مشاريعُ وحدةِ الكتّابِ والمثقّفين.. عجزٌ أم غيرُ واقعي؟ -2ـ

دلشاد مراد

لم يكن مشروع “المظلّة الثقافيّة الكرديّة” الوحيد في الساحة الثقافية بشمال وشرق سوريا، اذ طرح “اتحاد الكتّاب الكرد في سوريا” بعد انعقاد مؤتمره الرابع في أيلول 2020م مشروع وحدة اندماجيّة، بينه وبين اتحاد كتّاب” كردستان سوريا” الذي طالب اتحاد الكتّاب الكرد، بتوضيح رؤيته بشأن مسألة توحيد الاتحادين. وبغضّ النظر فيما إذا قد حصل على توضيح أم غير ذلك، فإنّ هذا المشروع لم يتقدّم خطوة إلى الأمام، لاسيما إنّ المؤتمر الثاني لاتحاد كتاب” كردستان سوريا” المنعقد في حزيران 2021م لم يشير في بيانه الختامي إلى هذا الموضوع. ومنذ ذلك الوقت لايزال الصمت حول مصير هذا المشروع سيد الموقف، لكن أفعال الاتحادين تشير إلى أن المشروع، برمته قد أُجهِض، وكأنّه لم يكن.
أمّا المشروع الوحدوي الثالث، فهو تشكيل مظلة لاتحادات المثقفين في الإدارات السبعة لشمال وشرق سوريا، وقد طرح بادئ الأمر من جهات معنية في الإدارة الذاتية، قبيل الاحتلال التركي لسري كانيه، وكري سبي (تل أبيض)، غير أنّه لم يدخل النقاش بشكل فعليّ، لتنفيذه حتى هذه اللحظة. ولم يتبنَ أيّ اتحاد رسمياً أية أفكار وحدوية للكتاب، والمثقفين على مستوى الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا.
عند مراجعة تلك المشاريع الوحدويّة، نرى بوضوح غياب الإرادة اللازمة للتطبيق العمليّ، أي هناك عجز في الواقع العملي، وهذا التوصيف ليس مبالغاً فيه مقارنة بمدى القدرة النظرية على تنفيذ المشاريع المطروحة، ألهذه الدرجة يصعب اجتماع الكتاب، أو ممثلي اتحادات الكتّاب والمثقفين، أو حتى ممثلي الفعاليات الأدبية والثقافية جميعها دون استثناء؛ لاعتماد استراتيجية موحّدة، والقيام بمشاريع ثقافية، وأدبية نهضوية مشتركة مع محافظة كلّ منها على تنظيمها وخصوصيتها. ثم لم الخوف من الوحدات الاندماجية الكاملة، لبعض الاتحادات أو لاتحادات الكتاب والمثقفين جميعها، أو حتى حلّها، وتشكيل (اتحاد كتاب شمال وشرق سوريا) (على سبيل المثال) كمؤسّسة وطنية، مستقلة بنظام وبرنامج عمل طموح وواقعي.
 بالأحوال كلّها، إن تحققت الوحدات الاندماجية، أو شُكّلت مظلّة أو هيئة عليا لاتحادات الكتاب والمثقفين، أو اتحاد للكتاب (على مستوى روج آفا أو شمال وشرق سوريا) أو تمّ الاكتفاء باجتماعات دورية، فستكون إيجابية لا محال، لكن ما يهمنا هنا هو التنفيذ والتطبيق العملي، إذ كان من المفترض أن تنجز قبل سنوات.
وفي الوقت الذي تتزايد فيه التهديدات التركية باحتلال المزيد من مناطق شمال وشرق سوريا، لا ضير من اجتماع عام للكتّاب والمثقفين، أو على الأقل، لممثلي التنظيمات والمؤسسات الأدبية والثقافية جميعها (دون استثناء: اتحادات الكتاب والمثقفين، منتديات، ومكتبات، ومجلات، وصحف ودور نشر أدبية…الخ) بما يشبه (المؤتمر الأدبي والثقافي العام) لاتخاذ الأنشطة المشتركة لفئة الكتاب والمثقفين حيال الأخطار المحدقة بشعوب شمال وشرق سوريا، (اطلاق مواقف وحملات مشتركة، التواصل مع الهيئات الثقافية الإقليمية والعالمية، التواصل مع الكتاب لإنشاء جمعيات ثقافية للتضامن مع الشعوب، سياسات نشر وكتابة على نسق موحّد ومشترك ومكمّل للبعض، طرق الحفاظ على الإرث الثقافي، والأرشيف الأدبيّ، خطط العمل المستقبلية…. الخ).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*الزاوية الأسبوعية “الحديث الثقافي”، صحيفة روناهي في شمال شرق سوريا، العدد 1025،  10 /11/ 2021م.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

ألمانيا- إيسن – في حدث أدبي يثري المكتبة الكردية، صدرت حديثاً رواية “Piştî Çi? (بعد.. ماذا؟)” للكاتب الكردي عباس عباس، أحد أصحاب الأقلام في مجال الأدب الكردي منذ السبعينيات. الرواية صدرت في قامشلي وهي مكتوبة باللغة الكردية الأم، تقع في 200 صفحة من القطع المتوسط، وبطباعة أنيقة وغلاف جميل وسميك، وقدّم لها الناقد برزو محمود بمقدمة…

إبراهيم محمود

أول القول ومضة

بدءاً من هذا اليوم، من هذه اللحظة، بتاريخ ” 23 تشرين الثاني 2024 ” سيكون هناك تاريخ آخر بحدثه، والحدث هو ما يضفي على زمانه ومكانه طابعاً، اعتباراً، ولوناً من التحويل في المبنى والمعنى القيَميين والجماليين، العلميين والمعرفيين، حدث هو عبارة عن حركة تغيير في اتجاه التفكير، في رؤية المعيش اليوم والمنظور…

حاورها: إدريس سالم

ماذا يعني أن نكتب؟ ما هي الكتابة الصادقة في زمن الحرب؟ ومتى تشعر بأن الكاتب يكذب ويسرق الإنسان والوطن؟ وهل كلّنا نمتلك الجرأة والشجاعة لأن نكتب عن الحرب، ونغوص في أعماقها وسوداويتها وكافكاويتها، أن نكتب عن الألم ونواجه الرصاص، أن نكتب عن الاستبداد والقمع ومَن يقتل الأبرياء العُزّل، ويؤلّف سيناريوهات لم تكن موجودة…

إبراهيم أمين مؤمن

قصدتُ الأطلال

بثورة من كبريائي وتذللي

***

من شفير الأطلال وأعماقها

وقيعان بحارها وفوق سمائها

وجنتها ونارها

وخيرها وشرها

أتجرع كؤوس الماضي

في نسيج من خيال مستحضر

أسكر بصراخ ودموع

أهو شراب

من حميم جهنم

أم

من أنهار الجنة

***

في سكرات الأطلال

أحيا في هالة ثورية

أجسدها

أصورها

أحادثها

بين أحضاني

أمزجها في كياني

ثم أذوب في كيانها

يشعّ قلبي

كثقب أسود

التهم كل الذكريات

فإذا حان الرحيل

ينتبه

من سكرات الوهم

ف

يحرر كل الذكريات

عندها

أرحل

منفجرا

مندثرا

ف

ألملم أشلائي

لألج الأطلال بالثورة

وألج الأطلال للثورة

***

عجبا لعشقي

أفراشة

يشم…