القنصلي البريطاني  عن قدرة الأتراك فما لبث الأتراك أن اقتادوه إلى القسطنطينية حيث لقي حتفه .
  • ثورة الشيخ عبيد الله النهري (1830) : كانت تهدف إلى استقلال كوردستان لكن لتحالف التركي الفارسي أوقف هذه الثورة و اعتقل عبيد الله النهري و سيق إلى القسطنطينية ثم نفي إلى مكة .

إذاً قام في هذه الفترة ما يقارب ال(25) ثورة و انتفاضة و حركة مسلحة و محاولات استقلالية و أورد فيما يلي أسماءها فقط :

  • كردستان الشمالية الغربية : – انتفاضة عبد الرحمن باشا بابان (1788- 1812)

–          انتفاضة محمد باشا الروندوزي (1812- 1825(
–          انتفاضة بدرخان أمير بوتان( 1842)
–          انتفاضة نورالله هكاري (1843)
–          انتفاضة عثمان و حسين كنعان باشا بدرخان (1877- 1878)
–          ثورة الشيخ عبيدالله النهري (1880)
–          انتفاضة بدليسي (1889)
–          انتفاضة هكاري  (1895)
–          انتفاضة أمين عالي بدرخان 1899
–          انتفاضة إبراهيم باشا المللي في ويران شهر (1908)

  • كردستان الشرقية :  – قيام المملكة الكردية الزندية بقيادة كريم خان الزندي (1752- 1759)

–          قامت في إيران ثورة (1905) نتجت عنها إقامة سوفيتيات في كل من مهاباد و كرمنشاه و سنه .

ملاحظة : سنتحدث عن بعض الثورات بشكل مفصل في حلقات قادمة

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

ابراهيم البليهي

لأهمية الحس الفكاهي فإنه لم يكن غريبا أن يشترك ثلاثة من أشهر العقول في أمريكا في دراسته. أما الثلاثة فهم الفيلسوف الشهير دانيال دينيت وماثيو هيرلي ورينالد آدمز وقد صدر العمل في كتاب يحمل عنوان (في جوف النكتة) وبعنوان فرعي يقول(الفكاهة تعكس هندسة العقل) وقد صدر الكتاب عن أشهر مؤسسة علمية في أمريكا والكتاب…

عبدالرزاق عبدالرحمن

مسنة نال منها الكبر…مسكينة علمتها الزمان العبر..

بشوق وألم حملت سماعة الهاتف ترد:بني أأنت بخير؟ فداك روحي ياعمري

-أمي …اشتقت إليك…اشتقت لبيتنا وبلدي …لخبز التنور والزيتون…

ألو أمي …أمي …

لم تستطع الرد….أحست بحرارة في عينيها…رفعت رأسها حتى لا ينزل دمعها،فقد وعدت ابنها في عيد ميلاده الأخير أن لا تبكي ،وتراءى أمام عينيها سحابة بيضاء أعادتها ست سنوات…

فراس حج محمد| فلسطين

في قراءتي لكتاب صبحي حديدي “مستقرّ محمود درويش- الملحمة الغنائية وإلحاح التاريخ” ثمة ما يشدّ القارئ إلى لغة الكتاب النقدية المنحازة بالكلية إلى منجز ومستقرّ الراحل، الموصف في تلك اللغة بأنه “الشاعر النبيّ” و”الفنان الكبير” “بحسه الإنساني الاشتمالي”، و”الشاعر المعلم الماهر الكبير” “بعد أن استكمل الكثير من أسباب شعرية كونية رفيعة”. و”المنتمي…

جان بابير

 

الفنان جانيار، هو موسيقي ومغني كُردي، جمع بين موهبتين إبداعيتين منذ طفولته، حيث كان شغفه بالموسيقى يتعايش مع حبّه للفن التشكيلي. بدأ حياته الفنية في مجال الرسم والنحت، حيث تخرج من قسم الرسم والنحت، إلا أن جذوره الموسيقية بقيت حاضرة بقوة في وجدانه. هذا الانجذاب نحو الموسيقا قاده في النهاية إلى طريق مختلف، إذ…