النشاط الفني في كوباني في الفترة الأخيرة

أحمد قطو 

منذ أكثر من ستة أشهر استفقنا نحن أهالي كوباني على تصوير فيلم سينمائي طويل بعنوان ” الضياع” من اخراج شيار عبدي و بطولة ريام و إبراهيم شامليان نحن الذين لم نعتد على تصوير الأفلام في مدينتنا، فقد تكون ذاهباً إلى عملك تشاهد فجأة سيارة عليها عدد من الكاميرات و عدد من الأشخاص تظن في البداية عراكاً بين عدد من الأفراد سرعان ما تكتشف بأنّهم يمثلون فيلماً سينمائياً، ففي أحد الصباحات كنت ذاهباً إلى المدرسة شاهدت خراباً و دماراً في شارعنا – حاويات الزبالة سيارة محروقة و الأوساخ تملأ كل مكان- سألت أحد الجيران ممازحاً هل وقع صاروخ سكود الليلة الماضية و لم أشعر به؟ فردّ: لا الأمر ليس كذلك فالشباب اختاروا شارعنا ليمثلوا فيه بعض المشاهد!
إضافة إلى هذا الفيلم حاول بعض الشباب من الريف و المدينة تقديم بعض الاستكشات القصيرة و على الأغلب كانت كوميدية الطابع و لكن دون الالتزام بالمعايير الفنية للعمل الدرامي، وغالباً ما تكون الكاميرا منزلية و الممثلون و المخرجون هواة ليس إلا.
أيضاً المعارض الفنية لاقت إقبالاً جماهيرياً واسعاً كالمعرض التشكيلي الشامل الذي نظم برعاية رابطة هيرو للمرأة الكرديّة في صالة نقابة المحامين في المدينة ضم حوالي 90 لوحة فنية بمقاسات صغيرة و كبيرة و رسمت بالألوان الزيتية و الحرق على الخشب.
كما أقام المخرج و الفنان جهاد كنو معرضاً لرسوم الكاريكاتير في الصالة نفسها ضمت لوحات تناولت الأحداث السياسية الراهنة في سوريا على الصعيدين العربي و الكردي و لاقى إقبالاً جماهيرياً و تغطية إعلامية .
أمّا مركز باقي خدو للثقافة و الفن في كوباني “المركز الثقافي العربي” سابقاً فقد أصبح مركزاً للنشاط المسرحي و تعليم العزف على آلتي البزق أو ” الطنبور” و العود للجيل الناشئ و قُدّم فيه عدّة مسرحيات و لاقت تلك العروض إقبالاً جماهيرياً  واسعاً إضافة إلى عرض الأفلام السينمائية كل يوم جمعة وقد أنشأ بعض الشباب مدرسة للمسرح في المدينة منهم: خبات أفندي و آلان بكي باسم “مدرسة الحياة للمسرح” يدرّبون فيها الشباب على التمثيل المسرحي و قدّموا بعض العروض المسرحية هنا و هناك.
أمّا الموسيقا فقد أقيم في مركز باقي خدو عدّة أمسيات موسيقية حيث قدّم الفنانان المشهوران” رشيد الصوفي و ينال طاهر” أمسيّة موسيقية وغنائيّة مع كورس من الأطفال و لاقى ترحيباً من الجمهور.
 و أمسيّة أخرى للعزف على الآلات: الطنبور البزق و الباغلمه من قبل فنانين هما : أحمد دالي و سرهند أمتعا الجمهور بعزفهما و كانا يؤديان العزف معاً و أحياناً كل عازف بمفرده.
أمّا الفنان كاردو بيري فقد أقام في المركز نفسه أمسية موسيقية عزفاً و غناءً و قدّم بعض أغانيه باللغتين الكردية و العربية و لاقى إقبالاً جماهيرياً جيداً.
كما قام هذا الفنان و برعاية رابطة هيرو للمرأة الكردية بإقامة حفل غنائي في صالة “نيروز”  تحت عنوان ” أنقذوا سوريا ” و كانت الحفلة من ناحية الديكور و التزيين جيدة إلّا أنّ أجهزة الصوت لم تكن مقبولة إضافة إلى أصوات المدعوين و أطفالهم، و حصل سوء تفاهم بين الفنان من جهة و الجهة المنظمة لهذا الحفل و صرّح لوسائل الإعلام بأنّ الجهة المنظمة لم تعطه الوقت الكافي لتأدية أغانيه.
كما أقامت مؤسسة “دم” الإعلامية حفلة غنائية في الصالة نفسها تحت عنوان “بالفن نثور” ولكنّها أيضاً تعرضت لانتقادات شديدة من قبل الفنانين الذين شاركوا فيها منهم الفنان طيار الذي انتقد بشدّة الجهة المنظمة و قال بأنّه أتى من قرية بعيدة دون أن يعطوه الفرصة الكافية ليؤدي أغانيه، و قد أشار بعض الفنانين إلى التعامل السلبي معهم من قبل الجهة المنظمة و قد حاول الكثير منهم الخروج من الصالة و لكنّهم عادوا تنازلاً عند رغبة الجمهور!
و لا ننسى في هذه العجالة دور الإعلام و التغطية الصحفية لهذه النشاطات فعلى الأغلب تجد ولات بكر مع كاميرته و هو يصوّر بعض اللقطات و هو مراسل لقناة  ” أورينت نيوز” و كذلك مصطفى عبدي و فريقه الإعلامي الذين يمثلون مؤسسة “دم” الإعلامية و موقع “كوباني كورد” و كذلك خليل مسطو أو محمد عمر للتغطية الصحفية لصالح شبكة “ولاتي نت” الإخبارية.
و أحياناً تجد مصوري و مراسلي قناة “روناهي” أو تجد علي مشعل و هو مراسل لقناة ” كلي كردستان” أو عمر كالو و هو مراسل لقناة ” روداو” و كل هذه الأمور كانت غريبة في مدينة مثل كوباني حتّى وقت قريب.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم محمود

“الذاكرة هي أولاً وقبل كل شيء عملية انتقاء حيوية بين الذكريات والنسيان ، بين ما يجب أن يحتفظ به الوعي وما سوف يتجاهله أو يُعاد قسريًا بشكل مؤقت أو نهائي”. إنه “يؤسس انتقال الأجيال ، بنى البنوة ، الروابط الأسرية والاجتماعية لأنها جزء من جماعة”

هنري روسو

تحرّكٌ

في الذهاب إلى الكتاب، نمضي إلى التاريخ بكل تأكيد،…

فواز عبدي

ما عرفتك

بعدما رجعت من الحفلة منهكاً، وخلعت ملابسي كمن يتخلص من تهمة، فقد كان جسدي يئن تحت وطأة الرسميات.. وقبل أن أقفل التلفون وأذهب إلى فراشي، رن جرس الهاتف، نظرت فإذا هي صديقة قديمة لم أرها منذ مجيء حفيدها الأول قبل عشر سنوات..

تذكرت بشرتها الحنطية بلون حقول الجزيرة، وعينيها البنيتين كقهوة الصباح…

إبراهيم أبو عواد / كاتب من الأردن

 

يُعْتَبَرُ الكاتبُ المِصْري نجيب محفوظ ( 1911 _ 2006 / نوبل 1988 ) أعظمَ روائي في الأدبِ العربي على الإطلاقِ . تُعَدُّ أعمالهُ سِجِلًّا حَيًّا للتَّحَوُّلات الاجتماعية في مِصْر .

كَتَبَ في فَترةِ التَّحَوُّلاتِ السِّياسية والاجتماعية العَميقة في المُجتمعِ المِصْرِيِّ ، مِنَ الاحتلالِ البريطاني إلى ثَورة…

شكل كتاب “الأسوار والكلمات- عن أدب باسم خندقجي” للكاتب فراس حج محمد، الصادر عام 2025، إطاراً نقدياً ومعرفياً شاملاً لأدب الكاتب الأسير الذي أمضى أكثر من عشرين عاماً خلف القضبان، ويُمثل هذا العمل محاولة للانتقال بدراسة أدب خندقجي من سياق التضامن السياسي والعاطفي إلى سياق التحليل الفني والفكري العميق، وقد خلص الكتاب إلى مجموعة من…